الأديبة الإماراتية ميسون صقر: رصدت الروح المصرية في وثائق مقهى ريش
تاريخ النشر: 25th, August 2023 GMT
استضافت الدكتورة صفاء النجار، مقدمة برنامج أطياف، المذاع على شبكة تليفزيون الحياة، الأديبة والفنانة الإماراتية ميسون صقر القاسمي، في حوار تناول مسيرتها الأدبية والفنية، وأبرز محطاتها العملية والإنسانية بمصر والإمارات.
لفتت ميسون في برنامج أطياف، إلى أن بداية اشتباكها مع المجتمع المصري جاء بفضل والدتها التي حرصت على اندماجها في المجتمع المصري منذ مجيئهم للإقامة في القاهرة ستينيات القرن العشرين، بينما ساهم في ميولها الأدبية اهتمامات والدها الشاعر، الذي كان يخصص لها يومًا كاملا تقضيه في مكتبته للاطلاع منذ طفولتها.
أشارت ميسون إلى أنها تربت في بيوت تاريخية في القاهرة، وقالت: تنقلت بينها محملة بذكريات ما كان قبلي وما عشته فيها، لافتة إلى أن قوتها ساعدتها في التعامل مع تنقلاتها المتكررة والسريعة والتغيرات المستمرة.وعن لهجتها المصرية الجيدة، والتجارب الشعرية لها بالعامية المصرية، أشارت القاسمي إلى أن اللهجة المصرية إنسانية وقريبة من القلب وكل العالم العربي يعرفها.
حصلت على جائزة الشيخ زايدتعد ميسون صقر تاسع إماراتية تحصل على جائزة الشيخ زايد، والأولى في فرع الرواية والأدب، وحصلت عليها عن كتاب مقهى ريش.. عين على مصر، وتحدثت عنه لافتة إلى الأهمية التاريخية والثقافية للمقهى الذي خرجت منه ثلاث مظاهرات للمثقفين مضادة لحكم الإخوان، موضحة أنها ساعدت في تحويل أرشيف ووثائق مقهى ريش إلى نسخة رقمية، إذ رصدت من خلال الوثائق الروح المصرية الحقيقية.
عن روايتيها قالت ميسون إنها انشغلت بفكرة الاستعمار الإنجليزي وخروجه من الإمارات في كليهما، كما رصدت الشعر الخليجي في رواية في فمي لؤلؤة، مما قربها من الثقافة الإماراتية، مشيرة إلى أن زياراتها لمركز الشعر الشعبي بالإمارات عرفتها على عالم صيادي اللؤلؤ.
عالم الفن التشكيليعبرت ميسون عن حبها للتجريب والتنقلات السريعة بين فنون الإبداع المختلفة، موضحة أنها أثناء إقامتها بالإمارات انجذبت لعالم الفن التشكيلي نتيجة الزخم الثقافي هناك والحنين إلى مصر، واستذكرت بدايات كتاباتها، لافتة إلى أنه عندما كتبت أول ديوان شعري منعها والدها من دخول مكتبته، فقد فوجئ بجرأة شديدة وقوة شخصية تشبهه. وبعد رحيله سلمتها والدتها كل قصائد ودواوين الوالد التي لم تنشر، فاستغرقت فترة طويلة في بحث وتحقيق تلك القصائد لأنها كانت شعرا شعبيا إماراتيا وقامت بنشرها في عدة أجزاء.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: قناة الحياة أطياف إلى أن
إقرأ أيضاً:
لمن تألف الروح؟
محفوظ بن راشد الشبلي
mahfoodh97739677@gmail.com
يُحدثني زميل بأن روحه ينتابها الفرح والسرور والسعادة عند رؤيته لشخص ما وتألف له روحه عن سائر البشر؛ بل وودها تقضي جميع أوقاتها معه وبرفقته وكأن به سحر غريب بينه وبين روحه، فسألته هل به شيء من التوافق والترابط الفكري معك فقال لا غير أنه بلا إرادة تشدني إليه جوارحي.
بينما هناك شخص آخر حدثني بأن جوارحه كلها منذُ سنين متعلقة بشخص ما، وكلما تقرب له بوده وعاطفته لا يعير مشاعره أي اهتمام مهما حاول شرح شعوره تجاهه، ويقول بأنه يبقى أسيره مهما كانت ردة فعله وعدم اكتراثه لمشاعره الجيّاشة تجاهه وهو بالمقابل بلا بوادر تلوح في الأُفق منه كي يرق قلبه له ويلين عليه.
إذن.. الأمر هنا يحتاج لوقفة تأمّل كونه خارج استطاعة الإنسان ومقدرته، بل ويبقى الإنسان منزوع الإرادة كي يستطيع التحكّم بمشاعره تجاه الغير، نعم المغريات كثيرة وبالمقابل المنفّرات كذلك كثيرة والدوافع مختلفة ولكن تبقى هناك دوافع تُحرك المشاعر تجاه الغير من عدمها، ورُبما يستطيع البعض قتل مشاعره إن وجدها في المسار المسدود والبعض لا يستطيع ذلك، فالمشاعر تبقى مشاعر وهي خارج إرادة البشر والتحكم بها يبقى فوق طاقتهم.
البعض في هذا الأمر يسلك طريق عِزّة النفس وعدم تعرضها للمهانة من طرف آخر إن وجد صدود من قِبله تجاهه، ونعم هو شعور محمود وفيه رفعة للنفس وسمو للذات وحشمة للكرامة، ولكن يبقى على حساب المشاعر، وكما قيل عز نفسك عن مهانة الغير حتى ولو كانت مشاعرك هي التي نزّلتك لذلك المستوى وبعزم الإرادة ستتجاوز المرحلة.
لكن السؤال: هل لكل إنسان قوة عزم وإرادة لجعل كل شيء له حدود ولكل معنى له مفهوم ولكل مبتغى له مدلول؛ فالعيش بدون كرامة وتقدير واحترام في قلب من تُحب أفضل منه الموت بكرامة ولو أن تدوس على مشاعرك.
توجد خصلة غير محمودة في بعض البشر، وهي إذلال من يأتي يحمل له الحب ويُقدمه له على طبق من ذهب بتعمُّد إذلاله واحتقاره واستنقاصه، خلاف لو قدَّم هو ذلك الحب للغير، فإنه سيتودد له لكي يقبله منه، أما و إن يأتيه الغير فإن خِصلة الإذلال يمتهنها الكثير من البشر والدلائل كثيرة في هذا المنحى وواضحة ومتعددة وغريبة شكلًا ومضمونًا، وهذا عامل نفسي خطير وغريب يدفع بصاحبه للتعنّت في وجه من أحبه وابتغاه، وقد يخلط البعض صِدق المشاعر التي قُدمت له بسوء ظن منه على أنها غير صادقة ويعتبرها تلاعب بمشاعره وبمفاهيمه فيُكشّر عن أنيابه في وجه صاحبها ويظلمه ويقتل فيه حُبه الذي أتاه يحمله له، ويُحطّمه ورُبما يُدخله في حالة نفسية عصيبة تُحوّله إلى شخص مكسور ومُحطم في داخله ويتحول ذلك الحب المُهدى إلى نقطة انكسار بينهما يصعب جبرها وينتهي بقتل مفهوم الحب وخذلان صاحبه وحامله.
نستخلص من هذا الموضوع أن المشاعر وحدها لا تُبرر بأن يبقى الإنسان ذليلًا ومُهانا في قلب الغير، ولا يمكن كُبتها إذا استباحت المنظور والمفهوم ولكن إرادة الإنسان تبقى هي الرادع الحقيقي والوحيد لها، كما إنه لا خلاف في قبول شخص بغيرك وعدم قبوله بك، فلكلٍ دوافعه وميوله في ما يشده ويبتغيه في الغير حتى لو وجدت أن غيرك أقل منك في بعض مزاياك ولكنك لا تعلم المزايا التي يفوق بها غيرك عليك والتي تبدو مجهولة لديك، ولأن اختيارات البشر لا تجري كما هي في منظورك، لذا عليك القبول بها، فكم من ميزة تفرّد بها الغير وشدّت بها الكثيرين وأنت تفتقر لها، وكم من جانبٍ سيء ظهرتَ به وغيرك خلا منه، وكم من طبعٍ حميد تَطبّع به الغير وافتقرته في طباعك.
هكذا تجري أمور البشر فيما تراه ويعجبها وأخرى تنفر منه، فلا تُبدي في نفسك حسرات إن لم يقبل بك أحدٍ ابتغيته ومالت نفسك وجوارحك تجاهه وفضّل غيرك عليك، ولا تحسد الغير وتغبطه إن استحسنه البشر وفضله عليك وكلًا عند اختياره ومزاجه في ما يراه ويُناسبه، وتآلف الأرواح أحيان يبدو غريبًا وأحيان يفوق الاستيعاب والفهم وأحيان يبدو مخالفًا حتى في السائد والمعروف، فسبحان من جعل للأرواح تقارب من لا شيء كما أنه جعل للتآلف بين القلوب سِمات وغايات لا يعلمها سواه سبحانه.