تحليل يكتبه ستيفن كولينسون من CNN

(CNN)-- تم التقاط ملايين وملايين الصور لرؤساء أمريكا، ولكن لا شيء مثل هذه. فقد أصبحت صورة دونالد ترامب الجنائية، على الفور واحدة من أكثر الصور شهرة لأي شخص شغل منصب القائد الأعلى.

ويحدق النزيل رقم P01135809 في صورته الجنائية، ووجهه كالحجر. من المستحيل معرفة ما يشعر به ترامب.

لكن الصورة، التي اُلتقطت بعد دخول موكبه إلى سجن مقاطعة فولتون، لا تعكس شجاعته المميزة. عيناه تُحدق فيك. ويعد ختم مكتب عمدة مقاطعة فولتون في الزاوية العليا بمثابة تذكير بأن ترامب، رغم كل قوته السابقة، مدين بالفضل لعملية لا يستطيع فيها التحكم بمصيره.

فصورة ترامب الجنائية- الصارخة في بساطتها بطريقة تثير بالتأكيد غضب نجم الواقع السابق، حيث تعتبر الصورة هي كل شيء بالنسبة له- وهي كناية عن انتخابات يواجه فيها المرشح الجمهوري المحتمل والرئيس المقبل المحتمل 91 تهمة جنائية في أربع قضايا.

وينفي ترامب ارتكاب جميع المخالفات، وهو بريء حتى تثبت إدانته في جميع القضايا، بما في ذلك اتهامات بالابتزاز المتعلقة بمحاولته إلغاء انتخابات 2020 في ولاية جورجيا.

لكن في بعض النواحي، تمثل الصورة التي اُلتقطت بعد استسلامه للسلطات، الخميس، ذروة حتمية لحياة امتدت وحطمت القيود المحيطة بالرئاسة وكثيرا ما أدت إلى إرهاق القانون، على نطاق أوسع، بالنسبة للرجل الذي بنى أسطورته من خلال لقطات المصورين في أعمدة القيل والقال في نيويورك، والذي يقدر مجلات "التايم" التي تحمل وجهه، فإن الصورة التي اُلتقطت في جورجيا، رغم كل ما فيها من إهانة، تمثل جبهة جديدة أخرى من الشهرة. ولكن بالنسبة لأمة لا تزال متورطة في الاتهامات المتبادلة والغضب الذي يثيره ترامب، فإن الصورة- التي انتشرت على الفور في جميع أنحاء العالم - تمثل نوعا خاصا من المأساة.

وبالنسبة لأولئك الذين يلعنون ترامب بسبب غرائزه الاستبدادية والغوغائية والابتذال وهوسه الذاتي، فإن هذه الصورة قد تقدم مشاعر التبرئة.

أما بالنسبة للملايين من أنصار ترامب، الذين يعتقدون أنه ضحية الاضطهاد، فإن ذلك سيكرس مكانته باعتباره شهيدا سياسيا حيا، وهو ما ترتكز عليه محاولته لاستعادة البيت الأبيض. وفي حين قال فريق ترامب إنه يريد أن يبدو متحديا، فمن المرجح أن تؤدي الصورة الجنائية التي التقطت للرئيس السابق إلى استقطاب الأمريكيين بقدر ما تستقطب سياسته.

كما تطرح الصورة أيضا سؤالا. لماذا يحتاج أشهر رجل في العالم، الذي يقع دائما تحت أنظار عملاء الخدمة السرية، والذين لا يستطيعون حتى مغادرة منازله الفاخرة بدون موكب، إلى صورة جنائية؟ لا يبدو الأمر وكأنه سيختفي فجأة، فهو يطير في طائرة شخصية عليها كلمة "ترامب". ويمكنه السفر إلى أي مكان على الأرض ويتم التعرف عليه فورا. ويبدو أن التفسير الرسمي للصورة هو أن ترامب، رغم سلطته وشهرته السابقة، يجب أن يُعامل بموجب القانون مثل أي شخص آخر. فإذا كان الرجل الذي كانت لديه القدرة على تدمير العالم بترسانة نووية قد اُلتقطت له صورة جنائية، مثل أي مجرم مزعوم آخر في جورجيا، فإن العدالة ستكون متساوية للجميع.

ولكن، حتى لو كانت المصلحة الوطنية تُخدم بالفعل من خلال اتهامات متعددة لرئيس سابق، فهل يمكن أن يؤدي الإذلال الذي تتراكم الآن إلى نتائج عكسية؟ علاوة على ذلك، قام ترامب بتسليح كل جوانب نضاله القانوني لشحن الإيذاء والانتقام، الذي يدفع جاذبيته السياسية.

وسرعان ما نشر ترامب صورته الجنائية على شبكة Truth Social الخاصة به، واستخدمها للعودة إلى "إكس"، المنصة المعروفة سابقًا باسم تويتر. ولقد بدأت حملته نشرها بالفعل في كل مكان، ويُرجح أن تساعد في جمع الأموال التي ينفقها على دفاعه، ليحول عاره إلى نوع جديد من السلطة، في إهانة أخرى لنظام العدالة.

وبالنسبة لأي سياسي آخر، فإن الصورة الجنائية ستكون النهاية. وبالنسبة لترامب، إنها نقطة انطلاق. ففي نهاية المطاف، تمت محاكمته في السجن في أتلانتا بعد 24 ساعة فقط من قيام معظم منافسيه لنيل ترشيح الحزب الجمهوري برفع أيديهم في مناظرة رئاسية في ولاية ويسكونسن ليقولوا إنهم سيدعمونه، إذا أصبح مرشح الحزب الجمهوري.

إن صور أولئك الذين خدموا كرؤساء- والتي غالبا ما يتم تصميمها من قبل أساتذة الإدارة لأغراض دعائية- أصبحت تحدد العصور. ورغم أنه لم يعد في منصبه، فإن صورة ترامب الجنائية ستدخل الآن السجل التاريخي لمجموعة مختارة من الذين اعتبروا البيت الأبيض موطنا لهم. ويشمل ذلك صورا لجون كينيدي وأبنائه في المكتب البيضاوي والتي لخصت صعود جيل من الشباب إلى قمة السلطة. وصورة ليندون جونسون وهو يؤدي اليمين كرئيس على متن طائرة الرئاسة في دالاس في نوفمبر/تشرين الثاني عام 1963، بجانب السيدة الأولى الأرملة لاحقا جاكلين كينيدي، والتي كانت لا تزال ترتدي بدلة ملطخة بدماء زوجها الذي اُغتيل، تم تصميمها خصيصا لإظهار استمرارية الحكومة في لحظة من الرعب. مثل كل الصور الفوتوغرافية الرائعة، فهي تلتقط لحظة حاسمة وتحتفظ بالقدرة على المطاردة.

وتحية النصر التي أطلقها الرئيس ريتشارد نيكسون من أبواب طائرته المروحية، لم تتمكن من إخفاء وصمة العار التي رافقت خروجه النهائي مهزوما من البيت الأبيض، بعد استقالته بسبب فضيحة ووترغيت.

وفي سبتمبر/أيلول 2001، وقف الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش على كومة من الحطام المتفحم في منطقة غراوند زيرو في نيويورك حاملا مكبر الصوت، بما يعكس تحول الأمة الجريحة من الحزن إلى الحل، بعد أسوأ هجوم إرهابي على الإطلاق.

وبعد أربع سنوات، لخصت صورة له وهو يحدق من الطائرة الرئاسية على ساحل الخليج الغارق، إهمال قيادته بعد إعصار كاترينا. بالنسبة للأجيال القادمة، تحدد مثل هذه الصور فصلا من التقاليد الوطنية عندما تتلاشى كل التفاصيل معا.

وينطبق الشيء نفسه على صورة ترامب الجنائية.

فوجه يعرفه العالم كله متجمدا في الخزي. حقبة أمريكية مروعة تم التقاطها بنقرة زر.

المصدر: CNN Arabic

كلمات دلالية: الانتخابات الأمريكية البيت الأبيض دونالد ترامب صورة ترامب الجنائیة التی ا

إقرأ أيضاً:

ليبراسيون تقابل أحد مصممي فيديو غزة الذي نشره ترامب

الفيديو الشنيع الذي يُظهر غزة وهي تتحول إلى "كوت دازور" هو عمل ثنائي لمخرجين أميركيين، وفقا لصحيفة ليبراسيون الفرنسية التي قابلت أحدهما فأكد لها أنه لم يتخيل قط أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب كان سيتناول عملهما على حسابه على منصته تروث سوشيال.

وتقول الصحيفة في زاويتها الخاصة بالتأكد من المعلومات إن أحد المطورين للفيديو، باستخدام الذكاء الاصطناعي، نشر توضيحات بشأنه على منصة إنستغرام لكن ما نشره تم حذفه، ويبدو أن الصحيفة تمكنت من الاطلاع عليه، إذ ذكرت أنه قال في منشوره الأول: "أريد أن أتوقف لحظة لتوضيح أصل مقطع الفيديو المنتشر "ترامب غزة"، لقد تم تطويره بواسطة فنان عظيم، هو شريكي كعمل ساخر".

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2قائد سابق بالناتو: نهاية الحلف قد تكون وشيكةlist 2 of 2أقصر حرب في التاريخ.. 38 دقيقة 500 قتيل وجريحend of list

وفي منشور آخر على موقع إنستغرام، تم حذفه كذلك، ادعى أرييل فرومين أنه شارك في تصميم مقطع الفيديو الذي لقي رواجا واسعا للغاية والذي احتوى على صور طورت بواسطة الذكاء الاصطناعي ونشرها دونالد ترامب على شبكته الاجتماعية تروث سوشيال يوم الأربعاء 26 فبراير/شباط الماضي".

وقد لاحظت ليبراسيون أن هذا الفيديو، الذي أعيد نشره في وسائل الإعلام حول العالم، لا يظهر الآن لا في حساب أرييل فرومين (138 ألف مشترك)، ولا في حساب سولو أفيتال (10 آلاف مشترك)، ولا حتى على صفحة آي ميكس فيجوالز.

إعلان

وحسب الصحيفة فإنه، لا شك أن هذين الشخصين هما اللذان طورا فيديو "غزة-ترامب"، إذ تقول إن أرييل فرومين وسولو أفيتال زوداها بصور جلسة تحرير الفيلم الخاصة بهما، والتي تظهر تجميع لقطات التمثال الذهبي العملاق للرئيس الأميركي أو إيلون ماسك وهو يرقص تحت مطر من الأوراق النقدية عندما لا يأكل الحمص على شاطئ غزة.

وأوضحت ليبراسيون أن أرييل فرومين وسولو أفيتال ليسا مجهولين، بل هما صديقان لهما مسيرة مهنية رائعة في هوليود وملف شخصي شهير على موقع "آي إم دي بي كي"، فأرييل فرومين، 52 عاما، هو مخرج وكاتب سيناريو أميركي من أصل إسرائيلي، ولد في ضواحي تل أبيب ويعيش الآن في كاليفورنيا، وقد أخرج نحو 10 أفلام، بما في ذلك فيلم (رجل الجليد) مع راي ليوتا وجيمس فرانكو (2012).

أما "شريكه في الجريمة"، على حد تعبير ليبراسيون، فهو سولو أفيتال وهو مهندس وفنان ومخرج متخصص في التكنولوجيا الرقمية، يبلغ من العمر 57 عامًا وقد بدأ مسيرته المهنية في مجال الأفلام ثلاثية الأبعاد في إستوديوهات بابلسبيرج السينمائية في برلين، قبل أن يصنع العديد من الأفلام الوثائقية في إسرائيل، بما في ذلك فيلم (أكثر من 1000 كلمة) الذي يتابع فيه المصور الصحفي زيف كورين، الذي وثق الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وعمليات الجيش الإسرائيلي، وهوايته الحالية هي: استكشاف قوة الذكاء الاصطناعي التوليدي.

وفي مكالمة هاتفية مع الصحيفة، يتذكر أرييل فرومين أنه قرر بعد أن سمع ترامب يتحدث عن استيلائه على غزة يوم 4 فبراير/شباط الاتصال بشريكه وعرض عليه أن يجسدا هذه الفكرة المذهلة في شريط فيديو.

وأضاف أنهما كانا قد قاما بالفعل بإعداد مقطع فيديو ساخر باستخدام الذكاء الاصطناعي عن جافين نيوسوم، حاكم كاليفورنيا الديمقراطي، وإدارته للحرائق، مشيرا إلى أنهما استخدما أداة جديدة هي أركانا، والتي توفر اتساقًا جيدًا للغاية في الشخصية.

إعلان

ويقول أرييل فرومين إنه على الرغم من أنه نشر الفيديو لفترة وجيزة على حسابه على موقع إنستغرام في 6 فبراير/شباط، فإنه قام بحذفه بسرعة ولم يكن لديه أي نية لتداوله، ليتفاجأ في 26 فبراير/شباط بأن ترامب نشره على حسابه دون أي تعليق ودون ذكر لمن طوره.

ويوضح فرومين أنه متفق مع ترامب في رؤيته لما ينبغي أن يُفعل بأهل غزة كي يخرجوا من الدمار الذي لحق بهم، لكنه كان يود لو أن الرئيس الأميركي احترم حقوق النشر.

مقالات مشابهة

  • زيلينسكي يحرّم على نفسه البدلة.. ما الذي تعنيه اختيارات الرئيس الأوكراني لملابسه؟
  • مقترح جمهوري.. صورة ترامب على ورقة الـ100 دولار بدلاً من فرانكلين
  • بعد المشادة التاريخية مع ترامب.. هل يرحل زيلينسكي عن الرئاسة الأوكرانية؟
  • دولة الاحتلال وأمريكا تدرسان الانسحاب من الجنائية الدولية
  • "تعالى نعيش".. صورة محمد صلاح ونانسي عجرم تثير التفاعل
  • حدث في ثاني يوم رمضان.. اعرف أهم الأحداث التاريخية التي وقعت فيه
  • روبيو: ترامب الوحيد في العالم الذي يستطيع جلب بوتين إلى طاولة المفاوضات
  • بعد المشادة “التاريخية” مع ترامب .. التفاف أوروبي غير مسبوق حول زيلينسكي ودعم سخي جديد لأوكرانيا لمواجهة روسيا
  • ليبراسيون تقابل أحد مصممي فيديو غزة الذي نشره ترامب
  • تعليق جديد من زيلينسكي بعد المشادة التاريخية مع ترامب