واشنطن- كشف استطلاع حديث لمركز "بيو" للأبحاث، ومقره واشنطن، أن أكثر من نصف الأميركيين باتوا ينظرون إلى إسرائيل نظرة سلبية، مقارنةً بأقل من النصف قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وأشار الاستطلاع، الذي أُجري في الأسبوع الأخير من مارس/آذار الماضي، إلى أن نسبة التأييد لإسرائيل انخفضت بصورة غير مسبوقة منذ بدء "بيو" إجراء استطلاعاته بشأن هذه المسألة، إذ أظهرت النتائج أن 45% فقط من الأميركيين ينظرون إلى إسرائيل بإيجابية، مقابل 53% يحملون نظرة سلبية.

وكان استطلاع رأي أجري عام 2022 أظهر أن نسبة الرؤية الإيجابية تجاه إسرائيل بلغت حينها 55% مقابل 42% ينظرون إليها بسلبية.

وتتفق نتائج هذا الاستطلاع مع مؤشرات أخرى تعكس تراجع صورة إسرائيل لدى الرأي العام الأميركي، إذ أظهر استطلاع أجرته مؤسسة "غالوب" في فبراير/شباط الماضي أن معدل التأييد لإسرائيل بلغ 54%، وهي أدنى نسبة تُسجّل منذ بدء هذه المؤسسة استطلاعاتها بهذا الشأن عام 2000.

تراجع الدعم

وبيّن استطلاع هذا المركز الأميركي أن تراجع الدعم لإسرائيل شمل قاعدتين مختلفتين هما:

الديمقراطيون الأكبر سنا الذين يُعتقد أنهم مستاؤون من تقارب إسرائيل مع إدارة الرئيس دونالد ترامب. الجمهوريون الأصغر سنا الذين تأثر بعضهم بصعود الخطاب الناقد لإسرائيل على وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات البودكاست بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. إعلان

وقال سيث بايندر مدير الأبحاث في مركز "ديمقراطية الشرق الأوسط" -للجزيرة نت- إن هذا التحول بين الديمقراطيين بدأ منذ نحو عقدين، لكنه أصبح لافتا مؤخرا بفضل التراجع الواضح في مواقف الجمهوريين الشباب.

وأوضح أن "رد إسرائيل على هجمات السابع من أكتوبر شكّل عاملا حاسما في تشكيل الرأي العام الأميركي، ودفع كثيرين إلى إعادة النظر في مواقفهم التقليدية".

وعلى صعيد الحزب الديمقراطي، بلغت نسبة الناخبين الذين ينظرون إلى إسرائيل بسلبية 69%، بزيادة 16 نقطة مئوية منذ عام 2022. أما الديمقراطيون الأكبر سنا -الذين دعم كثير منهم إسرائيل خلال إدارة (الرئيس جو) بايدن- فأظهر الاستطلاع أن 66% منهم باتوا يحملون آراء سلبية تجاهها، بزيادة قدرها 22 نقطة خلال السنوات الثلاث الماضية.

أما في صفوف الجمهوريين، فقد أظهر الاستطلاع استمرار الغالبية في تأييد إسرائيل، غير أن أكثر من الثلث (37%) أصبح لديهم الآن موقف سلبي، وهو ما يمثل زيادة بـ10 نقاط مئوية منذ عام 2022. وتعود هذه النسبة بشكل رئيس إلى الجمهوريين الشباب الذين انقسموا في آرائهم تجاه إسرائيل، إذ يرى 50% منهم أنها سلبية مقابل 48% إيجابية، في تحول كبير عن نتائج سابقة أظهرت أن ثلثيهم كانوا يحملون نظرة إيجابية.

ولعل هذا ما يفسر لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خلال زيارته الأخيرة إلى واشنطن، بعدد من نجوم منصات البودكاست اليمينية المقربين من الحزب الجمهوري، في حين لم يلتقِ أيا من أعضاء الكونغرس.

حدود تأثير الإعلام

وفي سياق متصل، قال آدم شابيرو مسؤول الملف الفلسطيني الإسرائيلي بمنظمة "الديمقراطية للعالم العربي الآن" -للجزيرة نت- إن نتائج الاستطلاعات الأخيرة "تشير إلى أن انحياز وسائل الإعلام الأميركية التقليدية لإسرائيل لم يعد كافيا لتشكيل الرأي العام، إذ بات الجمهور يعتمد بشكل متزايد على وسائل التواصل الاجتماعي والمصادر الإعلامية البديلة لرؤية ما يحدث فعليا في غزة".

إعلان

وأضاف شابيرو أن هذه النتائج تعكس أيضا جهود الحركات الطلابية والمنظمات المدنية والكنائس في تفنيد الروايات السائدة حول ما يجري بالأراضي الفلسطينية، وتقديم سرديات بديلة أكثر قربا من الواقع.

وفي ما يتعلق بمواقف الأميركيين من سياسات إسرائيل الإقليمية، قال شابيرو إن الأميركيين "لا يؤيدون نشر قواتهم في مناطق النزاعات، وقد خلّفت تجربتا العراق وأفغانستان أثرا عميقا جعل غالبية المواطنين ترفض التدخل العسكري الخارجي".

تراجع التعاطف

بدوره، رأى السفير الأميركي ديفيد ماك مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط سابقا -في حديثه للجزيرة نت- أن موجة التعاطف الأميركي مع إسرائيل التي أعقبت هجمات السابع من أكتوبر تراجعت سريعا.

وقال إن "ردود الفعل العنيفة من قبل إسرائيل ضد المدنيين في غزة، بمن فيهم النساء والأطفال، إضافة إلى ما يحدث في الضفة الغربية وجنوب لبنان، كلها عوامل أسهمت في تآكل هذا التعاطف لدى شريحة واسعة من الرأي العام الأميركي".

ومع هذا التراجع الكبير في شعبية إسرائيل، لم تنعكس هذه التحولات بعدُ في مواقف سياسية واضحة داخل الكونغرس الأميركي، حيث لا تزال غالبية الأعضاء تدعم تقديم المساعدات العسكرية والمالية لإسرائيل، باستثناء قلة تقدمية داخل الحزب الديمقراطي تتزعمها شخصيات بارزة مثل السيناتور بيرني ساندرز.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات السابع من أکتوبر الرأی العام

إقرأ أيضاً:

كلمة الشيباني أمام مجلس الأمن دهاء سياسي أم تنازل لإسرائيل؟

أثارت كلمة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني أمام مجلس الأمن الدولي حول إسرائيل جدلا واسعا على منصات التواصل الاجتماعي.

ففي خطابه الذي ألقاه من مقر الأمم المتحدة في نيويورك بالولايات المتحدة أمس الثلاثاء، قال الشيباني إن "استمرار الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة ينتهك سيادتنا ويعيق استقرار سوريا".

وأضاف أن "سوريا الجديدة لن تكون مصدرا لعدم الاستقرار لأي طرف في المنطقة، بما في ذلك إسرائيل"، مشيرا إلى أن "الاعتداءات العسكرية المتكررة على الأراضي السورية تشكل تهديدا مباشرا للأمن الإقليمي".

هذه التصريحات أثارت نقاشا متباينا بين الجمهور؛ إذ انقسم المستخدمون بين من رأى في كلام الشيباني انبطاحا لإسرائيل، ومن دافع عنه معتبرا أن الطرح واقعي، نظرا للظروف التي تمر بها سوريا بعد 14 عاما من الاقتتال بين نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد والثوار.

وعلق أحد المغردين بالقول "هناك ألف سؤال يرد في خاطري عن ‘دبلوماسية’ وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني مع إسرائيل. لا يمكن للدولة السورية أن تخوض حربا مع إسرائيل الآن بالنظر إلى عوامل كثيرة، وهذا مفهوم (دولة فقيرة، مُفلسة، مدمرة — هكذا تركها نظام الأسد). ولكن عدم خوض الحرب لا يبرر التعاطي بمنطق ‘الاسترضاء’ مع دولة الاحتلال. التاريخ يثبت أن التعامل بهذا المنطق مع إسرائيل لا يؤدي إلا إلى المزيد من القتل والتوسع واحتلال الأراضي".

بداية لتطبيع سوريا بقيادة أحمد الشرع مع إسرائيل المزعومة..#سوريا#أحمد_الشرع https://t.co/TcdL5QFaWL

— Maya rahhal (@mayarahhal83) April 29, 2025

إعلان

وكتب مغرد أن الشيباني يؤكد أن سوريا لن تشكل تهديدا لإسرائيل "بينما الواقع أن إسرائيل هي الخطر الأكبر على سوريا الجديدة، وغاراتها الوحشية بعد سقوط نظام الأسد خير دليل".

من جهة أخرى، أشار ناشطون إلى أن إسرائيل "لا تعرف الاستقرار إلا على أنقاض الشعوب، ولا تنعم بالأمن إلا بإخضاع المنطقة كلها بالقوة والعدوان".

وطالبوا الحكومة السورية "بمراجعة خطابها وتصحيح المسار بما يليق بتاريخ سوريا وتضحيات شعبها، مع رفض أي محاولات لشرعنة الاحتلال أو طمأنته على حساب الحقوق الوطنية".

بما أن الإخوة في القيادة السورية قد رأوا في سلوك هذا النهج سبيلا مجديا للنهوض بالدولة وإحياء مجدها التليد فالله نسأل السداد والتوفيق .
فقط نتمنى أن يكون تبني هذا الخيار نابع عن قناعات ذاتية وليس بإملاءات قوى وأطراف خارجية.

— أسامة عبد الرحمان (@OussamaAbdR2714) April 29, 2025

وقارن أحد المغردين الوضع الراهن بحركة طالبان، قائلا إن "الحركة رفضت تسليم رجل واحد وتخلت عن حكم أفغانستان كلها من أجل مبادئها ومبادئ الإسلام. أما الشيباني، فهو يذكر إسرائيل بخير! والسفينة غيرت بوصلتها ولن تصل إلى بر الأمان إطلاقًا، هذا إن لم تغرقها بوارج الخذلان".

في ردّه على تصريحات وزير خارجية سوريا الجديدة "الشيباني" والتي صرّح فيها أن سوريا لن تشكّل تهديداً لدولة الكيــان !!

الوزير المتطرف سموتريتش:
يجب أن تنتهي هذه الحرب "بسوريا" مفكّكة وإيران بلا تهديد نووي وغزة "نظيفة" من الحركة الخضراء ويغادرها مئات الآلاف …
……
كل محاولات…

— د. نائل بن غازي (@dr_naelgazy) April 29, 2025

على الجانب الآخر، استغرب بعض المدونين هذا الهجوم على وزير الخارجية السوري.

فتساءل أحدهم: "لماذا تُغضب بعض العرب تصريحات الشيباني بأن سوريا لن تكون مصدر تهديد لأي أحد؟ هل هو البكاء على أطلال الأسد والحنين لشعاراته؟ هل تريدون من سوريا اليوم محاربة إسرائيل ببنادق السوفييت؟".

إعلان

ورأى آخرون أن موقف الشيباني طبيعي لدولة خارجة من 13 عاما من الحرب، مؤكدين أن سوريا يحق لها اتخاذ سياسات تخدم مصلحتها، ولكنهم أبدوا تخوفهم من أن تتحول هذه السياسات إلى رضوخ لضغوط التطبيع مع إسرائيل.

سوريا في وضع حرج من الداخل قبل الخارج .نسأل الله لها العافية و الاستقرار..فلا يمكننا أن نحكم على سياستهم الان
يجب التريث و الصبر لعل اله يحدث بعد ذلك امرا .

— جوديا العلمي (@XyKfIOmxr7gLst3) April 29, 2025

من جهة أخرى، لفت ناشطون إلى أن خطاب الشيباني، رغم تحفظ بعضهم عليه، يشير بوضوح إلى أن إسرائيل هي المعتدية.

وأوضح هؤلاء أن تصريح الشيباني بأن سوريا لن تشكل تهديدا لأي أحد هو موجه بالأساس إلى العالم الغربي الداعم لإسرائيل، في محاولة لتوضيح أن سوريا ليست هي المبادِرة بالاعتداء، بل هي الضحية.

وأكدوا أن هذا الأسلوب يُعد جزءا من العمل الدبلوماسي، معتبرين أنه ليس من المتوقع أن يصرح الشيباني بمعاداة إسرائيل في هذه المرحلة الحساسة.

التصريحات منطقية

ولا تعني التنازل ولا التطييع ، والمواجهة في هذا الوقت خطأ ، الدبلوماسية " بلا تفريط " هي الحل

— محمد (@M_A_Y100) April 29, 2025

مقالات مشابهة

  • مكتب إعلام الأسرى: الاحتلال يقتل المعتقلين في سجونه ببطء
  • إطلاق سراح عدد من الموقوفين الذين لم يثبت تورطهم في الأحداث الأخيرة بمنطقتي صحنايا وأشرفية صحنايا
  • ذكر مراسل “العربية” أنه تم رصد إطلاق صاروخ باليستي من اليمن باتجاه إسرائيل. وأضاف أن دوي صفارات الإنذار سمعت في عدة مناطق إسرائيلية إثر إطلاق الصاروخ. وقبل أسبوع تبنى الحوثيون في اليمن إطلاق صاروخ، تم اعتراضه قبل دخوله أراضي إسرائيل ومسيّرة آت
  • غضب شعبي في لحج: احتجاجات تطالب بتحسين الخدمات ووقف تدهور العملة وسط أزمة خانقة
  • أمريكا تبحث ترحيل المهاجرين الذين لديهم سجلات إجرامية إلى ليبيا
  • هل نجح الفيتناميون الذين فروا إلى أميركا في التعايش؟
  • الأسرى الذين أطلق سراحهم من السجون الإسرائيلية.. دورهم بقيادة النهضة الفكرية
  • كلمة الشيباني أمام مجلس الأمن دهاء سياسي أم تنازل لإسرائيل؟
  • رمال وأتربة تتقدم للقاهرة.. الأرصاد تحذر من تدهور الرؤية
  • تدهور الحالة الصحية للفنان القدير نعيم عيسى