بريغوجين.. من بائع نقانق إلى "فاتح باخموت"
تاريخ النشر: 25th, August 2023 GMT
بريغوجين: هل تم قتله أم أن طائرته تعرضت فعليا لحادث؟
بعدما أعلنت سلطات الطيران الروسية مقتل يغفيني بريغوجين ومن معه بعد تحطم طائرتهم أول من أمس، قدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الخميس 24 أغسطس/ آب التعازي لعائلته في إشارة إلى تأكيد مقتله المفترض. وقد سقطت الطائرة التي كان على متنها عشرة أشخاص بينهم بريغوجين شمال موسكو وهي في طريقها من موسكو إلى سانت بطرسبرغ، قرب قرية كوزينكينو في تفير على بعد مئة كيلومتر شمال العاصمة الروسية.
قبل الواقعة بأيام قليلة ظهر بريغوجين، الذي التزم الابتعاد عن الأنظار منذ تمرده، في مقطع مصور قِيل أنه من دولة أفريقية لم يفصح عنها. وقد حظى خبر تأكد مقتل بريغوجين باهتمام إعلامي واسع النطاق في جميع أنحاء العالم نظرا للدور الكبير الذي لعبه ومجموعته في الحرب الروسية في أوكرانيا فضلا عن تمردهم ضد الكرملين. ويرى مراقبون أن مصير فاغنر بات على المحك مع الغياب المفترض لزعيمها .
تحطم طائرة بريغوجين شمال موسكو، هل تحطمت الطائرة في حادث متعمد؟
ليس "طباخ بوتين" وحسب
يرى مراقبون أن مسيرة بريغوجين قامت على أساس قاعدة غير معلنة في السياسة الروسية مفادها أنه كلما اقتربت من جسد الرئيس، كلما جنيت أموالا كثيرة فيما يبدو أن زعيم فاغنر قد وضع هذه القاعدة نصب أعينه وعمد إلى تطبيقها.
مختارات تحليل أمريكي: روسيا تواجه مشكلات تُنذر بمزيد من الحركات الانفصالية بعد تمرد فاغنر.. هل بات مستقبل حكم بوتين "على المحك"؟ ينتشرون حول العالم.. أين ينشط مرتزقة مجموعة فاغنر الروسية؟ DW تتحقق..هل تسلل مقاتلو فاغنر إلى بولندا متنكرين في هيئة مهاجرين؟ DW تتحقق: ما حجم النفوذ الروسي في القارة الأفريقية؟تسعى روسيا لتعزيز نفوذها في أفريقيا عبر طرق شتى منها مرتزقة "فاغنر" أو حملات التضليل المعلوماتية. وبمناسبة القمة الروسية الأفريقية الثانية، تحاول DW في هذا التقرير الكشف عن أشكال البروباغندا الروسية في القارة السمراء.
وُلد بريغوجين عام 1961 في مدينة "لينينغراد" التي تُعرف حاليا باسم سانت بطرسبرغ، فيما يُقال إنه قضى فترة العشرينات من عمره في السجن، حيث مكث فيه تسع سنوات لاتهامه بالسرقة والاحتيال. وما كاد أن يُطْلَق سراحُه من السجن حتى انهار الاتحاد السوفيتي ليشرع بريغوجين في فتح مشروع تجاري لبيع النقانق على عربة صغيرة في مسقط رأسه. لكنه لاحقا، افتتح العديد من المشاريع الكبيرة بما ذلك مطعم فاخر في سانت بطرسبرغ والذي أصبح بمرور الوقت مقصدا للنخبة السياسية في روسيا، ومن بينهم نائب رئيس بلدية المدينة آنذاك فلاديمير بوتين.
وبفضل علاقاته الوثيقة بالطبقة الحاكمة في روسيا، توسعت أعمال بريغوجين خاصة عقب تولي بوتين زمام الأمور في الكرملين، حيث حصلت شركة "كونكورد" الغذائية التي أسسها بريغوجين في تسعينيات القرن الماضي على عقود حصرية ومربحة من الحكومة لتقديم الأطعمة في المناسبات الرسمية، بما في ذلك حفل تنصيب بوتين وزيارة الرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش إلى سانت بطرسبرغ. وعلى وقع ذلك، اُطلق على بريغوجين لقب "طباخ بوتين". ورغم نجاحه، إلا أن طموحه لم يتوقف على الطهي حتى لو كان لرئيس البلاد.
عناصر فاغنر ينشطون في بلدان عديدة، فأي دور يلعبونه في تعزيز النفوذ الروسي في الخارج؟
التصيد الإلكتروني والتورط في النزاعات
وأقر بريغوجين في السابق بقيادة وكالة أبحاث الإنترنت التي تُعرف باسم "مزرعة التصيد الإلكتروني" الروسية، التي أطلقت حملة تضليل واسعة النطاق للتأثير على نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016، وفقا لمكتب التحقيقات الفيدرالي. وكان بريغوجين قد نفى مزاعم التدخل في الانتخابات الأمريكية، حيث اتخذ محاموه إجراءات قانونية ضد الصحافيين الذين ينشرون تقارير عن ارتباطه بالوكالة.
وفي عام 2014، أنشئ بريغوجين شركة "فاغنر" العسكرية الخاصة، لكنه نفي على مدار السنوات أي ارتباط بالمجموعة، بيد أنه في سبتمبر / أيلول الماضي، أقر بتشكيلها. ومع إنشاء فاغنر وقبلها "مزرعة التصيد الإلكتروني"، وصلت أهمية بريغوجين إلى مستويات عالية إذ أصبح عاملا حاسما في تنفيذ أهداف بوتين والكرملين السياسية التي كانت ترغب في تجنب التورط بشكل علني ورسمي في الصراعات والأزمات التي تعصف بالشرق الأوسط وأفريقيا.
وعلى وقع تورطه في الصراع السوري بدعم الرئيس بشار الأسد وتعزيز مصالح الكرملين في المنطقة، باتت خبرة بريغوجين العسكرية ضرورية عندما شنت روسيا هجومها العسكري على أوكرانيا. لكن بعد مرور أشهر على الصراع ومع ارتفاع حصيلة القتلى في صفوف الجيش الروسي، سمحت السلطات لزعيم فاغنر بريغوجين بالسعي لتجنيد السجناء من أجل الانخراط في الحرب مقابل العفو عنهم رغم أن القانون الروسي لا يجيز عمل الكيانات المرتزقة مثل فاغنر.
وعندما أثبت الجيش الروسي عدم قدرته على التقدم في مناطق معينة من أوكرانيا، برز دور فاغنر كأحد الأطراف العسكرية التي يرتكن إليها الكرملين خاصة عقب سيطرة مسلحيها على مدينة باخموت الأوكرانية في مايو / أيار الماضي، وقد جاء ذلك بعد معارك طويلة ودامية ليصبح انتصار المجموعة بمثابة أكبر إنجاز عسكري لموسكو في الحرب.
التدخل العسكري الروسي في سوريا، كيف يؤثر على النفوذ الغربي في منطقة الشرق الأوسط؟
انتقادات حادة للجيش
بفضل ما حققته فاغنر في ساحات المعارك، تمكن بريغوجين من شن حملة محرجة ضد كبار المسؤولين العسكريين الروس خاصة مع عدم قدرة الجيش الروسي على حسم الحرب لصالحه بعد أكثر من عام. وانتقد بريغوجين القيادة العسكرية الروسية واتهم قادة الجيش بالفساد وعدم الكفاءة وحملهم مسؤولية عرقلة تقدم االقوات في أوكرانيا، بل ذهب إلى حد اتهام كبار القادة بالخيانة وبالتسبب في أزمة نقص الإمدادات العسكرية والذخيرة.
وأثارت انتقاداته لقادة الجيش تساؤلات حول مدى قدرة بوتين على السيطرة على زعيم فاغنر فيما رأى مراقبون أن تصريحات بريغوجين حظيت بمباركة بوتين لرغبة الأخير في إبقاء المسؤولين العسكريين على أهبة الاستعداد.
ولكن مع مرور الوقت، أضحت صعوبة التكهن بتصرفات بريغوجين مصدر إزعاج للكرملين، الذي أراد استغلال فاغنر في أوكرانيا شريطة ألا تخرج عن سيطرته. وفي هذا السياق، جرى منع بريغوجين من تجنيد السجناء في فبراير / شباط الماضي ما أدى عن خسارته أحد روافد مجموعته. وفي مطلع يونيو / حزيران الماضي، قال نائب وزير الدفاع الروسي نيكولاي بانكوف إن "التشكيلات التطوعية" يجب أن تبرم عقود مع وزارة الدفاع الروسية حتى نهاية الشهر ، فيما فسر خبراء أن هذا القرار يهدف إلى الإطاحة بزعيم فاغنر وإخضاع عناصرها لسيطرة الجيش الروسي.
محاولة الزحف إلى موسكو
وفي 23 يونيو / حزيران الماضي، اندلعت أزمة غير مسبوقة بين بريغوجين والجيش الروسي تحولت في نهاية المطاف إلى محاولة انقلاب بدأت بعبارة تلفظ بها زعيم فاغنر، قائلا: "إن الشر في القيادة العسكرية الروسية يجب أن يتوقف". وعندما وصلت عناصر فاغنر إلى مدينة روستوف أون دون في جنوب روسيا، عمدوا إلى السيطرة على مبانٍ تابعة للجيش وعلى جهاز الأمن الفيدرالي، ثم أعلنوا الشروع فيما أطلقوا عليه "مسيرة العدالة في موسكو".
بريغوجن وتمرّده القصير الأمد ضد بوتينوزعم بريغوجين أن 25 ألف مقاتل من مجموعته في طريقهم صوب العاصمة الروسية. وجاء رد فعل الكرملين في صباح اليوم التالي حيث ظهر بوتين غاضبا وحازما وقال "إن الطموحات المفرطة والمصالح الشخصية كانت وراء التمرد"، لكنه لم يذكر اسم بريغوجين. وبعد أيام، تدخل رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو المقرب من بوتين، على خط الأزمة حيث عرض وساطته بين الرئيس الروسي وبريغوجين ليكتب نهاية التمرد الذي يدم طويلا.
وعلى إثر هذه الوساطة، جرى نقل بريغوجين ومجموعته إلى بيلاروسيا حيث مُنح عناصر فاغنر خيار أما توقيع عقود مع وزارة الدفاع الروسية أو الانتقال إلى بيلاروسيا. وبعد أسبوع من الاتفاق، خرج لوكاشينكو أمام وسائل الإعلام ليقول إن بريغوجين ما زال في روسيا وليس في بيلاروسيا فيما زعم الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن الحكومة الروسية لا تقتفي اثر زعيم فاغنر. وفي وقت سابق، وفي تعليقه على مسيرته الفاشلة إلى موسكو، أصر بريغوجين على أن التمرد لم يكن يهدف إلى الإطاحة ببوتين، قائلا "خرجنا للاحتجاج وليس لإسقاط السلطة".
ماريا كاتمزا / م. ع
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: تمرد فاغنر تمرد فاغنر الجیش الروسی زعیم فاغنر
إقرأ أيضاً:
ترامب: بوتين يدمر روسيا برفضه إنهاء الحرب مع أوكرانيا
اعتبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاثنين أن نظيره الروسي فلاديمير بوتين "يدمر روسيا" برفضه التوصل إلى اتفاق مع أوكرانيا لإنهاء الحرب.
وقال ترامب للصحفيين عقب تسلمه مهام عمله في البيت الأبيض "يجب عليه أن يبرم صفقة. أعتقد أنه يدمر اقتصاد روسيا بعدم إبرام صفقة"، محذرا بأن الاقتصاد الروسي تعرض لضربة قاسية ويعاني من التضخم بسبب استمرار الحرب.
وأردف قائلا "الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يريد إبرام صفقة لإنهاء الحرب مع روسيا، ومن الأفضل لبوتين ولاقتصاد بلاده إبرام هذه الصفقة".
وأضاف ترامب أيضا أنه يستعد لعقد لقاء مع بوتين (لم يحدد موعده)، ويأمل التوصل إلى اتفاق معه.
بدوره، هنأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نظيره الأميركي بعودته إلى البيت الأبيض، وقال إنه "منفتح على الحوار" مع الإدارة الأميركية الجديدة بشأن مجموعة من القضايا الدولية الرئيسية، بما في ذلك الأسلحة النووية والأمن والصراع في أوكرانيا.
وشدد خلال اجتماع مع مجلس الأمن الروسي في موسكو على أن ما يهم روسيا بالدرجة الأولى هو هدنة طويلة الأمد تعالج أسباب الأزمة في أوكرانيا.
وقال بوتين -من قبل- إنه مستعد للمحادثات لكنه شدد على ضرورة قبول مكاسب موسكو على الأرض وما تطالب به، وهو ما رفضته القيادة الأوكرانية باعتباره استسلاما غير مقبول.
إعلانمن جانبه، هنأ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي دونالد ترامب، وقال في رسالة عبر منصة إكس، "الرئيس ترامب حاسم على الدوام وسياسة السلام بالقوة التي أعلنها توفّر فرصة لتعزيز الزعامة الأميركية والتوصل إلى سلام عادل ودائم وهو الأولوية المطلقة".
وتعهد ترامب خلال حملته الانتخابية بإنهاء الحرب في أوكرانيا بشكل سريع دون التطرق إلى كيفية القيام بذلك، وقد اقترح مساعدوه استخدام المساعدات الأميركية كوسيلة ضغط على كييف لتقديم تنازلات.