عربي21:
2025-04-26@15:12:52 GMT

حدود المواجهة الروسية الغربية

تاريخ النشر: 25th, August 2023 GMT

في الوقت الذي انشغل فيه العالم بخبر مقتل زعيم مليشيا فاغنر "يفغيني بريغوجين" إثر تحطم طائرته، كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتواجد في منطقة كورسك، حيث ألقى خطاباً هناك بمناسبة الاحتفال بالذكرى الثمانين للانتصار في المعركة الأشهر بين الجيش الأحمر التابع للاتحاد السوفييتي سابقاً وبين جيش ألمانيا النازي بقيادة هتلر.



تعتبر معركة كورسك التي جرت في تموز/ يوليو 1943 المعركة الأهم في تاريخ الحرب العالمية الثانية، إذ ساهمت هذه المعركة في تغير دراماتيكي في مجريات الحرب لصالح السوفييت، حيث تعتبر هذه المعركة المحاولة الاستراتيجية الأخيرة للجيش النازي من حيث تحقيق تقدم على جبهة روسيا خصوصا بعد خسارة المعركة المهلكة في ستالينغراد في شباط/ فبراير 1943.

وخلال الحفل التذكاري لمعركة كورسك، كان من بين الجوائز التي قدمها الرئيس الروسي، جائزة الدولة لطاقم دبابة زُعم أنها دمرت قافلة مدرعة أوكرانية على محور زابوريجيا.

وبعيداً عن كورسك وبالعودة إلى عملية اغتيال قائد فاغنر، فإن اللافت في هذه الحادثة هو أن بريغوجين لم يكن وحيداً على متن الطائرة المستهدفة بل كان إلى جانبه عدد من أبرز قادة مجموعة فاغنر، أبرزهم أوتكين كانا وهو النائب الأول لبريغوجين.

وبالتزامن مع اغتيال بريغوجين فإن الرئيس الروسي قام بتعيين قائد جديد للقوات الجوية، حيث تم تعيين "فيكتور أفزالوف" قائداً مؤقتا للقوات الجوية الروسية خلفاً لقائدها السابق "سيرغي سوروفيكين". سوروفيكين كان قد اختفى عن الأنظار لمدة شهرين كاملين بعد تمرّد فاغنر، حيث يُعتقد بأن قائد القوات الجوية السابق والذي كان يطلق عليه لقب "جنرال يوم القيامة" كان متعاطفاً وربما مشاركاً في التمرد الذي قادته مجموعة فاغنر ضد القيادة المركزية في روسيا.

القاعدة المستخلصة من السياسة العامة والفلسفة السياسية هي أن الأطراف المتحاربة تبدأ في التفاوض عندما تصل إلى نتيجة مفادها بأنه لا حل عسكري ممكن في النزاع، ويبدو بأن التدخل التدريجي للولايات المتحدة في هذه الحرب أتى لمنع إيجاد مثل هذه القناعة لدى الطرف الأوكراني والطرف الروسي على حد سواء، ففي كل مرة تقدم الولايات المتحدة مساعداتها العسكرية بشكل جزئي
كل الأحداث السابقة تشير إلى استعدادات روسيا لحرب طويلة الأمد على الجبهة الأوكرانية، ويبدو بأنهم بدأوا يتحضرون لمعركة أوسع قد يتدخل فيها الناتو إلى جانب أوكرانيا، ويأتي ذلك بالطبع بعد موافقة الدول الأوروبية على تسليم طائرات إف 16 إلى أوكرانيا بضوء أخضر أمريكي.

في الحقيقة يشن المعسكر الغربي حرباً متعددة الجبهات ضد روسيا، وهي حرب نجحت في بعض المجالات وفشلت في مجالات أخرى. فمنذ أن شنت القوات الروسية هجوماً على أوكرانيا بدأت الدول الغربية والولايات المتحدة مساعي لتجفيف المنابع المالية لروسيا، ونقصد هنا بالطبع صادرات النفط والغاز. وبالطبع فقد نجح هذا المعسكر بتخفيف الاعتماد الأوروبي ولو بشكل جزئي على مصادر الطاقة الروسية إلا أنه فشل في تصفير هذه الموارد، حيث وجدت روسيا في الأسواق الآسيوية (خصوصا الأسواق الصينية والهندية) بديلا عن الأسواق الأوروبية. وفي محاولتها للالتفاف على العقوبات الأمريكية والتخلص من سقف الأسعار الذي فرضه الأوروبيون عليها، فقد باعت روسيا مصادر طاقتها بتخفيض في الأسعار وصل في بعض الأحيان إلى 40 في المئة.

وبحسب صحيفة وول ستريت جورنال ووكالة بلومبرغ، فإنه بعد أكثر من عام ونصف على الأزمة الأوكرانية فقد كانت الإمارات والسعودية الأكثر انتفاعا من هذه الأزمة، حيث اعتمدت هاتان الدولتان على استيراد النفط الروسي بأقل من قيمته الحقيقية ومن ثم قامتا بإعادة بيعه مجدداً في الأسواق العالمية في تجاهل تام للعقوبات الغربية والأمريكية.

على الجبهة العسكرية، فإنّ القاعدة المستخلصة من السياسة العامة والفلسفة السياسية هي أن الأطراف المتحاربة تبدأ في التفاوض عندما تصل إلى نتيجة مفادها بأنه لا حل عسكري ممكن في النزاع، ويبدو بأن التدخل التدريجي للولايات المتحدة في هذه الحرب أتى لمنع إيجاد مثل هذه القناعة لدى الطرف الأوكراني والطرف الروسي على حد سواء، ففي كل مرة تقدم الولايات المتحدة مساعداتها العسكرية بشكل جزئي. ويأتي إعلان هولندا تسليم طائرات إف 16 إلى أوكرانياً بضوء أخضر أمريكي شاهداً على هذه السياسة، فبعد الإحباط الذي ساد في صفوف القوات الأوكرانية من نتائج الهجوم المضاد جاء القرار الأمريكي بتسليم طائرات إف 16 إلى القوات الأوكرانية.

يبدو أن روسيا تتحضر لحرب طويلة الأمد مع المعسكر الغربي وقد تكون تستعد لمواجهة مباشرة معه، ولتحقيق هذه الجهوزية فهي لم تغتل قائد فاغنر مباشرة، بل عملت على شن حملة إعلامية واسعة استمرت لأسابيع لاتهام بريغوجين بالخيانة وتبرير عملية اغتياله القادمة. كما أن تصفية القادة الكبار في مجموعة فاغنر يشير إلى أن روسيا قد تعيد هيكلة المجموعة والاستفادة منها مرة أخرى في المعارك على الجبهة الأوكرانية
في الحقيقة لا روسيا قادرة على هزيمة أوكرانيا بشكل كامل ولا أوكرانيا قادرة على استعادة جميع أراضيها عبر الحلول العسكرية، وهنا تظهر الرغبة الغربية باستمرار الحرب إلى أجل غير مسمى متجاهلين جميع المخاطر التي قد تؤدي إلى انزلاق هذه الحرب إلى حرب عالمية ثالثة.

ختاماً، يبدو أن روسيا تتحضر لحرب طويلة الأمد مع المعسكر الغربي وقد تكون تستعد لمواجهة مباشرة معه، ولتحقيق هذه الجهوزية فهي لم تغتل قائد فاغنر مباشرة، بل عملت على شن حملة إعلامية واسعة استمرت لأسابيع لاتهام بريغوجين بالخيانة وتبرير عملية اغتياله القادمة. كما أن تصفية القادة الكبار في مجموعة فاغنر يشير إلى أن روسيا قد تعيد هيكلة المجموعة والاستفادة منها مرة أخرى في المعارك على الجبهة الأوكرانية.

ويبدو كذلك أن روسيا تنظر إلى تسليم طائرات إف 16 إلى القوات الجوية الأوكرانية باعتباره تدخلاً مباشراً في الحرب، مما قد يدفع الأزمة إلى الانزلاق إلى حرب عالمية ثالثة لن تتردد الأطراف المشاركة فيها باستخدام أي أسلحة لحسم هذا النزاع. ومرة أخرى، إذا توصلت الأطراف إلى قناعة بأنه لا حسم عسكريا في هذه المواجهة فيمكن عندها الحديث عن إمكانية عقد مفاوضات لإنهاء الحرب، ولكن ما يلوح بالأفق يشير إلى عكس ذلك تماماً.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه فاغنر بريغوجين بوتين روسيا روسيا بوتين اوكرانيا فاغنر بريغوجين مقالات مقالات مقالات اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة طائرات إف 16 إلى مجموعة فاغنر على الجبهة أن روسیا فی هذه

إقرأ أيضاً:

روسيا تشن قصفا صاروخيا عنيفا على العاصمة الأوكرانية كييف

أطلقت السلطات العسكرية الأوكرانية، فجر الخميس، إنذارًا عاجلًا حذرت فيه من هجوم جوي على العاصمة كييف باستخدام "صواريخ معادية"، ما تسبب بحالة من الهلع بين السكان، خاصة بعد تأكيد وقوع انفجارات وأزيز طائرات مسيرة في سماء المدينة، وفقًا لشهادات مراسلي وكالة فرانس برس من قلب العاصمة.

وفي رسالة نشرتها على تطبيق تلجرام، أعلنت السلطات العسكرية في كييف أن العاصمة "تتعرض لهجوم صاروخي"، بينما أظهرت التحركات السريعة للسكان استجابتهم الفورية للتحذيرات، إذ شوهد عدد كبير منهم يفرّون إلى الملاجئ لحظة انطلاق صفارات الإنذار، وخصوصًا في الطوابق السفلى من المباني السكنية.

الخارجية البريطانية: محادثات لندن أحرزت تقدما لتوحيد الرؤى بشأن أوكرانياالكرملين: روسيا تؤكد مجددا معارضتها نشر قوات حفظ سلام في أوكرانياالكرملين: لا مواعيد نهائية لتحقيق وقف إطلاق النار في أوكرانياترامب: نحن قريبون للغاية من التوصل إلى اتفاق بشأن الحرب في أوكرانياتأجيل اجتماع لندن بشأن السلام في أوكرانياوول ستريت جورنال: بريطانيا وفرنسا منفتحتان على تنازل أوكرانيا عن أراضٍ لروسياأوكرانيا تسعى إلى هدنة مع روسيا لمدة 30 يومًا بدلاً من خطة ترامب للسلامالمفوضية الأوروبية: نواصل دعم أوكرانيا لتحقيق سلام عادلالكرملين: لا نرجح التوصل لتسوية قابلة للتطبيق مع أوكرانيا في فترة قصيرة

وصرّح فيتالي كليتشكو، رئيس بلدية كييف، بأن طفلًا يبلغ من العمر ثلاث سنوات أُصيب في الهجوم وتم نقله على الفور إلى المستشفى لتلقي العلاج، دون تقديم مزيد من التفاصيل حول حالته الصحية. وأضاف كليتشكو أن الهجوم أسفر أيضًا عن أضرار مادية في منطقتين على الأقل من المدينة، دون تحديد المواقع الدقيقة أو طبيعة الدمار.

ودعت السلطات الأوكرانية سكان العاصمة إلى البقاء في أماكن آمنة حتى صدور تعليمات إضافية، مشيرة إلى أن الدفاعات الجوية تحاول التصدي للهجوم. ولم يصدر حتى الآن بيان رسمي يحدد الجهة التي تقف وراء القصف، غير أن مثل هذه الهجمات تُنسب غالبًا إلى القوات الروسية في إطار الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين.

ويُعد هذا الهجوم الصاروخي هو الأول من نوعه الذي يستهدف كييف منذ بداية أبريل الجاري، في وقت كانت العاصمة قد شهدت فترة من الهدوء النسبي مقارنة بمناطق أخرى تشهد معارك طاحنة، خصوصًا في شرق البلاد وجنوبها. لكن يبدو أن هذا الهدوء لم يدم طويلًا، في ظل تصاعد التوترات العسكرية والتطورات الميدانية على أكثر من جبهة.

مقالات مشابهة

  • السلام يلوح في الأفق.. تقدم كبير في المفاوضات الروسية الأوكرانية
  • روسيا: مقتل وإصابة 950 من أفراد القوات الأوكرانية خلال 24 ساعة
  • المخابرات الأوكرانية تستولي على إحدى سفن "أسطول الظل" الروسي
  • الطاقة الروسية: بدء تصدير الغاز الروسي إلى إيران عبر أذربيجان هذا العام بمقدار 1.8 مليار متر مكعب
  • ترامب رجل الصفقات | سياسة الرئيس الأمريكي في الحرب الروسية الأوكرانية .. تفاصيل
  • آثار الدمار الناجم عن القصف الروسي في العاصمة الأوكرانية كييف
  • الفيدرالي الروسي: إحباط مخطط للمخابرات الأوكرانية للهجوم على مصنع للبتروكيماويات
  • صعود الإمبراطورية الروسية في أفريقيا
  • روسيا تشن قصفا صاروخيا عنيفا على العاصمة الأوكرانية كييف
  • خبير عسكري: روسيا تسعى إلى تجميد خط المواجهة مع أوكرانيا