علق رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو على الهجوم الذي شنه نجله يائير، ضد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، والذي أكد أن بلاده ستعترف بالدولة الفلسطينية.

وقال نتنياهو في تصريح نقله مكتبه، إنه "لن نقبل المواعظ الأخلاقية لإقامة دولة فلسطينية من شأنها أن تعرّض وجود إسرائيل للخطر، من أولئك الذين يعارضون منح الاستقلال لكورسيكا وكاليدونيا الجديدة، وغينيا الفرنسية وأراضي أخرى، والتي لن يعرّض استقلالها فرنسا للخطر، بأيّ شكل من الأشكال".



وكان ماكرون قال في التاسع من الشهر الجاري، إن فرنسا قد تعترف بدولة فلسطين في حزيران/ يونيو المقبل، وذلك بالتزامن مع مؤتمر عن فلسطين، سيُعقد في نيويورك، وتتقاسم رئاسته مع السعودية.


وفي حين قال نتنياهو، إن لابنه يائير "الحقّ مثل أي مواطن في رأيه الشخصّي، على الرغم من أن أسلوب ردّه على تغريدة الرئيس ماكرون التي دعا فيها إلى إقامة دولة فلسطينية، غير مقبول بالنسبة لي"؛ ذكر أن "الرئيس ماكرون يرتكب خطأ فادحا".

وشن يائير نتنياهو، هجوماً حاداً على الرئيس الفرنسي، معيدا في منشور على منصة "إكس"، نشر تغريدة لماكرون، وعلق عليها بكلمات نابية قائلاً: "تباً لك"، موجها دعوات للأقاليم التابعة لفرنسا بالاستقلال عنها.

وقال: "مناطق مثل كالدونيا الجديدة، بولينيزيا الفرنسية، كورسيكا، إقليم الباسك، وغينيا الفرنسية، ندعم استقلالها" واصفا فرنسا بأنها "الإمبريالية الجديدة في غرب أفريقيا".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة دولية نتنياهو الهجوم ماكرون دولة فلسطينية هجوم نتنياهو دولة فلسطينية دولة الاحتلال ماكرون المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

يائير نتنياهو يهاجم أميركا ويسب ماكرون

#سواليف

“اللعنة عليك!

نعم لاستقلال كاليدونيا الجديدة!

نعم لاستقلال بولينيزيا الفرنسية! نعم لاستقلال كورسيكا!

مقالات ذات صلة اطلاق خط الباص السريع بين عمّان ومأدبا / تفاصيل الرحلات 2025/04/15

نعم لاستقلال بلاد الباسك! نعم لاستقلال غويانا الفرنسية!

أوقفوا الإمبريالية الجديدة لفرنسا في غرب أفريقيا!”.

لوهلة، قد يبدو الأمر غريبا، ابن رئيس وزراء “دولة”، يخرج على موقع “إكس” ليسبّ #رئيس_الجمهورية_الفرنسية، إحدى الدول ذات الوزن الثقيل عالميا، حتى وإن تراجعت قوتها مؤخرا.

جاء هذا #الهجوم_الخطير والسب المباشر لإيمانويل #ماكرون من طرف #ابن_نتنياهو بسبب تغريدة للرئيس الفرنسي، بسط فيها وجهة نظر بلاده في #الحرب الدائرة حاليا في #غزة، أو في الإبادة الإسرائيلية للفلسطينيين في غزة، حتى تكون مصطلحاتنا أكثر دقة.

في تغريدته قال ماكرون: “نعم للسلام، نعم لأمن إسرائيل، نعم لدولة فلسطينية من دون حماس، وهذا يتطلب إطلاق سراح جميع الرهائن، ووقف إطلاق نار دائم، واستئناف فوري للمساعدات الإنسانية، ومتابعة الحل السياسي القائم على الدولتين”، ربما كان هذا الجزء من التغريدة هو ما أثار غضب نتنياهو الصغير، ربما، لأن الأكيد هو أن الجزء الثاني أثار غضبه واستفزَّ لسانه الذي لا يسكت إلا قليلا.

يقول ماكرون في نهاية تغريدته: “السبيل الوحيد الممكن هو المسار السياسي. أنا أؤيد الحق المشروع للفلسطينيين في إقامة دولة والعيش بسلام، تماما كما أؤيد حق الإسرائيليين في العيش بأمن وسلام، ويُعترف بهما من قِبَل جيرانهما.

يجب أن يُشكِّل المؤتمر المقبل حول حل الدولتين في يونيو نقطة تحول”، مضيفا: “أبذل كل ما في وسعي، بالتعاون مع شركائنا، من أجل تحقيق هذا الهدف المتمثل في السلام. نحن في حاجة حقيقية إليه. ولكي ننجح، يجب ألا نخفف من جهودنا. ينبغي ألا نستسلم للحلول السهلة أو الاستفزازات، ويجب ألا نسمح بانتشار المعلومات المضللة والتلاعب”.

كيف لماكرون أو لأي شخص آخر أن يتحدث عن وجود دولة فلسطينية في الأساس، فخيال نتنياهو الصغير لا يقبل هذه الفكرة، وهو الذي سافر كثيرا وتحدث طويلا في بلدان كثيرة عن أن إسرائيل، أو فلسطين المحتلة لنكون أكثر دقة، هي أرض لليهود فقط، لليهود دون غيرهم، لليهود وليست بحال للعرب.

تناقلت الكثير من المواقع ووسائل الإعلام التصريحات الصادمة ليائير نتنياهو، لكن المطلع على تصريحات سابقة له يعلم يقينا أن هذا التصريح ما هو إلا سيناريو مكرر من تصريحات مكررة هاجم فيها نتنياهو الابن الجميع، من أقرب حلفاء دولة الاحتلال حتى أبعد خصوم أبيه، أبيه الذي دعم كلام ابنه، في انتهاك (طبيعي) للأعراف الدبلوماسية، قائلا في تغريدة هو الآخر على موقع “إكس” إنه يحب ابنه يائير، وهو صهيوني حقيقي يهتم بمستقبل الدولة، مضيفا: “رغم أن أسلوب رده على تغريدة الرئيس ماكرون، الذي دعا لإقامة دولة فلسطينية، لا يروق لي، فإن من حقه التعبير عن رأيه، وماكرون مخطئ بشدة عندما يواصل دعم فكرة إقامة الدولة الفلسطينية”.

لم يكن هذا هو رد فعل بنيامين #نتنياهو على شطحات ابنه، فغالبا ما فرض عليه الصمت والعزل الإعلامي، وهو الذي لا يرتبط اسمه إلا بشيئين لا ثالث لهما: صراعات أو فضائح.


سليل الصهاينة الذي فشل في الخدمة العسكرية

في أحد أيام صيف عام 2015، خرج “يائير نتنياهو”، نجل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، رفقة صديقه “أوري” من أحد الملاهي الليلية في تل أبيب.

استقل الصديقان سيارة حكومية بسائق وحارس تدفع الدولة راتبهما، ولكن سرعان ما نشب الخلاف بينهما إثر رفض أوري إقراض نتنياهو الصغير مبلغا بسيطا من المال لدفعه، ليرد عليه الأخير بالقول: “صديقي، يجب أن تكون لطيفا جدا معي، أبي ساعد أباك في الحصول على صفقة قيمتها 20 مليار دولار، يجب ألا تحس بالرغبة في البكاء من أجل 400 شيكل (100 يورو)، هذا حقي عليك”، ثم اختتم كلامه بسباب فاحش، حسبما نقلت بعض وسائل الإعلام.

لم يكن أوري هو الآخر شابا عاديا، فهو ابن الملياردير الإسرائيلي “كوبي ميمون”، الشريك في شركة “إسرامكو النقب 2” للغاز، التي استفادت من صفقة لاستغلال حقل غاز تمار البحري. وقد سُجِّلَت المحادثة من طرف شخص مجهول، ثم نُشِرَت بعد ثلاث سنوات، في الوقت نفسه الذي واجه فيه بنيامين نتنياهو تهما بالفساد واستغلال النفوذ.

وحينها، علَّق رئيس الوزراء الإسرائيلي القديم الجديد قائلا إن الأمر لا يعدو كونه مزاحا بين شابين، فيما خرج ابنه للتأكيد أن التسجيل والكلام الوارد فيه لا يُعبر عنه ولا عن تربيته. هذه القصة الصغيرة جعلتنا نتساءل عن “بيبي الصغير”، عن شخصيته وتربيته ونفوذه، وعن مكانته وسط التيار القومي العنصري اليهودي في إسرائيل.

لنبدأ مع نتنياهو الجد، وهو “بن صهيون نتنياهو”، مؤرخ اعتنق الصهيونية اليمينية المتطرفة في أكثر نسخها عنصرية، ولم يخجل أبدا من التعبير عن دعمه لزعيم إيطاليا الفاشية بينيتو موسوليني في عشرينيات القرن الماضي، ولم يُخفِ كرهه العميق للمسلمين الذين وصفهم دون تحفُّظ بـ”الهَمَج”. أما الأب فهو رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق والحالي والذي يصارع ليكون رئيس وزراء مستقبلي ربما “بنيامين نتنياهو”، صاحب السجل الدموي الكبير في حق الشعب الفلسطيني، والمتهم في قضايا فساد لا حصر لها.

أما بطل قصتنا اليوم، فهو الحفيد، “يائير نتنياهو”، الابن الأكبر والعنصري المؤمن حتى النخاع بنقاوة وتفوق العِرق اليهودي، والنجم الصاعد في ساحة السياسة الإسرائيلية، التي تتفوَّق على نفسها في كل مرة بتبنيها أفكارا أكثر عنصرية من تلك التي صاغها مؤسسو دولة الاحتلال أنفسهم.

وُلد يائير نتنياهو في 26 يوليو/تموز 1991 بالقدس المحتلة. وبعد خمس سنوات، وصل والده إلى كرسي رئاسة الحكومة الإسرائيلية في ولايته الأولى التي انطلقت عام 1996. وفي هذه الفترة عاش نتنياهو الابن عند جدَّيْه لأمه، ثم درس الفنون المسرحية، والتحق بجيش الاحتلال، وخدم ضمن وحدة الناطق بلسان جيش الاحتلال الإسرائيلي وفي لواء المركز.

لكن تجربته داخل الجيش لم تكن ناجحة، فلم يستطع التأقلم بسهولة مع الحياة العسكرية. بالإضافة إلى ذلك، تغيَّب نتنياهو الابن كثيرا عن مهامه العسكرية، ولم يُلقِ بالا لاتصالات الضباط التي تركها لحرسه الخاص للإجابة عنها نيابة عنه.

بدأ يائير نشاطه السياسي مبكرا داخل أروقة حزب الليكود، وظهرت توجهاته في العديد من الأنشطة التي قادها، كما حدث عندما حشد وروَّج لقانون المؤذن، ضاغطا على أبيه عبر جمع التوقيعات في المدن المختلفة لمنع الأذان من المساجد. أما السبب وراء هذا الحشد فظهر حين قال والده إن يائير ينزعج كثيرا من الآذان الذي يصدر من قرية جسر الزرقاء الساحلية القريبة من مقر إقامة العائلة، وإن كانت نشأته في بيئة معادية للمسلمين داخل منزل عائلة نتنياهو كفيلة بتفسير كل شيء.

ليس ليائير نتنياهو أي منصب رسمي في الوقت الحالي، لكنه يُعَدُّ أحد أكثر الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يحصد الشعبية ويثير الكثير من الجدل ويقول كل ما يفكر فيه، ولو كانت الأفكار مجرد تغريدات لا تحمل في طياتها إلا العنصرية والتحريض على كل مخالفيه، من العرب إلى الوزراء في حكومات أبيه.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2018، حظر موقع فيسبوك حساب يائير بعد أن غرَّد قائلا: “لن يحل السلام هنا إلا في حالتين، الأولى بعد ترك اليهود للبلاد، والثانية بعد أن يترك المسلمون البلاد، وأنا أُفضِّل الخيار الثاني”، ثم أضاف تغريدة أخرى قال فيها: “هل تعرفون أين هي الأماكن الوحيدة التي لا تحدث فيها هجمات؟ في اليابان وأيسلندا، بالمناسبة لا توجد جالية إسلامية هناك”.

في هجومه على المسلمين، يكاد نتنياهو الصغير يخلق مشكلات أكبر “للدولة” التي يغرد صباحا ومساء للدفاع عنها، فقد ادعى ابن نتنياهو في وقت سابق تمويل منظمات يهودية وألمانية لاحتجاجات يهود الفلاشا (اليهود أصحاب الأصول الإثيوبية في إسرائيل)، موجِّها سؤالا إلى وزير الخارجية الألماني حول رد فعل بلاده إذا ما أقدم حزب الليكود على تمويل أعمال شغب تمس السِّلْم العام في ألمانيا، وهو ما أثار ردود فعل غاضبة.

وفي يوليو/تموز 2022، طالب نتنياهو الصغير بطرد “الأقليات” الموجودة في تل أبيب، قاصدا بالطبع العرب والفلسطينيين. وهي تصريحات وصفتها صحيفة “هآرتس” العبرية نفسها بالقول: “ليائير نتنياهو إجابة سهلة وواضحة عن كل سؤال وعن كل مشكلة. المهاجرون؟ نطردهم. الإرهابيون؟ نعدمهم. الإرهاب؟ نقضي عليه. إيران؟ نقصفها. المحكمة العليا؟ نعيدها للشعب. وزير الدفاع قال إن هذا الإجراء قد يؤثر على أمن البلاد؟ نطرده من منصبه”.

وقد عبَّر يائير عن خالص رغبته في أن يقتل كوفيد جميع اليساريين في العالم حينما حلَّ ضيفا على حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني المتطرف، صاحب الصلة بالأفكار النازية والعنصرية. تتقاطع أفكار نتنياهو الشاب مع اليمين المتطرف دوما، ففي إحدى الحملات الإعلانية، نشر حزب البديل من أجل ألمانيا جملة قال فيها يائير: “شنغن ماتت، نتمنى أن يموت الاتحاد الأوروبي المعولم أيضا، حتى تعود أوروبا حرة وديمقراطية ومسيحية من جديد”.
صداع في رأس بنيامين

يضم حساب يائير نتنياهو على موقع إكس نحو 230 ألف متابع، وهو يقدم نفسه على أنه مقدم برامج إذاعية وبودكاست، وهو صحيح إلى حدٍّ ما. فقد عكف على تقديم برنامج أسبوعي كل جمعة على أمواج إذاعة الجيش الإسرائيلي، حيث عبَّر عن أفكار عنصرية تتجاوز في تطرفها رموز اليمينية في الغرب.

ويسير نتنياهو الصغير على خط اليمين المتطرف، بكلام مباشر مستفز مليء بالمغالطات والأخبار الكاذبة والمواجهات الحادة مع الخصوم، من العرب والمسلمين والإسلام، والمثقفين اليهود، والفنانين “التقدميين”، وصولا إلى كل شخص يجرؤ على رفع بنانه في وجه أبيه وسياساته.

مع مرور الوقت، وانتشار صوته في كل مكان، بدأ الإسرائيليون يقتنعون بأن الوصول إلى أفكار بنيامين نتنياهو ليس بتلك الصعوبة، بل يكفي تتبُّع ما يخرج من لسان ابنه لتعرف ما يضمره الأب.

وقد نشأ يائير في كنف أمه “سارة” المهووسة به، فكانت درعه الحامي الذي صدَّ عنه العديد من المشكلات التي ورَّط نفسه فيها.

استلهم يائير العديد من الخصال من أمه، وأهمها اقتناعه بضرورة العيش في نعيم يليق بـ”أمراء إسرائيل”، ولذا كان من الطبيعي أن يَرِد اسمه ضمن التحقيقات الجارية حول فساد أبيه، بعد أن استخدما شققا فاخرة يمتلكها رجل أعمال أسترالي يُدعى “جيمس بيكر”، الذي مَوَّل أيضا رحلات جوية خاصة لهما وإقامة بفنادق فخمة في دول مختلفة، كما حدث في نهاية سبتمبر/أيلول 2015، حينما رافق يائير والده لحضور الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وحطَّ الابن رحاله في فندق فخم ينزل فيه “بيكر” على حساب الأخير.

أزعجت هذه التهم الابن الأكبر أيَّما إزعاج، فتحيَّن الفرصة التي جاءت بمجرد نجاح أبيه في الانتخابات التشريعية في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، وخرج للمطالبة بمحاكمة الخونة من رجال الشرطة الذين عملوا على قضية فساد عائلة نتنياهو، معتبرا أن العقاب المناسب لن يكون أقل من الإعدام، ومتناسيا أن وحدها “الخيانة في زمن الحرب” يُطبَّق فيها هذا الحكم حسب القانون الإسرائيلي.

وفي 18 مارس/آذار 2023، شبَّه يائير المعارضين للتعديلات القضائية في إسرائيل بكتيبة العاصمة النازية، ثم وصف المتظاهرين بعد ذلك بالإرهابيين بعد أن تجمَّع بعضهم أمام الصالون الذي تُصفِّف فيه أمه شعرها هاتفين: “البلد يحترق وسارة تصفف شعرها”، مطالبا في مداخلة إذاعية باعتقال جميع المحتجين.

فتح يائير النار أيضا على مؤسسات ثقيلة في دولة الاحتلال، فقد اتهم جهاز الأمن العام الإسرائيلي “الشاباك” بمحاولة الانقلاب على أبيه، علاوة على اتهامه الخارجية الأميركية نفسها بتمويل الاحتجاجات للإطاحة بنتنياهو من على رأس الحكومة.

ودلَّل يائير على صحة كلامه بمقال نشره أحد المواقع الأميركية اليمينية المتطرفة، الذي قال إن الولايات المتحدة تهدف إلى الإطاحة بالحكومة الإسرائيلية الحالية من أجل تمرير الاتفاق مع إيران. ولم تمر هذه التغريدة مرور الكرام، فقد وصف نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية كلام يائير بـ”الكذب”.

في المقابل، يلعب نتنياهو الأب دور الإطفائي عقب كل تصريح لابنه، فقد كتب على تويتر تغريدة للرد على مطالبة الأخير بإعدام الخونة الذين حققوا في فساد أبيه: “أحب ولدي يائير، وهو شخص مستقل بآرائه، كل شخص له الحق في الإعراب عن النقد، لكنني أختلف مع تصريحاته التي نُشِرَت”.

وبعد التغريدة التي اتهم فيها وزارة الخارجية الأميركية بدعم الاحتجاجات ضد والده، اختفى الابن الذي توقف عن التغريد منذ 28 مارس/آذار الماضي، بعد أن كان ينشر عشرات التغريدات في اليوم الواحد. وتُشير بعض الأخبار إلى أن عائلة نتنياهو ضاقت ذرعا بابنها وبالمشكلات التي يتسبب فيها، وطالبته بالتوقف عن نشاطه على منصات التواصل الاجتماعي، ما تسبَّب في شجار عائلي عنيف، على حد وصف أحد المصادر.
نتنياهو الصغير.. هل يَرِث عرش أبيه؟

كثيرة هي التقارير الإعلامية التي تطرقت للعلاقة بين الأب والابن، ومدى تأثير الأخير على خيارات أبيه السياسية، ورغم أن نتنياهو نفى ذلك مرارا، ويعتبر ابنه مجرد شاب يقيم في منزل رئيس الحكومة واصفا إياه بالمستقل في أفكاره، فإن الجزم بهذا الأمر ليس بهذه السهولة.

بداية، لا يمكن للعائلة إنكار المساعدة الكبيرة التي قدَّمها يائير لأبيه فيما يخص دعمه على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بمساعدة صديقين له كانا يقودان حملة نتنياهو الافتراضية ابتداء من عام 2015، وهما صديقان تعرَّف عليهما يائير أثناء الخدمة العسكرية، وقاموا معا بعمل إعلامي افتراضي عُدَّ سابقة في ذلك الوقت.

يعتقد الكثيرون في دولة الاحتلال أن بنيامين نتنياهو هو الذي يستغل ابنه، وذلك من أجل اختبار المساحات التي يمكنه التمدد فيها دون الاصطدام بالرأي العام الإسرائيلي. وفي الوقت نفسه، يقول “بين كاسبيت”، الصحفي الإسرائيلي وكاتب سيرة نتنياهو، إن زوجته وابنه يائير من أهم المؤثرين عليه، وأكثر تأثيرا من أقرب مستشاريه، وإن الشواهد على ذلك عديدة.

على سبيل المثال، في عام 2016، عندما أجهز الجندي الإسرائيلي “إيلور أزاريا” بدم بارد على المواطن الفلسطيني الجريح “عبد الفتاح شريف” برصاصة في الرأس، وجد بنيامين نتنياهو نفسه مُجبَرا على الإذعان للموجة والمُضي قُدما نحو محاكمة الجندي الإسرائيلي.

ولكن بعد ساعات، اطَّلع رئيس الحكومة الإسرائيلي عبر ابنه على آلاف ردود الفعل الغاضبة من إسرائيليين وإسرائيليات يدعمون الجندي الصهيوني، فغيَّر توجهه وانطلق لزيارة عائلة القاتل، وقدَّم لاحقا التماسا للعفو أمام الرئيس الإسرائيلي، ثم انتهت القصة كاملة بمدة حبس لا تتجاوز أربعة أشهر.

في السياق نفسه، يؤكد “نير هافيتز”، المستشار الإعلامي السابق لنتنياهو، أن يائير يلعب دورا كبيرا في القرارات السياسية لأبيه، ففي عام 2017، أجَّل رئيس الحكومة الإسرائيلية زيارته للهند بسبب “احتجاج عنيف” من الابن على عدم دعوته ضمن الوفد الإسرائيلي.

وتشير مصادر أخرى إلى أن تأثير يائير يفرض نفسه داخل حزب الليكود، وبدأ اسمه يُطرح في الساحة على أنه الخليفة الممكن لأبيه، ولو أن القوة التي تمتَّع بها الأب بدأت تخفت كثيرا بسبب تدهور صورته والحسابات السياسية لتيار اليمين المتطرف الذي يخنقه في تحالف حكومي صعب.

ورغم ذلك، تبقى فرص نتنياهو الابن قائمة في لعب دور سياسي في قادم السنوات، لا سيما أنه مقرب من رجال الأعمال المتحالفين مع والده، الذين دعموا نتنياهو للبقاء في الحكم.

فقد تحدثت الكثير من التقارير الصحفية الإسرائيلية عن العلاقة بين يائير ورجال الأعمال من اليهود الأميركيين، إذ ينشط يائير في الولايات المتحدة التي سبق وقام فيها بجولة برعاية منظمة “إستي” الصهيونية للتسويق لرؤيته السياسية، التي يقول فيها إنه لا يوجد أي شيء يُدعى “الشعب الفلسطيني”.

قد يبدو حلم الأمير الصهيوني الصغير في حكم دولة الاحتلال صعبا، خصوصا مع شخصيته غير المتزنة التي تميل إلى المبالغة في التطرف والعنصرية، لكن في الحقيقة، يحمل يائير نتنياهو الروح الحقيقية للآباء الصهاينة المؤسسين لدولة الاحتلال، الذين قتلوا الشعب الفلسطيني ثم قرروا بعد ذلك تكوين جيش يحمل السلاح عنهم، فيما لبسوا هم ربطات العنق التي جعلت منهم فجأة سياسيين وديمقراطيين.


يائير ما بعد الطوفان

بعد اندلاع “طوفان الأقصى”، عادت الأنظار إلى عائلة نتنياهو، حينما رفع بنيامين هاتفه للاتصال بجو بايدن لإعلان أنهم تعرضوا لهجوم هو الأكبر “منذ الهولوكوست”.

حينها، لم يكن يائير نتنياهو في الصفوف الأولى لجيش الاحتلال، لأنه، مثل والده، لا يملك سجلا حافلًا في الخدمة العسكرية، فهو، مثل والده أيضا، يتقن الكلام ويعشق “المايكروفونات” أكثر من حمل البندقية.

في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، خرج نتنياهو الابن بتصريحات نشرها على قناته على تلغرام ألقى فيها اللوم على الجيش والشاباك والمحكمة العليا، متهما إياهم بالإخفاق فيما حصل في السابع من أكتوبر.

جاء هذا الكلام ليتفق مع ما كان قد دافع عنه رئيس الحكومة الإسرائيلية، الذي رفض أن يكون المُتحمِّل للمسؤولية لما حدث في السابع من أكتوبر، حيث سبق أن أشار نتنياهو إلى أن الاحتجاجات التي قام بها جنود الاحتياط ضد تشريعات الإصلاح القضائي كانت ربما عاملا في قرار حماس في شن الهجوم الذي خططت له.

يائير، الذي كان وظل في ميامي الأميركية حينما قامت الحرب، انتقد طريقة تغيير المحكمة العليا الترتيبات الأمنية وتعليمات إطلاق النار على حدود قطاع غزة. كما نشر ابن نتنياهو عددا من المواد، منها تقرير للقناة “12” الإسرائيلية حول المجندات الإسرائيليات اللاتي حذّرن من نشاط حماس على الحدود بين المناطق الفلسطينية المحررة والمناطق المحتلة، لكن حسب التقرير لم تلقَ هذه التحذيرات آذانا مُصغية.

وتلقَّى نتنياهو الصغير انتقادات لاذعة حول بقائه في الولايات المتحدة الأميركية، في الوقت الذي عاد فيه عشرات الآلاف من الإسرائيليين إلى الأراضي المحتلة للانضمام إلى جيش الاحتياط الذي يبلغ تعداده 300 ألف جندي، لكنَّ أباه برر هذا الأمر بالقول إن ابنه يقوم بعمل تطوعي في الولايات المتحدة الأميركية للحصول على معدات للجيش ولخدمات الطوارئ.

وفي يونيو/حزيران السابق، عاد يائير نتنياهو لاتهام الجيش وجهاز الأمن العام “الشاباك” بالخيانة. نتنياهو الابن قال في تغريدة له على موقع “إكس”: “ما الذي يحاولون إخفاءه؟ إذا لم تكن هناك خيانة، فلماذا يخافون من قيام جهات خارجية ومستقلة بالتحقيق؟”، مضيفا: “لماذا يستمر قادة الجيش والمخابرات في الادعاء بأن حماس رُدِعت؟ أين كان سلاح الجو في 7 أكتوبر؟”.

ولم يتوقف ابن “بيبي” عند هذا الحد، بل اتهم المحكمة نفسها بالميل إلى اليسار الإسرائيلي المعارض لحكومة والده، ذلك لأن القاضي الذي يرأسها هو قاضٍ من المحكمة العليا.

عموما، كلما ظهر اسم يائير نتنياهو، ظهرت معه الانتقادات وبرز التكبر العائلي الذي يجعل “آل نتنياهو” من أكثر العائلات الإسرائيلية العامة كراهية في الأوساط الداخلية. في مارس/آذار الماضي، نشرت قناة “12” الإسرائيلية تقريرا قالت فيه إن نتنياهو الصغير، الذي يعيش في الولايات المتحدة الأميركية، يحظى بحماية أمنية من المفروض ألا يحصل عليها.

وأشار التقرير إلى أن يائير نتنياهو، الذي يعيش في مجمع سكني فخم، يمضي أيامه ولياليه مع سائق وحارسين شخصيين من وحدة “النخبة 730” التابعة لجهاز الشاباك، وهو ما يكلف “دولة إسرائيل” ما يُقدَّر بـ55 ألف دولار شهريا، وبالتالي في وقت نشر التقرير كان مجموع ما صُرف على أمن نتنياهو الصغير يصل إلى نحو مليون شيكل.

ويقول الإعلام الإسرائيلي إنه ليس هناك سبب واضح يجعل ابن نتنياهو يتمتع بحماية من “الوحدة 730” التي تحرس فقط أرفع 5 مسؤولين حكوميين في إسرائيل وهم: الرئيس، ورئيس الوزراء، ووزير الدفاع، ووزير الخارجية، ورئيس الكنيست، وزعيم المعارضة، ورئيس المحكمة العليا، في الوقت الذي تقوم به وحدة “ماغن” التابعة لمكتب رئيس الوزراء بحراسة الآخرين.

ليس هذا فحسب، فقد أوردت صحيفة “هآرتس” أن مواطنا إسرائيليا أميركيا يُدعى “أوفير جوتيلزون” تعرض لمضايقات من طرف جهاز الشاباك بسبب تتبع لتحركات يائير في ميامي، وهو ما سيدفع “ماثيو ميلر”، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، إلى القول إن بلاده ترفض رفضا تاما أن تقوم أية حكومة أجنبية بترهيب الأفراد داخل ترابها الوطني.

بعد أشهر من هذا التقرير، سيتداول الإعلام الإسرائيلي تقريرا أُفصِح عنه في إطار “حرية المعلومات”، يعرض تفاصيل التكاليف المالية التي تتكبدها دولة الاحتلال لتأمين أقارب الدرجة الأولى لكلٍّ من بنيامين نتنياهو ونفتالي بينيت ويائير لابيد، آخر 3 وزراء لدولة الاحتلال في السنوات الأخيرة.

ويكشف التقرير أن تكلفة الأمن بالنسبة لعائلة نتنياهو من 2018 حتى عام 2023 وصلت إلى 32 مليونا، أي نحو 8.5 ملايين دولار، مُقسَّمة ما بين سارة وابنيها يائير وأفنير. ولأن نتنياهو يتعامل مع إسرائيل على أنها مِلك عائلي خاص كما يتهمه كثير من خصومه في إسرائيل، فإنه لم يستمع لأي انتقادات شعبية ولا تقارير صحفية، وطلب تشديد الإجراءات الأمنية بعد عملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران تحسبا لأي رد إيراني.

وقال موقع “والا” الإسرائيلي إن يوسي شيلي، مدير مكتب نتنياهو، طلب من اللجنة الاستشارية للأمن الشخصي التابعة لجهاز الشاباك فحص مدى كثافة الحراسة حول يائير، لكن هذه الأخيرة طلبت الحصول على مواد استخباراتية تبرر التشديد الأمني، وعدم الاعتماد على الحس الأمني وحده.

عندما تكون ابن نتنياهو في “ديمقراطية الشرق الأوسط الوحيدة”، فحينها تسقط “من أين لك هذا” لصالحك وصالح مصالحك الضيقة والكبيرة، وبالتالي تصبح البروتوكولات والميزانيات مجرد وسائل متجاوزة لا تفرض أي أمر كان على يائير.

فبعد إمضائه شهورا طويلة بعيدا عن المعارك وشبح المقاومة الفلسطينية، عاد يائير نتنياهو مع أبويه في شهر أغسطس/آب عبر طائرة “جناح صهيون”، وهي النسخة الإسرائيلية الجديدة من طائرة “إير فورس وان”، طائرة الرئاسة الأميركية.

ونقل مراسل صحيفة “هآرتس” الذي كان من ضمن الوفد الصحفي المرافق لرئيس الحكومة أن الصحفيين أُخطروا بأنه ممنوع عليهم التوجه إلى مقدمة الطائرة التي صعد إليها يائير هناك، حيث أُخفي وجوده عن باقي ركاب الطائرة نفسها. وتساءل الصحفي نفسه عن مرور يائير من مراقبة الجوازات، وإن كان قد دفع تكاليف الرحلة التي لا يحق له الوجود على متنها، كونه لا يحمل الصفة ليسافر مع كبار الشخصيات.

إن يائير نتنياهو يمثل نسخة أشد تطرفا وراديكالية من أبيه، وأقل شجاعة، وأكثر تعطشا لدماء الفلسطينيين وأموال الإسرائيليين، كما أنه يعلم جيدا أن نمط الحياة الذي عاشه ويعيشه لا يمكن أن يستمر إنْ هو لم يأخذ مكان أبيه على عرش دولة الاحتلال، التي لا يمكن لأحد التفاؤل بمستقبلها ولا بمستقبل أبيه شخصيًا.

مقالات مشابهة

  • يائير نتنياهو يهاجم أميركا ويسب ماكرون
  • نتنياهو ونجله يُهاجمان ماكرون بسبب دولة فلسطين.. أول تعليق للخارخية الفرنسية
  • نتنياهو يثني على ابنه لشتمه ماكرون: يائير صهيوني حقيقي
  • نتنياهو يعلق على تغريدة نجله يائير ويهاجم ماكرون
  • “اذهب إلى الجحيم!”.. نجل نتنياهو يهاجم ماكرون بعد تصريحاته عن قيام دولة فلسطين
  • نتنياهو يهاجم الرئيس الفرنسي: الترويج لدولة فلسطينية خطأ فادح
  • نتنياهو: ماكرون يرتكب خطأ فادحا بالترويج لدولة فلسطينية
  • عاجل| نتنياهو: الرئيس ماكرون مخطئ بشدة حين يواصل الترويج لفكرة دولة فلسطينية في قلب وطننا لا تطمح إلا إلى تدميرنا
  • ابن نتنياهو يُهاجم الرئيس الفرنسي بعد تصريحاته حول الاعتراف بدولة فلسطينية.. ماذا قال؟