إلى أي مدى كانت أنشطة الصيد في العصور السالفة حكراً على الرجال فقط؟ وماذا عن دور النساء وتوزيع الأدوار في تلك المجتمعات؟
توضح الكاتبة إف دي فلام، المتخصصة بالشؤون العلمية في وكالة بلومبرج للأنباء في تقرير نشرته الوكالة إنه لا يزال الأشخاص اليوم مفتونين بأسلافنا من ممارسي الصيد وجمع الثمار، وتذكر أنه تم إجراء أبحاث منذ فترة طويلة عن الأسلاف القدامى للحصول على أدلة عن أنفسنا، مبينة أنه كان من الصعب علينا دائما تفسير حياتهم بشكل واضح.
ولفتت فلام إلى دراسة صدرت مؤخرا، روجت لها مجلة ساينس باعتبارها تكشف "أسطورة الرجل الصياد" والتي تستند إلى فكرة أن رجال العصر الحجري كانوا يصطادون الحيوانات والأسماك الكبيرة بينما تجمع النساء بسلام التوت والجذور الصالحة للأكل، و نشرت الدراسة في مجلة "بلوس ون"، مستندة إلى إعادة تحليل للبيانات السابقة التي تم جمعها في 391 مجتمعاً معاصراً للصيادين وجامعي الثمار، ووجد المؤلفون أن 63 من تلك المجتمعات تحتوي على بيانات حول النوع الاجتماعي والصيد، ومن بين المجتمعات الـ 63، تبين أنه في 50 منها كانت النساء تمارسن الصيد. الرجل الصياد
وتم كشف حقيقة اسطورة "الرجل الصياد" عدة مرات، حيث يتكون الفهم الشعبي من جزأين. الأول هو أن الرجال وليس النساء يصطادون، والثاني هو أن الصيد كان أهم وظيفة في ماضينا ما قبل التاريخ، وكان الافتراض هو أن الجميع يعتمدون على الصيادين للحصول على الطعام ، وأن صيد الحيوانات أو الأسماك الكبيرة هو ما دفع تطور جنسنا البشري كصانعي أدوات أذكياء.
وركزت معظم الجهود على الجزء المتعلق بالنوع الاجتماعي، وفي مجتمعات البحث عن الطعام المعاصرة، تصطاد النساء أحيانا جنباً إلى جنب مع الرجال.
وحول مسألة ما إذا كان الصيد هو حقاً الوظيفة العليا لمعظم عصور ما قبل التاريخ البشري، والقوة التي تقود تطورنا، فإن أحدث الأدلة تظهر أن هذه الافتراضات ربما تكون خاطئة أيضاً، فمن المؤكد أن الطبيعة الدموية والعنيفة للصيد لن تكون للجميع، ألم يكن بعض النساء والرجال يفضلون وظائف أخرى؟ ألم تكن هناك دائماً أنواع مهووسة كانوا يرغبون في تجربتها مع النباتات الطبية، أو العبث بتكنولوجيا جديدة لصنع الأدوات أو الطهي؟
وتقول فلام إنها ناقشت الموضوع مع عالم الأنثروبولوجيا التطورية في جامعة كالجاري، فيفيك فينكاتارامان، الذي كتب بحث سابق لفكرة "الرجل الصياد" ، مستشهداً بالعمل الذي يعود إلى ثمانينيات القرن العشرين، وقال إن فكرة عصور ما قبل التاريخ التي يهيمن عليها الذكور والصيادون لم تكن أبداً فكرة علمية حقيقية، ولكنها انعكاس للمجتمع في أوائل القرن العشرين، موضحاً أن الأمر قد يعود إلى بعض الرغبة بين الرجال في ذلك الوقت لتبرير كل من النظام الأبوي والعنف كشيء متأصل فينا من خلال التطور.
ويبدو أن الفكرة كانت معيبة، وفي عام 1965، عقد علماء الأنثروبولوجيا اجتماعاً في شيكاغو بدأ في كشف المفهوم الشائع لهيمنة الذكور، وكما هو موضح في مقال بمجلة نيويوركر لعام 2022 ، جلب الباحثون بيانات من الإقامات الطويلة مع ممارسي الصيد وجامعي الثمار المعاصرين، وكان أحد ما تم الكشف عنه هو أن كلاً من الرجال والنساء كانوا ماهرين في الحصول على مجموعة متنوعة من الأطعمة من أصل حيواني ونباتي، ولم يكن هؤلاء الأشخاص على وشك المجاعة ولم يعتمد بقاؤهم على صيادي الحيوانات أو الأسماك الكبيرة.
ومن المثير للانتباه هو أنهم "يعملون" أقل بكثير من 40 ساعة في الأسبوع، وكان لديهم وقت فراغ للتجول والاختلاط والراحة، وتم دفع الباحثين عن الطعام الحديث إلى بعض أقسى البيئات في العالم، لذلك في عصور ما قبل التاريخ، من المحتمل أن يكون الطعام أكثر تنوعاً ووفرة، وعاش بعض الأشخاص في عصور ما قبل التاريخ بالقرب من الساحل وأكلوا الكثير من المحار، وربما كان لديهم المزيد من وقت الفراغ.
وبيّن فينكاتارامان إن الأدلة تؤكد أن البشر كانوا من البدو الرحل في معظم وجودنا كنوع، ويميل البدو الرحل اليوم إلى المساواة، وفي المجموعة التي يدرسها، وهم الباتيك في الغابات المطيرة الماليزية، لا أحد يتحكم في أي شخص حوله، وبعض الرجال ماهرون في مطاردة الحيوانات باستخدام أنبوب النفخ، والنساء أحرار في القيام بذلك، لكن الكثيرات يفضلن أنواعاً أخرى من العمل الماهر، بما في ذلك الجمع وكذلك قتل القوارض الكبيرة الصالحة للأكل بالمناجل.
وأضاف إن الأشخاص مترابطون ومستقلون، وليس لديهم وظائف في حد ذات الأمر، ولكن لديهم المهارات التي يطورونها للمساهمة لصالح منفعة المجموعة.
وذكر إن هناك مجالاً للمصالح المتنوعة "طالما أنك تساهم بطريقة ما في العثور على مسارات الحيوانات، أو يمكنك أن تكون جيدا في جمع المواد ليتم الاتجار بها أو تسلق الأشجار للحصول على العسل، أو يمكنك أن تكون استراتيجيا للصيد، فهناك دائما مكان مناسب لشخص ما".
وفي مجتمعات ما قبل التاريخ، لم يكن الأشخاص الذين قاموا بهذه الأنشطة الأخرى مرفوضين من جانب ما يعادل مدرسة الصيد بجامعة هارفارد، وكان لدى الأشخاص ميول ومواهب مختلفة وأطعمة مفضلة، ولكن تم تقاسم الموارد لذلك لم يكن هناك جدول للأجور، أما بالنسبة للدفع بالتطور أو أدمغتنا الكبيرة، فإن إحدى الأفكار الجديدة هي أن تطورنا البيولوجي مدفوع بالابتكارات الثقافية، حيث تتغير جيناتنا استجابة لترويض النار والطهي والرماح وحتى صنع النبيذ.
ويبدو أن الرجال والنساء المسالمون المهووسون الذين يبقون في المنزل ويخترعون الأشياء هم الذين دفعونا إلى أن نصبح أذكياء وتكنولوجيين، على الرغم من أننا جميعا يجب أن نكون حريصين على عدم إسقاط قيمنا الخاصة دون وعي على أشخاص لا نفهمهم تماما، وماض لا يمكننا إعادة بنائه بالكامل.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني
إقرأ أيضاً:
أسطورة ليفربول يحذر صلاح من مصيره
حث إيان راش، أسطورة ليفربول، النجم المصري محمد صلاح على البقاء في النادي الإنجليزي، وحذره من السير على خطاه ومغادرة "الريدز".
وغادر آلة الأهداف الويلزية ليفربول مرتين إلى يوفنتوس الإيطالي وليدز الإنجليزي، ويعد راش، الذي يبلغ من العمر الآن "63 عاما" الهداف التاريخي لليفربول – برصيد 346 هدفا في 660 مباراة، وبات رمزا لا جدال فيه لكرة القدم البريطانية.
ونصح راش صلاح، الذي يحتل المركز الرابع في قائمة هدافي "الريدز" عبر التاريخ برصيد 229 هدفا في 373 مباراة، بعدم اتباع ذات النهج.
كل ما تريد معرفته عن مباراة ليفربول ضد ليستر سيتي في الدوري الإنجليزي الممتاز مستقبل صلاح يثير قلق ليفربولوقال راش في تصريحات نقلتها "ميرور" البريطانية: أود أن يمدد عقده، لا نعرف ماذا سيحدث ولكنني متأكد من أن كل مشجعي ليفربول سيحبون ذلك أيضا.
وزاد: لقد رحلت لأنني لم أكن ألعب بانتظام، كنت أريد فقد أن ألعب كرة القدم، لم أكن أريد الجلوس على مقاعد البدلاء وهذا ما يجب أن تفكر فيه، لقد رحلت إلى ليدز لأنني كنت أريد أن ألعب أسبوعا تلو الآخر.
وأضاف: الأمر يعتمد على ما إذا كنت سعيدا بالجلوس على مقاعد البدلاء أم لا، لكن صلاح لم يصل إلى هذه المرحلة بعد، لذا لا يوجد سبب حقيقي لرحيله حتى الآن.