محللون: الصمت على إسرائيل بغزة يزيد جرائمها ويجر المنطقة لمربع الدم
تاريخ النشر: 14th, April 2025 GMT
اتفق محللون وباحثون أن صمت المجتمع الدولي والعجز العربي أمام استهداف الاحتلال الإسرائيلي للمؤسسات الطبية في قطاع غزة، يشجع إسرائيل على التمادي في جرائمها ويؤسس لمرحلة دامية جديدة في المنطقة.
وفي حلقة جديدة من برنامج "مسار الأحداث"، بتاريخ 2025/4/13 أجمع الضيوف على أن الهجمات الإسرائيلية باتت تستهدف عمدا المنظومة الصحية، مؤكدين أن تلك الاعتداءات تعكس "عقيدة الترويع" الهادفة إلى تهجير سكان غزة وتجريدهم من أدنى مقومات البقاء.
وكانت إسرائيل قد استهدفت فجر الأحد المستشفى المعمداني في غزة، في قصف مزدوج أدى إلى تدمير المبنى بالكامل، وإخراج المستشفى عن الخدمة. وتزامن الهجوم مع قصف خيمة داخل مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح، وسط اتهامات متصاعدة لإسرائيل باتباع سياسة ممنهجة لتدمير النظام الصحي في غزة.
وحذر الرئيس التونسي الأسبق الدكتور المنصف المرزوقي من أن ما تشهده غزة يمثل "ذروة الوحشية والصفاقة"، معتبرا أن الاحتلال يتعمد استخدام "نظرية الصدمة والرعب" التي اشتهرت بها الأنظمة الفاشية والنازية لتحقيق هدف واضح، وهو جعل غزة غير قابلة للعيش ودفع سكانها نحو التهجير.
ووصف المرزوقي الهجمات الإسرائيلية بأنها "إبادة جماعية متعمدة"، محملا الإدارة الأميركية مسؤولية مباشرة، وقال إن الرئيس الأميركي السابق جو بايدن فتح مخازن الأسلحة ومنح إسرائيل غطاء سياسيا كاملا، و"ها هي الجرائم تتواصل اليوم بضوء أخضر واضح من خلفه دونالد ترامب".
إعلانوأشار إلى أن الإدانات الدولية المتكررة من قبل الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية لم تجد نفعا، لأن المخطط، حسب تعبيره، يسير بدعم أميركي ولا يمكن إيقافه إلا بتحرك عربي جاد يمارس ضغطا سياسيا واقتصاديا حقيقيا على واشنطن.
وشهدت الحرب الإسرائيلية الحالية على غزة تدمير أكثر من 80 مركزا صحيا، واستهداف ما يفوق 140 سيارة إسعاف، حسب بيانات منظمات دولية، وسط تحذيرات من انهيار كامل للنظام الصحي، وتفاقم الكارثة الإنسانية مع استمرار الحصار وإغلاق المعابر.
مأساة مكثفة
من جانبه، وصف الكاتب والمحلل السياسي وسام عفيفة من دير البلح ما حدث بعد قصف المستشفى المعمداني بأنه "صورة مكثفة للمأساة"، مؤكدا أن الجرحى نقلوا إلى أبواب مستشفيات مغلقة، وبقوا ينزفون على عربات النقل دون أن يجدوا أي جهة طبية قادرة على استقبالهم.
وأضاف عفيفة أن الاستهداف الإسرائيلي للمرافق الصحية لم يعد حالات معزولة، بل أصبح "نهجا متكررا" بدأ منذ الأيام الأولى للحرب، عبر حملة دعائية صورت مستشفى الشفاء كمركز قيادة للمقاومة، لتبرير تدميره، وتكررت هذه المزاعم ضد أغلب مستشفيات القطاع.
وحذر من أن الفلسطينيين باتوا يخشون التوجه إلى المستشفيات خشية استهدافها، مؤكدا أن تلك المؤسسات تحولت من مراكز إنقاذ إلى "مناطق خطرة"، وهو ما يدفع كثيرين إلى تجنب طلب العلاج رغم الإصابات أو الأمراض المزمنة.
وعبر عن أسفه لما وصفه بـ"التطبيع الدولي مع الجريمة"، قائلا إن العالم بات يتقبل استهداف سيارات الإسعاف وقتل المسعفين باعتباره "حوادث مروعة" لا تثير سوى بيانات شجب عابرة، دون أي خطوات عملية لمحاسبة الجناة أو حتى عزل إسرائيل على مستوى القطاع الصحي.
أما الدكتور عثمان الصمادي، الباحث والناشط في المجال الإنساني، فرأى أن العجز الأممي بلغ ذروته، داعيا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى اتخاذ موقف حاسم، إما بالتحرك لوقف الحرب أو بالاستقالة تعبيرا عن رفض العجز القائم.
إعلانوشدد الصمادي على أن صمت الدول العربية "غير مبرر"، قائلا إن الخطاب العربي تراجع من التنديد إلى التجاهل، في وقت يتعرض فيه أكثر من مليونين ونصف مليون فلسطيني لخطر الجوع والمرض والموت البطيء بسبب الحصار والهجمات.
تبلد عربي
وانتقد ما سماه "تبلد الحس الشعبي العربي"، مؤكدا أن استمرار الشعوب في الصمت مقابل ما يتعرض له الفلسطينيون من مذابح يعكس أزمة أخلاقية عميقة، تستوجب وقفة حقيقية مع الذات ودورا جماهيريا يحاصر السفارات الأميركية ويضغط على الأنظمة لتغيير سياساتها.
وأشار إلى أن أي حروب سابقة لم تشهد تدميرا ممنهجا للمرافق الطبية كما يحدث في غزة، مشيرا إلى أن الاحتلال قتل خلال 4 أشهر من الحرب عددا من الأطفال يعادل ما سجلته كل الصراعات المسلحة بين عامي 2019 و2022 مجتمعة.
وقال إن الكادر الطبي في القطاع بات منهكا بالكامل بعد استشهاد أكثر من 1500 طبيب وممرض، موضحا أن الوفود الطبية تواجه منعا أو تضييقا في الدخول، وأن إسرائيل تصادر المعدات وتمنع نقل الإمدادات الإنسانية، وسط غياب أي تدخل عربي فعّال.
واعتبر الصمادي أن خطة الاحتلال واضحة، وهي تهجير سكان غزة أو قتلهم، محملا النظام العربي برمته مسؤولية الفشل في الفصل بين المسارين الإنساني والسياسي، والركون إلى مشهد يزداد سوداوية دون أي تحرك لوقف الانهيار أو حتى التخفيف من معاناة المدنيين.
واتفق ضيوف الحلقة على أنه لا يمكن اعتبار ما يجري في غزة مجرد تجاوزات عسكرية، بل يمثل -كما وصفه المرزوقي- "عودة إلى زمن النازية والفاشية"، حيث تُقاس الحقوق بالقوة وحدها، ولا مجال لأي قوانين أو معاهدات أو إنسانية.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
بالصور والفيديو.. مستشفى المعمداني بغزة هدف للقصف الإسرائيلي
في وقت مبكر من اليوم الأحد، قصف الطيران الإسرائيلي مستشفى المعمداني وسط مدينة غزة، وهو أحد المنشآت الطبية القليلة التي ما زالت تعمل في القطاع، مما استدعى إجلاء مئات الجرحى والمرضى الموجودين داخله، في ظروف مأساوية.
وقال مراسل الجزيرة إن الطائرات الإسرائيلية أطلقت صاروخين على المستشفى، وأظهرت مقاطع مصورة تشكل كرة من اللهب لحظة القصف.
وأدى القصف إلى تدمير مبنى أقسام الاستقبال والطوارئ والباطنة والصيدلة والمختبر بالمستشفى، وأظهرت صور حجم الدمار في المنشأة الطبية.
وقال مراسل الجزيرة إن القصف أدى إلى خروج المستشفى عن الخدمة.
مشاهد من الدمار الذي خلَّفه قصف الاحتلال على مستشفى المعمداني وسط مدينة غزة فجر اليوم. pic.twitter.com/FbpwQSJnQR
— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) April 13, 2025
واستهدف صاروخان المستشفى بعد دقائق من تهديد جيش الاحتلال الإسرائيلي بقصفه وإنذار العاملين فيه بإخلائه.
وقال عاملون في المستشفى إنهم تلقوا تهديدات إسرائيلية -عبر الهاتف- بإخلاء المركز الطبي فورا، بحسب مصادر فلسطينية.
عشرات الجرحى والمرضى يفترشون الشوارع.. مراسل الجزيرة يرصد الوضع في مستشفى المعمداني بعد خروجه عن الخدمة إثر القصف الإسرائيلي#حرب_غزة #الأخبار pic.twitter.com/nTyV9BdMio
— الجزيرة فلسطين (@AJA_Palestine) April 13, 2025
إعلان
وأظهرت مقاطع مصورة أنه تم إجلاء الجرحى والمرضى على عجل من المستشفى وسط الظلام ليفترشوا الشوارع المحيطة.
#شاهد | ضابط إسعاف يروي تفاصيل مروّعة حول استهداف مستشفى المعمداني فجر اليوم، حيث جرى نقل المرضى والمصابين في ظروف صعبة للغاية، ما أدى إلى وفاة طفل خلال إجلائه إلى مستشفى آخر. pic.twitter.com/sv8uEt32xf
— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) April 13, 2025
وكان العديد من المصابين والمرضى يرقدون على أسرّة وموصولين بأجهزة طبية، ونقلوا بسرعة إلى الخارج.
اســتــشــهــاد طفلة جريحة خلال إخلاء المستشفى المعمداني وسط مدينة غزة بعد تهديد الاحتلال بقصفه. pic.twitter.com/RzhOzYcOMI
— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) April 13, 2025
وقالت مصادر فلسطينية إن طفلة جريحة استشهدت خلال عملية إخلاء مستشفى المعمداني.
وقال مدير مستشفى المعمداني للجزيرة إنه لا توجد إمكانات طبية لإغاثة العدد الكبير من الجرحى.
وقد نفى الناطق باسم الدفاع المدني في غزة للجزيرة مزاعم الاحتلال عن وجود مسلحين داخل مستشفى المعمداني.
يأتي ذلك بعد أن ادعى جيش الاحتلال أنه استهدف المنشأة لوجود مسلحين من حركة حماس داخلها.