عياد: التشدد في الدين نوع من التطرف.. و«المنصات الإلكترونية» جزء من فوضى الفتاوى
تاريخ النشر: 13th, April 2025 GMT
أكد الدكتور نظير محمد عيَّاد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن موضوع هذا اللقاء يعد ضرورة حياتية وفريضة دينية، فنحن نتحدث عن موضوع خطير ودقيق.
وأوضح، خلال كلمته في ندوة بعنوان «التطرف وأثره على المجتمع»، بجامعة العريش، أن التطرف بمعناه السهل البسيط هو مجاوزة الحد إما أقصى اليمين أو اليسار، فالتشدد في الدين نوع من التطرف، وكذلك الانفلات من الدين والخروج على الثوابت والمقدسات نوع آخر من التطرف لأنه يرتبط بالوعي، وقضية الوعي قضية محورية في أي أمة من الأمم، فإذا أردنا أن نتحدث عن أمة متقدمة فعلينا أن ننظر إلى عنصر الوعي فيها.
وأضاف: أن الشريعة الإلهية بمعناها العام جاءت بأمر محدد وهو الدين، الذي يراد به ومن خلاله سعادة الإنسان في الأولى، وفلاحه وفوزه برضوان الله تعالى في الآخرة، فقد عرف العلماء الدين بأنه وضع إلهي وضعه الله عز وجل على لسان الأنبياء والمرسلين بهدف تحقيق الصلاح للناس في الأولى أي الدنيا، والفلاح لهم في الآخرة، فالله تعالى أرسل الأنبياء للإنسان لهدف نبيل وغاية سامية تتمثل في تحقيق السعادة له في الدنيا والفلاح والفوز برضوان الله تعالى في الآخرة، مشيرًا إلى أنه لا يمكن أن يصادم ما جاء عن الله عز وجل الفطرةَ أو الطبيعةَ الإنسانية، أو يخرج عن قانون العقل أو يعارض مقتضى الفكر السليم، أو الذوق الرفيع.
وبيَّن المفتي أن الله تبارك وتعالى خلق الناس وهو أعلم بهم، ومن ثم عندما أرسل الأنبياء بالدين وضع فيه ما يتعلق بعلاقة الإنسان بربه، وما يتعلق بعلاقة الإنسان بنفسه، وما يتعلق بعلاقة الإنسان ببني جنسه، وما يتعلق بعلاقة الإنسان بباقي عناصر الكون، لذا لا غرابة أن تجد في الدين آليةً للتعامل مع الإنسان والحيوان والجماد، وما يحقق به الإنسان الرؤية الصحيحة الدقيقة للكون التي تقوده إلى صلاحه في الأولى وفلاحه في الآخرة.
وأشار إلى أنه إذا ما تم الخروج عن هذا فليس مرده إلى الدين، وإنما مرده إما إلى المنتسبين إلى الدين، أو القارئين أو المفسرين أو المتأوِّلين لنصوص الدين، فلا يوجد دينٌ صحيحٌ جاء من عند الله تبارك وتعالى يتناقض مع الطبيعة الإنسانية، وأن الخطأ قد ينشأ من القراءة الانتقائية الناقصة لنصوص الدين، والتي تكون بعيدة عن قواعد العلم والفهم، كما يقرر الفيلسوف والفقيه ابن رشد رحمه الله أن الفهم الخاطئ لنصوص الدين له أسبابه وهي: الهوى، المرض النفسي، القراءة الانتقائية، سوء الفهم.
أوضح مفتي الجمهورية، أن أهم الأسباب التي تؤدي إلى التطرف بنوعيه هو النقص في التعامل مع الدين، فالأول يتعامل مع مسائل الدين الفرعية من خلال أحادية الرأي وأحادية المذهب وأحادية الفكرة، والثاني يتعامل مع الدين على أنه يمثل القيد والعائق عن الحرية، فنحن أمام طرفي نقيض أحدهما يعمل على سرد النصوص الدينية في دائرة مغلقة تؤدي إلى الغلو والتشدد واتهام الدين بما ليس فيه، والآخر ينسلخ جملة وتفصيلًا من الثوابت الدينية والأعراف البشرية والقواعد العلمية، بحثًا عن الهوى واللذة تحت مصطلح الحرية، تلك المصطلح الفضفاض النسبي حيث يتفاوت باختلاف النظار، فهذا التطرف ليس له علاقة له بالدين وإنما علاقته بالمتعاملين مع الدين، وأن السبب الثاني يتمثل في القراءة الانتقائية الناقصة لنصوص الدين، فالنصّ الديني لا يمكن تناوله إلا استنادًا إلى مجموعة من الضوابط العلمية والقواعد الأصولية التي تعين على فهم تلك النصوص.
وأشار إلى أن السبب الثالث يتمثل في نقل العلم من غير مظانه، فالدين علم وليس مسألة ثانوية، والإنسان يجب أن ينظر فيمن ينقل عنه هذا العلم، فنقل العلم عن غير مظانه يؤدي إما إلى التساهل المفرط أو التشدد المفرط، والسبب الرابع: اتباع الهوى الشخصي أو الانطلاق من خلفية ثقافية معينة، فالتعاملُ مع النص الديني يجب أن يكون وفق التجرد والموضوعية بعيدًا عن الأهواء والخلفيات.
واختتم المفتي، حديثه بالحديث عن خطر الوسائل التكنولوجية الحديثة والمنصات الإلكترونية والتي أوجدت فوضى الفتاوى، وكذلك فوضى الشذوذ الأخلاقي والفكري، خصوصًا وأنها كما تحمل الخير تحمل كذلك الشر، ومن ثم ينبغي أن نكون على حذر في التعامل معها والنقل عنها أو الترويج لها لأنه من الممكن أن يؤدي ذلك إلى التطرف سواء الديني أو اللاديني.
من جهته أعرب الدكتور حسن عبد المنعم الدمرداش، رئيس جامعة العريش، عن تقديره لفضيلة مفتي الجمهورية على جهوده العلمية والوطنية، والتعاون الفعال بين دار الإفتاء ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي في توعية الشباب في الجامعات المصرية، وتعزيز القيم الدينية الوسطية السمحة، مؤكدًا على أهمية البناء الديني والعقلي والفكري من أجل بناء جيل واعٍ متحضر متسامح محبٍّ ومخلصٍ لوطنه.
اقرأ أيضاًمفتي الجمهورية: نواجه تحديات فكرية وثقافية تسعى لهدم القيم وتفكيك الأسرة
مفتي الجمهورية: الزكاة ركيزة أساسية لتحقيق العدالة الاجتماعية «فيديو»
عيد الفطر 2025.. «المفتي» يكشف سبب اختلاف رؤية الهلال بين الدول
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: مفتي الجمهورية التطرف الدكتور نظير محمد عياد مفتی الجمهوریة فی الآخرة
إقرأ أيضاً:
كيف يمكنني التخلص من الحسد وتطهير قلبي؟.. داعية يوضح
قال الداعية الإسلامي عمرو مهران، إن الحسد من المشاعر السلبية التي قد تملأ قلب الإنسان وتؤثر على حياته وسلامه الداخلي، ولكن هناك طرقًا فعّالة للتخلص منها، موضحا أن الحسد يبدأ عندما يقارن الإنسان نفسه بالآخرين، خاصةً فيما يتعلق بالرزق والنعم التي منحها الله للآخرين.
أضاف الداعية الإسلامي، خلال حوار تصريح اليوم الاثنين: "الحسد ينشأ من فكرة أن الشخص يحسب أن ما عند الآخرين هو حق له، ويبدأ يشعر بالضيق والحقد، ولكن الحقيقة هي أن الرزق بيد الله وحده، وهو الذي يقدر لكل شخص ما يشاء في الوقت الذي يشاء."
وأشار إلى أهمية أن يملأ الإنسان قلبه بيقين تام بأن كل شيء من عند الله، وأنه يجب عليه أن ينظر إلى النعم التي يمتلكها بدلاً من التركيز على ما يملكه الآخرون.
وتابع: "إذا أردت أن تتخلص من الحسد، عليك أن تذكر دائمًا أن الرزق والنعمة بيد الله، وأن كل شيء في الحياة هو بمشيئة الله سبحانه وتعالى. يجب أن تراجع نفسك وتعيد التفكير في قناعاتك، ولا تقارن نفسك بمن حولك."
كما لفت مهران إلى أن العلماء قد علمونا أنه من الأفضل أن ننظر إلى من هو أقل منا في الدنيا، وأوضح أن هذه نصيحة نفسية جيدة لتخفيف الشعور بالحسد، وإذا كنت تشعر أن قلبك يمتلئ بالحسد، انظر إلى من هو أقل منك، وانظر إلى النعم التي لم تقدر على الحصول عليها، ستجد أن لديك الكثير من النعم التي قد تكون غافلًا عنها.
وتابع: "الدنيا تتعب القلب وتجعله يركض وراء أمور دنيوية، فكلما رأيت شيئًا يمتلكه غيرك، تظن أنك بحاجة إليه، ولكن الحقيقة أنك إذا ملأت قلبك بالله، فلن تشعر بالحسد أو بالحاجة إلى ما عند الآخرين."