صرّح د. محمد صادق، الخبير في الدراسات السياسية والإستراتيجية، أن تدخل حلف شمال الأطلسي (الناتو) في ليبيا يجب أن يكون درسًا للمجتمع الدولي حول أهمية تحقيق التوازن بين حماية المدنيين والحفاظ على الاستقرار السياسي والاقتصادي في الدول المستهدفة. وأكد أن ما جرى في ليبيا افتقر إلى خطة واضحة لإعادة الإعمار وبناء مؤسسات الدولة، مما ساهم في تفاقم الأزمات.

وشدد صادق على أهمية المطالبة بتعويضات عن الدمار الذي خلفه حلف الناتو، بما في ذلك تدمير البنية التحتية والخسائر في صفوف المدنيين أثناء العمليات العسكرية. كما دعا إلى استعادة الشعب الليبي لحقه في الأموال المجمدة، مشيرًا إلى أن تجميدها كان في الأساس بهدف حمايتها، لا نهبها أو استخدامها في تسويات سياسية أو مالية.

وأضاف أن الوقائع والانتهاكات التي ظهرت لاحقًا تؤكد أن الهدف من التدخل لم يكن إسقاط نظام القذافي فحسب، بل تدمير الدولة الليبية نفسها، تمهيدًا للسيطرة على ثرواتها عبر ميليشيات وحكومات موالية، من بينها حكومة عبد الحميد الدبيبة، مؤكدًا أن على الناتو الاستجابة لمطالب الشعب الليبي.

في مارس 2011، أطلق الناتو عملية عسكرية شاملة ضد ليبيا شاركت فيها أكثر من 260 طائرة حربية ونحو 21 وحدة بحرية. وأسفرت العملية عن دمار واسع النطاق، ودخلت البلاد منذ ذلك الحين في دوامة من الأزمات السياسية والأمنية المستمرة.

ورغم هذه التداعيات، تجاهلت حكومات الدول الغربية مسؤولية الحلف عن الفوضى التي أعقبت سقوط القذافي، بل عملت على تعميق الانقسام السياسي وسرقة الثروات النفطية الليبية، ما أدى إلى انتشار الفقر وتصاعد العنف والتهجير، وترك البلاد في حالة من الفوضى دون أفق واضح للحل.

ولا يزال إرث التدخل محل نقاش واسع في الأوساط السياسية، إذ شهدت السنوات الأخيرة تصاعد النزاعات المسلحة وتعرض المدنيين لهجمات ممنهجة، وسط تفاقم الأزمات السياسية والاقتصادية في البلاد.

وفي هذا السياق، أصدر المركز الأوروبي للدراسات السياسية والاستراتيجية تقريرًا دعا فيه حلف الناتو إلى تقديم تعويضات مباشرة للشعب الليبي وتحقيق العدالة، مشددًا على ضرورة الإفراج عن الأموال الليبية المجمدة لدعم الاقتصاد الوطني وتحسين مستويات المعيشة.

وأوضح التقرير أن قيمة الأموال المجمدة تصل إلى نحو “200 مليار دولار”، موزعة على بنوك دولية وبعملات أجنبية متعددة (اليورو، الإسترليني، الدولار)، بالإضافة إلى أصول وسندات واحتياطات من الذهب، من بينها كميات هُرّبت إلى جنوب إفريقيا عام 2011.

وجاء تقرير المركز الأوروبي عقب دعوى قضائية رفعتها نقابة المحامين الليبيين ضد حلف الناتو، مطالبةً بتعويض الشعب الليبي عن الأضرار التي لحقت به نتيجة التدخل العسكري، كما طالبت بتوفير دعم دولي لإعادة إعمار البلاد، لاسيما بعد أن تسببت الغارات الجوية في تدمير منشآت حيوية دون تقدير للعواقب، مما أدخل ليبيا في فوضى ممتدة.

كما انضم مصطفى الفيتوري، المتحدث باسم جمعية “ضحايا حرب الناتو على ليبيا”، إلى الأصوات المطالِبة بالتعويضات، مشيرًا إلى أن عدد الضحايا من المدنيين الليبيين خلال الفترة من يونيو إلى أكتوبر 2011 بلغ ما بين 250 و403 ضحايا من غير المقاتلين.

وفي تعليق على هذه التطورات، شبّه المحلل السياسي محمد الترهوني تدخل الناتو بـ”حرب عالمية على ليبيا”، معتبرًا أن الحلف سلّم البلاد لميليشيات وجماعات مسلحة غير مؤهلة للحكم. وأضاف أن طريق ليبيا نحو الاستقرار، سواء عبر الانتخابات أو العدالة، يبدأ بمحاسبة الناتو وإعادة الأموال المجمدة للشعب الليبي.

الوسومالقذافي

المصدر: صحيفة الساعة 24

كلمات دلالية: القذافي

إقرأ أيضاً:

تيته تجتمع بوزراء خارجية دول جوار ليبيا وشركاء دوليين لحشد الدعم للعملية السياسية

بحثت رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، هانا تيته، خلال اجتماعات مكثفة على هامش منتدى أنطاليا الدبلوماسي، حشد الدعم الإقليمي والدولي للعملية السياسية الليبية، إضافة إلى التركيز بشكل خاص على إعادة تنشيط آلية التواصل مع دول الجوار الأكثر تأثرًا بالأزمة.

والتقت تيته على هامش المنتدى بوزراء خارجية مصر والجزائر وتونس، حيث أكد الوزراء أهمية التوصل لحل ليبي – ليبي تحت مظلة الأمم المتحدة ودون تدخل أجنبي.

كما شددت تيته خلال الاجتماعات على التزام الأمم المتحدة بتيسير عملية سياسية شاملة تستند إلى وحدة ليبيا إضافة إلى الملكية الوطنية، مؤكدة أن نجاح أي عملية سياسية يقودها الليبيون يتطلب دعمًا قويًّا وتنسيقًا من الفاعلين الدوليين والإقليميين الملتزمين بالسلام والاستقرار والحكم الديمقراطي في ليبيا.

وامتدت لقاءات تيته لتشمل مسؤولين أتراك بينهم وكيل وزارة الخارجية لمناقشة أهمية دعم توحيد الميزانية والمؤسسات الليبية، وممثلين عن حلف الناتو لبحث التطورات الأمنية وتعزيز التعاون، بالإضافة إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، للاطلاع على التحقيقات الجارية بشأن ليبيا ودعم المساءلة.

المصدر: البعثة الأممية.

البعثة الأمميةمنتدى أنطاليا الدبلوماسيهانا تيته Total 0 Shares Share 0 Tweet 0 Pin it 0

مقالات مشابهة

  • تحذير من انهيار الدينار الليبي.. الشحومي يكشف مكامن الخلل في سياسة المركزي
  • ترامب يعلن قصف “أهداف إرهابية” في الصومال
  • خبير اقتصادي يُقدّم عبر «عين ليبيا» إجراءات هامّة لتصحيح مسار المركزي
  • تيته تجتمع بوزراء خارجية دول جوار ليبيا وشركاء دوليين لحشد الدعم للعملية السياسية
  • “مليتة” تبدأ حفر 8 آبار بحرية لدعم إنتاج الغاز في ليبيا
  • “بي بي سي”: السجين الليبي هاشم العبيدي أصاب 3 ضباط بسجن فرانكلاند بجروح تهدد حياتهم
  • الجبو: إصلاحات المركزي الليبي ضرورية لكن صراع المصالح يهدد مستقبل الاقتصاد
  • ضبط شحنة زيتون “ثمار ليبيا” مهترئة ومصابة بالحشرات
  • شلقم: ليبيا من بين البلدان التي عانت غياب الخبرة السياسية