جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-15@09:10:58 GMT

العولمة تموت بالسكتة

تاريخ النشر: 13th, April 2025 GMT

العولمة تموت بالسكتة

 

 

الطليعة الشحرية

هل يمكن أن يحتفل الأمريكيون بعيد التحرير في 2 من أبريل بدلًا من 4 يوليو ويتحقق ما يتعهد به رأس البرتقالة؟ كل ما يريده الملك ترامب هو خلق معركة استقلال وتحرير من العدم ويشبه يوم استقلال الولايات المتحدة عن بريطانيا بيوم "المعركة التجارية الكبرى" وتحرير أمريكا من العولمة التي روجت لها، الوضع أشبه بمن يوقف نفسه عن أكل طعام قد أدمنه.

إن سياسية "رأس البرتقالة" الجمركية والتي أطلق عليها "يوم التحرير"، انطوت على تعريفات جمركية قد تشكل أكبر تغيير في معايير التجارة العالمية منذ الحرب العالمية الثانية. قد ينجح ترامب في إعادة هيكلة التحالفات القائمة والدفع نحو تحالفات تجارية جديدة مشبعة بالمهانة والاستحقار.

والحقيقة أن سياسية رأس البرتقالة أصابت العولمة الاستعمارية بسكتة دماغية تؤذن بقرب إعلان الوفاة وليس إعلان التحرير؛ حيث أصابها بسكتة دماغية مُعلنًا نهاية الأحادية الأمريكية في محاولة منه لتغيير قواعد اللعبة، وبدخول العولمة الأحادية الى الإنعاش استيقظت العولمة المتعددة الأقطاب مثل مجموعة بريكس التي تضم الصين والهند والبرازيل وروسيا والتي تتحرك لتبني بدائل اقتصادية بعيدة عن هيمنة الدولار والعملات الرقمية.

تسببت الولايات المتحدة الأمريكية في الفوضى حول العالم بدلًا من حفظ النظام والسلام ولم تتعلم من فشل وسقوط الإمبراطورية البريطانية؛ بل تستمر في طغيانها والاعتماد على نظام سياسي فاشل وقوة عسكرية لا تكفي لتنفيذ البرامج التي تدّعي الحكومة الأمريكية بأنها قد صممت من أجلها.

ما قامت به الولايات المتحدة من حروب وخصوصًا في العالم الإسلامي هي الفوضى والبربرية، ودليل على فشل كل المشاريع الأمريكية في المنطقة بدءًا من مشروع القرن الأمريكي القائم على مبدأ بوش أحادية الهيمنة المطلقة، ومنع بروز أي قوة أو تحالف يتحدى سياسات الولايات المتحدة في أي مكان في العالم. أن مبادئ الرأسمالية الأمريكية المتوحشة صالحة لكل زمان ومكان على العالم أن يكون معها أو ضدها وويل لمن يتحداها. وأعطت أمريكا الحق لنفسها بشن الحروب الاستباقية بموافقة الأمم المتحدة أو بدونها.

تكسرت الغطرسة الأحادية بعد أن أنشأت تكتلات تتحدى الهيمنة الأمريكية كدول بريكس وكدول شنغهاي، بل وقامت الصين بالتعاون مع روسيا ودول أخرى بإنشاء أدوات بديلة عن أدوات الاستعمار الأمريكي كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ووضعت الخطط للخروج من منظومة الدولار الأمريكي.

وعندما خسرت الولايات المتحدة حروبها العبثية، ولم تحقق في غزوها أفغانستان والعراق أهدافها، بل تكبدت خسائر وتراكم الدين العام أوشكت تلك العبثية أن تطيح بالنظام الاقتصادي الأمريكي، فاتبعت أمريكا سياسية أهرب إلى الأمام خوفًا من فقاعات الديون المتراكمة.

ونتيجة لتعاقب إدارات أمريكية ضعيفة ابتداءً من إدارة بوش الأب وانتهاء بإدارة جو بايدن، لم تتمكن الولايات المتحدة من لعب الدور التاريخي المنوط بها عندما أصبحت القوة الكونية رقم واحد في العالم. زاد جشع النخب الرأسمالية وركب النظام الرأسمالي ثورة المعلومات وأنتج ما يعرف بـ"اقتصاد معلومالي"؛ وذلك حسب ما أورد الدكتور عبد الحي زلوم في كتابه "أزمة نظام الرأسمالية والعولمة في مأزق"؛ حيث يقول: "في هذا العالم هناك اقتصادان: "اقتصاد حقيقي منتج، واقتصاد طفيلي معلومالي يعيش على المضاربة على الاقتصاد الحقيقي ليربكه وينهكه، ويحول أسواق المال إلى كازينوهات للمقامرة تصب في جيوب بارونات المال العالميين وول ستريت".

فرض نظام العولمة الاستعماري بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ككيان طفيلي على النظام المالي العالمي بهدف استعمار مقدرات وثروات الشعوب دون الحاجة للاحتلال واستخدام قوة عسكرية أو إنشاء مستعمرات.

وبديل الاستعمار العسكري واحتلال الأراضي يسهل بسط النفوذ وفرض الهيمنة على مقدرات الشعوب بالتحكم بالنظام الاقتصادي، ولا يمكن فرض السيطرة إلا باستخدام أدوات أهمها مؤسسات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة الحرة لتطويع الدول لتصبح "جمهوريات الموز" تخدم الإمبراطورية الأمريكية وأباطرة المال.

وكان قد تنبأ إبراهام لينكولن قبل 150 سنة بانهيار الإمبراطوريات الرأسمالية؛ فجذور الانهيار موجود في لهفة النخبة الرأسمالية الأمريكية وطمعها المتزايد. فإذا كان بوش الأب ساهم في الحروب الصليبية النفطية للاستيلاء على النفط العربي، فإنَّ ذات الفقاعة دفعت بجورج بوش الابن إلى إعلان الحرب على الإرهاب. إنها السياسة الفاشية الأمريكية الرأسمالية العلمانية الاستعمارية سياسة الهروب إلى الأمام مخافة انفجار فقاعة الديوان الخرافية المتراكمة.

واتَّبع الرئيس دونالد ترامب النهج ذاته، رفاعًا شعار: "اهرب إلى الأمام"، وبغطرسة المطور العقاري وهوس الخلود كملك ديكتاتوري خرج للعالم "برأس البرتقالة" يحمل لوحة رسوم جمركية لتهويش والتخويف من سيجلس للتفاوض معه وأن صح التعبير الدفع بالتفاوض قبل "الحلب" العالم محلوب محلوب لا محال.

وإن كانت شعوب العالم تتطلع إلى الحرية الحقيقة والتخلص من الفقر واستغلال الشركات العالمية وحلب أباطرة المال ما عليهم إلا تسريع حالة السكتة الدماغية التي شلت نظام العولمة والدخول في تحالفات وتكتلات اقتصادية تكسر الهيمنة الأمريكية.

ترامب أعطى العالم هدية ضربة نظام العولمة الاقتصادي العالمي وادخل الإمبراطورية الأمريكية الى الإنعاش، وعلى العالم أن يستغل أن واشنطن لم تتعلم من سقوط الإمبراطوريات الاستعمارية السابقة ولم تفهم ملخص مقولة جنكيز خان "بإمكانك احتلال العالم من على ظهر حصان، ولكنك لا تستطيع حكم العالم من على ظهر حصان". قد تركب الولايات المتحدة حصان العولمة زمانًا، ولكنها لن تستطيع الجلوس طويلًا فقد انتهى تاريخ صلاحية النظام الرأسمالي وأصبح الآن مطلبًا عالميًا حتميًا لنظام اقتصادي وسياسي واجتماعي آخر.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

السلطة تدعو واشنطن للتحقق من إلغاء نظام دفع مستحقات السجناء الفلسطينيين

كشف مسؤول أميركي ومسؤول في السلطة الفلسطينية لصحيفة تايمز أوف إسرائيل يوم الجمعة أن السلطة الفلسطينية دعت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسميا للتصديق على تطبيق إصلاحاتها لنظام الرعاية الاجتماعية المثير للجدل، والذي ينظر إليه على أنه محفز للإرهاب.

وقالت الصحيفة إن الدعوة جاءت في رسالة أرسلها حسين الشيخ، كبير مساعدي رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، يوم الأربعاء إلى وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، وهي تشير إلى مرسوم وقعه عباس في فبراير/شباط يلغي تشريعا يحدد مستحقات الرعاية الاجتماعية للأسرى الفلسطينيين على أساس مدة محكوميتهم في السجون الإسرائيلية، ويحددها بدلا من ذلك بالاحتياجات المالية للمستفيد فقط.

وصرح الشيخ بأن السلطة الفلسطينية ملتزمة تماما بتنفيذ الإصلاحات، وسترحب بقدوم وفد أميركي إلى رام الله والبدء في التصديق على تطبيق النظام الجديد ابتداء من الأول من يونيو/حزيران.

وعلل المسؤولان تأخر التصديق على تطبيق النظام الجديد 4 أشهر تقريبا بعد توقيع عباس على المرسوم، بأن تفعيل النظام الجديد يتطلب وقتا، نظرا لحاجة العائلات إلى إعادة تقديم طلباتها، وضرورة البت في طلباتها بناء على معايير صارمة.

إعلان

وقال مسؤول السلطة الفلسطينية للصحيفة إن "هذه خطوة كبيرة تظهر أن الأمر ليس مجرد كلام"، وعلق متحدث باسم وزارة الخارجية بأنه "يجب أن تنتهي هذه الممارسة البغيضة المتمثلة في التعويضات التي تقدم مزايا ومدفوعات لدعم الإرهاب الآن. نريد أن نرى أفعالا لا أقوالا".

وذكرت الصحيفة بأن مرسوم عباس صمم لجعل السلطة الفلسطينية ملتزمة بقانون تايلور فورس، وهو تشريع صدر عن الكونغرس عام 2018، يحظر المساعدات الاقتصادية الأميركية التي تفيد السلطة الفلسطينية بشكل مباشر، ويشترط لاستئنافها تصديق وزير الخارجية الأميركي على 4 شروط، هي إلغاء المرسوم الذي يحدد رواتب السجناء على أساس مدة عقوبتهم، ثم توقف هذه المدفوعات فعليا، واتخاذ السلطة الفلسطينية خطوات لمكافحة الإرهاب في الضفة الغربية، وأخيرا إدانة السلطة للإرهاب علنا.

وقد استوفى عباس الشرط الأول بمرسومه، وسيحدد وفد أميركي ما إذا كان الشرط الثاني قد تم استيفاؤه، ويشير المسؤول الفلسطيني إلى أن استمرار التنسيق الأمني ​​مع إسرائيل وجهودها لقمع الجماعات المسلحة في شمال الضفة الغربية يعني استيفاء الشرط الثالث، أما بالنسبة للشرط الرابع فقد سلط المسؤول الفلسطيني الضوء على التصريحات الأخيرة الصادرة عن رام الله والتي تدين حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

ويشترط الحصول على خطاب تصديق مكتوب من وزير الخارجية الأميركية لاعتبار السلطة الفلسطينية ممتثلة لقانون تايلور فورس الذي تجب إعادة التصديق عليه كل 180 يوما.

مقالات مشابهة

  • محافظ البنك المركزي يتوجه إلى الولايات المتحدة الأمريكية
  • الصين تعلق تصدير معادن مهمة إلى الولايات المتحدة
  • من حفار القبور إلى قيصر.. سوريون لاحقوا الأسد دوليا وكشفوا هوياتهم بعد سقوطه
  • الصين تعلق تصدير معادن مهمة إلى الولايات المتحدة والعالم مع تصاعد الحرب التجارية
  • الآلاف في إسطنبول يخرجون بمسيرة غزة تموت.. انهض (شاهد)
  • ترامب والرسوم الجمركية.. نهاية الهيمنة الأمريكية وبداية لعالم متعدد الأقطاب
  • الولايات المتحدة الأمريكية تعرب عن شكرها لسلطنة عُمان
  • بنك الإسكان يطلق نظاما رقميا لفائدة الزبائن قريبا
  • السلطة تدعو واشنطن للتحقق من إلغاء نظام دفع مستحقات السجناء الفلسطينيين