شركات الطيران ليست مسؤولة عن السياحة
تاريخ النشر: 13th, April 2025 GMT
محمد بن عيسى البلوشي **
ينسبُ البعض أسباب انخفاض أعداد السياح القادمين إلى سلطنة عُمان، إلى مشروع إعادة هيكلة شركة الطيران العُماني وما أقدمت عليه الحكومة من إجراءات؛ سواءً على مستوى الجوانب الإدارية والفنية أو إعادة جدولة الوجهات أو تخفيض عدد الطائرات، وهذا أمر لم يجانبه التوفيق وتم إعادة نشرة دون التحقق من صحته، ونأسف على ذلك.
إن مسؤولية السياحة تقع على عاتق مؤسسة متخصصة وعليها واجبات واهتمامات نحو صناعة منتجات سياحية واستقطاب السياح النوعيين بالتعاون مع القطاعات ذات العلاقة، تشجع خلالها المسافرين على اختيار سلطنة عُمان كوجهة سياحية، ليأتوا إليها عبر مختلف الوسائل المتاحة (جوًا، وبرًا، وبحرًا).
وكنموذج نرى أنه من يزور تايلاند يشاهد هبوط طائرات لشركات ذات جنسيات متعددة وتستخدم مطاراتها وتأتي بهذا العدد الكبير من السياح القادمين إليها عبر البوابة الجوية. فلماذا لا يحتكر الطيران التايلندي هذه الوجهة ويحصرها على شركته ويتبنى إيصال المسافرين عبر خطوطه؟! ولماذا نرى أعدادًا كبيرة لأنواع الطائرات المسجلة لمختلف الجنسيات تهبط في مطاراتها؟ هل لنا أن نتفكر في هذا الأمر قليلا؟!
ولنا أن نأخذ أمثلة أخرى لدول تميزت في السياحة ويشار إليها بالبنان، مثل قبرص، أولا عندما اضطرت إلى إغلاق الطيران الوطني عام 2008 بسبب الأزمة المالية، وسمحت لبقية شركات الطيران أن تصل إلى أراضيها لتحقق بعدها نموًا في القطاع السياحي بنسبة 10%. وهناك أيضا إسبانيا التي ليس لديها طيران وطني بعد أن تم بيعه إلى بريطانيا ولكنها تعد اليوم من أهم الوجهات السياحية. ولدينا المجر (هنغاريا) التي ليس لديها طيران وطني، وهي اليوم من أهم الدول التي تستقطب السياح.
من نافلة القول أن نستنتج هنا أن ربط الطيران الوطني بالسياحة ليس له معنى حقيقي أو مباشر بنمو أعداد السياح أو تطور القطاع السياحي، إنما يتم ذلك عبر صناعة المنتجات السياحية والترويج لها واستقطاب النوعية الصحيحة من السياح، وهي الغاية التي يجب أن يمضي إليها صانع السياحة الحقيقي لتحقيق الأهداف الوطنية والغايات الاستراتيجية في القطاع السياحي، وهنا تقع المسؤولية على عاتق المؤسسات المختصة بالتعاون مع شركائها من القطاعين العام والخاص.
إن شركات الطيران والمطارات هي أدوات تساعد القطاع السياحي وإحدى أذرعها المساندة، ولكنها ليست بمرافق أو منشآت أو جهات سياحية تستقطب السياح، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تلعب هذا الدور؛ فهي خدمات لوجيستية يتم طلبها متى ما كانت الحاجة ماسة لخدمة القطاعات ومن بينها السياحة والتجارة والاقتصاد وغيرها من القطاعات والمجالات التي تستقطب السياح النوعيين ورجال الأعمال والاستثمار.
من جانب آخر، علينا قراءة المؤشرات السياحية المعلنة ونقف عند التحديات التي يواجهها القطاع السياحي في جميع بلدان العالم بسبب التغيرات الجيوسياسية والتحديات الجيواقتصادية والتنافس غير المحمود الذي تقوم به بعض الاقتصادات والبعد عن التكاملية الاقتصادية التي يتجنبها البعض، ونطلع إلى أنه رغم انخفاض أعداد السياح القادمين إلى السلطنة من البحر بسبب القلاقل في مضيق باب المندب، وأيضا انخفاض أعداد السياح القادمين إلى السلطنة عبر المنافذ الحدودية البرية بسبب بعض الإجراءات المتخذة في دولة المغادرة بمنع السيارات المرهونة من الخروج، وأيضا عدم السماح للحافلات العُمانية بالوصول إلى تلك الدول لنقل السياح إلى السلطنة، إلّا أن هناك ارتفاعًا في أعداد السياح القادمين عبر المطارات بعد إعادة هيكلة الطيران العُماني، وهذا دليل مادي آخر إلى عدم ارتباط شركة الطيران بأعداد السياح، ونعتقد أن سلطنة عُمان تتبنى نموذجا نوعيا في هذا الشأن.
المشكلة لا تكمن في كلام العامة الذين لا يدركون تفاصيل الأمور وأبعادها وكيفية ربطها، ولكن المشكلة الحقيقية عندما ترى بعضا من المحسوبين على قطاع المثقفين والخبراء والاقتصاديين والماليين يُرددون كلام العامة وكأنهم يؤكدون ما قاله لي أحد الرفقاء المخلصين "شكلهم الخبراء على نفس منوال العامة، ما يطلبه المتابعون".
إنَّنا أمام تحدٍ معرفي كبير يقع على عاتق النُخب من المؤسسات المعنية والمثقفين والاقتصاديين والتجار والسياسيين والرياضيين والماليين وغيرهم من أصحاب التخصص والفكر والتنوير، وهو أنه كيف يمكننا توعية المجتمع بحقائق الأشياء ونوضح لهم الأمور، وكيف للعامة أن يبتعدوا عن كلام الخاصة وكيف للخاصة ألا يكرروا كلام العامة دون تبيان أو توضيح أو تصحيح أو تجويد؛ فالمعرفة كما قيل على قدر الحاجة.
** مستشار إعلامي مختص في الشأن الاقتصادي
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
وزير الطيران يبحث مع جمعية رجال الأعمال المصريين التعاون لتطوير القطاع
استقبل اليوم الدكتور سامح الحفني وزير الطيران المدني، بمقر ديوان عام الوزارة، وفد من جمعية رجال الأعمال المصريين(EBA) برئاسة المهندس مجد الدين المنزلاوي الأمين العام للجمعية ورئيس لجنة الصناعة والبحث العلمي، وذلك بالتنسيق مع لجنة السياحة والطيران بالجمعية برئاسة الدكتور فاروق ناصر رئيس اللجنة وعدد من السادة أعضاء الجمعية وممثلي الإدارة التنفيذية بها ، ويأتي هذا اللقاء في إطار تعزيز فرص التعاون المشترك بين الجانبين .
وخلال اللقاء، استعرض وزير الطيران المدنى استراتيجية عمل الوزارة الحالية، موضحًا أن الرؤية المستقبلية لقطاع الطيران المدني ترتكز على عدة محاور رئيسية تهدف إلى تطوير المطارات، وتعزيز قدراتها الإستيعابية، وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمسافرين بمعايير عالية الجودة، وجذب المزيد من الحركة الجوية والسياحية الوافدة إلى جمهورية مصر العربية، وكذلك تقديم كافة التسهيلات لإنشاء شركات طيران مصرية خاصة، بما يعزز من دعم الميزة التنافسية وتوسيع شبكة النقل الجوي داخليًا وإقليميًا ودوليًا.
وأكد الدكتور سامح الحفنى على أن الوزارة تُولي اهتمامًا كبيرًا بتحسين بيئة الاستثمار وتذليل كافة التحديات أمام المستثمرين المحليين والدوليين ضمن رؤية الدولة لتمكين وتعزيز دور قطاع الطيران في دفع عجلة التنمية، مشيرًا إلى دور الجمعية البارز والذي يعد بمثابة منصة فعالة للحوار بين مجتمع الأعمال ومؤسسات وأجهزة الدولة، من خلال مناقشة التحديات ووضع توصيات عملية تُرفع إلى الجهات المختصة، كما تلعب دورًا فاعلًا في صياغة السياسات الاقتصادية عبر عضويتها الدائمة في عدد من اللجان الحكومية والبرلمانية.
ومن جانبهم، أشاد أعضاء الوفد بروح التعاون والتنسيق الدائم مع وزارة الطيران المدني، مؤكدًين حرص الجمعية على دعم الجهود المشتركة لتطوير قطاعي الطيران والسياحة باعتبارهما من الركائز الأساسية للاقتصاد الوطني؛ ومعربين عن استعدادهم التام لتقديم رؤى فعالة وعملية تُسهم في تسريع وتيرة التطوير؛ لاسيما في مجالات التكنولوجيا والصناعة والخدمات اللوجستية المرتبطة بالطيران.
جدير بالذكر أن جمعية رجال الأعمال المصريين (EBA) تُعد اقدم منظمة اعمال في مصر حيث أنشأت عام 1979؛ وهي من أبرز الكيانات الاقتصادية في مصر، حيث تضم حوالى 600 عضو وتجمع نخبة من أصحاب الرؤى والخبرات القادرين على المساهمة في رسم استراتيجية متكاملة للاقتصاد الوطني ، وتحظى الجمعية بعلاقات واسعة تربطها بمختلف الجهات والهيئات الرسمية داخل مصر وخارجها، فضلًا عن ارتباطها باتفاقيات تعاون مع أكثر من 75 دولة.