فـي زمننا الحالي لم يعد الاكتناز مقتصرًا على تخزين الذهب والفضة، بل اتخذ أشكالًا اقتصادية متعددة تؤدي إلى تعطيل عجلة التنمية وإعاقة تحقيق العدالة الاجتماعية، ومن أبرز هذه المظاهر «تكديس الأموال دون استثمارها»، حيث يؤدي احتفاظ الأفراد أو المؤسسات بثرواتهم دون توجيهها إلى مشروعات تنموية إلى حرمان المجتمع من فرص العمل وإضعاف الاقتصاد، فعلى سبيل المثال، وضع الأموال فـي الحسابات المصرفـية دون تحريكها أو استثمارها فـي مشروعات إنتاجية لا يحقق أي قيمة مضافة.
ومن مظاهر الاكتناز أيضًا «الامتناع عن تأدية الزكاة»، على هذه الأموال التي شرعها الله سبحانه وسيلة لإعادة توزيع الثروة وتحقيق التكافل الاجتماعي.
الأمر الذي يؤدي إلى تفاقم الفجوة بين الفقراء والأثرياء، ويعزز الاحتكار، مما يترك أثرًا سلبيًا على الاقتصاد والمجتمع بأسره.
كما أن «الاستهلاك المفرط» يعد من أشكال سوء استخدام المال فـي عصرنا الحديث، حيث أصبح التسابق فـي امتلاك الأكبر والأكثر سمة أساسية، يتجلى ذلك فـي الإنفاق المبالغ فـيه على الكماليات، دون مراعاة الحاجات الأساسية للفئات المحتاجة.
ولتهدئة وخز الضمير، قد يلجأ البعض إلى التبرع بهذه المقتنيات الزائدة، إلا أن هذا التبرع، فـي كثير من الأحيان، لا يكون بدافع الإيثار، بل مجرد وسيلة للتخلص منها، وفـي بعض الحالات، ينتهي الأمر بهذه المقتنيات إلى مكبّ النفايات، مما يشكل عبئًا إضافـيًا على البيئة.
رغم أن المولى -جلّت قدرته- جعل لنا المال وسيلة لتحقيق التنمية والعدل فـي الإسلام، وليس غاية فـي حد ذاته، وقد أكدت الشريعة على ضرورة توجيه الثروات نحو ما ينفع المجتمع، وحذّرت من الاكتناز الذي يحبس المال عن التداول النافع.
ويتجلى هذا المعنى بوضوح فـي قوله تعالى: «وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ» (التوبة: 34) ولهذا، يحذّرنا المولى سبحانه وتعالى من اكتناز المال دون استثماره أو إنفاقه فـي أوجه الخير، أو تكديس المقتنيات بلا فائدة، لما لذلك من آثار سلبية على الأفراد والمجتمعات، ويدعونا إلى «الاستخدام الواعي للمال»، سواء من خلال الاستثمار المنتج أو التبرع الفعّال، مما يعزز النمو الاقتصادي ويحقق التكافل الاجتماعي، ليكون المال أداة للنفع لا وسيلة للاحتكار.
حمدة الشامسية كاتبة عُمانية في القضايا الاجتماعية
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
هذا هو الوقت المناسب لشراء الذهب .. خبير يوجّه نصيحة للمواطنين | فيديو
قال عمرو المغربي، عضو شعبة الذهب بالغرف التجارية، إن الذهب مرتبط بالأحداث العالمية، متابعًا: "الذهب يتأثر بثلاثة عوامل، وهي: سعر الأوقية في البورصة العالمية، وسعر صرف العملة مقابل الدولار، وعامل العرض والطلب".
وأضاف "عمرو المغربي"، خلال حواره ببرنامج "صباح البلد" المذاع على قناة "صدى البلد"، أن الدول تدّخر من خلال الذهب والدولار، ولكن مع حدوث الصراعات، يبدأ المواطنون في الادخار بشكل واضح، ومع القرارات الأخيرة المتعلقة بفرض العقوبات والرسوم الجمركية على أمريكا، حدث نوع من التخوف من الدولار، ولذلك بدأت الدول في الاتجاه إلى ادخار الذهب.
وأوضح أن أسعار الذهب في ارتفاع دائم ومستمر، ولذلك يُعد الذهب استثمارًا طويل الأجل وليس قصيرًا، متابعًا: "الادخار في الذهب لا يجب أن يقل عن عام أو عام ونصف، وذلك لتحقيق الاستفادة من سعره عند بيعه".
وفيما يخص أفضل وقت لشراء الذهب، أوضح أن الوقت المناسب للشراء هو عند وجود فائض من الأموال لدى المواطن، مشيرًا إلى أن الذهب يُعد بمثابة بورصة عالمية.
واسترسل قائلًا: "الاستثمار في الذهب يعمل على الحفاظ على قيمة الأموال، لأنه لا يُعطي فوائد، وفي حال رغب المواطن في تحقيق عائد بفوائد، يمكنه التوجه إلى الاستثمار في الشهادات البنكية".