يمانيون ـ محمد محسن الجوهري*
لا تزال ملفات الفساد التي ارتبطت بنظام عفاش البائد تتكشف يوماً بعد آخر، فلم يكن عفاش أكثر من مجرد فاسدٍ عادي فقط؛ بل كان مفسدًا ممنهجًا حرص على أن يتغلغل الفساد المالي والإداري في كل مؤسسات الدولة، تمامًا كما سعى إلى نشر الفساد الأخلاقي بين مختلف فئات الشعب اليمني.
ومن أبرز هذه الملفات، ما يتعلق بالقصور الفارهة التي امتلكها أزلامه من قيادات ومشايخ ووجهاء وغيرهم.
وقد كان هذا النوع من الفساد شائعًا في محافظة صعدة خلال التسعينيات وما بعدها، حيث حصل أغلب المقربين من عفاش على قصورهم بهذه الطريقة، وهي ذات القصور التي لا تزال قائمة حتى اليوم في صعدة، لم يمسسها ضرر رغم الحروب الست والعدوان السعودي الأمريكي، في الوقت الذي دُمرت فيه آلالاف من منازل المواطنين على رؤوس ساكنيها.
ولا يقتصر هذا النمط من الفساد على محافظة صعدة، بل كان متفشيًا في محافظات أخرى أيضاً. ولهذا السبب، فإن “منجزات” نظام عفاش الكثيرة التي كانت تُعرض في وسائل الإعلام، لم تكن سوى أوهامٍ على الورق، لا يراها الناس في الواقع إلا بمِجهر، ولا ينخدع بها إلا أولئك السذج الذين صُدموا بسقوط نظامه في ثورة الشباب عام 2011.
ومن هنا، فإننا نأمل من الجهات المعنية أن تفتح هذا الملف، وتعيد الأمور إلى نصابها العادل، فالشعب أحق بما سُلب منه، وينبغي أن تتطابق السجلات الرسمية للمرافق التعليمية مع ما هو موجود فعليًا على الأرض، لا سيما وأن كثيرًا من رموز الفساد قد التحقوا بركب العدوان، وغادروا الوطن للارتزاق على حساب معاناة أبناءه.
وإذا أردنا الحديث عن فساد نظام عفاش بشكل أوضح، فيكفي أن نعلم أنه غادر السلطة ومحافظة صعدة لا تحتوي إلا على مستشفى وحيد، بُني في عهد الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي، ولا علاقة لعفاش به. وهذا حال أغلب المنشآت الحكومية، إذ لا يُذكر له إنجاز تنموي حقيقي سوى تعميق سياسات الاقتتال القبلي، ومحاربة الإنتاج الزراعي، وإشعال الفتن المجتمعية والطائفية، ناهيك عن الحروب الست التي راح ضحيتها مئات الآلاف من أبناء صعدة. ولم تكن المحافظات الأخرى أوفر حظًا من هذه السياسات العبثية.
ما بين مدارس لم تُبنَ وقصور شُيّدت فوق أحلام الفقراء، تتجلى مأساة وطن استُنزف تحت راية مشاريع كاذبة. واليوم، لم يعد الصمت مقبولاً أمام هذا الإرث الثقيل من الفساد، الذي لا تزال آثاره حاضرة في واقع الناس، من انعدام الخدمات إلى تدهور التعليم والصحة.
العدالة الحقيقية تبدأ من كشف الحقائق، ومحاسبة من استغلّ الدولة لمصالحه الشخصية حتى لا يُعاد إنتاج الماضي بأقنعة جديدة. ويبقى الأمل أن تجد هذه الملفات طريقها إلى النور، وأن يُعاد الاعتبار لكل يمني حُرم من حقه في مدرسة، أو مستشفى، أو حتى وطن.
* المقال يعبر عن رأي الكاتب
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
طيران العدوان الأمريكي يشن خمس غارات على صعدة والحديدة
يمانيون
شنّ طيران العدوان الأمريكي، اليوم السبت، خمس غارات عدوانية استهدفت محافظتي صعدة والحديدة.
وأفادت مصادر محلية أن طيران العدوان استهدف بثلاث غارات متتالية منطقة السهلين في مديرية آل سالم بمحافظة صعدة، بالتزامن مع غارتين جويتين طالتا مديرية المنيرة في محافظة الحديدة.
ويأتي هذا التصعيد الأمريكي العشوائي في محاولة بائسة للرد على الفشل الذريع الذي مُنيت به واشنطن في تحقيق أي من أهدافها، سواء في إيقاف عمليات الدعم اليمني للمقاومة الفلسطينية، أو في كسر الإرادة الشعبية الصلبة التي تواجه عدوانها ببسالة.