بوتين يخطّط لحرب طويلة وعلى أمريكا الاستعداد
تاريخ النشر: 25th, August 2023 GMT
رأت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن التاريخ سيتذكر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنه تسبب بنحو نصف مليون ضحية، بينهم 200 ألف قتيل- في حصيلة مرعبة للمذبحة التي ارتكبها بغزوه لأوكرانيا. والتقديرات، التي أوردها مسؤولون أمريكيون، هي نتيجة الحرب التي تدخل شهرها الـ18 هذا الأسبوع. ومن المؤكد أن الأرقام ستتصاعد.
على حلفاء كييف أن يدرسوا تقديم ترتيبات أمنية لمرحلة ما بعد الحرب
وتقول "واشنطن بوست" إنه لا تلوح في الأفق نهاية للنزيف، والدعوات إلى حل تفاوضي هي مجرد أمنيات في هذه المرحلة. وفي الوقت الذي يستثمر بوتين في اقتصاد الحرب، فإنه لا يظهر علامات على تخليه عن أحلامه بأمجاد امبراطورية روسية جديدة.
هذه الحقيقة القاسية تترك الولايات المتحدة وحلفاءها الأوروبيين أمام خيارات قليلة، لا سيما أن الهجوم العسكري الطاحن الذي شنته أوكرانيا في أوائل يونيو (حزيران)، لم يحقق هدفه في طرد القوات الروسية، المتخندقة بعمق على طول أميال من الخطوط الدفاعية خلف أكبر حقول ألغام على وجه الأرض، ويحتفظ الروس بنحو 18 في المائة من الأراضي الأوكرانية.
https://t.co/2gehCFBEvW
«Part of laying the groundwork for a sustained commitment to Ukraine will be for Western leaders to explain to their voters why it is necessary».
واستناداً إلى تقرير نشرته "واشنطن بوست" مؤخراً، توصل مسؤولو الاستخبارات الأمريكيون إلى تقويم، بأنه لن يكون في استطاعة كييف تحقيق هدفها الرئيسي هذه السنة، ألا وهو تأمين اختراق جنوباً عبر خطوط العدو حتى بحر آزوف. والفكرة كانت قطع الممر البري الذي يصل روسيا بشبه جزيرة القرم، التي ضمتها روسيا بوجه غير شرعي عام 2014.
وتلفت الصحيفة إلى أن تقويمات الإستخبارات الأمريكية كانت خاطئة في الماضي، خصوصاً لجهة المبالغة في تقدير فاعلية الجيش الروسي وعجز قيادته السياسية، وكذلك في التقليل من عزم أوكرانيا على إيجاد حيل في الميدان. وتفيد التقارير من الخطوط الأمامية ومن المدونين العسكريين الروس، أن معنويات الأوكرانيين لا تزال عالية، وأن هذا أدى إلى جعل الجنود الروس الذين يعانون من فقر في خطوط الإمداد، في وضع يائس بشكل متزايد. وتواصل القوات الأوكرانية تحقيق مكاسب متواضعة على رغم التحدي الهائل في التقدم في أراضٍ محصنة جداً.
ومع ذلك، لن يختفي التفاوت الواضح في هذا القتال. والأفضلية الهائلة لروسيا في السكان والقدرة على صنع السلاح، يعززها قرار بوتين تعبئة القوة الصناعية للبلد من أجل الصمود في حرب لا نهاية لها. وزاد الكرملين من حملاته الدعائية وقمع المنشقين السياسيين، مما أدى إلى التخلص من الآراء المناهضة للحرب. وتالياً، يمكن الحرب أن تستمر سنوات.
وعلى رغم أن الغرب قد أرسل كميات هائلة من المساعدات العسكرية، فإنه لم يزود قوات كييف في الوقت المناسب بمقاتلات متطورة وصواريخ بعيدة المدى ودبابات لطالما طالب بها المسؤولون الأوكرانيون. والآن فقط، بدأ الطيارون الأوكرانيون بالتدرب على مقاتلات إف-16 الأمريكية الصنع، التي طالب بها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في الأشهر الأولى للحرب. ومن غير المتوقع تسليم الدفعة الأولى منها من ترسانات الدانمارك وهولندا إلا العام المقبل، وهو وقت متأخر جداً لتوفير غطاء جوي للقوات البرية في هجومها الحالي.
وفي مواجهة حرب استنزاف طويلة، يحتاج الرئيس الأمريكي جو بايدن والقادة الأوروبيون إلى استراتيجية ذات مسارين تشمل تخطيطاً على المستويين القريب والبعيد من أجل ضمان سيادة أوكرانيا وبقائها. والمسار القريب يعني مواصلة الدعم وفق ما تعهد حلفاء أوكرانيا الأساسيون. ومع صرف المساعدة الأمريكية الحالية هذا الخريف، طلب بايدن مساعدة إضافية عسكرية واقتصادية بـ24 مليار دولار، نصفها مخصص لأسلحة ومواد ومعلومات استخباراتية لدعم صمود قوات كييف.
NO. Joe Biden is wrong. The US should stop threatening Russia's border, end the #ukrainewar and repair ties with Russia and China. Refocus on #ClimateEmergency @POTUS "Putin plans for a long struggle in Ukraine. The U.S. needs to do the same." NO.https://t.co/MDWug8yZxh
— Milo Somers (@milo_somers) August 23, 2023
ويعد أمراً حاسماً قبول الكونغرس بهذا الطلب حتى ولو بدأ يبرز التوتر بشكل متزايد لدى جزء من الرأي العام الأمريكي، خصوصاً لدى الجمهوريين، حيال المساعدة العسكرية الأمريكية. وتؤيد غالبية من الحزبين في الكابيتول هيل فكرة أن حرب بوتين العدوانية لا تهدد فقط وجود أوكرانيا وطموحها إلى الانضمام إلى عائلة الحرية في العالم، والأمم الديمقراطية، وإنما تشكل تهديداً لحلف شمال الأطلسي الذي تقوده الولايات المتحدة. وفي حال تمكن بوتين من إخضاع أوكرانيا، فما من سبب يدعو للاعتقاد أن هدفه التالي لن يكون الدول الأعضاء الأخرى في الأطلسي على خط المواجهة، والتي تعتبر الولايات المتحدة أنها ملزمة بالدفاع عنها بموجب معاهدة الحلف-ليس بإرسال السلاح فقط وإنما بإرسال القوات.
ومع أن عضوية أوكرانيا في الناتو، والتي من شأنها توفير الضمانة الأمنية المطلقة، ليست مطروحة في ظل حرب مستعرة، يتعين على حلفاء كييف أن يدرسوا تقديم ترتيبات أمنية لمرحلة ما بعد الحرب. وعندما تنتهي الحرب، يتعين على واشنطن التفكير بتطبيق نموذج التزامها حيال كوريا الجنوبية، كدولة حققت ازدهاراً، بما صب في مصلحة الولايات المتحدة والأمم الحرة، وذلك بعد عقود من المساعدة الأمنية الأمريكية الضخمة. ويمكن لمقاربة مشابهة أن تساهم في الاستقرار في أوروبا الشرقية.
إن أمل بوتين الوحيد في تحقيق الانتصار هو عبر وضع حد للمساعدة الغربية لأوكرانيا، وهو هدف سيعمل عليه دونالد ترامب إذا انتخب رئيساً مرة ثانية. وتفيد التجارب التاريخية بأن مكأفاة العدوان ستتسبب بتكرار التجربة. إن جزءاً مهماً من تمهيد الأرضية لدعم طويل متواصل لأوكرانيا يكمن في شرح القادة الغربيين لناخبيهم أهمية هذا الدعم.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني الحرب الأوكرانية الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
تفاصيل المساعدات العسكرية الأمريكية لكييف منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير 2022، قدمت الولايات المتحدة مساعدات عسكرية ضخمة لكييف، بلغت قيمتها 65.9 مليار دولار، شملت أنظمة دفاع جوي وصواريخ متطورة ودبابات ومعدات قتالية متنوعة.
غير أن هذا الدعم دخل مرحلة جديدة، بعدما أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم الاثنين، قرارًا بوقفه مؤقتًا، ما يثير تساؤلات حول مستقبل المساعدات الأمريكية وتأثيراتها على موازين القوى في الحرب.
من بايدن إلى ترامب.. تحول في نهج واشنطن
خلال فترة حكمه، تبنّى الرئيس السابق جو بايدن موقفًا ثابتًا في دعم أوكرانيا، مؤكدًا "الالتزام الأمريكي بسيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها"، لكن مع وصول ترامب إلى البيت الأبيض، بدأت واشنطن إعادة النظر في سياساتها، حيث اتجه الرئيس الجديد إلى نهج أكثر براجماتية، قائم على ربط استمرار الدعم العسكري بالتزام كييف بخطوات سياسية نحو السلام.
تفاصيل الدعم العسكري الأمريكي قبل قرار التجميد
1- أنظمة الدفاع الجوي
لمواجهة الهجمات الجوية الروسية، زودت الولايات المتحدة أوكرانيا بثلاث بطاريات من صواريخ "باتريوت" المتطورة، إلى جانب 12 صاروخًا من طراز "ناسام"، وأنظمة "هوك" المضادة للطائرات، وأكثر من 3,000 صاروخ "ستينغر" المحمول على الكتف. كما قدمت واشنطن 21 رادارًا متطورًا لتعزيز قدرات كييف الدفاعية.
2- الصواريخ والمدفعية الثقيلة
أكثر من 200 مدفع هاوتزر عيار 155 ملم و3 ملايين طلقة مدفعية.
72 مدفع هاوتزر عيار 105 ملم ومليون طلقة ذخيرة.
40 راجمة صواريخ "هيمارس" و10,000 صاروخ "جافلين" المضاد للدبابات.
120,000 سلاح مضاد للمركبات و10,000 صاروخ مضاد للدبابات "تاو".
3- الدبابات والمركبات المدرعة
31 دبابة "أبرامز" المتطورة، و45 دبابة "T-72B" سوفياتية التصميم.
300 مركبة قتالية من طراز "برادلي" و1,300 ناقلة جنود مدرعة.
أكثر من 5,000 مركبة عسكرية من نوع "همفي" و300 سيارة إسعاف مدرعة.
4- الطائرات والمروحيات
رغم رفض واشنطن إرسال طائرات مقاتلة مباشرة، فإنها زودت كييف بـ 20 مروحية عسكرية "Mi-17"، بالإضافة إلى عدة نماذج من الطائرات المسيرة لدعم العمليات الهجومية والاستطلاعية.
5- المعدات الإضافية
أكثر من 500 مليون طلقة للأسلحة الخفيفة.
أنظمة دفاع ساحلية، وألغام "كلايمور"، ونظارات للرؤية الليلية.
أكثر من 100 ألف سترة واقية من الرصاص، وأنظمة اتصالات عبر الأقمار الاصطناعية.
ما بعد 20 يناير.. تسليم محدود ودعم مشروط
مع تولي ترامب منصبه في 20 يناير، استمرت واشنطن في إرسال بعض الإمدادات العسكرية، لكنها اقتصرت على الذخائر والأسلحة التي أُقرت سابقًا في عهد بايدن، مثل القذائف المدفعية والأسلحة المضادة للدبابات. لكن القرار الجديد بتعليق المساعدات يُعد نقطة تحول رئيسية، حيث يضع كييف أمام معضلة سياسية وعسكرية.
انعكاسات القرار الأمريكي على الحرب
ضغط على أوكرانيا: قد يدفع القرار الأوكرانيين إلى مراجعة استراتيجيتهم العسكرية والدبلوماسية، خاصة أن الدعم الأوروبي وحده قد لا يكون كافيًا لتعويض المساعدات الأمريكية.
فرصة لموسكو: قد تستغل روسيا هذا التطور لتعزيز مكاسبها الميدانية، مستغلة أي تراجع في القدرات الدفاعية الأوكرانية.
انقسام في الغرب: بعض الدول الأوروبية، مثل ألمانيا وفرنسا، قد تضطر إلى تكثيف دعمها العسكري لأوكرانيا، بينما قد تتبنى دول أخرى موقفًا مشابهًا لواشنطن، داعية إلى حلول دبلوماسية.
هل هو تعليق مؤقت أم بداية لتغيير استراتيجي؟
بينما تؤكد إدارة ترامب أن القرار ليس إلغاءً دائمًا للدعم، بل تعليقًا مؤقتًا، يبقى السؤال المطروح: هل ستستخدم واشنطن هذا التعليق كورقة ضغط لإجبار كييف على قبول تسوية سياسية، أم أنها بداية لتوجه جديد قد يُفضي إلى إعادة ترتيب الأولويات الأمريكية في الصراع؟ الأيام المقبلة ستكشف إلى أي مدى سيكون لهذا القرار تأثير على مستقبل الحرب في أوكرانيا.