المشهد اليمني:
2024-12-17@06:57:00 GMT

اليمنيون بين فشلين

تاريخ النشر: 25th, August 2023 GMT

اليمنيون بين فشلين

ليست المرة الأولى التي تجري فيها محاصرة مسؤول حكومي في منطقة معاشيق (تستخدمها "الشرعية" مقراً لعملها وإقامتها عند وجودها النادر داخل البلاد)، لكنها تثير أسئلة حول قدرتها وإرادتها ورغبتها بالعمل من داخل البلاد، ولست هنا في وارد تبرير كسلهم وتخاذلهم، لكن الأمر يشير إلى أن ما حدث في السابع من أبريل (نيسان) 2022، لم ينتج منه إلا مزيد من الفوضى ومكافآت مجزية تصرف على كيانات تعمل خارج الدستور والقانون وبلا لائحة، وفي الوقت نفسه تطالب من دون خجل بموازنات تشغيلية.

في البداية يجب فهم أن الانتقادات الموجهة إلى "الشرعية" لا تعني أبداً مفهومها القانوني والأخلاقي، وإنما المقصود بها من فشلوا في خلق نموذج يلتف المواطنون حوله ويثقون به ويدافعون عنه، وهذا لا يعني مطلقاً بأن النموذج المقابل الذي أنتجته جماعة أنصار الله الحوثية في المناطق التي تسيطر عليها يمكن بـأي حال من الأحوال القول بإمكانية التعامل معه والقبول به، لأنه مناقض لمعايير العصر وضد لرغبات الناس، ولهذا لا يجب الانشغال في تناول تعاملات "الجماعة" وممارساتها إلا من باب التذكير وليس لعقد المقارنة بين الكيانين، لأنهما في الواقع نموذجان فاشلان وهابطان.

وإذا جاز القول إن اندلاع الحرب في 26 مارس (آذار) 2015 جاء إعلاناً صريحاً لفشل إدارة البلاد منذ فبراير (شباط) 2012 حين جرى الاستفتاء على المرشح الوحيد نائب الرئيس حينئذ عبدربه منصور هادي خلفاً للرئيس الراحل علي عبدالله صالح الذي تنازل عن الحكم بموجب المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومنذ تلك اللحظة استمر الاعتداء الصارخ على الدستور القائم والاستهتار به بتلقائية مهينة وبتفسير متعسف مغلوط أن "المبادرة" و"الآلية" تسبقان في مشروعيتهما كل المواد الدستورية والقوانين، وتسابق المستشارون في تمهيد الطريق لمتوالية الخروقات وكانوا جاهزين لخلق كل المبررات إرضاء لرغبات الرئيس الجديد.

كما أنه من الصحيح القول أيضاً إن أول تعبير عن خروقات ذات "المبادرة" و"الآلية" التي كان هادي يرى فيها ملاذه المريح لكل أخطاء حكمه، جرى اختيار خالد بحاح لتشكيل حكومة هشة أخلت ببنودهما وضمت عدداً من الوزراء الذين لم يمارسوا أبداً العمل الحكومي ولا خبرة لهم في إدارة واحدة من أهم مراحل التحول السياسي، فجاءت لاستكمال مسار الانهيار المخيف الذي كانت معالمه تطل أمام أعين الجميع ولم يدق أحد من الذين شاركوا في حكم تلك الفترة ناقوس الخطر للتنبيه أو ربما لم يرغبوا في مواجهته، ومرة أخرى كان إرضاء الرئيس هو الأهم والموجه لكل المواقف التي اتخذتها الأحزاب والمستشارون.

اقرأ أيضاً عضو مجلس القيادة ‘‘أبوزرعة’’ يكشف عن الجهة التي زودت تنظيم القاعدة بالطائرات تمت الموافقة على صرف الرواتب.. صحيفة إماراتية تكشف تفاصيل الاتفاق الأخير مع مليشيا الحوثي ونقطة الخلاف الوحيدة مليشيا الحوثي تشيع اثنين من ضباطها بعد مصرعهما في صنعاء خلال مهمة أمنية السعودية ترد على اتهامها بقتل مهاجرين أفارقة على الحدود مع اليمن الحكومة اليمنية تعلن السيطرة على معسكر جديد لتنظيم القاعدة بأبين مواطن يقتل نجله رميًا بالرصاص في محافظة إب أبو زرعة المحرمي يفاجئ الانتقالي ويكشف موقفه النهائي من ”فك الارتباط” واليمن الاتحادي رمى الحوثيون بأحدهما جثة هامدة أمام منزله.. وفاة كاتب مسرحي وشاعر سياسي بصنعاء قهرًا على فراق ولديه طيران اليمنية توقع الاتفاق النهائي لشراء طائرتي إيرباص 320 A الاتحاد العام للإعلاميين اليمنيين يستنكر جريمة اعتداء مليشيا الحوثي على الصحفي مجلي الصمدي عنصر حوثي يقتل أحد مشايخ ”الرُّقية الشرعية” في صنعاء بمسدسه الشخصي من مسافة صفر القيادي الحوثي ”حسين العزي” يعترف بالاعتداء على الصحفي مجلي الصمدي بصنعاء ويهدد بقية الناشطين

اليوم مع استمرار الهدنة الهشة التي بدأت في الثاني من أبريل 2022، فإن الواقع يؤكد أن العمليات العسكرية الكبرى قد توقفت لأسباب إقليمية ودولية لا علاقة لها باليمن، فالعواصم الكبرى المؤثرة فعلياً منشغلة بقضايا أخطر وأكثر مردوداً من الملف اليمني، كما أنه من الواضح أن الحرب لن تحقق من أهدافها أكثر مما تم إنجازه.

لكن ماذا عن اليمنيين؟

لم تعد مفردات اللغة العربية كافية لوضع توصيف يليق بما يدور في اليمن شمالاً وجنوباً شرقاً وغرباً، لكن اليقين هو أن اليمنيين محشورون بين أطراف صارت الحرب تمثل لها ترياقاً للحياة ولو على حساب السموم التي أنبتتها سنوات تسع من الدمار والدماء والفقر والمرض والعوز والاغتراب داخل البلاد وخارجها.

ومما لا جدال حوله فالحق أن الحوثيين بدأوا في دفع البلاد نحو الاضطرابات والاهتزازات التي أحالت البلاد إلى كيانات متناثرة، وهو أمر سيصيبهم رذاذه مهما أسرفوا في التغييرات القسرية على المجتمع والتعليم.

كان هذا المآل متوقعاً من سنوات طويلة بعد بدايات خروج الشباب إلى الساحات في صنعاء وتعز وعدن ثم غيرها من المدن اليمنية لتعذر إصلاح الاختلالات البنيوية داخل المؤسسات التي لم تقو على الصمود أمام أول اختبار جدي، فانهارت هياكلها واكتشف الجميع أنها كانت قائمة على عمود واحد هو علي عبدالله صالح الذي بمجرد ظهور الشروخ في نظامه تبين ضعفه على السطح فانهار المعبد على الجميع، وتمكن الوافد الجديد بما يمتلكه من عقيدة مفرطة في التطرف ضد الآخر من الإمساك بكل السلطة وعزل كل خصومه ومعارضيه ومنتقديه.

كانت "الجماعة" الحوثية الشابة الممتلئة بالحيوية قادمة من عزلة فرضت عليها وأبعدتها نفسياً ومجتمعياً من بقية اليمن واليمنيين فافتقدت روح التسامح والانفتاح والقبول بالمختلف، وتحولت من رافعة لشعار "المظلومية" إلى "ظالمة" بقسوة ودونما رحمة، وكان قدومها إلى العاصمة صنعاء بعد انهيار كل خطوط الدفاع عنها إيذاناً بعهد جديد، ومن السخرية أن الأحزاب جميعها تعاملت معها كإضافة نوعية إلى العمل الوطني المعارض للرئيس صالح الذي أضاف لاحقاً مشهداً سيريالياً بانفتاحه على "الجماعة" ذاتها التي قاتلها في حروب ست سنوات (2004 – 2010) ثم تعاون معها بعد أن وضعه خصومه هدفاً رئيساً في مقدمة أهدافهم معلنين عزمهم التخلص منه ظانين أنهم بذلك سيمسكون بالسلطة لوحدهم.

المثير للدهشة والحسرة في آن، هو أن الذين أرادوا التخلص من صالح لم يبذلوا أي جهد حقيقي لإجراء إصلاحات في المؤسسات التي كانت من حصتهم، ولا يكفي الحديث عن "الدولة العميقة" لأنها في الواقع لم تكن موجودة أصلاً، ثم أنهم لم يقاوموا مشوار "الجماعة" للاستيلاء على السلطة، ثم مرة أخرى استسلموا إلى السكينة والاسترخاء مع بدايات الحرب تاركين أعباءها كاملة على قوات التحالف العربي التي صارت مع مرور الوقت حبل النجاة الوحيد لـ"الشرعية" التي تآكلت بسرعة مذهلة، إذ انغمست في الفساد والابتعاد من البلاد والعباد، ففقدت ثقة الناس بها وصارت بكل مستوياتها تعيش خارج الحدود الوطنية بكل تفسيراتها مكتفية بالأمن الذي توفر لها في عواصم عدة مع أسرها.

في المحصلة فإن المواطن البسيط دفع وما زال يدفع كلفة هذه الحرب البشعة بينما قادته الافتراضيون في "الشرعية" ككيان سياسي هش صار عبئاً على الجميع وفي "الجماعة" كجماعة جامحة من دون كوابح، يستثمرون بذكاء قبيح كل المعاناة بينما يستمر مسلسل إلقاء أسبابها على الآخر.

*إندبندنت عربية.

المصدر: المشهد اليمني

إقرأ أيضاً:

غارديان: خذل العالم سوريا والآن عليه ترك أمر مستقبلها لشعبها

قال الكاتب سيمون تيسدال بمقال  نشرته صحيفة غارديان البريطانية إن تدخل إسرائيل والولايات المتحدة وتركيا في سوريا، بجانب قوى أجنبية أخرى، يعرض نجاح الثورة السورية للخطر، وعليهم أن يدعوا سوريا وشأنها، وترك أمر مستقبل السوريين للسوريين. 

وأشار الكاتب -وهو مختص بالشؤون الخارجية في صحيفة "أوبزيرفر" البريطانية- إلى أن "سخرية الموقف الحالي تخطف الأنفاس،" وأن "الأصدقاء والجيران تكالبوا كالذئاب المفترسة على جثة نظام البعث المخلوع التي لا تزال تنتفض"، وإذا لم يتم "كبح جماحهم، فقد يمزقون سوريا مجددا."

وانتقد الكاتب القوى الخارجية على عدم تقبلها فكرة أن يرسم الشعب السوري مستقبله بنفسه، بعد نجاح ثورته بالرغم عنهم، ومن دون دعم خارجي كبير بل بجهوده.

وطبقا للمقال اتفقت روسيا وإيران وتركيا والولايات المتحدة الأميركية الأسبوع الماضي، متحدين في "ازدواجية مواقفهم،" على ضرورة احترام "سيادة البلاد ووحدتها وسلامة أراضيها" والحفاظ عليها، بل إن إسرائيل، وهي تقصف سوريا "بتهور واستهتار" في أكبر عملية عسكرية للدولة اليهودية على الإطلاق، أنكرت أنها تتدخل في شؤون البلاد الداخلية.

وأكمل الكاتب أن هيئة تحرير الشام ليست خيارا مثاليا لقيادة البلاد، ولكن المجتمع الدولي ليس له الحق بإبداء رأيه بعد 13 عاما من الفشل في سوريا، خصوصا أن تدخلات "الغرب الجبانة" أججت الحرب، وأمام القيادة الحالية العديد من المصاعب من إعادة اللاجئين والتخلص من الألغام وإصلاح اقتصاد البلاد المتهالك والتعافي من السنوات السابقة.

إعلان

وقالت مجموعة الأزمات الدولية في هذا الصدد، وفق المقال: "يجب على القوى الأجنبية التي كان لتدخلها الدور الأكبر في إطالة أمد الحرب السورية أن تتجنب تكرار الخطأ. قلة من الدول تتطلع بحماس إلى حكومة إسلامية في دمشق، ولكن حاليا، لا يوجد خيار سوى التعاون مع السلطات الجديدة".

وكم سيكون من المنعش أن يثق العالم ولو لمرة واحدة فقط، وفق تعبير تيسدال، بشعب تحرر للتو كي يرسم طريقه نحو العدالة والمصالحة وإعادة الإعمار، بعيدا عن التدخل الخارجي.

تدخلات خارجية ومصالح مستمرة

ولفت الكاتب إلى أن إسرائيل ظلت تضرب القوات الموالية لإيران خلال الحرب السورية من دون أن يزعجها الرئيس المخلوع بشار الأسد، والذي كان "عاجزا ضعيفا أمامها".

وأكمل الكاتب ساخرا أن الجيش الإسرائيلي اكتشف الآن فجأة تهديدا وجوديا يبرر استيلاءه غير القانوني على المزيد من الأراضي السورية، وسيؤدي هجوم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو "الانتهازي" إلى تأجيج العداوة بينه وبين الحكومة الجديدة، وعداء طويل الأمد بين إسرائيل وسوريا، وهو ما يريده "نتنياهو محب الحرب أصلا"، وفق المقال.

وأضاف تيسدال أن الحكومات الغربية مخطئة في الاعتقاد بأن روسيا وإيران أصبحتا مستبعدتين في سوريا، فرغم انشغال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بحربه مع أوكرانيا، إلا أنه يتشبث بالقواعد الجوية والبحرية الإستراتيجية في البلاد، وقد يستغل رغبة الرئيس المنتخب دونالد ترامب بالانسحاب من سوريا لتعزيز نفوذه عبر تقديم الدعم والاعتراف الدولي للحكومة السورية القادمة.

أما إيران فمن المرجح أن تواصل عملياتها السرية في سوريا، بما في ذلك إعادة تسليح حزب الله اللبناني حتى لو أصبح إعلان نفوذها صعبا في المنطقة، حسب المقال.

واختتم الكاتب بالتأكيد على ضرورة تقديم المساعدات الإنسانية إلى سوريا من دون قيود أو شروط، ومن شأن تخفيف العقوبات المفروضة أن يساعد في ذلك.

إعلان

مقالات مشابهة

  • استمرار نهب الذهب الدموي بعد الحرب
  • “ريليف ويب” : اليمنيون قادرون على استهداف منشأت عسكرية اسرائيلية ذات قيمة عالية
  • غارديان: خذل العالم سوريا والآن عليه ترك أمر مستقبلها لشعبها
  • مقتل الفلسطيني خالد نبهان.. الجد الذي أبكى العالم أثناء وداع حفيدته "روح الروح"
  • السودان: الحملة المشتركة لوقف الحرب تسلط الضوء على آثار النزاع على التعليم
  • مراسلة الجزيرة بموسكو تكشف عن الفندق الذي نزل به الأسد والأموال التي بحوزته
  • أصبح موضوع امتحان الشهادة السودانية مثل موضوع الحرب اللعينة العبثية المنسية
  • محمد الشافعي: الصحفي مثل الجندي الذي يقف على حدود البلاد
  • الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين: الظروف العصيبة التي يعيشها اليمنيون لم تمنعهم من إسناد غزة
  • مواجهة جديدة بين هليفي ونتنياهو.. من هو الضابط احتياط فينتر الذي أثار الخلاف هذه المرة؟