المشهد اليمني:
2025-01-17@06:35:20 GMT

اليمنيون بين فشلين

تاريخ النشر: 25th, August 2023 GMT

اليمنيون بين فشلين

ليست المرة الأولى التي تجري فيها محاصرة مسؤول حكومي في منطقة معاشيق (تستخدمها "الشرعية" مقراً لعملها وإقامتها عند وجودها النادر داخل البلاد)، لكنها تثير أسئلة حول قدرتها وإرادتها ورغبتها بالعمل من داخل البلاد، ولست هنا في وارد تبرير كسلهم وتخاذلهم، لكن الأمر يشير إلى أن ما حدث في السابع من أبريل (نيسان) 2022، لم ينتج منه إلا مزيد من الفوضى ومكافآت مجزية تصرف على كيانات تعمل خارج الدستور والقانون وبلا لائحة، وفي الوقت نفسه تطالب من دون خجل بموازنات تشغيلية.

في البداية يجب فهم أن الانتقادات الموجهة إلى "الشرعية" لا تعني أبداً مفهومها القانوني والأخلاقي، وإنما المقصود بها من فشلوا في خلق نموذج يلتف المواطنون حوله ويثقون به ويدافعون عنه، وهذا لا يعني مطلقاً بأن النموذج المقابل الذي أنتجته جماعة أنصار الله الحوثية في المناطق التي تسيطر عليها يمكن بـأي حال من الأحوال القول بإمكانية التعامل معه والقبول به، لأنه مناقض لمعايير العصر وضد لرغبات الناس، ولهذا لا يجب الانشغال في تناول تعاملات "الجماعة" وممارساتها إلا من باب التذكير وليس لعقد المقارنة بين الكيانين، لأنهما في الواقع نموذجان فاشلان وهابطان.

وإذا جاز القول إن اندلاع الحرب في 26 مارس (آذار) 2015 جاء إعلاناً صريحاً لفشل إدارة البلاد منذ فبراير (شباط) 2012 حين جرى الاستفتاء على المرشح الوحيد نائب الرئيس حينئذ عبدربه منصور هادي خلفاً للرئيس الراحل علي عبدالله صالح الذي تنازل عن الحكم بموجب المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومنذ تلك اللحظة استمر الاعتداء الصارخ على الدستور القائم والاستهتار به بتلقائية مهينة وبتفسير متعسف مغلوط أن "المبادرة" و"الآلية" تسبقان في مشروعيتهما كل المواد الدستورية والقوانين، وتسابق المستشارون في تمهيد الطريق لمتوالية الخروقات وكانوا جاهزين لخلق كل المبررات إرضاء لرغبات الرئيس الجديد.

كما أنه من الصحيح القول أيضاً إن أول تعبير عن خروقات ذات "المبادرة" و"الآلية" التي كان هادي يرى فيها ملاذه المريح لكل أخطاء حكمه، جرى اختيار خالد بحاح لتشكيل حكومة هشة أخلت ببنودهما وضمت عدداً من الوزراء الذين لم يمارسوا أبداً العمل الحكومي ولا خبرة لهم في إدارة واحدة من أهم مراحل التحول السياسي، فجاءت لاستكمال مسار الانهيار المخيف الذي كانت معالمه تطل أمام أعين الجميع ولم يدق أحد من الذين شاركوا في حكم تلك الفترة ناقوس الخطر للتنبيه أو ربما لم يرغبوا في مواجهته، ومرة أخرى كان إرضاء الرئيس هو الأهم والموجه لكل المواقف التي اتخذتها الأحزاب والمستشارون.

اقرأ أيضاً عضو مجلس القيادة ‘‘أبوزرعة’’ يكشف عن الجهة التي زودت تنظيم القاعدة بالطائرات تمت الموافقة على صرف الرواتب.. صحيفة إماراتية تكشف تفاصيل الاتفاق الأخير مع مليشيا الحوثي ونقطة الخلاف الوحيدة مليشيا الحوثي تشيع اثنين من ضباطها بعد مصرعهما في صنعاء خلال مهمة أمنية السعودية ترد على اتهامها بقتل مهاجرين أفارقة على الحدود مع اليمن الحكومة اليمنية تعلن السيطرة على معسكر جديد لتنظيم القاعدة بأبين مواطن يقتل نجله رميًا بالرصاص في محافظة إب أبو زرعة المحرمي يفاجئ الانتقالي ويكشف موقفه النهائي من ”فك الارتباط” واليمن الاتحادي رمى الحوثيون بأحدهما جثة هامدة أمام منزله.. وفاة كاتب مسرحي وشاعر سياسي بصنعاء قهرًا على فراق ولديه طيران اليمنية توقع الاتفاق النهائي لشراء طائرتي إيرباص 320 A الاتحاد العام للإعلاميين اليمنيين يستنكر جريمة اعتداء مليشيا الحوثي على الصحفي مجلي الصمدي عنصر حوثي يقتل أحد مشايخ ”الرُّقية الشرعية” في صنعاء بمسدسه الشخصي من مسافة صفر القيادي الحوثي ”حسين العزي” يعترف بالاعتداء على الصحفي مجلي الصمدي بصنعاء ويهدد بقية الناشطين

اليوم مع استمرار الهدنة الهشة التي بدأت في الثاني من أبريل 2022، فإن الواقع يؤكد أن العمليات العسكرية الكبرى قد توقفت لأسباب إقليمية ودولية لا علاقة لها باليمن، فالعواصم الكبرى المؤثرة فعلياً منشغلة بقضايا أخطر وأكثر مردوداً من الملف اليمني، كما أنه من الواضح أن الحرب لن تحقق من أهدافها أكثر مما تم إنجازه.

لكن ماذا عن اليمنيين؟

لم تعد مفردات اللغة العربية كافية لوضع توصيف يليق بما يدور في اليمن شمالاً وجنوباً شرقاً وغرباً، لكن اليقين هو أن اليمنيين محشورون بين أطراف صارت الحرب تمثل لها ترياقاً للحياة ولو على حساب السموم التي أنبتتها سنوات تسع من الدمار والدماء والفقر والمرض والعوز والاغتراب داخل البلاد وخارجها.

ومما لا جدال حوله فالحق أن الحوثيين بدأوا في دفع البلاد نحو الاضطرابات والاهتزازات التي أحالت البلاد إلى كيانات متناثرة، وهو أمر سيصيبهم رذاذه مهما أسرفوا في التغييرات القسرية على المجتمع والتعليم.

كان هذا المآل متوقعاً من سنوات طويلة بعد بدايات خروج الشباب إلى الساحات في صنعاء وتعز وعدن ثم غيرها من المدن اليمنية لتعذر إصلاح الاختلالات البنيوية داخل المؤسسات التي لم تقو على الصمود أمام أول اختبار جدي، فانهارت هياكلها واكتشف الجميع أنها كانت قائمة على عمود واحد هو علي عبدالله صالح الذي بمجرد ظهور الشروخ في نظامه تبين ضعفه على السطح فانهار المعبد على الجميع، وتمكن الوافد الجديد بما يمتلكه من عقيدة مفرطة في التطرف ضد الآخر من الإمساك بكل السلطة وعزل كل خصومه ومعارضيه ومنتقديه.

كانت "الجماعة" الحوثية الشابة الممتلئة بالحيوية قادمة من عزلة فرضت عليها وأبعدتها نفسياً ومجتمعياً من بقية اليمن واليمنيين فافتقدت روح التسامح والانفتاح والقبول بالمختلف، وتحولت من رافعة لشعار "المظلومية" إلى "ظالمة" بقسوة ودونما رحمة، وكان قدومها إلى العاصمة صنعاء بعد انهيار كل خطوط الدفاع عنها إيذاناً بعهد جديد، ومن السخرية أن الأحزاب جميعها تعاملت معها كإضافة نوعية إلى العمل الوطني المعارض للرئيس صالح الذي أضاف لاحقاً مشهداً سيريالياً بانفتاحه على "الجماعة" ذاتها التي قاتلها في حروب ست سنوات (2004 – 2010) ثم تعاون معها بعد أن وضعه خصومه هدفاً رئيساً في مقدمة أهدافهم معلنين عزمهم التخلص منه ظانين أنهم بذلك سيمسكون بالسلطة لوحدهم.

المثير للدهشة والحسرة في آن، هو أن الذين أرادوا التخلص من صالح لم يبذلوا أي جهد حقيقي لإجراء إصلاحات في المؤسسات التي كانت من حصتهم، ولا يكفي الحديث عن "الدولة العميقة" لأنها في الواقع لم تكن موجودة أصلاً، ثم أنهم لم يقاوموا مشوار "الجماعة" للاستيلاء على السلطة، ثم مرة أخرى استسلموا إلى السكينة والاسترخاء مع بدايات الحرب تاركين أعباءها كاملة على قوات التحالف العربي التي صارت مع مرور الوقت حبل النجاة الوحيد لـ"الشرعية" التي تآكلت بسرعة مذهلة، إذ انغمست في الفساد والابتعاد من البلاد والعباد، ففقدت ثقة الناس بها وصارت بكل مستوياتها تعيش خارج الحدود الوطنية بكل تفسيراتها مكتفية بالأمن الذي توفر لها في عواصم عدة مع أسرها.

في المحصلة فإن المواطن البسيط دفع وما زال يدفع كلفة هذه الحرب البشعة بينما قادته الافتراضيون في "الشرعية" ككيان سياسي هش صار عبئاً على الجميع وفي "الجماعة" كجماعة جامحة من دون كوابح، يستثمرون بذكاء قبيح كل المعاناة بينما يستمر مسلسل إلقاء أسبابها على الآخر.

*إندبندنت عربية.

المصدر: المشهد اليمني

إقرأ أيضاً:

حقيقة الحرب الإجرامية المدمرة في البلاد

مصباح أحمد محمد

كل يوم يمر تتكشف حقيقة هذه الحرب الإجرامية المدمرة في البلاد فقد أظهرت أسوأ مافيها من إنتهاكات وجرائم مروعة لم تشهدها حتي حرب رواندا كمثال لحروب الإبادة الجماعية، يتنافس المجرمين في قتل وإهانة واذلال المواطنين الأبرياء دون وازع أخلاقي أو ديني أو رادع قانوني،،،

ما حدث في مدني والكنابي ومناطق اخري من إنتهاكات وتصفيات جهوية وعرقية للمواطنين في قري الكنابي وأحياء مدني من قبل عناصر مليشيات النظام البائد ومليشيا كيكل وعناصر القوات المسلحة يؤكد ماظللنا نحذر منه وهو مخطط الفلول لجر البلاد لمنعطف التصفيات العرقية وتفكيك البنية الاجتماعية لجر المدنيين للدخول في مربع حربهم الاجرامية ، والجزيرة تمثل سودان مصغر عاش فيها الناس جميعا علي مدي عشرات السنين في تعايش وسلام وعرفت بتماسك مجتمعها وتعاضد أهلها والتعاون بينهم بمختلف الوانهم وقبائلهم ولذلك هي مستهدفة لتميزها اجتماعياً واقتصادياً ، وقد اتضح للجميع أن المستهدف الحقيقي بالحرب هو المواطن بالدرجة الأولى وقد صار أحد أدوات الحرب البعثية.

الفيديوهات تتري بصورة متتالية للتصفيات الميدانية علي أساس الشبهة والانتقام وبحضور المواطنين وحتي الأطفال وهي جرائم ليست مستغربة من متطرفي المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية الإرهابية المتدثرين برداء الاسلام وهو بريئ منهم .
أن المعلوم شرعاً لمدعي الدفاع عن الكرامة أن التصفيات حتي للأسري المقاتلين من الجوائم المنهي عنها شرعا وقانونا ناهيك عن من يشتبه فيهم زوراً وبهتاناً ، ولكن بالطبع عند المتطرفين أصحاب فتوي قتل ثلثي الشعب ليعيش الثلث ليس بمستغرب لأن ذلك منهجهم الذي بني عليه فكرهم المنحرف ، وطبعهم الإجرامي والمؤسف حقاً هو أن قادة الجيش الذين صدعوا الشعب بأنهم الحريصين علي حماية الوطن والمواطن يلوذون بالصمت علي كل هذه الجرائم وكأنهم يباركونها ويوافقون عليها وأن البيانات الخجولة للناطق الرسمي بإسم الجيش ومحاولات التبرؤ من الفاعلين هي في حد ذاتها تأكيد علي مباركة هذه الافعال الإجرامية ، لأنه لم تقابلها اجراءات تحمي المواطنين من المؤسسة العسكرية والأمنية المسؤوليه عن حماية المواطنين، هذه ليست المرة الأولى فقد حدث ذلك من قبل في أم درمان وأمبدة وبحري وقري سنار وسنجة والسوكي حيث تمت تصفية عشرات المواطنين وإعتقال المئات الذين لايزالون غير معروف مصيرهم وسط تصفيق ودعوات للإستمرار في هذا النهج من قبل أبواغ الحرب الإعلامية وداعميهم ، ولم تكلف قيادة الجيش نفسها بإصدار أوامر لمنسوبيها ومليشياتها بوقف هذه الإنتهاكات بل تحاول كل يوم صناعة مليشيا جديدة علي حساب القوات النظامية ،،،

لقد انسحب الجيش من الجزيرة تاركاً أهلها يواجهون مصيراً مجهولا ويتحملون الإنتهاكات المروعة وعاد إليها بعد إنسحاب الدعم السريع منها ليعاقبهم علي صبرهم علي البلاء والإبتلاء بِتُهَم التعاون مع الدعم السريع إنها الخيبة مرتين يوم التولي من المعركة والهروب من المسؤولية بغير مبرر وخذلان المواطنين ويوم الإقبال بعد فوات الأوان ، وكان الأمل في الجيش هو توفير الحماية وإستعادة الأمان المفقود بدلاً من ممارسة القتل والإرهاب والإعتقال والاذلال للضعفاء ،،،

وأهم من يظن أن الله سينصر الظالمين وحالم من يعتقد أن قتل النفس التي حرم الله بغير حق سيحقق مكسبا في الدنيا أو الآخرة بل سينتقم الله سبحانه وتعالى لعباده المستضعفين من قاتلهم أياً كان وفي الآخرة ينال أشد العذاب ولكم في نظام الأسد عبره فاعتبروا قبل أن تصيبكم لعنة المستضعفين فيذهب ريحكم لأن الله سينصر من ينصره والنصر يأتي بتطبيق شرع الله والإلتزام بأوامره واجتناب نواهيه ،،،
يقول الله تعالى: { وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ}[إبراهيم: 42-43].

رحم الله الشهداء وشفي الجرحي إنه سميع مجيب وجنب بلادنا الفتن ما ظهر منها وما بطن ،،،

 

الوسوممصباح أحمد محمد

مقالات مشابهة

  • حقيقة الحرب الإجرامية المدمرة في البلاد
  • ثروت الخرباوي: الإخوان يتاجرون بالدين ويبحثون عن السلطة بأي ثمن
  • كتاب لإخواني سابق يكشف قصة التنظيم الإرهابي: جماعة خطيرة بمطامع عالمية
  • مراقبون: اليمنيون يعيشون بين فكي كماشة فساد الشرعية ومتاجرة الحوثيين
  • “فصل جديد”.. رئيس الحكومة اللبنانية المكلف يتحدث عن التحديات التي تواجهها البلاد
  • بعد عقد كامل من الحرب.. اليمنيون يستقبلون 2025 بمخاوف من استمرار انهيار الوضع الإنساني والاقتصادي
  • “فاينانشال تايمز”: اليمنيون يشكلون تحديا مختلفًا وأكثر تعقيدا لإسرائيل
  • السويد تتهم قوى أجنبية بتجنيد أطفال لشن هجمات داخل البلاد
  • تفاصيل فشل «الإخوان» في إدارة ملفات الدولة خلال العام الأسود
  • WP: ما هو الثمن الباهظ الذي يمكن أن تدفعه غزة بعد تهديدات ترامب؟