موقع النيلين:
2025-04-24@23:03:18 GMT

بيت حبوبة.. ملتقى “الأمل” لضحايا حرب السودان

تاريخ النشر: 25th, August 2023 GMT

بيت حبوبة.. ملتقى “الأمل” لضحايا حرب السودان


من مقهى صغير يقدم مشروبات ساخنة محدودة، تحول “بيت حبوبه” في مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة وسط السودان إلى ملتقى جامع لرواد الفن والثقافة الفارين من الحرب المحتدمة بالخرطوم، ليخلق حالة من الصخب الإبداعي شكلت بدورها محطة توقف لسكان هذه البلدة.

أغنيات واعمال درامية ومعرض تشكيلي ومؤنسات في الفكر والثقافة ترسم ملامح المشهد اليومي في “بيت حبوبه” وهو ما شكل متنفس للألاف من ضحايا الحرب الذين وصلوا الى مدينة ود مدني بحثاً عن الأمن.

ولم يحتوي المقهى الفارين من نيران الحرب نفسياً فحسب، لكنه شكل مساحة لكسب الرزق لأكثر من 60 شاباً وشابة من خلال بيع المشروبات الباردة والساخنة وبعض المعجنات، والمأكولات بعد أن فقدوا أعمالهم الرئيسية في العاصمة السودانية بسبب الحرب، حيث من بينهم أطباء وقانونيين وحملة شهادات علمية رفيعة.

ويقول مدير ومؤسس “بيت حبوبه” عصام الخواض لموقع “سكاي نيوز عربية” إنه غادر الخرطوم في اليوم الرابع لاندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، وفور وصوله راودته فكرة عمل مشروع يساهم به إيجابياً في درء آثار الصراع عن الشباب وتوفر فرص لهم لكسب الرزق.

فكان بيت حبوبه الذي بدأه بمقهى متواضع يقدم الشاي وبعض الفطائر الخفيفة، بعد أن اختار له اسماً ذو مدلول اجتماعي راسخ في التراث السوداني، فعند الحبوبة (الجدة) يجد الأحفاد الدفء والاحتواء والحكايات المشوقة.

ويضيف “بعدها قمت بفتح الفرص لكل شخص صاحب موهبة في مجالات الأكل والشرب ليؤسس موقعا داخل الفناء الكبير ببيت حبوبه على أن يقوم بتقديم ما لديه للزبائن مع وضع هامش ربح محدود مراعاة للوضع الاقتصادي لضحايا الحرب”.

وخلال فترة قصيرة توسع بيت حبوبه وصار يقدم مأكولات ومشروبات متنوعة، وسط تفاعل جماهيري كبير، كما ترتاده العائلات خاصة القادمة من الخرطوم لتلبية شفقها بالحصول على بعض الأطعمة والتمتع بلحظات ترفيهية.

ويضم المقهى غالاري دائم بمعرض للفن التشكيلي يحوي أعمالاً فنية تراثية، وليالي غنائية ومسرحية، وفي يوم الخميس من كل أسبوع تقام ليلة “المايك المفتوح” والتي تتاح فيها الفرصة لرواد بيت حبوبه لتقديم مواهبهم في الغناء والعزف الموسيقي على الحضور في مشاهد ممتعة.

ويشير عصام الخواض إلى أنه “بجانب رغبته كرجل أعمال في تخفيف الأثر الاقتصادي على ضحايا الحرب، فإنه كان على يقين بأن الأثر النفسي على المواطنين يفوق الخسائر الأخرى، لذلك جاءت الأنشطة الفنية الثقافية المصاحبة في بيت حبوبه كجزء من العلاج النفسي للفارين من الصراع.

ويقول الكوميديان السوداني فخري خالد لموقع “اسكاي نيوز عربية” إن بيت حبوبه شكل ملتقى جامع لنجوم المجتمع في بلاده والذين دفعتهم ظروف الحرب للمجي الى مدينة ود مدني، فظل يرتاده بشكل يومي ليقابل أصدقائه، وتقديم ما يبسط الحضور.

ويقدم فخري إلى جانب دراميين آخرين في “فرقة البالمبو” أعمال مسرحية بشكل مستمر في بيت حبوبه منذ تأسيسه، ضمن جهود تخفيف الأثر النفسي على الفارين من الصراع المسلح في السودان.

ويضيف “لم يكن الكثيرون يتوقعون تطاول أمد الحرب فالجميع جاءوا إلى مدني ولم تكن أوضاعهم مرتبة بالشكل اللازم مما ألقى عليهم آثار معيشية ونفسية كبيرة، فنحن نحاول تخفيف هذه الأعباء من خلال أعمال فكاهية لكنها رسالية تحوي حب الوطن وتحث على التكاتف وتنبذ الجشع وتجار الأزمات وغيرهم”.

من جهته، يقول محمد درة وهو شاب سوري يملك محالا في بيت حبوبه إنه “واجه محنة النزوح مرتين حيث أخرجته الحرب من بلاده وجاء الى العاصمة السودانية وتمكن من إعادة استقراره من خلال فتح محلاً للمأكولات والمشروبات واضطر لمغادرتها الى مدينة مدني، فاحتضنه بيت حبوبه”.

ويضيف “وصلت إلى هنا وكان يتملكني اليأس مما أحل بي، ولكن بيت حبوبه أعاد لي الأمل المفقود، فقد أسست محلي المحمصة السورية وأباشر حياتي الآن، وأمنيتي الحالية أن يعم الأمن والسلام السودان وسوريا وسائر البلدان العربية”.

وليس ببعيد، وجد “أسماء” وهي طبية حديثة التخرج فرت من حرب الخرطوم إلى مدني ملاذاً أماناً في “بيت حبوبه” والتي شكل لها مصدر للكسب المادي تساعد عبره عائلتها الفارة من نيران القتال.

وقالت لموقع “سكاي نيوز عربية” إنها “وصلت إلى مدني بعد اندلاع الحرب وكان قد فقدت كل أوراقها الثبوتية بما في ذلك الشهادات التي تثبت انتماءها للحقل الطبي، فالتحقت ببيت حبوبه الذي اعتبرته فرصة للتعرف على مجال جديد وتوسعة علاقاتها الاجتماعية، الى جانب كسب الرزق الحال” – حسب وصفها.

مرتضى أحمد – سكاي نيوز عربية

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: نیوز عربیة

إقرأ أيضاً:

لجنة إعمار الخرطوم – ما بين الأمل والفخّ السياسي

في خضمّ الخراب الذي حلّ بالخرطوم بعد عامٍين من الحرب، ووسط جهود متفرقة ومبعثرة لإعادة الحياة إلى العاصمة، برز اسم “لجنة إعمار الخرطوم” كمبادرة تبدو في ظاهرها وطنية وخيّرة. لكن، خلف هذا الاسم الكبير، تلوح تساؤلات جدّية: من هم؟ ما هي مرجعيتهم؟ ما هي صلاحياتهم؟ وهل هناك رؤية منشورة للرأي العام؟ والأهم، هل نتجه إلى تكرار تجربة “لجنة إزالة التمكين” التي استنزفت طاقات الثورة في معارك جانبية وانصرافية؟
الإعمار لا يعني الترميم… بل إعادة التأسيس من الجذور
إعمار الخرطوم ليس طلاء أرصفة ولا ترقيعات – جملة مازية – ، بل هو فرصة تاريخية لإعادة صياغة المدينة كليًا وفق تخطيط حضري عصري قائم على مفاهيم:
– الاستدامة
– العدالة الاجتماعية
– السيادة المدنية.
وذلك وفق الاتي :
اولا: التخطيط الحضري والبنية التحتية الذكية
– إجراء تعداد سكاني ومهني شامل يغطي السكان، المساكن، والأنشطة الاقتصادية، مع تأسيس هوية رقمية موحدة لكل فرد، مسكن، ونشاط.
– تخطيط عاجل للصرف الصحي وبناء محطات معالجة بيئية حديثة.
– إعادة توجيه خط السكة الحديد من الجيلي إلى الغابة ليعبر عبر كبري سوبا، وتحرير وسط المدينة من العوائق.
تحويل المقابر الكبرى داخل المدن إلى حدائق عامة مثل:
– مقابر فاروق
– حلة حمد
– البكري
– أحمد شرفي
– حمد النيل
– نقل كافة المقابر إلى مناطقة مركزية خارج المدث الثلاثة، وإعادة تأهيل المساحات كمناطق خضراء.
ثانيا: مراكز النفاذ الشامل والتحول إلى حدائق تكنولوجية
إحياء مشروع مراكز النفاذ الشامل “بسط الامن الشامل” وتحويله إلى وحدات حضرية ذكية “حدائق تكنولوجية” داخل الأحياء، تتكون من:
– نقطة بوليس رقمية تشمل:
– وحدة شرطة مجتمعية
– وحدة إلكترونية لاستخراج الوثائق الرسمية (بطاقة، جنسية، سكن…)
– مكتب بريد مركزي يمنح كل منزل صندوق بريد خاص.
– منطقة تعليمية مجتمعية تضم:
– نادي إلكتروني
– مكتبة إلكترونية وورقية
– مساحة مخصصة للقراءة والتعلم الذاتي
– قاعة اجتماعات صغيرة للمبادرات المحلية والنشاطات الثقافية
– إمكانية التوسع لتشمل: وحدة إسعاف أولي، نقاط بيع ذكية، وحدات طاقة شمسية.
ثالثا: السيادة المدنية وإخلاء المدن من العسكرة
ما أثبتته الحرب أن وجود الثكنات العسكرية داخل المدن يمثل كارثة أمنية وحضرية. فقد كانت هذه المواقع هدفًا مباشرًا للهجمات اثناء الخرب ، وتسببت في دمار واسع للأحياء المحيطة بها.
لذلك يجب:
– إخراج كل الثكنات والمقرات العسكرية من العاصمة، وتشمل:
– القيادة العامة
– المدرعات (الشجرة)
– المظلات (جبل أولياء)
– سلاح الإشارة (بحري)
– منطقة أم درمان العسكرية بكل وحداتها.
– تحويل هذه المواقع إلى:
– مرافق مدنية (جامعات، مراكز بحوث)
– حدائق عامة
– خدمات حكومية متطورة
– إعلان مبدأ العاصمة المدنية ضمن الوثائق الدستورية أو خطة الإعمار، كمطلب وطني غير قابل للمساومة.
رابعا: إعادة توظيف الأصول العامة
– تحويل مطار وادي سيدنا إلى مطار أم درمان الدولي، وتفكيك مطار الخرطوم الحالي كمقدمة لإعادة تصميم مركز العاصمة.
– تحويل مبنى وزارة الخارجية إلى جامعة العلوم والبحث العلمي السودانية.
– هدم حي المطار وتحويله إلى حي سكني حديث متكامل البنية.
– تحويل مبنى المؤتمر الوطني إلى مركز موحد للسجل المدني والجنسية.
– منح مبنى وزارة العدل لتلفزيون السودان، ودمج مؤسسات الإعلام في مجمع متطور.
– إغلاق سجني كوبر وأم درمان وتحويل الأراضي إلى مسرح قومي وحدائق ثقافية عامة.
خامسا: نقل الأسواق العشوائية وتجميل المداخل
– ترحيل سوق قشرة وإنشاء سوق بديل منظم.
– إزالة سوق أمدرمان القديم وتوطين التجار في سوق حديث ضمن حديقة أمدرمان.
– إلغاء السوق شرق استاد الهلال.
– هدم سينمات العرضة وبانت والحلفايا وكوليزيوم والثورة وتحويلهم إلى مجمعات ثقافي موحدة.
سادسا: الاقتصاد والإنتاج الوطني
– إنشاء شركة مساهمة عامة وطنية للصناعات الغذائية، تمنح عقاراً حكومياً كمقر، وتبدأ بسلسلة مصانع للزيوت، الطحين، التعبئة، والألبان، لتقوية الأمن الغذائي والتشغيل.
خاتمة: بين الطموح والإخفاق… ننتظر بوصلتكم
لجنة إعمار الخرطوم قد تكون شعلة انطلاق، أو قد تكون كميناً لإعادة إنتاج النظام القديم بوجه تنموي مزيف.
نقول بوضوح:
> نريد لجنة شفافة، منتخبة من أهل الاختصاص والمجتمع، تضع الخطط وتخضع للمحاسبة. نريد عقل حضري لا عقل أمني، نريد حياة لا إدارة للأزمة.
هذا مع ثقتنا التامة في حسن نوايا المبادرين وحفظ حقهم في الاقدام والطرح والمبادرة .. لكن.. اول استفادتنا من الحرب ستكون في الحرص والتدقيق والتمحيص، ثم لاحقا المراقبة والمسائلة في كل ما له شأن بالعمل العام .
الخرطوم لا تُرمم… الخرطوم تُعاد صياغتها.
وليد محمد المبارك
وليد محمدالمبارك احمد

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • اختتام معرض “إثراء” السابع للتوظيف في مدينة العين
  • نقد لمقال فيصل محمد صالح بعنوان: “علامان من حرب السودان – لم ينجح أحد”
  • عيد بلا فرحة: رمضان وعيد الفطر في غزة بين الأمل المفقود واستمرار الحرب
  • سجال ودي مع نقاد رواية “إعدام جوزيف” (1-4)
  • لجنة إعمار الخرطوم – ما بين الأمل والفخّ السياسي
  • شاهد بالفيديو.. الفنانة إنصاف مدني تعترف بإرتداء “الباروكة”.. تفشل في نطق كلمة “اكس تينشن” وتثير ضحكات الجمهور والحاضرين
  • صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي على القطاع
  • “التحول الرقمي في مجال السياحة والرقمنة ” محور ملتقى وطني
  • كيف سيتعامل حفتر مع تراجع حليفه “حميدتي” في السودان؟
  • تعليقاً على مقال:” عامان من حرب السودان: لم ينجح أحد*