حصل على جائزة اتحاد الكتاب للشعراء الشباب سنة 2009، وجائزة الدولة التشجيعية عن ديوان "السفر في الأسود" سنة 2012، كما كان عضوا بمجلس أمناء بيت الشعر" لعامان من 2014 وحتى 2016، وعضوا بلجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة من 2015 وحتى 2017.

 

صدرت أولى أعماله الشعرية سنة 2009  تحت عنوان "الأرض تشربها الدماء"، و"السفر في الأسود "2010، و"صوتي كافيًا لإضاءة البيت" عن الهيئة المصرية العامة للكتاب سنة 2013، و"يوميات مؤلف "- الهيئة المصرية العامة للكتاب- 2016،و"كتاب الخلود "ديوان شعر" 2020، ومؤخرا صدر له مجموعة شعرية تحت عنوان "المسبحة – كتاب الأسماء والصفات" وهي أول كتاب له في قصيدة النثر، والديوان عبارة عن تسعةٍ وتسعينَ نصًّا، يرصد فيه الشاعر محمد منصور مختلف الصفات الإنسانية، والمفاهيم البشرية التي نطلقها على بعضنا من مسميات وتعريفات، محاولًا أن يثبت "شعريًّا" أن القبض على ما هو واضح ومفهوم ومحدد في النفس البشرية أمر شبه مستحيل.

فالصفات والأسماء أشبه بالحقيقة؛ مجرد تحولات ورؤى مختلفة، وأن رؤانا الذاتية عن الآخرين مجرد تأويلات لا تقبل الحكم والتعريف والتحديد. 

في حواره مع "البوابة نيوز" تحدث الشاعر محمد منصور عن أزمة حضارية نواجهها، وعن مفهوم "الذاكرة الشعرية" وأشياء أخرى.. وإلى نص الحوار:ــــــ

 

- هل من شعراء أثروا في تجربتك خلال بداية مشوارك الشعري؟

- أعتبر نفسي خرجت من عباءة التراث العربي. فلقد قدمت إلى القاهرة لا أومن إلا بالشعر العمودي، بينما التفعيلة والنثر كانتا من وجهة نظري مجرد نثر يتمسّح بالشعر. فكان من الطبيعي أن يكون شعرائي المفضلون هم امرؤ القيس وطرفة بن العبد وأبو نواس والبحتري والمتنبي وأبو تمام وأبو العلاء. غير أنني شغوف دائمًا باكتشاف الجديد، فكان من الطبيعي أيضًا أن أكتشف قصيدة التفعيلة، وتتحرك قناعاتي الجمالية بالتدريج لأستطيع أن أرى الشعر عند حجازي وأدونيس وأمل دنقل وعبد المنعم رمضان وغيرهم من الشعراء المعاصرين، ثم تقبّلت قصيدة النثر بالتدريج أيضًا، ورأيت الجمال عند الماغوط وسركون بولس وغيرهما. ساعدني على ذلك قراءتي في الشعر المترجم، وبخاصة الفرنسي، مثل بودلير وريمبو وبول إيلوار. وهكذا حتى استطاع الواحد أن يبحث ويكتشف بنفسه الشعر في مختلف ثقافات العالم.   

 

- ماذا تقرأ الآن؟

- لأنني أتوقع الكتابة في رمضان، بسبب الهدوء واكتمال العزلة، فإنني أتجنب قراءة الشعر. أقرأ الآن بعشوائية؛ روايات وكتب في الفكر والتاريخ محاولًا أن أقلل عدد الكتب التي أحتفظ بها في بيتي بأن أقرأها وأمنحها بعد ذلك للأصدقاء. وأعترف بأنه مع الزمن أخذ مستوى القراءة يقل نسبيًّا، وربما أخذت منحى آخر هو الانحياز التام للمتعة، أملًا في أن تكتسب الكتابة رونقًا جديدًا.

 

 هل يواكب النقد الإبداع الشعري؟ 

 بالطبع لا. فنحن نعيش أزمة حضارية كبرى، والأزمة الحضارية سببها الرئيس هو غياب التفكير النقدي. كيف يكون هناك إبداع نقدي دون أن تكون هناك حرية تعبير؟ وكيف لا يستسلم الناقد لإغراءات الشللية والمصالح وهو يعاني الجوع والفقر والمرض؟ يوجد نقاد مهمون في مصر ومختلف البلاد العربية، لكنهم غير قادرين على العطاء بسبب القيود السياسية والاجتماعية والاقتصادية. قد تكون الأزمة سببًا ومحرضًا على الإبداع التعبيري والجمالي، لكنها تخنق التفكير النقدي الممنهج المبني على رؤى طليعية حرة.

 

 هل ترى أن الشعر يمر بأزمة "هجر" من القراء؟

 لا بد من أن نأخذ في اعتبارنا أن الشعر طول عمره يميل إلى أن يكون فنًّا نخبويًّا، ولا ينتشر منه ويروج إلا "الضعيف الدعائي المثير للمشاعر الزائفة". فحفَظَةُ معلقة عمرو بن كلثوم أكثر عددًا من قراء معلقة امرئ القيس، وذلك لأن الشعر قبل الإسلام كان يحتمل الدور الدعائي والإخباري باعتبار الشاعر إعلاميَّ القبيلة أيضًا إلى جانب كونه شاعرًا. لكن فور أن تخلّص الشعر من هذا الدور مكتفيًا بالجمالي المحض، انصرف البسطاء عن تلقيه، وأرى في ذلك نعمة لا نقمة، متذكرًا ما قاله السمؤال بن عادياء الأزدي: تُعيِّرُنَا أنَّا قليلٌ عديدنا.. فقلت لها إن الكرام قليلُ. فتحية إلى هؤلاء الكرام القليلين.

  

 كانت لك تجربة مع المجلس الأعلى للثقافة وبيت الشعر.. حدثنا عنها

 كانتا تجربتين جميلتين في لجنة الشعر وبيت الشعر؛ تعلمت منهما الكثير. فلقد حرصت منذ أول يوم أن أقدم أبناء جيلي من الشعراء بمختلف مشاربهم، لكن استمراري في هاتين التجربتين ضد قناعتي التعددية. فلقد أخذت دوري وقدمت ما استطعت تقديمه مع الحرص على عدم إهمال تجربتي الشعرية، لذلك لم أستمر فيهما تاركًا الفرصة لغيري من الشعراء حتى يقوموا بدورهم ويجددوا دماء الأنشطة الشعرية في مصر، وأحسبهم على خير، وأدعو لهم بالتوفيق.

 

ما الذي يشغل تفكيرك الآن على المستوى الإبداعي؟

أناقش بيني وبين نفسي موضوع "الذاكرة الشعرية"، وكيف أكتب شعرًا ينطلق من ذاكرة جمالية جديدة، أو من منطقة مستقبلية بدلًا من الاحتماء بالإرث الماضوي، وذلك خوف الانسحاق -كغالبية أبناء جيلي- تحت ما تروجه أموال الخليج ومسابقاته الشعرية من كتابة رجعية لا تعدو كونها طنطنة لغوية وإيقاعية تحاول أن تجبر القديم على أن يرتدي زيًّا يبدو جماليًّا، لكنه في الحقيقة مرقَّع ومهان وذليل. إن أمثال هؤلاء المسحوقين كالملك العاري؛ يظن أنه يرتدي أفخر الثياب، لكنّ المبصرين يرون سوءته، بينما أعمى القلب لا يرى. ولأن الشعر علّمني أن أرى الخير كامنًا في جوف الشر، فلست ضد هذه المسابقات، بل أحب أن تروج حتى تميز الطالح من الصالح، فكل من ينسحق تحتها يخرج من جنة الإبداع إلى حظيرة المدجنين، وهذا يبني سورًا جماليًّا حول الشعر العربي، ويؤكد للشاعر العربي أنه لا غنى عن الزهد رفيقًا للإبداع وسندًا له.

 

حدثنا عن أعمالك الإبداعية الحديثة تحت النشر.

بعد أول كتاب في قصيدة النثر، أحاول نشر أول رواية؛ عنوانها "آخر أبناء الخضر"، وهي عملٌ ظللت أكتبه وأراجعه وأحذف وأعيد الكتابة فيه ما يقرب من عشر سنوات. فهذه الرواية تحاول أن تمزج السيرة الذاتية بسيرة المكان، وتعمل على إظهار التاريخ الشفهي الشعبي الحر وإنقاذه من النسيان في مواجهة التاريخ المدون بقلم وحيد البعد.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: أن الشعر

إقرأ أيضاً:

ما يبقى من الشعر وما يبقى للشعراء

حاتم الصكر

رغم أن تفوهات الشعراء في الاستجوابات الصحافية والنقدية تُعد متوناً خارج نصوصهم، أجدني مهتماً بها ومتابعاً لتفاصيلها بفضول معرفي للمقارنة بينها وما يتحقق في النصوص. بهذا الإحساس قرأت التحقيق الذي أجراه وقدم له الصديق الناقد عبد اللطيف الوراري (القدس العربي-14 شباط/ فبراير2025) وهو ممن يحرصون على متابعة شؤون الشعر وشجونه، وتقلبات كتابته وتلقيه. لذا وضع عنواناً دالّاً بأقل العبارات. إنه يستفتي أربعة من (شعراء اللحظة الراهنة) كما يصفهم العنوان عبر سؤال جوهري (هل ما زال في جعبة الشعر ما يقوله ويصطنع الدفاع عنه؟).

في التقديم خلص الوراري إلى رسم مشهد شديد التفاؤل براهن الكتابة الشعرية. وجدتني أشاطره إياه، مستذكراً تجربتي حين كنت أجمع نصوص كتابي عن الميتاشعري في قصيدة النثر العراقية، ونصوصاً عربية لجزء تالٍ عن قصيدة النثر العربية. فقد أحسست أن النصوص تشي بكثير من المزايا الفنية والجمالية اللافتة، ذكّرني بها ما تحدث عنه الوراري في التقديم. فقد ارتقت الهوامش الشعرية إلى مقام المراكز التقليدية وبرزت حساسيات شعرية جديدة، ووعي منشقّ متسم بالرفض والغضب والجرأة المضمونية والشكلية.

لكن الوراري يضع يده من بعد على أزمة التلقي، فوجد أن (الجمهور) لا يرى في الشعر الجديد ما يرجوه بالمقايسة مع ما عهده في ذخيرته. إن الأزمة في جانب مهم منها في (التلقي)، كما أود تسميته توسيعاً لمصطلح (الجمهور)، وتخلصاً من إحالاته العامة التي يشير لها وضع الجمهور بإزاء الإلقاء والحالة الشفاهية لتوصيل الشعر. وهو عنصر مهم في صراع النصوص الجديدة مع تداوليتها الناقصة. فالجمهور يقيس بما يعيد لذاكرته (دور الشعر) في التحفيز ومعالجة الأدواء الاجتماعية والسياسية الراهنة، فيما يبدو واضحاً أن الكتابة الشعرية لم تعد قادرة على أن تكون صوتاً مناسباً لتسارع ما يجري، وما يتغير كل ساعة من حولنا. ويقابل ذلك إهمال التلقي المطلوب بكيفيات تحفظ شعرية الشعر وحداثته، وأدبية الكتابة أيضاً. وهو ما سنعالجه في فقرة تالية.

استطاع الوراري إذاً أن يضع طرفيْ المشكلة في صلب استفتاءٍ قصد به استجلاء ما يراه الشعراء في تلك التساؤلات، ما داموا ممن يكتبون الجديد، ويمثلون حساسيات عربية من خمسة بلدان.

وبالعودة إلى الإجابات سنرى أن الشاعرة نجاة علي (مصر) تؤكد ما تشهده القصيدة الجديدة، وهي قصيدة النثر عندها، فهي تتطور وتحرر الكتابة من كون الشعر مجرد شكلٍ لحمل مضامين تسلب روحه الحقيقية. وترى أن الشعر ينجو بالعودة إلى ذات الشاعر وأسئلته. ونفهم أن هذا هو دوره في رأيها.

أما سعيف علي – تونس، فيرى أن التلقي بخير، ويحتكم إلى ما تمثله القراءة عبر المنافذ المستحدثة خلافاً لطريقة التلقي التقليدية أي النشر الورقي حيث الأعداد متواضعة. وهو يذهب إلى الكتابة الشعرية ذاتها وينزع عنها أي دور، فهي تقوم بوظيفتها عبر ما تحققه من إنجاز وتلغي المنبرية وتتجه نحو علاقات تلقٍ يراها مناسِبة. ويأخذنا العراقي أحمد ضياء إلى ما هو قريب من قناعات زملائه في فك ارتباط الشعر بالسياسة كعمل مباشر، وهجْر المنبرية والخطابية، ويلفت النظر إلى ما تفعله الثورة الرقمية من تشتيت التلقي. ويكمل عبد الجواد العوفير من المغرب ما يراه زملاؤه، فالشعر ليس له دور حقيقي في التغيير المطلوب اليوم، لكنه يغير عبر مهمة شعرية أكبر يقوم بها الشاعر للتحرر من المسلمات. ويختم اليمني محيي الدين جرمة بالقول إن التغيير بالمعنى السياسي المباشر والنمطي لا يقوم به الشعر، ويوكل له مهمة جمالية تقترب مما يعوّل عليه زملاؤه عبر عزلات مشروعة ورؤى جديدة لكونه اختياراً جمالياً فرديا.

لاحظت من الإجابات أن ثمة قناعة لدى المستفتين بأن الشعر غادر دوره المرتبط بالمنبرية، وتبعية الجماعة. وأنه ينجز دوره مع تعديل الوظيفة والمصطلح عبر الاقتراب من ذات الشاعر والابتعاد عن الدور السياسي المباشر، لا لتعالٍ أو تجنب لما هو مشروع في الحياة، وحق يتعلق بالحرية والعدالة، ولكن دون خضوع لصوت أعلى من صوت الشعر الذي يصر الشعراء على أنه غادر المنبر والخطابية، واكتفى بجمالياته القادرة على استيعاب ما يجري عبر وعي (مضاد) وعميق ينطلق من ذات الشاعر لا من قناعات جمعية جاهزة، لا تدع له مكاناً خاصاً لتوصيل رؤيته.

حسناَ. للشعراء أن يقولوا ما يرون. فهم أمراء الكلام يصرفونه أنّى شاءوا، كما ينقل حازم القرطاجني في «منهاج البلغاء» عن الخليل بن أحمد. ويستطرد حازم على كلام الخليل بصدد حرية أمراء الكلام، فيقول إنهم لا يقولون شيئاً لا وجهَ له. وذلك يتطلب تأوُّل ما يقولون بوجه من الصحة وتخريج كلامهم عليه.

وهم بحسب هولدرلين في مقولته «ما يبقى يؤسسه الشعراء» موكلين بإنجاز حضاري كبير، لكونهم كما في إحدى قصائده:

الشعراء أوعيةً مقدسة

تُحفَظ فيها خمر الحياة

وروح الأبطال

لكن الفرضية التي يحتج بها العرب لتعظيم دور الشاعر، وحقه في التصريف الحر مشروطة أيضاً. لأن الشعراء موكلون (باستخراج ما كلَّت الألسن عن وصفه ونعته، والأذهان عن فهمه وإيضاحه. فيقربون، البعيد ويبعدون القريب، ويُحتج بهم ولا يُحتج عليهم). وهذا يحيلنا إلى ما ورد من تصريح في نماذج الإجابات لشعراء الجيل الراهن. فإعلاء شأن الشاعر يجب أن يكتمل بتقديم ما لا تستطيعه الألسن الأخرى غير الشعرية. ويعني التنبه إلى كثرة التكرار والتماثل في الأصوات والأساليب حتى في نماذج من شعر الحداثة.

وإذا كنا بصدد الكتابة الجديدة وقصيدة النثر تحديداً، فليكن لنا الحق في افتراض أن لكل شاعر قصيدة نثره. بمعنى تلك التي تعبر عن ذاته ورؤيته. وإلا فقد نجد أنفسنا أمام تقليدية جديدة وهو ما حذّر منه بعض من ساهم في الإجابة على تساؤلات الوراري.

ليكن للشعراء الحق في الابتعاد عن منهجيات الخطاب المباشر ونثره الذي لا يناسب مقاصد القصيدة الجديدة. ولكن علينا أن نتعرف ما تعنيه دعوة الشعراء للعودة إلى الذات. وهو ما يتطلب إزالة غموض والتباس كبيرين يحايثان ذلك. فالذات ليست تلك المقصودة في الشعر الرومانسي مثلاً، أو التي تقف مناوئة للأنا الجمعية التي يندرج الشاعر تلقائياً واختيارياً فيها، حين يكون عليه الاصطفاف مع الآخر في حقوقه وفي عصر يتسم بالقسوة وافتقاد العدالة والانحدار السريع نحو الدكتاتوريات وتجلياتها الاجتماعية.

أما ما يشير له الشعراء في إجاباتهم، وكذلك تقديم الناقد الوراري، حول أزمة التلقي فهو إعلان صادق عن إحساس عام لدى الشعراء بأن القراءة أصبحت بعيدة عن مطمحهم. فهم لا يجدون الصدى والرجع المطلوب لما يكتبون، لا بكونهم أفراداً بانتظار تقويم تجاربهم بقدر الحاجة لمعرفة أصداء كتاباتهم الجديدة وموقعها في الخط الشعري المتنامي، والمعبر عن راهن شعري متميز بمعايشة التحولات الكبرى في الحياة وذلك ما لا تحققه لهم ردّات فعل القراءة الراهنة. فالشعر يأخذ شيئاً فشيئا مكانة قصية من اهتمامات الأجيال والدارسين. ويمكننا أن نعزو ذك لعدة أسباب منها عودة الشفاهية الجديدة بسبب الثورة الرقمية والاستغناء عن القراءة والمتابعة. إنها وباء حضارة الفرجة: نقلة أو ردّة شفاهية لا أريد حصرها شعرياً في تراجع الحداثة وتصدر المنبر والوزن، لكنها سياق عام أهم من ذلك، وأخطر بالضرورة تتمثل في الفرجة والشفاهية.

وفي حوار مع ماريو فارغاس يوسا ترجمة الشاعر اسكندر حبش (ضفة ثالثة. 18/12/24) يجيب على سؤال عما يخص الاتجاه الذي يسلكه العالم اليوم؟ وهل نحن على الدرب السليم؟ فيقول يوسا: إننا في حضارة الفرجة صرنا نعيش تراجعاً أو انحطاطاً (فالحرية الاقتصادية وحرية السوق لم ترافقهما حياة ثقافية مكثفة ولا حياة روحانية، لقد أصبحت الثقافة لعبة، ترفيهًا، وتسلية. لقد هُمّشت بطريقة كبيرة إزاء الزينة والسهولة والسوق). وأحسب أن البصر يتفرج الآن، ويرى لاهياً من دون أن يبصر ما يجري، حتى في حالتنا العربية التي يعوزها التبصر بمآلات حاضرنا ووجودنا.

وها نحن نعيش سطحيات العصر الإلكتروني كما يرى أولتر أونج. عصر «يعادل مرحلة ثانوية من الشفاهية، لا يعتمد فيها الفهم والتصور على مجردات الكتابة، بقدر اعتماده على الحكايات المروية والصور التوضيحية ومغامرات الأبطال، حيث تأخذ المؤثرات السمعية والبصرية بلبّ المتلقي وتسلبه قوة التركيز الذهني».

ولدينا عربياً ما يدعو للإحباط وإضعاف التلقي، متمثلاً بدعوات النقد الثقافي الممنهجة بنسخته العربية إلى نبذ جماليات الشعر، والتهشيم المتعمد لرموزه ومشروعه الحضاري، وتراثه وحداثته، بدعوى نسقيته، والحكم عليه بنفاد صلاحيته.

وأحسب أن مناقشة تلك التفاصيل ستفضي إلى التعرف على ما يمكن للشعر أن يفعله في عالم لا شعري بجدارة.

ولكن يبقى الشعر علامة على إنسانية الإنسان  وتجدد خطاب مواجهة الفناء والانحسار الروحي الخطير.

المصدر: القدس العربي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات مشابهة

  • كتاب أبي الحواري إلى أبي زياد ومحمد بن مكرم
  • ما يبقى من الشعر وما يبقى للشعراء
  • شيخ الأزهر: تعلم اللغة العربية عبادة لأنها تُعين على فهم كتاب الله تعالى
  • الأمن السوري ينتشر في حماة ويمهل فلول النظام 24 ساعة لتسليم أنفسهم
  • أحترس.. كيف تؤثر الشعرية الجاهزة على الصحة الإنجابية؟
  • قضية الصحراء ومفهوم الحكم الذاتي في المغرب.. القصة الكاملة في كتاب
  • منصور بن زايد يشارك السلك القضائي مأدبة الإفطار الرمضاني
  • «اتحاد كتاب الإمارات» يناقش مشاركاته الخارجية
  • قصيدة عن المرأة بمناسبة يومها العالمي
  • الجيش السوري ينتشر باللاذقية وطرطوس لدعم الأمن وإعادة الاستقرار