الذكاء الاصطناعي ينجح في اجتياز اختبار العقل البشري
تاريخ النشر: 13th, April 2025 GMT
تصدرت أخبار نجاح روبوتات الذكاء الاصطناعي في اجتياز اختبار تورينغ الشهير، مما أثار جدلاً واسعًا حول قدرات الذكاء الاصطناعي.
واستندت هذه التقارير إلى دراسة حديثة أجراها باحثان من جامعة كاليفورنيا في سان دييغو، حيث تم اختبار أربعة نماذج لغوية كبيرة (LLMs) باستخدام اختبار تورينغ". والنتيجة كانت مفاجئة، حيث تم تصنيف نموذج GPT-4.
ما هو اختبار تورينغ؟
يُعد اختبار تورينغ واحدًا من أشهر المعايير لقياس الذكاء الاصطناعي، وقد اقترحه عالم الرياضيات البريطاني آلان تورينغ عام 1950 في مقاله الشهير "الآلات الحاسوبية والذكاء". يهدف الاختبار إلى تحديد قدرة الآلة على محاكاة سلوك الإنسان، بحيث يتمكن المُحقق من التمييز بين الإنسان والآلة بناءً على المحادثات النصية فقط. إذا كانت الآلة قادرة على إقناع المحقق بأنها إنسان، فهذا يعني أنها قد "نجحت" في اجتياز الاختبار.
تفاصيل الدراسة
ووفقاً لموقع "the conversation" تركزت الدراسة التي أجراها كاميرون جونز وبنيامين بيرغن، والتي تم نشرها في مارس الماضي، على اختبار أربعة نماذج لغوية كبيرة: ELIZA GPT-4o، LLaMa-3.1-405B، وGPT-4.5.
تم تصميم الاختبار بحيث يتفاعل المشاركون في محادثات نصية ضمن ثمانية جولات، حيث يكون كل مشارك إما مُحققًا أو شاهدًا (إنسان أو آلة).
تتكون كل جولة من محادثة مع شخصين عبر شاشة منقسمة، بحيث يتفاعل المشاركون مع كل شخص لمدة خمس دقائق، ثم عليهم تحديد أيهما إنسان وأيهما نموذج لغوي.
مع استخدام واجهة مشابهة لتطبيقات المراسلة التقليدية، أظهرت النتائج أن GPT-4.5 تم تصنيفه على أنه إنسان بنسبة 73% من الوقت، بينما LLaMa-3.1-405B تم تصنيفه كإنسان بنسبة 56%. أما ELIZA وGPT-4o فقد نجحا في خداع المشاركين بنسبة 23% و21% على التوالي.
اقرأ أيضاً.. الذكاء الاصطناعي يهدد الذكاء البشري
أخبار ذات صلة
هل هذا يعني أن الذكاء الاصطناعي يملك ذكاءً بشريًا؟
رغم النتائج المثيرة، لا يعني أن اجتياز اختبار تورينغ يعني أن النموذج يمتلك "الذكاء البشري". الباحثون في الدراسة شددوا على أن اختبار تورينغ هو مقياس للتقليد وليس الذكاء الفعلي. وبعبارة أخرى، إذا تمكن النموذج من محاكاة سلوك الإنسان بمهارة عالية، فهذا لا يعني أنه يمتلك الوعي أو التفكير البشري.
على الرغم من ذلك، يبقى اختبار تورينغ محط جدل. فبعض الباحثين يعتبرون أن مجرد اجتياز الاختبار ليس دليلاً على امتلاك الآلة لذكاء حقيقي. هذه الفكرة كانت محل نقاش منذ البداية، حيث أشار بعض العلماء إلى أن الاختبار لا يختبر الذكاء الفعلي بل مجرد قدرة الآلة على تقليد الذكاء البشري في سياقات محددة.
الاعتراضات على اختبار تورينغ
إلى جانب الجدل حول معايير الاختبار، توجد أيضًا اعتراضات رئيسية على فعالية اختبار تورينغ كمعيار للذكاء الاصطناعي:
السلوك مقابل التفكير: يعتقد بعض العلماء أن القدرة على اجتياز الاختبار تتعلق بالسلوك المحاكي فقط، وليس بالذكاء الفعلي. إذ يمكن للآلة أن تحاكي سلوك الإنسان دون أن تفكر كما يفعل الإنسان.
الدماغ ليس آلة: طرح تورينغ أن الدماغ البشري يمكن تفسيره على أنه آلة، لكن العديد من الأكاديميين يرفضون هذا الرأي، معتبرين أن الدماغ ليس آلة ميكانيكية يمكن تقليدها.
محدودية الاختبار: يرى البعض أن اختبار تورينغ لا يغطي سوى سلوك واحد من السلوكيات التي يمكن أن تظهرها الآلات، وأنه لا يعد مقياسًا شاملاً للذكاء.
اقرأ أيضاً.. "آخر اختبار للبشرية".. التحدي الأخير أمام الذكاء الاصطناعي لاجتياز قدرات البشر
هل أصبح الذكاء الاصطناعي مشابهًا للبشر؟
رغم أن GPT-4.5 قد نجح في اجتياز اختبار تورينغ، فإن هذا لا يعني بالضرورة أنه أصبح بنفس مستوى الذكاء البشري. الباحثون في الدراسة يؤكدون أن اختبار تورينغ لا يعكس الذكاء البشري الحقيقي، بل هو مجرد مقياس لمدى قدرة الآلة على محاكاة سلوك الإنسان.
إلى الآن، لا يزال الذكاء الاصطناعي بعيدًا عن الوصول إلى الذكاء البشري الفعلي، رغم أنه قادر على تقليده بشكل متقن في بعض الأحيان.
إسلام العبادي(أبوظبي)
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: تشات جي بي تي الذكاء الاصطناعي الذكاء الذکاء الاصطناعی الذکاء البشری اجتیاز اختبار سلوک الإنسان فی اجتیاز یعنی أن على أن
إقرأ أيضاً:
ما لغة الذكاء الاصطناعي السرية جيبيرلينك ولماذا أثارت المخاوف؟
في عالم الذكاء الاصطناعي، تظهر تقنيات جديدة بشكل مستمر، بعضها يهدف إلى تحسين التفاعل بين البشر والآلات، بينما يثير البعض الآخر تساؤلات أخلاقية وأمنية.
وواحدة من هذه التقنيات التي أثارت جدلاً كبيرًا بين الباحثين والخبراء هي "جيبيرلينك" (Gibberlink)، وهو مشروع يسمح لأنظمة الذكاء الاصطناعي بالتواصل فيما بينها بعيدًا عن فهم البشر.
وأثار هذا المشروع تساؤلات عديدة حول الشفافية، والأمن، ومستقبل التواصل بين الآلات بعيدًا عن فهم البشر.
ونستعرض في هذا المقال ما الذي نعرفه عن هذه اللغة، وما الأسباب الحقيقية وراء المخاوف المتزايدة حولها في الأوساط التقنية والأمنية؟
ما "جيبيرلينك"؟في وقت سابق من هذا العام، انتشر مقطع فيديو عبر "يوتيوب" (Youtube) يستعرض مشروع "جيبيرلينك" من خلال وكيلي ذكاء اصطناعي من شركة "إليفن لابس" (ElevenLabs) يتحدثان عن حجز فندقي.
وبدأ وكيلا الذكاء الاصطناعي المكالمة الهاتفية العادية، ومن ثم اكتشفا أنهما كليهما ذكاء اصطناعي، فقررا الانتقال من اللغة الإنجليزية الشفهية إلى لغتهما الفريدة التي يصعب على البشر فهمها.
وصممت هذه اللغة الفريدة من أجل السماح لوكلاء الذكاء الاصطناعي بالتواصل بكفاءة أكبر، ولكنها غير مفهومة للأذن البشرية.
إعلانوتعتمد هذه اللغة على "جي جي ويف" (GGWave)، وهو بروتوكول معياري مفتوح المصدر يستخدم الإشارات الصوتية لنقل البيانات بين وكلاء الذكاء الاصطناعي بشكل أسرع بمقدار 80% تقريبًا مقارنةً بالكلام التقليدي.
وبينما يستطيع البشر إدراك الأصوات التي تنتجها لغة "جيبيرلينك"، فإن تفسير البيانات دون معدات أو برامج متخصصة يمثل تحديا.
وتسرّع لغة "جيبيرلينك" عملية التواصل والتفاعل بين الآلات، وتقلل من الموارد الحاسوبية المطلوبة، حيث لم يعد عملاء الذكاء الاصطناعي بحاجة إلى معالجة اللغة البشرية المعقدة.
أهمية "جيبيرلينك"طور مشروع "جيبيرلينك" مهندسا البرمجيات "بوريس ستاركوف" (Boris Starkov) و"أنتون بيدكويكو" (Anton Pidkuiko) من شركة "ميتا" (Meta)، ويعد أحدث مثال على تطور الذكاء الاصطناعي إلى ما هو أبعد من اللغة البشرية، حيث تستطيع روبوتات الدردشة إنشاء أشكال جديدة من التواصل عند تركها بمفردها.
وتسمح هذه اللغة لبرامج الذكاء الاصطناعي بإدراك أنها تتفاعل مع نظام ذكاء اصطناعي آخر، ومن ثم الانتقال بسرعة إلى طريقة نقل بيانات تعتمد على الصوت.
ويعتمد مشروع "جيبيرلينك" على برنامج الذكاء الاصطناعي التحادثي من شركة "إليفن لابس" ونموذج لغوي كبير من شركة "أوبن إيه آي" (OpenAI)، وهو مصمم من أجل تحسين التفاعلات بين أنظمة الذكاء الاصطناعي من خلال السماح لروبوتات الدردشة بالتواصل وفق بروتوكول "جي جي ويف" المصمم خصيصًا لكفاءة الآلة.
وبمجرد أن يُدرك روبوت الذكاء الاصطناعي أنه يتحدث إلى روبوت ذكاء اصطناعي آخر، فإن مشروع "جيبيرلينك" يُطالب الروبوتات بالتحول إلى بروتوكول الاتصال "جي جي ويف"، الذي لا يحتاج إلى "وحدة معالجة رسومية" (GPU) للتعرف على الكلام، وتكفي "وحدة المعالجة المركزية" (CPU) للتعامل مع كل ذلك.
ويعد مشروع "جيبيرلينك" مفيدًا للمطورين والمؤسسات التي تستخدم وكلاء ذكاء اصطناعي متعددين يتطلبون التواصل المتبادل. وتشمل الاستخدامات:
إعلان مراكز الاتصال: يمكن لأنظمة خدمة العملاء المدعومة بالذكاء الاصطناعي استخدام "جيبيرلينك" لتنسيق وإدارة الاستفسارات بكفاءة كبرى. المركبات الذاتية القيادة: يمكن للسيارات الذاتية القيادة التواصل مع بعضها بعضا لمشاركة المعلومات حول حالة المرور، مما يعزز السلامة والملاحة. الأتمتة الصناعية: يمكن للروبوتات في بيئات التصنيع مزامنة المهام بسلاسة، مما يحسّن الإنتاجية.ومن خلال اعتماد "جيبيرلينك"، يمكن لهذه الأنظمة تحقيق أوقات استجابة أسرع والعمل بشكل أكثر ارتباطًا.
بغض النظر عن فوز هذا المشروع بالجائزة العالمية الكبرى خلال فعاليات هاكثون "إليفن لابس" العالمي لهذا العام، فإنه سلّط الضوء على المخاوف المتعلقة بالذكاء الاصطناعي والشفافية والمخاطر التي قد تحملها هذه التقنية.
وعلى غرار أفلام الخيال العلمي، أثار العرض التوضيحي للمشروع فضولًا وقلقًا واسعَي النطاق حول مستقبل برامج الذكاء الاصطناعي.
وتثير فكرة تواصل الآلات بلغة تتجاوز الفهم البشري تساؤلاتٍ حول الرقابة وإمكانية عمل أنظمة الذكاء الاصطناعي بشكل مستقل دون وعي بشري.
كما أن تخيل وجود نظام يعمل بشكل مستقل دون أن يستطيع الإنسان مراقبة آلية عمله أو التحقق من قراراته يفتح الباب أمام سيناريوهات غير محسوبة.
وفي عام 2017، اضطرت شركة "فيسبوك" إلى التخلي عن تجربة بعد أن أنشأ برنامجا ذكاء اصطناعي نوعًا من الاختزال لم يتمكن الباحثون البشريون من فهمه.
وفي حال استمر الذكاء الاصطناعي في تطوير لغات تواصل خاصة، فقد يصل إلى نقطة لا يمكن للبشر فيها تتبع أو فهم ما يجري داخل هذه الأنظمة. وهذا يثير مخاوف بشأن إمكانية اتخاذ الذكاء الاصطناعي قرارات خارج إشراف البشر.
إعلانوقد تُستخدم لغة غير مفهومة، مثل "جيبيرلينك"، لنقل معلومات بين أنظمة الذكاء الاصطناعي بطريقة يصعب اعتراضها أو تحليلها، مما قد يجعلها أداة خطيرة في الهجمات الإلكترونية أو عمليات التجسس.
وفي حال استطاع نظام ذكاء اصطناعي تطوير لغة لا يفهمها البشر، فإن ذلك قد يستخدم لإخفاء عمليات التلاعب الرقمي، مثل تغيير البيانات دون اكتشاف ذلك بسهولة. كما يمكن أن تستخدم جهات غير أخلاقية هذه التكنولوجيا في الهجمات السيبرانية المتقدمة.
ويخشى أن تطوير لغة خاصة بين الآلات قد يكون الخطوة الأولى نحو ذكاء اصطناعي ذاتي الوعي، قادر على العمل بشكل مستقل عن التعليمات البرمجية المحددة له.
وإذا استطاعت الأنظمة الذكية تطوير طريقة تواصل خاصة، فقد تصبح أقل اعتمادًا على البشر، مما يفتح مجالًا لمخاوف التعلم التلقائي دون إشراف بشري، وقد يؤدي ذلك إلى تطورات غير متوقعة في عالم الذكاء الاصطناعي.
وتتباين آراء الباحثين حول "جيبيرلينك"، إذ يعتقد المؤيدون أن تطوير لغة خاصة للذكاء الاصطناعي قد يساعد في تحسين الأداء وتقليل الأخطاء البشرية، ويجعل العمليات الحسابية أكثر كفاءة.
في حين يرى المعارضون أن هذا التطور يهدد الشفافية والمسؤولية، ويجب أن تكون هناك قيود تمنع الذكاء الاصطناعي من إنشاء أنظمة تواصل لا يمكن للبشر فهمها.
بينما يدعو المحايدون إلى إجراء أبحاث إضافية لضمان التوازن بين الابتكار والرقابة، بحيث يتمكن البشر من الحفاظ على التحكم بهذه التقنيات.
ما مستقبل "جيبيرلينك"؟تستبدل الشركات بموظفي مراكز الاتصال وكلاء ذكاء اصطناعي من الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي القائم على الصوت.
وفي الوقت نفسه، بدأت شركات التكنولوجيا العملاقة بتقديم وكلاء ذكاء اصطناعي قادرين على التعامل مع المهام المعقدة نيابةً عنك. وقد يستطيع هؤلاء الوكلاء قريبًا الاتصال بمركز خدمة العملاء نيابةً عنك.
إعلانوفي هذا المستقبل المحتمل، قد يُحسّن مشروع "جيبيرلينك" كفاءة التواصل بين وكلاء الذكاء الاصطناعي، شريطة أن يكون كلا الطرفين مُفعّلَين للبروتوكول.
وفي حين أن النماذج الصوتية العاملة بالذكاء الاصطناعي قادرة على ترجمة الكلام البشري إلى رموز يفهمها نموذج الذكاء الاصطناعي، فإن العملية تتطلب الكثير من الحوسبة غير الضرورية إذا كان عميلان للذكاء الاصطناعي يتحدثان مع بعضهما بعضا.
ويقدر مطورا المشروع أن تواصل وكلاء الذكاء الاصطناعي عبر بروتوكول الاتصال "جي جي ويف" قد يقلل من تكاليف الحوسبة بمقدار كبير.
ويؤكد مطورا المشروع أن تقنية "جيبيرلينك" الأساسية ليست جديدة، بل تعود إلى أجهزة مودم الإنترنت الهاتفية في ثمانينيات القرن الماضي.
وقد يتذكر البعض الأصوات المميزة للحواسيب القديمة وهي تتواصل مع أجهزة المودم عبر الخطوط الأرضية المنزلية، وهي عملية تمثل في جوهرها نقل البيانات باستخدام لغة روبوتية، تشبه إلى حد كبير ما يحدث بين وكلاء الذكاء الاصطناعي عبر "جيبيرلينك".
في الختام، فإن لغة الذكاء الاصطناعي السرية "جيبيرلينك" تمثل تطورًا مثيرًا في عالم الذكاء الاصطناعي، ولكنها تثير تساؤلات حول الأمن والسيطرة والشفافية وتذكرنا بالمخاطر المحتملة لهذه التقنيات.
وما زال الجدل مستمرًا حول ما إذا كانت هذه اللغة خطوة إيجابية نحو مستقبل أكثر كفاءة، أم أنها مقدمة لمخاطر غير محسوبة.
وبينما تسعى هذه التقنية إلى تحسين كفاءة الأنظمة، فإنها تطرح تساؤلات عميقة حول السيطرة البشرية، والأمان، والأخلاقيات.
وفي كل الأحوال، يظل التحكم البشري والرقابة الفعالة ضرورتين أساسيتين لضمان أن تبقى هذه التكنولوجيا تحت السيطرة.