هوية السودان من خلال نصوص أغاني الحقيبة .. تأليف الدكتورة عفاف عبد الحفيظ محمد رحمة .. تقديم بروفيسور/ عبدالله علي إبراهيم
تاريخ النشر: 25th, August 2023 GMT
أم درمان: دار عبد الكريم ميرغني، 2023
يبحث هذا الكتاب في هوية السودان كما تخيلها وعرفها وطورها الوطنيون السودانيون في عشرينات وثلاثينات وأربعينات القرن الماضى والشعراء المعاصرون لهم، والذين عبروا عن خيالاتهم في منتوج قومي عرف لاحقا باسم أغاني الحقيبة. في مزاوجته بين القومية والفولكلور يتناول هذا الكتاب أغاني الحقيبة كثقافة شعبية وكجنس فولكلوري وكشاهد على التاريخ وكمنصة استخدمت للتعبير عن قومية وليدة خلال فترة الحكم الاستعماري 1898-1956م.
يتبني الكتاب نظرية فسرت نشؤ القومية وعوامل انتشارها وهي نظرية Imagined Communities (الجماعات المتخيلة) لبندكت أندرسون (1936-2015م)، والتي كتب عنها بالتفصيل في كتابه The Imagined Communities: Reflection on the Origins and Spread of Nationalism 1983 ويطبقها على حالة السودان في فترة الحكم الاستعماري فيتتبع كيف نشأت القومية السودانية، وما هي النخبة التي اعتنقتها، والوسائل التي تخيلوا بها أمتهم، والمنصات التي أذاعوا عبرها هذا الخيال الى قطاعات أوسع من الشعب. ويحلل تقليد الأغنية التي ظهرت الى حيز الوجود خلال تلك الفترة وصورة الأمة التي تخيلها شعراؤها ومغنوها كما يحلل هذا الخيال الذي صنعه هؤلاء الشعراء عن السودان كوطن متخيل.
في أثناء ذلك، يأخذ الكتاب القارئ فى رحلة عبر الماضي فيدرس أصول أغنية الحقيبة المحتملة، ويعيد تشكيل المشهد فى بيت اللعبة وجلسة السباتة، ومجتمع شعراء الحقيبة بتداخلاته الاجتماعية والثقافية والسياسية والأدوار التي لعبوها ومصادر معرفتهم ومنابع إبداعهم. ثم يمضي فيعرف بعلائق اللغة والثقافة والدين فى أشعار الحقيبة. وينتهي ببسط خيال الأمة السودانية التي أطلت من خلال هذه النصوص، فيتعرض لمُثل الجمال وطبيعة علاقة الحب فى المجتمع السوداني والقيم المركزية لهذا المجتمع.
من ثم يضيق من زاوية النظر قليلا ليكشف لنا عن خيال المرأة فى أشعار الحقيبة ما بين الأوصاف الحسية وبين والدعوة لتعليمها وتمكينها وجعلها أيقونة للامة الوليدة. كما يصف أيضا كيف رسمت الحقيبة خارطة قومية للوطن وكيف وظفت الأجناس الفنية والتراث الشعري قبلها فى وصف أراضي الوطن فى رحلات خيالية وصفت أرضه ونباته وهيأت إنسانه لرحلة مستحقة فى النضال من أجله.
لقد كشف تحليل نصوص أغاني الحقيبة في هذا الكتاب أن الحقيبة كانت منصة من المنصات التي تخيلت بها النخبة المتعلمة وطنها في المستقبل محررا من الاستعمار وأنها كانت أكثر هذه المنصات شعبية. وأنها ساهمت في تخيل السودان كوطن عربي إسلامي في أذهان مواطنيه. وقد كشف هذا الخيال عن أوجه قصور جدية فيما بعد الاستقلال خاصة فيما يتعلق بالسكان من غير المسلمين وغير الناطقين باللغة العربية الذين استوطنوا الأجزاء الشرقية والغربية والجنوبية من السودان.
لقد تخيلت هذه النخبة السودان كدولة عربية مسلمة ركائزها الرئيسية هي اللغة العربية والإسلام الى جانب من القيم والعادات والتقاليد التي تم تخيلها على أنها الروابط التي تربط الأمة ببعضها. وسعوا فيما بعد لبناء الأمة السودانية على (مثالهم الثقافي) وقد امنوا أن التجانس الثقافي وليس احترام التعددية هو المطلوب من اجل تحقيق الوحدة الوطنية. وقد اثارت محاولات فرض لغة وثقافة هذه القومية على بقية البلاد صراعات مزمنة استمرت حتى الآن.
وخلافا لجدل العروبة والإسلام التقليدي في الهوية السودانية يحاول هذا الكتاب أن يفسر هذه التعقيدات من زاوية فريدة هي تراكبات القومية والثقافة والتاريخ والتراث ويضئ زوايا جديدة جديرة بالرؤية فى التاريخ والثقافة السودانية.
IbrahimA@missouri.edu
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: هذا الکتاب
إقرأ أيضاً:
كشف هوية جندي بعد 80 عاما من وفاته في الحرب العالمية الثانية.. متى سيُدفن؟
ملايين الضحايا الذين سقطوا خلال الحرب العالمية الثانية، منهم مَن تم التعرف عليه ومنهم مَن ظل مفقودًا حتى الآن رغم مرور السنوات، وآخرها العثور على أحد الجنود المفقودين، الذين شاركوا في الحرب، إلا أنه سيتم دفن رفاته في المقبرة الوطنية، خلال العام المقبل.. فما القصة؟
بعد 80 عاما.. العثور على رفات جندي شارك في الحرب العالمية الثانيةبعد مرور 80 عاما، على الحرب العالمية الثانية، تم العثور على أحد الجنود المفقودة حينذاك، يُدعى جيرميا بي ماهوني، وكان يبلغ من العمر 19 عامًا، من مدينة شيكاغو، وفق ما نشرته صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، موضحة تفاصيل اختفاء الجندي، حينما كان يعمل على إمداد وتعزيز قوات الحلفاء لأسابيع على طول جبهة يبلغ عرضها 40 ميلاً على الحدود بين فرنسا وألمانيا في أوائل يناير 1945.
وخلال إحدى الهجمات على قوته، باستخدام المدفعية الثقيلة وقذائف الهاون بالقرب من ريبيرتسفيلر في فرنسا، كان الجندي «جيرميا»، يحفر خندقًا، وانهالت عليه ورفاقه القذائف، واضطرت شركته إلى الانسحاب من المنطقة، ولم يكن من الممكن استعادة جثته على الفور.
العثور على رفات جندي مجهولوفي يناير 1946، أصدرت وزارة الحرب حكمًا مفترضًا بوفاته، لأن الجيش لم يكن لديه سجل للقوات الألمانية التي أسرت الجندي «ماهوني»، ولم يكن لديه أي رفات، إلا أن خلال الأيام الماضية، تم إجراء العديد من التحاليل والفحوصات للتأكد من هوية الرفات، بعد العثور عليه، حسب وكالة محاسبة أسرى الحرب والمفقودين في العمليات العسكرية، وهي وكالة تابعة لوزارة الدفاع.
«للمرة الأولى في حياتي، تعرفت على هذا العم الذي فقدته منذ زمن طويل لقد شعرت بالارتياح، ولكن كان هناك شعور أكبر بالندم لأن أسرته المباشرة لم تكن لديها هذه المعلومات قبل وفاته» وفق جيري مانيل، صاحب الـ72 عامًا، أحد أفراد الأسرة، عندما علم بالتعرف على هوية الجندي ماهوني، الذي لم يلتقِ به قط، وبحلول العام الجديد 2025، سيتم دفن الجندي ماهوني، مع مراسم عسكرية كاملة في مقبرة أرلينجتون الوطنية، وذلك احتفالًا منهم بمرور قرن على ولادته.