تكتسب زيارة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - إلى مملكة هولندا التي تبدأ الاثنين، السياقَ الدبلوماسي إلى ما يمكن أن نطلق عليه مرحلة جديدة من الانفتاح العُماني على بناء الشراكات الاقتصادية المستقبلية.

لكن هذه الشراكات لها سياقاتها التاريخية وإلحاحاتها الآنية حيث تطمح كل من سلطنة عُمان ومملكة هولندا للانتقال من حدود التبادل التجاري التقليدي إلى فضاءات أوسع من الشراكة الاستراتيجية، تشمل الطاقة المتجددة، والموانئ، والتعليم، والحوكمة، بل وممرات الهيدروجين الأخضر التي تمثل مستقبل الطاقة فـي عالم ما بعد النفط.

وإذا كان العالم يشهد اليوم انقسامات كبيرة مع حدوث تحولات عميقة فـي بنية العولمة وصعود سياسات «حمائية» فإن سلطنة عُمان وكذلك مملكة هولندا تقفان إلى جانب الحوار والتفاوض من أجل تجاوز هذه المرحلة الصعبة التي وجد العالم نفسه فـيها. ويدرك كلا البلدين تماما حجم التحديات التي تنتظر العالم فـي السنوات القليلة القادمة وخاصة فـيما يتعلق بأسواق الطاقة وهشاشة سلاسل الإمداد فـي ظل السياسات الجديدة ولذلك لا خيار أمام الجميع إلا عبر بناء تحالفات طويلة المدى، قائمة على المصالح المشتركة، لا على الصفقات العارضة.وإذا كانت هولندا تمثل ثالث أكبر اقتصاد فـي الاتحاد الأوروبي، وتمتلك خبرات متقدمة فـي إدارة المياه والخدمات اللوجستية والطاقة النظيفة، فإن سلطنة عُمان تقدم في المقابل موقعًا استراتيجيًا فريدًا، ورغبة كبيرة فـي الانفتاح على الاستثمارات الخارجية، وإرادة سياسية واضحة لتحويل اقتصادها إلى نموذج أكثر تنوعًا واستدامة، وفقًا لـ«رؤية عُمان 2040».

إن ما يميز هذه الشراكة، كما يتضح من تفاصيل الزيارة، هو أن البلدين لا يكتفـيان بتوسيع العلاقات التجارية، بل يعملان على إعادة تعريفها ضمن مفاهيم المستقبل: عبر التعاون فـي الابتكار والمعرفة، وتوسيع نطاق التبادل التعليمي والثقافـي، وربط موانئهما بممرات عالمية تخلق قيمة اقتصادية تتجاوز حدود الجغرافـيا.

وتشير التصريحات التي تسبق الزيارة أن هناك وعيًا كبيرًا فـي البلدين أن الاقتصاد لم يعد كما كان قبل عقد من الزمن فهناك الكثير من المتغيرات التي باتت تحكمه سواء فـيما يتعلق بالطاقة أو ما يتعلق بالسياسات ولذلك فإن المصالح تتقاطع وتبادل الخبرات أمر لا غنى عنه فـي هذا التوقيت بالذات.

ولذلك فإن زيارة جلالة السلطان المعظم إلى مملكة هولندا وما قد يتبعها من زيارات أخرى مرتقبة لدول مؤثرة فـي المشهد العالمي السياسي والاقتصادي تؤكد أن عُمان قادرة على الدوام على صياغة قصص نجاح بكثير من الهدوء وكثير من الشراكات مع دول العالم بعيدًا عن الانغلاق والتوجس من الآخر، وهذا النوع من القصص الناجحة المبنية على احترام القيم والمبادئ هي الأقدر على العبور الآمن نحو عالم أكثر توازنًا واستدامة.

حفظ الله عُمان وحفظ جلالة السلطان.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

الإمارات وهولندا تعقدان الجولة الرابعة من المشاورات السياسية

أبوظبي: وام

أبوظبي - وام
عُقدت الجولة الرابعة من المشاورات السياسية بين وزارتي الخارجية في الإمارات العربية المتحدة ومملكة هولندا بمدينة لاهاي بتاريخ 9 إبريل 2025، برئاسة لانا زكي نسيبة، مساعدة وزير الخارجية للشؤون السياسية، ومارسيل دي فينك، المدير العام للشؤون السياسية بوزارة الخارجية الهولندية.
وتناولت المشاورات سبل توطيد العلاقات الثنائية العميقة بين البلدين، حيث بحث الجانبان سبل تعزيز التعاون في عدد من القطاعات، مع التركيز على التعاون الاقتصادي، والتكنولوجيا المتقدمة، والتحول الرقمي، والمياه والطاقة المتجددة، والأمن الغذائي.
وأشار الجانبان إلى النمو الملحوظ في حجم التبادل التجاري غير النفطي الذي شهد ارتفاعاً تجاوز نسبة 20% خلال عام 2023، إضافة إلى ازدياد تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة بين البلدين، والتي بلغت ما يقارب 1.07 مليار دولار أمريكي خلال الفترة الأخيرة.
وأجرى الجانبان تبادلاً معمقاً لوجهات النظر حول التطورات الإقليمية والدولية، بما في ذلك الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط وأوروبا.
وسلطت المشاورات، الضوء على أهمية استمرار الحوار بين البلدين الصديقين لمواجهة التحديات الإقليمية وتعزيز الاستقرار الدولي.
وأكد الجانبان التزامهما بمواصلة عقد المشاورات السياسية بصورة منتظمة بما يسهم في تحقيق الأهداف المشتركة بما يخدم مصلحة شعبي البلدين.

مقالات مشابهة

  • المملكة تحقق الجائزة الكبرى في معرض جنيف الدولي للاختراعات 2025
  • الإمارات وهولندا تعقدان الجولة الرابعة من المشاورات السياسية
  • سلطنة عُمان وهولندا .. التزام بتطوير التعاون في مجالات التنمية والاستثمار
  • دعاء الأيام البيض وفضل صيامها.. نافذة إيمانية تتجدد كل شهر
  • رابطةُ العالم الإسلامي تُدين أوامر الإغلاق التي أصدرتها إسرائيل بحق ستّ مدارس لوكالة “الأونروا” في القدس المحتلة
  • رابطةُ العالم الإسلامي تُدين أوامر الإغلاق التي أصدرتها إسرائيل بحق 6 مدارس لـ “الأونروا” في القدس المحتلة
  • كيف ستؤثر الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين على العالم؟.. حصة البلدين من الاقتصاد الدولي 43%.. وفائض البضائع أكبر أزمة تواجه بكين
  • وزير الخارجية التركي: مجلس الأمن صامت أمام كل الانتهاكات التي تقع في غزة
  • بن فرحان: السعودية ترفض أي طرح يتعلق بتهجير الفلسطينيين