mugheira88@gmail.com
ظللنا نسوق التهم , دون أن يطرف لنا جفن , ونرمي باللائمة , و نتهم كل ساستنا من الرعيل الأول , رواد النهضة و قادة الحركة الوطنية بالفشل , و أكثر من ذلك , أدمانه , و نري في مسيرتهم كلها التخبط و (اللافاعلية ) ونقول بافتقادهم الي الضابط الذي يربط بين الأحلام و وسائلها , و نقول ان ثقافاتهم لا توافق مثلها العليا و افكارهم لا تعرف التحقيق و نرد كل عقبة في طريق تطور بلادنا لسلوكهم .
و في كتابه المرجع ( الديمقراطية في الميزان ) يقول المحجوب : لم تكن معالجة مشكلاتنا سهلة ,فالسودان بلد فيه رقعة صحراوية شاسعة وغابات يصعب اختراقها و تسكنها قبائل لا تزال في أحوال بدائية و لا صلة بينها و بين العالم الخارجي .تتناقض فيه العاصمة و القري ذات الأكواخ المبنية بالقش , وفيه المؤذنون في الشمال وأجراس الكنائس في الجنوب. لكني أعتقد أنه كان في مقدورنا أن نعمل لنجاح الديمقراطية لو أعطينا الوقت .
وبوسع القاري لقول المحجوب أن يصل الي أن النشاط الاجتماعي و الثقافي لتطبيق فكرة ما مرتبط في الواقع ببعض الشروط النفسية الاجتماعية التي بدونها يصير تنزيلها علي أرض الواقع أمرا عسيرا إن لم يكن مستحيلا . و مهما يكن من أمر , فان الديمقراطية و المطالبة بها في بلادنا لم تكن حلما يسجل فقط في كتابات المثقفين و في مخيال الانتجلنسيا , و انما ظهر ذلك و عبرت عنه شعوب السودان في ثوراتها الشعبية الفريدة و بذلت في سبيل تحقيقه المهج و الأرواح و ظلت علي الدوام تتوق للحرية و تنشد الديمقراطية و ترفض الشمولية و حكم دكتاتورية العسكر .
و خصيصة المحجوب الفكرية والابداعية هي قدرته علي اختزال عصره و جيله كله فيه ( جاء في تقدمة الكتاب أن المحجوب في تسميته للكتاب الديمقراطية في الميزان ) مذهل تماما ,لأنه لا يفقد الأمل علي الرغم من النكسات الكبيرة التي تعرضت لها الديمقراطية, لكن لا احد يستطيع ان يتهمه بالانهزامية ( defeatism ) حتي في منفاه علي ايمانه بها , لتوقه و تفاؤله في تحقيق الديمقراطية في بلاده يقول : عشت لأعاني الألم المبرح من رؤية الديمقراطية يغتصبها العسكر مرتين في بلدي , و لطالما أكدت كلما واجه الحكم الديمقراطي أزمه , إن خير علاج لعلل الديمقراطية هو إعطاء الناس مزيدا من الديمقراطية والحرية , ان الاختلاف الشديد بين المصالح القبلية والسياسية والقومية يجعل الحوار الحر بين الناس ضرورة و يوفر فرصة لتسويه بين المصالح المختلفة , ما زلت اعتقد ان الديمقراطية هي نظام الحكم الوحيد الذي يستطيع العمل في البلاد النامية والحرية هي حجر الأساس في الديمقراطية , انها تولد في الناس وعي التطور , وتشجعهم علي المطالبة به , ولكن حين تطرد الحرية يزول الوعي , وتخرس الجرأة .)
و هكذا نلاحظ بطريقة او باخري , ان عالم الاشخاص لا يمكن ان يكون ذا نشاط اجتماعي فعال الا اذا نظم وتحول الي تركيب و الفرد المنعزل لا يمكن ان يستقبل الثقافة و لا ان يرسل اشعاعها . و في بلادنا و بطبيعة الفرد الريفية و حسه الانعزالي و بطبيعة تكوين النخب و تعليمها تتكون صخور من الموانع تحول دون تطور الفكر الديمقراطي , حتي و ان ظلت المطالبة به قائمة علي مر العصور .
فاذا صحت هذه الاعتبارات , و هي صحيحة قطعا , فربما اتاحت لنا تفسير تعثر الديمقراطية في بلادنا , علي الرغم من أن المؤسسة العسكرية , و التي دأبت في دول العالم الثالث , و أفريقيا خاصة , تدخلها في الشأن السياسي و وأدتها كل تجربة مدنية ديمقراطية .
و بحسبنا ان نلاحظ , حتي في ظل الحرب القائمة الآن , فان كل طرف من أطرافها الثلاثة من العسكر والمدنيين , يقول من تحت اصوات المدافع و ازيز الطائرات , أنه يهدف تطبيق الديمقراطية . و ان ثورة ديسمبر المجيدة و شبابها , لا بد أن تكون مكافأتهم من بعد هذا الحطام هو تحقيق أهداف الثورة و تنزيل شعاراتها . و هكذا تظل الديمقراطية دائما في الميدان , و يظل شعبنا يطالب بها , و في كل الظروف , لأنه يري أن في تطبيقها الخلاص و الحل لكل المشكلات , طارفها و تليدها .
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الدیمقراطیة فی
إقرأ أيضاً:
الأسد يقول في بيان من موسكو إنه لم يغادر سوريا "بشكل مخطط له"
للمرة الأولى منذ إسقاطه من الحكم في 8 ديسمبر، خرج بشار الأسد عن صمته في بيان من موسكو مؤكدا أنه لم يغادر دمشق إلا « في اليوم التالي » لسقوطها، منددا كذلك « بسقوط الدولة بيد الإرهاب ».
وبعد هجوم خاطف استمر 11 يوما، تمك نت فصائل معارضة بقيادة هيئة تحرير الشام من دخول دمشق في 8 ديسمبر، وإنهاء حكم عائلة الأسد الذي استمر أكثر من نصف قرن وعرف بالقمع الوحشي.
وقال الأسد في بيان نشرته صفحات الرئاسة على مواقع التواصل الاجتماعي الاثنين « لم أغادر الوطن بشكل مخطط له كما أشيع، كما أنني لم أغادره خلال الساعات الأخيرة من المعارك، بل بقيت في دمشق أتابع مسؤولياتي حتى ساعات الصباح الأولى من يوم الأحد 8 ديسمبر، أي في اليوم التالي لسقوط دمشق ».
وأضاف أنه « مع تمدد الإرهاب داخل دمشق، انتقلت بتنسيق مع الأصدقاء الروس إلى اللاذقية لمتابعة الأعمال القتالية منها، وعند الوصول إلى قاعدة حميميم صباحا تبين انسحاب القوات من خطوط القتال كافة وسقوط آخر مواقع الجيش ».
وتابع الأسد أنه « مع ازدياد التدهور الميداني في تلك المنطقة، وتصعيد الهجوم على القاعدة العسكرية الروسية نفسها بالطيران المسير، وفي ظل استحالة الخروج من القاعدة في أي اتجاه، طلبت موسكو من قيادة القاعدة العمل على تأمين الإخلاء الفوري إلى روسيا مساء يوم الأحد 8 ديسمبر ».
وأفاد موظفون ومسؤولون سوريون وكالة فرانس برس في وقت سابق بأنه قبل ساعات قليلة من سقوط دمشق، في 8 ديسمبر، فر الأسد من دون إبلاغ أفراد عائلته ولا حتى أقرب مساعديه.
حتى أنه اتصل بمستشارته الإعلامية مساء السبت وطلب منها إعداد كلمة يلقيها، قبل أن يستقل طائرة من مطار دمشق إلى قاعدة حميميم الروسية. وقال مستشار للرئيس طلب عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية « لقد غادر مع ابنه حافظ من دون إبلاغ عائلته أو معاونيه المقربين، ومن القاعدة الروسية نقلته طائرة إلى موسكو ».
وقال الأسد في بيانه « من لم يتخل عن غير السوريين من مقاومة في فلسطين ولبنان ولم يغدر بحلفائه الذين وقفوا معه، لا يمكن ان يكون هو نفس الذي يتخلى عن شعبه الذي ينتمي إليه، أو يغدر به وبجيشه ».
وأكد أنه « مع سقوط الدولة بيد الإرهاب، وفقدان القدرة على تقديم أي شيء، يصبح المنصب فارغا لا معنى له، ولا معنى لبقاء المسؤول فيه ».
كلمات دلالية الأسد بيان سوريا