سودانايل:
2024-10-03@10:00:14 GMT

الديموقراطية في الميدان

تاريخ النشر: 25th, August 2023 GMT

mugheira88@gmail.com
ظللنا نسوق التهم , دون أن يطرف لنا جفن , ونرمي باللائمة , و نتهم كل ساستنا من الرعيل الأول , رواد النهضة و قادة الحركة الوطنية بالفشل , و أكثر من ذلك , أدمانه , و نري في مسيرتهم كلها التخبط و (اللافاعلية ) ونقول بافتقادهم الي الضابط الذي يربط بين الأحلام و وسائلها , و نقول ان ثقافاتهم لا توافق مثلها العليا و افكارهم لا تعرف التحقيق و نرد كل عقبة في طريق تطور بلادنا لسلوكهم .

و لكننا ننسي , ازاء ذلك كله , أن نحفظ لذلك الجيل تبنيه نظاما ديمقراطيا قائما علي التعددية الحزبية و حافلا بالأدبيات و القيم الديمقراطية و التي سبقت بها بلادنا الكثير من بلدان افريقيا و الشرق الأوسط رغما عن الهنات و العثرات التي لازمت مسيرتها و وقفت حجر عثرة في طريق تطورها و استدامتها .
و في كتابه المرجع ( الديمقراطية في الميزان ) يقول المحجوب : لم تكن معالجة مشكلاتنا سهلة ,فالسودان بلد فيه رقعة صحراوية شاسعة وغابات يصعب اختراقها و تسكنها قبائل لا تزال في أحوال بدائية و لا صلة بينها و بين العالم الخارجي .تتناقض فيه العاصمة و القري ذات الأكواخ المبنية بالقش , وفيه المؤذنون في الشمال وأجراس الكنائس في الجنوب. لكني أعتقد أنه كان في مقدورنا أن نعمل لنجاح الديمقراطية لو أعطينا الوقت .
وبوسع القاري لقول المحجوب أن يصل الي أن النشاط الاجتماعي و الثقافي لتطبيق فكرة ما مرتبط في الواقع ببعض الشروط النفسية الاجتماعية التي بدونها يصير تنزيلها علي أرض الواقع أمرا عسيرا إن لم يكن مستحيلا . و مهما يكن من أمر , فان الديمقراطية و المطالبة بها في بلادنا لم تكن حلما يسجل فقط في كتابات المثقفين و في مخيال الانتجلنسيا , و انما ظهر ذلك و عبرت عنه شعوب السودان في ثوراتها الشعبية الفريدة و بذلت في سبيل تحقيقه المهج و الأرواح و ظلت علي الدوام تتوق للحرية و تنشد الديمقراطية و ترفض الشمولية و حكم دكتاتورية العسكر .
و خصيصة المحجوب الفكرية والابداعية هي قدرته علي اختزال عصره و جيله كله فيه ( جاء في تقدمة الكتاب أن المحجوب في تسميته للكتاب الديمقراطية في الميزان ) مذهل تماما ,لأنه لا يفقد الأمل علي الرغم من النكسات الكبيرة التي تعرضت لها الديمقراطية, لكن لا احد يستطيع ان يتهمه بالانهزامية ( defeatism ) حتي في منفاه علي ايمانه بها , لتوقه و تفاؤله في تحقيق الديمقراطية في بلاده يقول : عشت لأعاني الألم المبرح من رؤية الديمقراطية يغتصبها العسكر مرتين في بلدي , و لطالما أكدت كلما واجه الحكم الديمقراطي أزمه , إن خير علاج لعلل الديمقراطية هو إعطاء الناس مزيدا من الديمقراطية والحرية , ان الاختلاف الشديد بين المصالح القبلية والسياسية والقومية يجعل الحوار الحر بين الناس ضرورة و يوفر فرصة لتسويه بين المصالح المختلفة , ما زلت اعتقد ان الديمقراطية هي نظام الحكم الوحيد الذي يستطيع العمل في البلاد النامية والحرية هي حجر الأساس في الديمقراطية , انها تولد في الناس وعي التطور , وتشجعهم علي المطالبة به , ولكن حين تطرد الحرية يزول الوعي , وتخرس الجرأة .)
و هكذا نلاحظ بطريقة او باخري , ان عالم الاشخاص لا يمكن ان يكون ذا نشاط اجتماعي فعال الا اذا نظم وتحول الي تركيب و الفرد المنعزل لا يمكن ان يستقبل الثقافة و لا ان يرسل اشعاعها . و في بلادنا و بطبيعة الفرد الريفية و حسه الانعزالي و بطبيعة تكوين النخب و تعليمها تتكون صخور من الموانع تحول دون تطور الفكر الديمقراطي , حتي و ان ظلت المطالبة به قائمة علي مر العصور .
فاذا صحت هذه الاعتبارات , و هي صحيحة قطعا , فربما اتاحت لنا تفسير تعثر الديمقراطية في بلادنا , علي الرغم من أن المؤسسة العسكرية , و التي دأبت في دول العالم الثالث , و أفريقيا خاصة , تدخلها في الشأن السياسي و وأدتها كل تجربة مدنية ديمقراطية .
و بحسبنا ان نلاحظ , حتي في ظل الحرب القائمة الآن , فان كل طرف من أطرافها الثلاثة من العسكر والمدنيين , يقول من تحت اصوات المدافع و ازيز الطائرات , أنه يهدف تطبيق الديمقراطية . و ان ثورة ديسمبر المجيدة و شبابها , لا بد أن تكون مكافأتهم من بعد هذا الحطام هو تحقيق أهداف الثورة و تنزيل شعاراتها . و هكذا تظل الديمقراطية دائما في الميدان , و يظل شعبنا يطالب بها , و في كل الظروف , لأنه يري أن في تطبيقها الخلاص و الحل لكل المشكلات , طارفها و تليدها .  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الدیمقراطیة فی

إقرأ أيضاً:

تصريح صحفي من تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم”حول قتل مدنيين خارج القانون في الحلفايا

انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تُظهر مجموعات تقاتل في صفوف الجيش تعلن بعد دخولها منطقة الحلفايا بالخرطوم بحري عن تصفية وقتل مدنيين خارج نطاق القانون، أظهرت المعلومات الأولية المتاحة حتى الآن حدوث قتل لمدنيين من خلال تنفيذ عمليات إعدام خارج نطاق القانون طالت عشرات المدنيين.
تدين تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم" هذه الجريمة وتدعو إلى اتخاذ الإجراءات القانونية تجاه مرتكبيها وتقديمهم إلى المحكمة والتعامل الجاد معها بعيدًا عن التسويف والمماطلة كما حدث في انتهاكات سابقة انتهت بوعود التحقيق دون وجود نتائج؛ وتعتبر في الوقت ذاته ما تم جريمة حرب مكتملة الأركان وستطال العدالة كل من ارتكبوها وحرضوا عليها في يوم من الأيام.
تجدد "تقدم" دعوتها لطرفي الحرب للالتزام بالقانون الدولي الإنساني والتوقف عن الاعتداء على المدنيين الموجودين في مناطق الحرب أو الفارين منها ووقف هذه الانتهاكات المستمرة لما يقارب العام والنصف.
تحذر "تقدم" من مخاطر تجريم العاملين في العمل الإنساني والقائمين على أمره بالتصنيف السياسي أو الاتهام بالانحياز لأي من طرفي الحرب، لأن ذلك يترتب عليه آثار وخيمة بإحجام المتطوعين عن العمل في خدمة المواطنين الموجودين في مناطق الحرب بعد فشل وعجز الجهات الرسمية عن تقديم أي خدمات لمواطنيها ممن يعانون الجوع والمرض، وانعدمت الخيارات أمام الملايين منهم فلم يجدوا خيارًا سوى البقاء في مناطقهم والتعايش مع واقع الحرب، فلم يجدوا ملاذًا سوى متطوعين ممن سدوا هذا العجز وبادروا بتقديم الخدمات لمواطني تلك المناطق.
في ذات السياق نجدد التحذير من تنامي قتل المدنيين خارج القانون أو استهدافهم بدوافع إثنية أو عرقية ومخاطر هذا المسلك ودفعه البلاد إلى أتون حرب أهلية شاملة لا تبقي ولا تذر يقتل فيها الناس بعضهم بعضًا على أساس العرق أو اللون أو طريقة الحديث؛ ومن يعتقدون أن دفعهم البلاد للحرب الأهلية الشاملة ستجعلهم في مأمن من شرورها وتمكنهم من حكم البلاد مجددًا بالحديد والنار يجهلون أنهم سيكونون ضحاياها عاجلًا أم آجلًا ويلاحقهم التاريخ بلعناته.
نجدد الدعوة لقيادة القوات المسلحة وقوات الدعم السريع باتخاذ القرار الصحيح والشجاع بوقف هذه الحرب والعودة للتفاوض وتحقيق الحل السلمي وإيقاف معاناة ملايين السودانيين والسودانيات ممن يتطلعون للعودة إلى ديارهم ومواصلة حياتهم بشكل اعتيادي في وطنهم وداخل بيوتهم.

د. بكري الجاك
الناطق الرسمي باسم تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية.
الأول من أكتوبر ٢٠٢٤م.  

مقالات مشابهة

  • مرحبا باليسار علي لسان الجبهة الديمقراطية-جامعة الخرطوم
  • بيان مهم من الجبهة الديمقراطية-جامعة الخرطوم
  • الميدان يثبت: السيد نصر الله لم ولن يغب إطلاقاً
  • أوهام الديمقراطية 2
  • تعيين عبدالإله العسكر متحدثًا إعلاميًا للتأمينات الاجتماعية
  • "الديمقراطية»: مصير جنود نتنياهو في جنوب لبنان سيكون كمصيرهم في غزة
  • تصريح صحفي من تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم”حول قتل مدنيين خارج القانون في الحلفايا
  • نائب الأمين العام لحزب الله: عملياتنا مستمرة في الميدان بعد اغتيال نصر الله.. فيديو
  • نائب الأمين العام لحزب الله: موجودون في الميدان ولن نتزحزح
  • نائب أمين عام حزب الله: جاهزون في الميدان ولكل قائد بديل حين يصاب وسنختار أمينا عاما بأقرب فرصة