جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-12@21:42:27 GMT

لماذا ترك العرب غزة وحدها؟

تاريخ النشر: 12th, April 2025 GMT

لماذا ترك العرب غزة وحدها؟

 

 

د. إبراهيم بن سالم السيابي

في وقت تُسمَع فيه أصداء القصف وتنتشر أخبار المجازر اليومية، تتواصل حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على غزة بلا هوادة منذ أكثر من 15 شهرًا، حصيلة الحرب تتجاوز حتى الآن أكثر من 50 ألف شهيد، جلهم من الأطفال والنساء والشيوخ من كبار السن، وتدمير أكثر من 80% من المباني في القطاع، بما فيها المستشفيات والمدارس والجامعات والبنية التحتية لجعل القطاع غير قابل للسكن، في مشهد يعكس مُعاناة غير مسبوقة وفرض حصار خانق على أكثر من مليوني إنسان يعيشون في العراء بلاء مأكل ومشرب عجزت المنظمات الإنسانية عن وصفه.

ومع كل ذلك، يواصل أهل غزة مقاومة الاحتلال متمسكين بأرضهم في مشهد يشبه بالمعجزة، لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: أين الموقف العربي؟ لماذا تركت غزة وحدها تتطاير أشلاء أبنائها بين الركام وتراق دمائهم في الشوارع والطرقات وتقف فيه على حافة الإبادة والفناء؟

وهناك عوامل قد تكون هي أسباب تخلي العرب عن غزة:

الأزمات المالية في العالم العربي: تعاني معظم الدول العربية من أزمات مالية خانقة من تراجع في الإيرادات، وزيادة العجز المالي، وربما الحاجة الماسة إلى المساعدات الغربية، خاصة الأمريكية، جعلت بعض الحكومات العربية تتجنب اتخاذ مواقف حاسمة تجاه غزة، خوفًا من فقدان هذه المساعدات أو التأثير على علاقاتها مع الغرب ومع صناع القرار في مؤسسات الإقراض الدولية. الخوف من نجاح تجربة حماس الإسلامية: بعد سيطرة حركة حماس على غزة، أصبحت تمثل نموذجًا إسلاميًا قد يُثير القلق لدى بعض الأنظمة العربية، فنجاح حماس في غزة يُعتبر تهديدًا للأيديولوجيات الحاكمة في بعض الدول، ما جعل بعض الأنظمة تفضل عدم التدخل؛ بل يذهب البعض إلى أن هناك توجيه غير معلن بالقضاء على حركة حماس، خوفًا من أن تنتقل التجربة إلى بلدانهم. الأزمات الداخلية في بعض الدول العربية: العديد من الدول العربية غارقة في صراعات داخلية، مثل سوريا، اليمن، ليبيا، العراق، والسودان. هذه الأزمات استهلكت الكثير من الموارد والوقت، ما جعل قضية غزة تُغيب عن أولويات هذه الدول. التطبيع مع إسرائيل: بعد اتفاقات التطبيع الأخيرة بين بعض الدول العربية وإسرائيل، أصبحت العلاقات مع تل أبيب أولوية لبعض الحكومات العربية، هذه الدول ترى أن التقارب مع إسرائيل يعود عليها بفوائد اقتصادية وأمنية، وبالتالي فإن دعم غزة أصبح مكلفًا سياسيًا وغير مربح اقتصاديًا. التشرذم العربي والانقسام في المواقف: الانقسامات السياسية بين الدول العربية جعلت موقف العرب من غزة ضعيفًا ومبعثرًا، فكل دولة تسعى لحماية مصالحها الخاصة أو لتحقيق مكاسب سياسية، ما أدى إلى غياب التوافق الفعلي لدعم أهل غزة. المصالح الاقتصادية مع الغرب: العلاقات التجارية مع الغرب أصبحت حجر الزاوية في سياسات بعض الدول العربية، وهذا يجعلها تتجنب أي تحرك قد يؤدي إلى توتر علاقاتها مع الدول الكبرى الداعمة لإسرائيل، مما يجعل الوقوف إلى جانب غزة يتعارض مع مصالحها الاقتصادية. هواجس من الفكر المتطرف: بعض الأنظمة العربية تخشى من انتشار الفكر المتطرف في المنطقة. وترى في دعم غزة دعمًا لحركة حماس، التي تعتبرها بعض الدول "إرهابية". وهذا الخوف من دعم الإرهاب جعل العديد من الدول العربية تتجنب مساندة غزة لكي لا يقال عنها بأنها تساند حركة حماس الإرهابية. الانقسام الفلسطيني الداخلي: الانقسام بين حركتي فتح وحماس يُضعف القضية الفلسطينية في أعين بعض الحكومات العربية، هذا الانقسام يجعل دعم غزة يبدو غير مجدٍ لبعضهم، لأنهم يرون أن الدعم قد يكون لطرف دون الآخر، ما يعمق الأزمة. الاضطرابات السياسية في العالم العربي: الحروب الأهلية والاضطرابات السياسية في اليمن وسوريا وليبيا والسودان ولبنان جعلت القضايا الأخرى تتراجع عن الأولويات؛ فغزة في ظل هذه الاضطرابات، أصبحت بعيدة عن اهتمام العديد من الدول العربية في وقت حساس.  رؤية القضية الفلسطينية كقضية عفا عليها الزمن: بعض العرب يرون أن القضية الفلسطينية لم تعد ذات أولوية في ظل الصراعات المستمرة والانقسام الداخلي الفلسطيني، هذا الشعور دفع بعض الدول العربية إلى تقليص دعمها لغزة، معتبرين أن عليهم التركيز على رفاهية شعوبهم أولًا.

في الختام، إنَّ غزة تواصل مقاومتها، ورغم كل المحن، ليبقى صوتها مدويًا في أرجاء العالم، مع بقاء السؤال العميق في ضمير كل عربي حر: أين العرب من غزة؟ وما يحدث في غزة اليوم هو وصمة عار على جبين الأمة العربية، وإذا كانت الهزيمة في حرب 1948 قد وُصِفت حينها بالنكبة، فماذا نسمي ما يحدث في غزة الآن؟ هل هي فضيحة؟ أو هل هي تواطؤ؟ وفي فضاء مفتوح، يبقى السؤال المحوري: لماذا ترك العرب غزة وحدها؟ هل هي الانقسامات والضغوط السياسية والاقتصادية أم هو باختصار الضعف وقلة الحيلة؟ أم أن هناك أسبابًا أخرى لا نعلمها؟

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

أبو الغيط يشارك في الاجتماع الوزاري لمجموعة الاتصال العربية الإسلامية بشأن غزة

شارك أحمد ابو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية في الاجتماع الوزاري لمجموعة الاتصال العربية الإسلامية المعنية بغزة، والذي عقد بأنطاليا بتركيا اليوم الجمعة ١١ الجاري.

وشدد ابو الغيط في مداخلته أمام الاجتماع على الأولوية المطلقة لوقف إطلاق النار في غزة، محذرا من خطورة تدهور الوضع الإنساني الى مدى غير مسبوق بهدف دفع الفلسطينيين إلى خارج القطاع.

وقال جمال رشدي المتحدث الرسمي باسم الامين العام أن الاجتماع شهد نقاشا موسعا حول سبل تكوين زخم داخلي ضاغط من أجل وقف الحرب الإسرائيلية الوحشية على المدنيين في غزة، وبهدف منع سيناريو التهجير المرفوض عربيا ودوليا.

وأكد رشدي أن وزراء الدول العربية والإسلامية الأعضاء في مجموعة الاتصال تناولوا الخطوات المقبلة على الصعيد السياسي والدبلوماسي لجهة تجسيد حل الدولتين وتعزيز الدعم له في المجتمع الدولي، لاسيما ما يتعلق بالمؤتمر الذي يُنتظر أن يعقد في نيويورك في يونيو القادم برعاية سعودية فرنسية مشتركة من أجل دفع حل الدولتين. وشدد المجتمعون على أهمية قيام فرنسا باتخاذ الخطوة الضرورية والواجبة بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، باعتبار ذلك يمثل خطوة مهمة على طريق حل الدولتين.

مقالات مشابهة

  • رسالة من الأسير في غزة عيدان ألكساندر.. خاطب ترامب (شاهد)
  • حماس: تأخير وقف الحرب يعني مزيدًا من القتل والمحتجزون يدفعون ثمن طموحات نتنياهو
  • أطباء فلسطين: جيش الاحتلال بات يسخر من عدم قدرتنا على وقف الحرب
  • نيجيرفان بارزاني يبحث مع أبو الغيط علاقة كوردستان بجامعة الدول العربية
  • أبو الغيط يشارك في الاجتماع الوزاري لمجموعة الاتصال العربية الإسلامية بشأن غزة
  • بعد السعودية.. أي الدول العربية أكثر تنفيذا لأحكام الإعدام بـ2024؟
  • المغرب يتصدر الدول العربية في المساواة العرقية ويحجز المركز 47 عالمياً في 2025
  • اتفاقية شراكة بين اتحاد الناشرين العرب ومعهد المخطوطات العربية
  • الجدل يرافق إطلاق إسم الجامعة العربية على مرآب جديد بالدارالبيضاء