في موقفٍ لافت، ويحمل بين طيّاته العديد من الدلالات، انتقد البطريرك الماروني بشارة الراعي صراحةً ما وصفه بـ"التستّر وراء الحوار والتوافق"، في مقاربة الاستحقاق الرئاسي المجمَّد منذ أشهر، مشدّدًا على أنّ "الحلّ واحد ودستوري"، ويقضي بالدخول إلى قاعة المجلس النيابي وإجراء الانتخابات الرئاسية بين المرشحين الذين باتوا معروفين، "فتكون كلمة الفصل في التصويت وفقًا للمادة 49 من الدستور"، وفق تعبيره.


 
وفيما جاء كلام الراعي هذا في سياق "حضّه" على وجوب "وضع حدّ للمهزلة التي شوّهت وجه لبنان الديمقراطي البرلماني الحضاري"، في إشارة إلى استمرار سياسة التعطيل رئاسيًا، بوصفها "وسيلة ديمقراطية"، وبالتالي إطالة أمد الفراغ إلى أجَل غير مسمّى، فإنّه أثار في الوقت نفسه علامات استفهام عمّا إذا كان البطريرك الماروني قد تبنّى موقف المعارضة التي ترفض الانخراط في الحوار، وتصرّ على جلسات انتخابية متتالية.
 
ولأنّ فكرة "الحوار" لم تعد داخلية فحسب، بل تسوّق لها فرنسا بشكل أو بآخر، من خلال موفد الرئيس إيمانويل ماكرون، وزير الخارجية الفرنسي الأسبق جان إيف لودريان، الذي لا يزال "مصير" زيارته الثالثة إلى لبنان غير واضح، يصبح السؤال أكثر من مشروع عن وجود رسالة "ضمنية" يوجّهها الراعي إلى باريس، ولا سيما في ضوء حديث عن "امتعاض" في بعض الأوساط، من الأداء الفرنسيّ في الملف الرئاسي اللبنانيّ.
 
البطريرك على موقفه
 
يرفض المطّلعون على الكواليس السياسية تفسير كلام البطريرك الماروني في غير موضعه، أو "تقويله ما لم يقله" إن جاز التعبير، فحديثه كان موجَّهًا إلى الداخل بالدرجة الأولى، وهو لم يأت على سيرة الفرنسيّين أو غيرهم، ولا سيما أنّ التلطّي خلف الحوار والتوافق هو استراتيجيّة يتّبعها الفريق الذي يعطّل جلسات الانتخاب، والذي يصرّ على أنّ الحوار هو "الممرّ الإلزامي" لإنجاز الاستحقاق، والمقصود بذلك تحديدًا هو "حزب الله" وحلفاؤه.
 
لا يعني ما تقدّم وفق هؤلاء، أنّ البطريرك الراعي يتبنّى منطق المعارضة بالمطلق، أو أنّه يرفض فكرة الحوار بكلّ أشكالها، أو حتى أنّه يتّخذ موقفًا ضدّ المرشح المدعوم من "حزب الله"، أي رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، ولكنّه يعني بكلّ بساطة، أنّ المطلوب من جميع الفرقاء أن يسلكوا المسار الدستوري والقانوني وهو الانتخاب، طالما أنّ الطرق الأخرى بما فيها الحوار "مسدودة"، في ظلّ رفض فريق واسع من اللبنانيين للجلوس الى الطاولة.
 
أكثر من ذلك، يشدّد هؤلاء على أنّ البطريرك الماروني في موقفه هذا، لم يُدلِ عمليًا بما هو جديد، فهو يكرّر الدعوة إلى انتخاب رئيس للجمهورية وفق ما ينصّ عليه الدستور، منذ اليوم الأول للفراغ في قصر بعبدا، وبالتالي فهو "ثابت" على هذا الموقف، رغم "انفتاحه" على كلّ ما من شأنه إنهاء الشغور، الذي يزداد "خطورة" يومًا بعد يوم، ولا سيما بعدما بدأ يتمدّد إلى العديد من المواقع "الحسّاسة"، المارونية تحديدًا، من حاكمية مصرف لبنان إلى قيادة الجيش.
 
رسالة إلى فرنسا؟
 
على الرغم من أنّ كلام الراعي لا ينطوي بالمطلق على "رسائل مضمرة" إلى فرنسا، باعتبار أنّ أفرقاء الداخل هم المعنيّون بها بالدرجة الأولى، وأنّهم متى تقيّدوا بالقانون وانتخبوا الرئيس بصورة ديمقراطية، فإنّ كلّ "الوسطاء" الدوليين سيكونون مرحّبين، إلا أنّ هناك من يصرّ على إعطاء كلام الراعي بعض "الأبعاد"، المرتبطة بـ"امتعاض" يتصاعد في الأوساط المسيحيّة، من المبادرة الفرنسية، التي يراها البعض "غير متوازنة".
 
وإذا كان الموقف الفرنسي في مرحلة ما قبل تكليف لودريان بالشأن اللبناني نال "حصّة الأسد" من الانتقادات، بعدما اتُهِمت باريس بـ"تبنّي" مرشح "حزب الله" علنًا، وبالعمل على "مقايضة" تفرض انتخابه رئيسًا، مقابل رئيس للحكومة محسوب على الطرف الآخر، فإنّ الانتقادات وصلت أخيرًا إلى لودريان أيضًا، باعتبار تبنّى طلبات "حزب الله" أيضًا من الحوار، قبل أن "تفاقم" الرسالة التي وجّهها إلى النواب الأمر، بوصفه "سابقة" في العلاقات بين الدول.
 
وبمعزل عن موقف الراعي الذي تقول أوساطه إنّ كل الوساطات لإنهاء الفراغ الرئاسي "مشكورة"، ثمّة في الأوساط السياسية غير البعيدة عن أجوائه من يعتبر أنّ المُستغرَب هو أن "تتبنّى" باريس منطق "المعطّلين"، وتعمل على "إقناع" الآخرين بالتحاور معهم، بدل أن تكون القاعدة "معكوسة"، فتركّز وساطتها على إقناع "المعطّلين" بتطبيق القانون، وعدم تعطيل جلسات الانتخاب، بما يسمح بانتخاب رئيس "بقوة الديمقراطية"، وهنا بيت القصيد.
 
يرفض المحسوبون على البطريرك الماروني إعطاء كلامه أيّ أبعاد خارج ما يقوله صراحةً، فهو لا يوجّه رسائل لأحد، ولا يتبنّى "منطق" أيّ فريق ضدّ آخر، وهو الذي رفض "جرّه" إلى مستنقع "الأسماء"، لكن المطلوب بكلّ بساطة انتخاب رئيس. باختصار، يقول هؤلاء، فالبطريرك لا يزال منذ اليوم الأول "ثابتًا" عند نقطة جوهرية: على ممثلي الشعب أن يقوموا بواجباتهم، وينتخبوا رئيس الجمهورية، وفق ما يقتضيه الدستور، ونقطة على السطر! المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله موقف ا

إقرأ أيضاً:

فرنسا تفتح صناديق الاقتراع وسط مخاوف من صعود اليمين

فتحت مراكز الاقتراع في مختلف المناطق الفرنسية اليوم الأحد، للدورة الأولى من انتخابات تشريعية تاريخية قد توصل اليمين المتطرف إلى السلطة بعد أسبوع.

 

وفتحت مراكز الاقتراع في الساعة 8:00 صباحا بالتوقيت المحلي، غداة بدء عمليات التصويت في أراضي ما وراء البحار الفرنسية السبت، وسط توقعات بوصول نسبة المشاركة إلى 67% من الناخبين المسجلين.

 

ويواجه الناخبون الفرنسيون خيارا تاريخيا إذ يتوجهون إلى صناديق الاقتراع في الدورة الأولى من انتخابات تشريعية تنطوي على رهان كبير إذ قد تفتح الطريق أمام اليمين المتطرف للوصول إلى السلطة بعد أسبوع.

 

ويحظى حزب التجمع الوطني ممثلا برئيسه جوردان بارديلا (28 عاما) بـ34 إلى 37% من نوايا الأصوات في استطلاعات الرأي، ما قد يفضي إلى سيناريو غير مسبوق مع حصوله على غالبية نسبية أو مطلقة بعد الدورة الثانية في السابع من يوليو.

 

وتشير استطلاعات الرأي، إلى أن التجمع الوطني يتقدم على تحالف الجبهة الشعبية الجديدة اليساري الذي يجمع ما بين 27,5 و29% من نوايا الأصوات، والغالبية الرئاسية الحالية بقيادة إيمانويل ماكرون من وسط اليمين التي تحصل على 20 إلى 21%.

 

وفي حال وصل بارديلا إلى رئاسة الحكومة، فستكون هذه أول مرة منذ الحرب العالمية الثانية تحكم فرنسا حكومة منبثقة من اليمين المتطرف.

 

وكان ماكرون دعا في التاسع من يونيو لحل الجمعية الوطنية، لكن الخلافات بين "فرنسا الأبيّة" اليسارية الراديكالية وشركائها الاشتراكيين والبيئيين والشيوعيين ولا سيما حول شخص زعيمها جان لوك ميلانشون، المرشح السابق للرئاسة، سرعان ما ظهرت مجددا وغالبا ما ألقت بظلها على حملة التكتل.

 

وفي هذه الأثناء، واصل التجمع الوطني الزخم في حملة ركزها على القدرة الشرائية وموضوع الهجرة، من غير أن تتأثر لا بالغموض حول طرحه إلغاء إصلاح نظام التقاعد الذي أقره ماكرون، ولا بالسجال الذي أثارته طروحاته حول المزدوجي الجنسية ولا بالتصريحات الجدلية الصادرة عن مرشحين من صفوفه.

 

ومن المقرر، أن يجتمع ماكرون ظهر الاثنين مع رئيس الوزراء غابريال أتال وأعضاء حكومته في قصر الإليزيه لبحث مسألة انسحاب مرشحين والاستراتيجية الواجب اعتمادها بوجه التجمع الوطني.

 

إذاعة الجيش الإسرائيلي: نتنياهو يسعى لاختيار أعضاء لجنة التحقيق في أحداث 7 أكتوبر بالتعاون مع المعارضة

 

 أفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يسعى لاختيار أعضاء لجنة التحقيق في أحداث 7 أكتوبر بالتعاون مع المعارضة. ويأتي هذا التحرك في إطار جهود نتنياهو لضمان شفافية التحقيق واستعادة الثقة بين الأطراف السياسية المختلفة في البلاد.

 

وذكرت الإذاعة أن نتنياهو بدأ مشاورات مع زعيم المعارضة يائير لابيد وشخصيات سياسية أخرى لاختيار أعضاء اللجنة، التي من المتوقع أن تتولى التحقيق في الملابسات والأحداث التي وقعت في السابع من أكتوبر.

 

وقال نتنياهو في بيان: "نحن ملتزمون بالكشف عن الحقيقة كاملة بشأن ما حدث في 7 أكتوبر. من الضروري أن تكون لجنة التحقيق مكونة من أعضاء يتمتعون بالنزاهة والمهنية، وأن يتم اختيارهم بالتعاون مع المعارضة لضمان تحقيق عادل وشفاف."

 

وأعرب زعيم المعارضة، يائير لابيد، عن استعداده للتعاون في تشكيل اللجنة، مؤكداً على أهمية الوحدة الوطنية في مثل هذه الظروف الحرجة. وقال لابيد: "نحن ندعم تشكيل لجنة مستقلة ونزيهة للتحقيق في أحداث 7 أكتوبر، وسنعمل مع رئيس الوزراء لضمان أن تكون اللجنة قادرة على القيام بعملها بفعالية وشفافية."

 

يُذكر أن أحداث 7 أكتوبر أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والشعبية، ما دفع إلى المطالبة بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة لكشف الحقائق وتحديد المسؤوليات.

 

ويُتوقع أن تعلن الحكومة قريباً عن تشكيل اللجنة وأسماء أعضائها، بينما تواصل الأطراف المعنية مشاوراتها لضمان تحقيق يعزز الثقة والعدالة في حكومة الاحتلال .

 

 لابيد: على إسرائيل ألا تهاجم إيران وحدها ويجب تجنيد العالم لهذا السبب يجب وقف الحرب 

 

طلب زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، اليوم إلى وقف الحرب الحالية والتركيز على تجنيد الدعم الدولي لمواجهة التهديد الإيراني. وفي تصريح له، أكد لابيد أن إسرائيل لا يمكنها مواجهة إيران بمفردها، وأن تجنيد المجتمع الدولي هو السبيل الأفضل لتحقيق الأمان الإقليمي.

 

وقال لابيد: "يجب أن نتوقف عن الحرب الحالية ونحول تركيزنا نحو تجنيد العالم ضد التهديد الإيراني. إسرائيل لا تستطيع أن تواجه إيران بمفردها. نحن بحاجة إلى حشد الدعم الدولي لضمان أمننا وأمن المنطقة."

 

وأشار لابيد إلى أن استمرار العمليات العسكرية في الوقت الحالي يشتت الجهود ويضعف القدرة على بناء تحالفات قوية لمواجهة إيران. وأكد أن الدبلوماسية والعمل المشترك مع الدول الحليفة هو الطريق الأمثل للتعامل مع التهديدات الإقليمية.

 

وأضاف: "تجنيد المجتمع الدولي ليس فقط ضرورة، بل هو الخيار الاستراتيجي الصحيح. علينا العمل مع حلفائنا لفرض عقوبات فعالة وممارسة ضغوط دبلوماسية واقتصادية على إيران لمنعها من تحقيق أهدافها النووية."

 

واختتم لابيد تصريحاته بالتأكيد على أن وقف الحرب الحالية سيتيح لإسرائيل فرصة لإعادة ترتيب أولوياتها والتركيز على التحديات الأكثر أهمية، داعياً الحكومة إلى تبني نهج دبلوماسي شامل بالتعاون مع المجتمع الدولي لضمان الأمن والاستقرار في المنطقة.

مقالات مشابهة

  • صلوات للسلام ضد الحرب.. والراعي: في الحرب الكلّ خاسرون وضعفاء.
  • بطريرك جديد للكنيسة الأرثوذكسية البلغارية مؤيد لروسيا
  • بعد تصريحات البطريرك الماروني.. «تلاسن» شيعي- مسيحي في لبنان.. وغياب «الحريري» يهدّد السُنة
  • مراقب يعتدي جسديا على مدير مركز اقتراع في انتخابات فرنسا
  • الخوراسقف فرنجية ترأس قداس عيد الرسل في كنيسة مار جرجس اهدن
  • فرنسا.. مراقب يعتدي جسديا على مدير مركز اقتراع
  • فرنسا تفتح صناديق الاقتراع وسط مخاوف من صعود اليمين
  • من الراعي.. رسالة إلى المعنيين بالشأن السياسي!
  • مساع بين بكركي والمجلس الشيعي الاعلى.. الخازن عن الراعي: يرفض وصف حزب الله بالارهاب
  • شيخ العقل زار كفرسلوان: لوحدة وطنية أبعد من الثنائيات وحوار ينقذ لبنان