تحليل ـ توسع "بريكس" قد يعرقل تطلعاتها لتحدي "الهيمنة" الغربية
تاريخ النشر: 25th, August 2023 GMT
يرى خبراء أن توسع بريكس قد يؤثر على طموحات المجموعة، كيف ذلك؟
حين صاغ خبير اقتصادي بريطاني اختصار (بريك) قبل عقدين ليضم الأحرف الأولى من البرازيل وروسيا والهند والصين، لم يخطر بباله ظهور تحالف قد يسعى إلى تحدي الهيمنة الغربية في الشؤون الدولية.
. "بريكس" تضم ست دول جديدة لعضويتها في ظل "عالم متغيّر".. قادة بريكس منفتحون على توسيع المجموعة مجموعة بريكس في ازدهار.. ما المتوقع من قمة جوهانسبرغ؟
وكان جيم أونيل، المصرفي في بنك غولدمان ساكس حينذاك، يكتب عن فرص الاستثمار في الدول التي توشك أن تصبح من بين أكبر الأسواق الناشئة في العالم. وبدأت دول بريكس الاجتماع رسميًا في عام 2014 لتحسين التعاون الاقتصادي، وأضافت المجموعة إليها جنوب أفريقيا في عام 2010 ليضاف حرف جديد ويصبح اسمها بريكس. والمجموعة لديها الآن فيما يبدو طموحات جيوسياسية أعلى.
ففي قرار مفاجئ في قمة عقدت هذا الأسبوع في جوهانسبرغ، دعت المجموعة السعودية وإيران وإثيوبيا ومصر والأرجنتين والإمارات العربية المتحدة إلى الانضمام لعضويتها. وتستهدف هذه الخطوة تعزيز نفوذ بريكس كمدافع عما يسمى دول الجنوب العالمي التي يشعر كثير منها بمعاملة مجحفة من المؤسسات الدولية التي تهيمن عليها الولايات المتحدة ودول غربية غنية أخرى.
لكن من المرجح أن يعني التوسع مزيدًا من الخلافات في المجموعة التي تجد صعوبة بالفعل في اتخاذ القرارات بسبب الحاجة إلى توافق الآراء. وتعثر مجرد إعلان مشترك يخص التوسعة في مفاوضات مضنية الأربعاء (23 آب/أغسطس 2023) بشأن معايير قبول الأعضاء الجدد.
وقال باتريك لوكوسا، المتخصص في التعاون الدولي بجامعة ويتواترسراند في جوهانسبرغ: "ستكون هناك بالتأكيد مشكلة إذا فعلوا كل شيء بتوافق الآراء. يتعين تغيير النموذج... إلى تصويت الأغلبية"، وأضاف: "توجد بالفعل اختلافات بين الدول الخمس على العملة المشتركة. ماذا يحدث لو أصبح لدينا عشر دول أخرى؟"
استقطاب سياسي
تمثل تعهدات زعماء بريكس بالدفاع عن مصالح الدول غير الغربيةجزءًا من تحول تدريجي في تركيز المجموعة من الاقتصاد إلى الجغرافياالسياسية.وقال دانييل سيلك، مدير مؤسسة (بوليتيكال فيوتشرز) الاستشاريةومقرها جنوب أفريقيا: "لا تخطئوا الفهم، فالأمر لا يتعلق بالتجارةوحدها. إنه يتعلق بالتشرذم والاستقطاب السياسي الذي نشهده فيالعالم". وأضاف أن الصين أشارت إلى احتمالات نشوب حرب باردة جديدةمع واشنطن كمسوغ لتوسعة المجموعة.
لكن مازال أمام دول بريكس طريق طويل لتقطعه لتحويل نفسها إلى منظمة عالمية متحدة بوسعها فعليًا تحدي الهيمنة الغربية على المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة وصندوق النقد والبنك الدوليين.
ودائمًا ما كانت هناك خلافات بين العضوين الأثقل وزنًا في المجموعة، الصين والهند. فنيودلهي قريبة من الغرب ولديها صفقات عسكرية مع الولايات المتحدة، لكنها تشتبك في بعض الأحيان في صراع عنيف مع بكين على حدودهما في منطقة الهيمالايا.
أما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فهو يتخذ من المجموعة منتدى للطعن من الغرب الذي يسعى إلى عزل موسكو بسبب غزوها لأوكرانيا. واستهدف بوتين في كلمة مصورة اليوم الخميس القوى الغربية التي قال إن "الليبرالية الجديدة" التي تتبناها تبشر بعالم متعدد الأقطاب لا تهيمن عليه دولة أو كتلة واحدة.
وتتناقض تصريحاته فيما يبدو مع تصريحات نظيره البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا الذي قال في كلمة على وسائل التواصل الاجتماعي أثناء وجوده في القمة يوم الثلاثاء إن بريكس لا يراد بها أن تكون "ثقلًا موازنًا لمجموعة السبع أو مجموعة العشرين أو الولايات المتحدة". وأكد لولا أثناء القمة موقف البرازيل المتمثل في "الدفاع عن سيادة ووحدة أراضي" الدول، في انتقاد واضح لروسيا بسبب غزوها لأوكرانيا.
كما طرح فكرة إنشاء عملة مشتركة للتجارة والاستثمار بين دول بريكس، وهو ما لا يحرص عليه الأعضاء الآخرون، على الرغم من اشتراكهم جميعًا في الرغبة في تقليص الاعتماد على الدولار.
المبالغة في الطموح
وقال توم لودج، أستاذ دراسات السلام والصراع في جامعة ليمريك،إن إطار عمل بريكس لتصبح أشبه بمنظمة فعلية "في طور البناء، لكنمازال أمامها طريق طويل".ووعد بنك التنمية الجديد الذي أنشأته دول بريكس عام 2015 بديلًالصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، بزيادة الإقراض بالعملاتالمحلية كوسيلة للحد من تعرض الأعضاء لتقلبات أسعار صرف الدولار.
لكن من بين نحو 33 مليار دولار من القروض التي وافق عليها بنك التنمية الجديد، كان ثلثا القروض بالدولار، وفق شرح قدمه مستثمرون في نيسان/أبريل. وقال لودج: "كثير من مبالغة بريكس يتعلق بالطموح... (إذا) كانوا يريدون إعادة توازن القوة الاقتصادية ومؤسسات ائتمانية لا تسيطر عليها الدول الغربية، فإن بريكس لم تنجز إلا القليل جدًا بصراحة نحو بلوغ هذا الهدف".
وقال جوستافو دي كارفالو، كبير الباحثين في معهد جنوب أفريقيا للشؤون الدولية، إن إضافة الدول الغنية بدولارات النفط إلى بريكس قد يوفر سيولة تتعطش إليها مؤسسات مثل بنك التنمية الجديد. لكن كما تكشف المناقشات المحمومة أحيانا في مجموعة الدول السبع التي تمثل أغنى ديمقراطيات العالم، فإن بناء التماسك يتطلب أكثر من مجرد المال. وقال كارفاليو: "من السابق لأوانه معرفة ما إذا كانت بريكس ستتخذ شكل تحالف"، مشيرًا إلى أنه لا يوجد توافق في تصويت أعضاء بريكس الحاليين في الأمم المتحدة في كثير من الأحيان.
م.ع.ح/ع.ج.م (رويترز)
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: توسع مجموعة بريكس انضمام دول عربية إلى بريكس قمة بريكس توسع مجموعة بريكس انضمام دول عربية إلى بريكس قمة بريكس دول بریکس
إقرأ أيضاً:
ما الدول التي لا يستطيع «نتنياهو» دخولها بعد قرار المحكمة الجنائية؟
أصدر مدعي المحكمة الجنائية الدولية كريم خان، أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه السابق، يوآف غالانت، فكم عدد الدول التي قد يعجز “نتنياهو” عن زيارتها؟
ووفقا لنظام روما الأساسي، وهو المؤسس للمحكمة، تلتزم 123 دولة من أعضائها بالتعاون مع قراراتها، بما في ذلك اعتقال الأفراد المطلوبين وتسليمهم عند دخول أراضيها،
وتشمل هذه الدول: دولا أوروبية مثل فرنسا، ألمانيا، وإيطاليا، دول أمريكا اللاتينية مثل الأرجنتين والبرازيل، بعض الدول الأفريقية مثل جنوب أفريقيا والسنغال، ودولا آسيوية محدودة مثل اليابان وكوريا الجنوبية.
في المقابل، هناك دول غير ملزمة بتنفيذ قرارات المحكمة الجنائية الدولية، لأنها لم تصادق على نظام روما الأساسي أو انسحبت منه، مثل: أمريكا: وقّعت ثم سحبت توقيعها، الصين وروسيا: لم تصادقا على النظام، إسرائيل: وقّعت لكنها لم تصادق.
وبحسب النظام، “هذا يعني أن أي زيارة يقوم بها “نتنياهو” إلى إحدى الدول الموقعة على نظام روما، قد تعرضه لخطر الاعتقال، مما يضع قيودا كبيرة على حركته الدولية”، بحسب قناة روسيا اليوم.
وفي شهر سبتمبر الماضي، طالب “خان” بإصدار أمر اعتقال عاجل بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بسبب الانتهاكات في قطاع غزة.