ما الذي يدفع هاربين من كوريا الشمالية للعودة إليها؟
تاريخ النشر: 25th, August 2023 GMT
عادت كوريا الشمالية لتتصدر عناوين الأخبار مرة أخرى، ولكن ليس للأسباب المعتادة. هذه المرة، لم يكن الأمر يتعلق بتجربة صاروخية أو خطاب عدواني من وسائل الإعلام الرسمية.
كان يكنّ مشاعر سيئة تجاه سوء المعاملة غير الإنسانية في الجيش الأمريكي
في الواقع، كان الحادث غير متوقع على الإطلاق وصادماً لكثيرين، على ما كتبت محللة شؤون كوريا الشمالية في موقع "ذي إنتبريتر" غابرييلا برنال.
فقد عبر جندي أمريكي إلى الجانب الكوري الشمالي من المنطقة المنزوعة السلاح. علاوة على ذلك، تزعم وسائل الإعلام الكورية الشمالية الآن أن المواطن الأمريكي يريد البقاء في كوريا الشمالية "أو في دولة ثالثة" بسبب "سوء المعاملة غير الإنسانية والتمييز العنصري داخل الجيش الأمريكي". في التفاصيل
عبر الجندي برايفت ترافيس تي كينغ الحدود إلى كوريا الشمالية "عن عمد وبدون تصريح" في 18 يوليو (تموز)، بعد يوم واحد من إطلاق سراحه من مركز احتجاز في كوريا الجنوبية. وبدلاً من ركوب الطائرة للعودة إلى الولايات المتحدة، قام كينغ بجولة في المنطقة المنزوعة السلاح واندفع عبر الحدود قبل أن يتمكن أي شخص من إيقافه.
Really enjoyed @gabrielabbernal looking at the recent history of defectors across the DMZ. Via @LowyInstitute https://t.co/rh3INbfCWr
— Daniel Flitton (@danielflitton) August 25, 2023
وذكرت وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية الأسبوع الماضي أن "ترافيس كينغ اعترف بأنه قرر القدوم إلى جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية لأنه كان يكنّ مشاعر سيئة تجاه سوء المعاملة غير الإنسانية والتمييز العنصري داخل الجيش الأمريكي"، مضيفة أن كينغ "أعرب عن استعداده لطلب اللجوء في جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية أو في دولة ثالثة".
من غير الممكن التحقق من مزاعم كوريا الشمالية بشأن كينغ، لكنه ليس الجندي الأمريكي الوحيد الذي انشق إلى الدولة المنعزلة. ففي 1962، عبر الجندي في الجيش الأمريكي جيمس جوزيف دريسنوك المنطقة المجردة من السلاح إلى الشمال وانتهى به الأمر بالعيش في البلاد حتى وفاته سنة 2016، حتى أنه ظهر في العديد من الأفلام الكورية الشمالية. وتشمل الأمثلة الأخرى تشارلز روبرت جنكينز الذي انشق إلى الشمال سنة 1965، وجوزيف تي وايت الذي انشق سنة 1982. كان جميع هؤلاء جنوداً أمريكيين متمركزين في الجنوب.
قصص الأشخاص الذين انشقوا إلى الشمال غير شائعة. وفق إحصاءات كوريا الجنوبية، العكس هو الطبيعي، حيث انشق ما يقرب من 34 ألف كوري شمالي إلى الجنوب، في حين عاد 29 فقط إلى الشمال. بالرغم من أن عدداً قليلاً جداً من الكوريين الشماليين الهاربين ينتهي بهم الأمر بالعودة إلى وطنهم، لا يعني هذا أن جميع الذين بقوا في الجنوب راضون عن حياتهم الجديدة.
في الواقع، يواجه العديد من الكوريين الشماليين الهاربين تحديات لا حصر لها تتراوح بين الاندماج في مجتمع حديث سريع الوتيرة وصعوبة العثور على وظائف مستقرة وتغطية نفقاتهم. حسب مسح أجري سنة 2022 ونشره مركز قاعدة البيانات لحقوق الإنسان في كوريا الشمالية، يكسب الكوريون الشماليون المنشقون نحو 74.4 في المئة من متوسط دخل الموظفين الكوريين الجنوبيين.
The curious tales of defectors to North Korea https://t.co/0tm3CWPYqU
— Eva Seiwert (@evaseiwert) August 24, 2023
وكثيراً ما يتعرض المنشقون للتمييز. أظهر استطلاع سنة 2017 أن ما يقرب من نصف جميع المنشقين الذين يعيشون في الجنوب شعروا بالتمييز بسبب وضعهم الاقتصادي (16 في المئة)، أو مستواهم التعليمي (14.4 في المئة)، أو منطقتهم الأصلية (12.2 في المئة). وينظر العديد من الكوريين الجنوبيين إلى نظرائهم الشماليين على أنهم "آخر على المستوى الثقافي"، ويتسامحون على مضض مع وجودهم في حين أنهم لا يقبلونهم أبداً كعضو "طبيعي" في المجتمع. بالرغم من تقاسم التاريخ واللغة والعرق والتقاليد، غالباً ما يشعر الكوريون الشماليون بأنهم "غرباء في أرض غريبة" بمجرد دخولهم كوريا الجنوبية.
يفضل البعض تماماً العودة إلى كوريا الشمالية. وفق تقرير مركز قاعدة البيانات لحقوق الإنسان في كوريا الشمالية لسنة 2022، قال 18.8 في المئة من المنشقين الذين شملهم الاستطلاع إنهم فكروا في العودة إلى الشمال. وأظهر استطلاع آخر نشره في السنة نفسها معهد جامعة سيول الوطنية لدراسات السلام والتوحيد أن 18.5 في المئة من المنشقين الكوريين الشماليين أعربوا عن "ندمهم" على الانتقال إلى كوريا الجنوبية. وأسباب ذلك عديدة، من ضمنها الرغبة في رؤية العائلة والأصدقاء وصعوبة الاندماج في المجتمع الكوري الجنوبي والمعاملة غير العادلة والحاجة إلى دعم عاطفي أكبر.
يعد الافتقار إلى مجتمع في الجنوب سبباً خاصاً وراء تفكير بعض المنشقين في العودة إلى وطنهم حسب برنال. ومع ذلك، ثمة أيضاً حالات تم فيها خداع المنشقين من قبل وسطاء يصورون كوريا الجنوبية على أنها أرض الفرص والثروة. وقد طالب هؤلاء الكوريون الشماليون بإعادتهم إلى الشمال بمجرد أن أدركوا واقع العيش في الجنوب. وتندرج حالتا كيم ريون هوي (48 عاماً) وكوون شيول نام (44 عاماً) ضمن هذه الفئة وتصدرتا عناوين الأخبار سنة 2017. علاوة على ذلك، وبالرغم من أن الإحصاءات الرسمية تحدد فقط 29 من المنشقين العائدين، من المرجح أن يكون هذا الرقم أعلى بكثير بما أن مكان نحو 900 منشق كان مجهولاً بحلول سنة 2017.
لا يعود جميع المنشقين إلى الشمال عن طيب خاطر. يعود البعض وفق الكاتبة لأن عائلتهم في خطر أو بسبب الديون الثقيلة. ويتم توقيف آخرين وإعادتهم بالقوة. وهذا الاحتمال الأخير شائع بشكل خاص في الصين، حيث تنشط السلطات الكورية الشمالية بشكل كبير في المناطق الحدودية لاعتقال المواطنين الكوريين الشماليين، وكثيراً ما يكون ذلك بالتعاون مع السلطات الصينية. في الواقع، طلبت وزارة التوحيد في كوريا الجنوبية الأسبوع الماضي تعاون الصين في عدم إعادة الكوريين الشماليين الذين تم القبض عليهم في الصين بعد فرارهم من الشمال.
إذاً، ماذا سيحدث لهؤلاء المنشقين بمجرد عودتهم إلى كوريا الشمالية؟ الجواب مختلف باختلاف الحالات حسب المحللة نفسها. يتم القبض على بعض العائدين وإرسالهم إلى معسكرات الاعتقال، بينما يخضع آخرون لإعادة تثقيف صارم ويُستخدمون في لأغراض دعائية.
في الحالة الأخيرة، كثيراً ما يقوم هؤلاء بإجراء مقابلات على شاشة التلفزيون الكوري الشمالي عن حياتهم الصعبة في الجنوب بينما يشيدون بتفوق النظام الكوري الشمالي. ويتم إرسال آخرين في جولة وطنية لإلقاء محاضرات حول الصعوبات التي واجهوها بعد الانشقاق. وحسب الأنباء، كانت مثل هذه الروايات فعالة سابقاً في ثني الآخرين عن مغادرة الشمال.
بالرغم من أن بعض المنشقين يختارون العودة إلى كوريا الشمالية بإرادتهم، تظهر غالبية استطلاعات الرأي أن معظم الكوريين الشماليين الذين يأتون إلى الجنوب يفضلون حياتهم الجديدة وهم راضون عن قرارهم بمغادرة الشمال. بل إن بعض المنشقين الشباب يحاولون سد الفجوة مع نظرائهم الجنوبيين من خلال أشكال مختلفة من وسائل الإعلام. كما تعهدت حكومة يون سوك يول في الجنوب بتوفير دعم مؤسسي أكبر للمنشقين حتى يتمكنوا من "النهوض بمفردهم" و"أن يكونوا أصولاً للتوحيد في المستقبل".
بالرغم من أن قلة قليلة قد تختار العودة، من الواضح أن غالبية الكوريين الشماليين في حاجة ماسة إلى بداية جديدة.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني كوريا الشمالية إلى کوریا الشمالیة الکوریة الشمالیة الجیش الأمریکی کوریا الجنوبیة إلى الشمال العودة إلى فی الجنوب فی المئة فی کوریا
إقرأ أيضاً:
دبلوماسي سابق: أداء هاريس ليس جيدا في الجنوب.. لكنه أفضل في ولايات الشمال
قال ويليام لورانس، دبلوماسي سابق، إنّ أداء مرشحة الحزب الديموقراطي كامالا هاريس في ولايات الجنوب ليس جيدا، لكنها أفضل في الشمال.
يبدو أن هاريس لا تبلي بلاءً حسنا في الجنوبوأضاف لورانس في لقائه مع الإعلامية جيهان منصور، عبر قناة «القاهرة الإخبارية»: «يبدو أن هاريس لا تبلي بلاءً حسنا في الجنوب، وهي أفضل في الشمال مما جاء في التوقعات، بينما بنسلفانيا الولاية المتأرجحة وما يحدث فيها أمر مهم للغاية».
يبدو أنّ الديموقراطييين سوف يخسرون مجلس الشيوخوتابع الدبلوماسي السابق: «يبدو أنّ الديموقراطييين سوف يخسرون مجلس الشيوخ وربما البرلمان، حتى إذا استطاعت هاريس الفوز في الانتخابات ربما تتشكل حكومة أخرى ليست قوية بشكل كافٍ كي تضطلع بمهامها».
وبدأت أمس الثلاثاء 5 نوفمبر، الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وسط منافسة شرسة بين مرشحة الحزب الديمقراطي، كامالا هاريس نائبة الرئيس الأمريكي، وبين المرشح الجمهوري دونالد ترامب الرئيس الأمريكي الأسبق، و4 مرشحين طرف ثالث، هم جيل ستاين مرشحة حزب الخضر، تشيس أوليفر، مرشح الحزب الليبرالي، وكورنيل ويست المرشح المستقل، وكلاوديا دي كروز مرشحة الحزب الاشتراكي.