مانديلا وسمفونية التآخي: أنا قبطان روحي
تاريخ النشر: 12th, April 2025 GMT
عبد الله علي إبراهيم
February 28 2017
قلت في كلمتي "سائحين زي ديل" (وكانت جماعة من شباب "سائحون" قد شرفوني بزيارة في داري بحلة كوكو، النمر) إن الصلح الوطني التاريخي في الوطن لن يقع لنا ما لم تورق فينا روحانية لقبول الآخر وإن شط طالما تبين لنا جميعاً أن "من فش غبينته ودر مدينته"، في كلمة عذبة للإمام الصادق المهدي.
نبهني جاري الفلبيني على طائرة الإماراتية المغادرة الخرطوم لدبي إلى فيلم يعرض على تلفزيوناتها عن نلسون ماندلا. لم أكترث. ما الجديد عن الرجل؟ أيريدون حلب مأثرته في صناعة الفيلم؟ كنت دَرَّست تلك المأثرة باحترام كبير ضمن مقرر تاريخ جنوب أفريقيا على طلابي منذ 1993. وفضلت أن استرخي على مقعدي من وعثاء "مقاضي" السودان قبيل السفر.
ثم حملني السأم بعد نومة طويلة للعودة إلى التلفزيون فالفيلم. وظللت مسمراً في مكاني أشاهد شئياً عجبا. الفيلم مأخوذ من كتاب لجون كارلن عنوانه "ملاعبة العدو: نلسون ماندلا والمباراة التي صنعت أمة". وهي عن المباراة النهائية بين جنوب أفريقيا ونيوزيلندا في كأس العالم للرقبي لعام 1995 بعد عام واحد من تولي ماندلا رئاسة الجمهورية. فازت فيها جنوب أفريقيا بالكأس لعباً كما لم يتوقع الناس. ولكن سياسة النصر الذي لم شعث أمة البيض والسود المتباغضين هي التي تكلب شعرة الجلد. فالفيلم قطعة نادرة مما سماه مارتن لوثر كنج ب"سمفونية التآخي".
بدأ الفيلم بمشهد لصبية سود يلعبون كرة القدم وآخرين بيض يلعبون الرقبي مع فارق الميادين و"الحادات". ووضعنا الفيلم بهذا الكادر أمام الهوة التاريخية التي فرقت بين سود البلد وبيضها حتى في الرياضة المفضلة. ثم تحول الفيلم بنا إلى اجتماع أمه سود متنفذين في المدينة قرروا بعده تجريد فريق سبرنقبوك الوطني للرقبي، معبود البيض، من ألوانه، الأخضر والذهبي، إذلالاً له لهزائمه المتكررة. وبالحق أرادوا إشباع غرائز الانتقام من بيض ساموهم الخسف مذ حلوا في افريقيا في 1621. وتنازع من الجهة الأخرى حراس ماندلا السود مع حرس بيض جاؤوا بأمر من ماندلا نفسه ليكونوا بين طاقم حراسه.
وتحرك ماندلا (لعب دوره الأمريكي الأسود مورقان فريمان). قال للحرس السود أن "يشدوا حيلهم" لأن رئيس البلد سيكون محمياً بالبيض والسود معاً من تلك اللحظة فصاعداً. وغادر مكتبه بعد سماعه بقرار الهزء بسبرنقبوك واقتحم الاجتماع واستهدى أنصاره الطائفيين بعيداً عن قرارهم البغيض. وقال لهم إن البيض يحبون فريقهم فلماذا لا نبدأ معهم بما يحبون لا بما لم يعقلوه من قبل عن الإخاء. وساد الذهن الرجيح.
وكانت خطوته التالية أن طلب باينار، كابتن سبرنقبوك، (أداه الأمريكي مات دِمن) في مكتبه وتبادلا حديثاً شفيفاً عن القيادة ومقوماتها. وفي هذا اللقاء أطلع ماندلا الكابتن على بعض ذكرياته في سجنه الطويل. وزار باينار السجن لاحقاً مع زملائه. ومن ثنايا لقاء الرئيس والكابتن خرجت قصيدة قال ماندلا إنه كان يعزي نفسه بها في سكرات السجن. وهي لشاعر إيرلندي هو وليام إ بنتلي (1849-1903) اسمها "إنفيكتس" وهي "الذي لا يٌهزم" في اللاتينية. وصارت اسماً للفيلم:
خارج الليل الذي يلفني
أسود كسجم "الدواك" من قطب لقطب
أنا حامد للأربَاب أياً كانوا
لروحي التي لا تقهر
##
في براثن الحادثات
لم يطرف لي رمش، لم أتجرس
وتحت ضربات القدر
تضرج رأسي بالدم ولكنه لم ينحن
##
ووراء هذا المكان الخضل بالغضب والدموع
لا يٌطَوف إلا رعب الظلال
ولكن السنين
تجدني، وستجدني، خلواً من الخوف
# #
لا يهم كم عسيرة بوابات المخرج
لا يهم كيف أِسوَد كتابي بالعقوبات
أنا سيد قدري
أنا قبطان روحي
ولم أتمالك دمعة طفرت من عيني والفيلم يٌطَوف بمشاهد لتآخى السود والبيض على بينة النصر. وترقرقت عيون ماندلا نفسه عند معجزة الإخاء التي تفجرت في الشارع. وحين طلب منه الحرس أن يتخذ طريقاً أهدأ قال: "لا داعي للعجلة". وجاء الصوت:
أنا سيد قدري
أنا قبطان روحي
ibrahima@missouri.edu
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
ارتفاع أسعار البيض في الولايات المتحدة إلى مستوى قياسي
الولايات المتحدة – ارتفعت أسعار البيض في الولايات المتحدة إلى مستوى قياسي جديد، مسجلة 6.23 دولار للدزينة.
وتشير الزيادة الأخيرة التي تم الإعلان عنها أمس الخميس في مؤشر أسعار المستهلك، إلى أن المستهلكين والشركات التي تعتمد على البيض قد لا يحصلون على الكثير من الراحة الفورية. وعادة ما يكون الطلب على البيض مرتفعا حتى بعد عيد الفصح، الذي يحل في 20 أبريل.
وكان خبراء الصناعة يتوقعون أن يعكس المؤشر انخفاضا في أسعار البيض بالتجزئة لأن أسعار البيض بالجملة انخفضت بشكل كبير في مارس.
وقالت الخبيرة الاقتصادية الزراعية بجامعة أركنساس جادا طومسون إن أسعار الجملة لم تبدأ في الانخفاض إلا في منتصف مارس، لذلك ربما لم يكن هناك وقت كاف لانخفاض متوسط سعر الشهر. وقد لا تكون متاجر البقالة قد مررت الأسعار المنخفضة على الفور.
واعتبر تفشي إنفلونزا الطيور السبب الرئيسي لارتفاع الأسعار في يناير وفبراير، بعد إعدام أكثر من 30 مليون دجاجة بياضة لمنع انتشار المرض. وتم إعدام 2.1 مليون طائر فقط في مارس ولم يكن أي منها في مزارع البيض.
وبلغت أسعار البيض 5.90 دولارا في فبراير بعد شهر واحد من تسجيل سعر قياسي بلغ 4.95 دولارا للاثني عشر بيضة، وفقا لمكتب إحصاءات العمل الأمريكي.
المصدر: أ ب