سودانايل:
2025-04-13@10:44:14 GMT

هل مصطلح المدنية غطاء لفشل سياسي ؟

تاريخ النشر: 12th, April 2025 GMT

أن مصطلح " القوى المدنية" الذي يحاول البعض احتكاره في مواجهة الآخرين يبين حالة الفقر الثقافي السياسي وسط النخبة السياسية، و البحث عن المصطلح لا تجده في قواميس السياسة و حتى لا يستخدم في الفكر السياسي إلا في عقود قريبة في محاولة للتفريق بين أنظامة الحكم التي تأتي عبر انقلابات عسكرية و أخرى عبر انتخابات حرة.

. و تقول ا"لويكييبيديا" عن المصطلح في بعديه " الدولة المدنية – القوى المدنية" الآتي (الدولة المدنية هي مصطلح غير علمي لا وجود له في القواميس السياسية، يُستخدم مصطلح الدولة المدنية كبديل لمصطلح الدولة العلمانية في السياق العربي، وكنقيض للدولة الدينية بسبب السمعة السيئة المشوهة للعلمانية في العالم العربي) و كان قد ظهر المصطلح في أمريكا عندما تأسست حركة الأمريكيين الأفارقة للحقوق المدنية (1896-1954) و التي قادت حركة نضال السود من أجل الديمقراطية و العدالة.. و بالفعل قد أدت إلى تحقيق الحقوق المدنية الكاملة والمساواة أمام القانون لكل الأمريكيين... و الحقوق الأخرى مثل " أحترام حقوق الإنسان و الأقليات و و التنقل و الهجرة وغيرها قد ظهرت على صحف و كتابات التيار الليبرالي الذي أسسه اليهود في عشرينيات القرن الماضي، كان الهدف منه هو حماية حقوقهم باعتبارهم يمثلون أقليات في المجتمعات الأوروبية و أيضا أمريكا..
نجد في أوروبا أن التطور الاجتماعي أخذ منحى أخر.. باعتبار أن المجتمع أوروبي في عهده الكنسى أو بعد الثورة الصناعية كان يتكون على شكل هرمي .. حيث كان رجال الدين و النبلاء و العامة.. و بعد الثورة التي حدثت داخل الكنيسة، و التي قادها مارتن لوثر فتحت الباب لظهور الثورة الصناعية و قد أدت إلي تغير في التراتبية "سلطة رأس المال و الطبقة الوسطى و العامة".. فالطبقة الوسطى هي التي قادت عملية الوعي السياسي الجديدة " الديمقراطي" هي التي نادت بالعقد الاجتماعي و سلطة القانون و التبادل السلمي للسلطة عبر الانتخابات العامة بمواقيت محددة.. فالجيش في أوروبا لم يكن جزءا في المعادلة السياسية..
أن مصطلح المدنية ظهر في السودان من خلال دعوات الحزب الشيوعي للعصيان و الاضراب المدني في عقدي الخمسينيات و ستينيات القرن الماضي ، و كانت الدعوة موجهة للقوى العاملة و الخدمة المدنية، و هي مستلفة من حركة السود في أمريكا للحقوق المدنية.. و أخذت بعدها السياسي بعد مؤتمر نيروبي 1963م الذي عقدته قوى " التجمع الوطني الديمقراطي" الهدف منه كان الوصول لصيغة مشتركة تبعد الناس من العلمانية و الثيوقراطية، فكان الوصول " الدولة المدنية الديمقراطية" و تبني ما جاء في صحيفة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.. و كتب عنها محمد إبراهيم نقد السكرتير الساب للحزب الشيوعي لكي يتبناها الحزب كحل وسط... لكن الحزب في عهد محمد مختار الخطيب تراجع عنها و رجع إلي الدعوة للعلمانية عندما وقع وثيقة مع الحركة الشعبية في سبتمبر 2020م..
بعد استلم المكون العسكري السلطة في أكتوبر 2021م بدأ المصطلح يأخذ بعد التفريق بين العسكريين و القوى الأحزاب و منظمات المجتمع المدني، و هي محاولة لإرجاع الحكومة للسلطة، و لكن ظل الصراع بين المكون العسكري و الأحزاب الممثلة في " قحت المركزي" و لكن بعد الحرب التي جاءت نتيجة انقلاب الميليشيا و اتباعها في 15 إبريل 2023م، ظلت القوى السياسية تعرف الصراع بينها و بين المكون العسكري، و لكن الحرب قد غيرت المعادلة السياسية مرة أخرى، فالشارع الذي كان يقف ضد المكون العسكري و يهتف ضده، تحول إلي مؤيد له، بل استجاب إلي لدعوة الاستنفار التي كان القائد العام للجيش دعا إليها، عندما خسرت " قحت المركزي" مكانتها في الشارع، جاءت بالفكرة الأمريكية " تقدم" من خلال البيان السياسي الذي يحمل مصطلح "القوى المدنية" و الذي وقعه كل من " نور الدين ساتي و الباقر العفيف و عبد الرحمن الأمين و بكري الجاك" و كان الهدف منه هو تغيير القيادات التي خسرت أمام الشارع، و تم تنصيب عبد الله حمدوك بديلا عنهم..
بعد تأسيس " تقدم" بدأت محاولات الداعمين لها أحتكار المصطلح، و أستخدامه للتفريق بينهم و القوى السياسية الأخرى، أو أية قوى مخالفه لرؤيتهم يحاولون تجريدها من المدنية.. و هي نفس استخدام الفزاعة التي فقدت سطوتها " الكيزان و الفلول" التي أيضا تستخدم ضد الرأي المخالف بهدف اسكاته.. و هي ظاهرة جديدة في السياسة السودانية تضاف لحالة العداء الأيديولوجي التي بدأت منذ عام 1965م بين الإسلاميين و الشيوعيين ثم العداء بين الإسلاميين و الجمهوريين التي بدأت في ستينات القرن الماضي ثم تعمقت في 1983م بعد إعلام محمود محمد طه.. و ظلت السياسة تأخذ هذا المنحى العدائي.. و استلفته الأحزاب الجديدة التي تأسست في عهد الإنقاذ.. الغريب أيضا.. أصبحت هناك فئة في الشارع السياسي تنعت كل الذين تختلف معهم بأنهم يقفون ضد القوى المدنية، كأن المدنية ماركة مسجلة على الفئة القليلة التي أصبحت طواعية داعمة للميليشيا، و الأجندة الخارجية التي تديرها دولة الأمارات.. هي مشكلة تبين حالة التدهور التي حدثت في الأحزاب السياسية، و بدلا من استخدام العقول في البحث عن الحلول و المبادرات التي تخلق حوارا جادا بين كل مكونات المجتمع، أصبح استخدامها فقط للتخويف و أن يخرسوا اصوات الضد.. نسأل الله حسن البصيرة..

zainsalih@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الدولة المدنیة القوى المدنیة

إقرأ أيضاً:

أوزغور أوزيل.. السياسي الحالم بعودة الأتاتوركية

ولد أوزغور أوزيل يوم 21 سبتمبر/أيلول 1974 في ولاية مانيسا شمالي تركيا لعائلة مهاجرة من البلقان، وعمل أبوه مدرسا في المدارس الحكومية التركية.

تولى منصب الأمانة العامة لغرفة الصيادلة في مانيسا لفترة واحدة، ورئاسة الغرفة لفترتين متتاليتين في الفترة بين 2001 و2007.

استطاع أوزغور أوزيل دخول البرلمان التركي لأول مرة ممثلا لحزب الشعب الجمهوري عن ولاية مانيسا في الانتخابات العامة التركية في 2011، ومن ثم عاد للترشح لانتخابات البلدية مرة ثانية بولاية مانيسا في 2014 لكنه لم ينتخب.

10/4/2025

مقالات مشابهة

  • الخطاب السياسي الذي أشعل الحروب في السودان
  • الشيباني: انهيار الدينار والعجز الاقتصادي انعكاس مباشر لفشل مصرف ليبيا في أداء مهامه
  • بعد سرقة غطاء بلاعة.. فاعل خير يضع قاعدة تواليت لتأمين المواطنين بالمحلة
  • شلقم: ليبيا من بين البلدان التي عانت غياب الخبرة السياسية
  • انتخابات 2025: القوى السياسية تراهن على عودة الصدر
  • مدربة علاقات زوجية: التوقعات المبالغ فيها سبب رئيسي لفشل الزواج
  • عرّض حياة المواطنين للخطر.. القبض على السائق المتهور في القاهرة
  • القبض على سائق سيارة نقل عرض حياة المواطنين للخطر بالبساتين
  • أوزغور أوزيل.. السياسي الحالم بعودة الأتاتوركية