كييف- بعد الانسحاب من جبهات باخموت في مقاطعة دونيتسك جنوب شرق أوكرانيا، وفشل التمرد الذي قاده في يونيو/حزيران الماضي، والغموض الذي اكتنف تحركاته ومصيره بعد ذلك، وقبل أن تسقط طائرته قريبا من موسكو؛ كان رئيس مجموعة فاغنر العسكرية الروسية، يفغيني بريغوجين ، وما يزال، حاضرا في أحاديث الأوكرانيين وتوقعاتهم، حتى وإن غاب أو غُيّب عن مشهد الحرب.

وتحمل لهجة الأوكرانيين عن بريغوجين طابع التشفي من شخص وضعته أوكرانيا على قائمة المطلوبين "الأكثر دموية"، والشماتة من مصيره بعد أن "وثق بوعود (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين، واعتمد على ضمانات لوكاشينكو"، كما تقول الرئاسة في كييف.

صورة رئيس فاغنر يفغيني بريغوجين (يمين) وقائد المجموعة ديمتري أوتكين في نصب تذكاري مؤقت في موسكو (رويترز) "عطل فني والغرب ملام"

بالنسبة للأوكرانيين، فإن الرئيس بوتين يقف خلف كل حادث تشهده روسيا من هذا القبيل، ولا مجال لفرضيات أخرى في هذا التوقيت.

وفي هذا الإطار، لا يستبعد رئيس مركز الدراسات السياسية العسكرية، أوليكسندر موسينكو، أن تعلن موسكو رسميا عن "استهداف بالخطأ، أو عطل فني سبب سقوط الطائرة، ثم تلوم الغرب الذي فرض عقوبات ضد الطيران الروسي ومنع وصول قطع الغيار وعطّل عمليات الصيانة، ما أدى إلى اشتعال نار وانفجار الطائرة..".

ويوضح، في حديث مع الجزيرة نت "بهذه الحجج الساذجة المكشوفة سيتجاوز الكرملين الحدث، لأن ردود الفعل لا تعنيه، حتى وإن كان الجميع يرون أنه يقف خلف الأمر، وخلف كل تحييد لكل معارض".

ووفق موسينكو أيضا، فقد "استغل الكرملين تمرّد بريغوجين لجمع أنصاره، والفترة الماضية كانت كافية لإقصائهم جميعا، والتفرغ للحرب ولخطط إجرامية أسوأ".


"شتورم زد" بعد "فاغنر"

الأسوأ، وفق المتحدث باسم القيادة العسكرية الشرقية الأوكرانية سيرهي شريفاتي، هو تشكيلات "شتورم زد" الروسية المعبأة بشكل رئيسي من السجناء المجرمين، الذين يقاتلون حاليا في مدينة كوبيانسك شرق مقاطعة خاركيف.

وهؤلاء، وفق المتحدث شريفاتي، "أكثر إجراما"، لكنهم أقل خبرة في مجال القتال من "فاغنر" التي تمتلك خبرة كبيرة وقواعد تدريب عسكري.

أما عناصر "فاغنر"، "المشتتين في بيلاروسيا" اليوم، كما يقول الخبير موسينكو، فلا يشكلون -حاليا- أي خطر على أوكرانيا، وسيغيبون دوما عن المشهد، لأن موسكو لم تعد تثق بولائهم المطلق.

كيف يؤثر غياب بريغوجين؟

ولكن، كيف سيؤثر غياب بريغوجين عن مشهد الحرب إذا كانت فاغنر لا تشكل تهديدا يخيف أوكرانيا "المنتشية بقتل الأعداء بعضهم البعض"، كما يتردد؟

يرى الخبير موسينكو أن "قتل بريغوجين سيخيف مناوئي بوتين ومعارضي الحرب، وهذا قد ينعكس على شكل شراسة في القتال، واستماتة لتحصيل الرضا في موسكو".

ويضيف "هذا سيبرز أكثر من خلال المجموعات التي شكلت لتكون بديلا فعليا عن فاغنر، كـ"شتورم زد" مثلا، وربما تضاف إليها لاحقا قوات "فاغنر" المصفاة، بقيادة جديدة تحمل عروضا مغرية لشراء الولاء".

لكنه يرجح أن يستلم أشخاص من وزارة الدفاع الروسية شركات عسكرية خاصة، ويصبح معظم "الفاغنريين" تحت سيطرة وزير الدفاع سيرغي شويغو، ثم يستمرون بأداء المهام الموكلة إليهم في كل من بيلاروسيا وأفريقيا، بعيدا عن أوكرانيا.

انتشار لعناصر "فاغنر" خلال ما وصف بالمحاولة الانقلابية التي قادها بريغوجين في يونيو/حزيران الماضي (رويترز) الحرب تهدد استقرار روسيا

لكن الخبير لا يتوقع أن يدوم الاستقرار طويلا لصالح الكرملين، ويقول "في النهاية، تداعيات الحرب دخلت كل بيت روسي.. والعوامل التي تهدد روسيا بالانقسام والاقتتال الداخلي مستمرة باستمرار حربها على أوكرانيا، حتى وإن عالج بوتين بعض القضايا التي شغلته (تمرد بريغوجين)".

وختم بالقول "ثمة الآن صراع على السلطة بين جناح "الأمن الفدرالي الروسي" (FSB) والجيش، ولا أستبعد ظهور قيادات عسكرية جديدة تقف في وجه بوتين ورجالاته بعد بريغوجين".

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

قائد سرية الحد اليمين للجيش الثاني: «الثغرة» عملية «سياسية».. (حوار)

أكد العقيد حلمى زكى، قائد إحدى سرايا الكتيبة 18 مشاة، حد اليمين للجيش الثانى الميدانى فى حرب أكتوبر المجيدة، أنه ورجاله أذاقوا الويل لجيش الاحتلال الإسرائيلى، وأنهم كانوا يهربون أمامهم كالفئران، مشيراً إلى أنهم لم يستطيعوا اختراق الكتيبة للوصول لقناة السويس، حتى استغلوا صور طائرات الاستطلاع والأقمار الصناعية ليقوموا بـ«الثغرة». وأضاف العقيد حلمى زكى، فى حوار خاص لـ«الوطن»، أن «الثغرة» كانت بمثابة «نصر سياسى» فى أول أيامها، وأنهم كانوا فى «موقع ضعف» قبل اتفاق وقف إطلاق النار. وأشاد بدور المشير محمد حسين طنطاوى ورجاله خلال حرب أكتوبر المجيدة، مؤكداً أنهم أذاقوا الويل للعدو، وأوقعوا فيه خسائر كثيرة.. وإلى نص الحوار:

ما أبرز المهام المكلف بها خلال حرب أكتوبر المجيدة؟

- كنت أحد قادة سرايا اللواء 16 مشاة، وهو اللواء المعروف باسم «لواء العظماء»، نظراً لوجود عدد كبير من القادة البارزين فى تاريخ العسكرية المصرية من هذا اللواء، ومن أبرزهم المشير محمد حسين طنطاوى، قائد الكتيبة 16 مشاة فى حرب أكتوبر المجيدة، وكانت كتيبته الكتيبة المجاورة لكتيبتى فى حد يمين الجيش الثانى الميدانى، أى آخر نقطة فى الجيش الثانى، ثم الفاصل والجيش الثالث الميدانى.

وكانت مهمتنا فى أحد أصعب أماكن العبور فى قناة السويس، وهى منطقة الدفرسوار، وكان موجوداً بها واحدة من النقاط القوية الـ22 لإسرائيل فى خط بارليف، وبفضل التدريب المكثف الذى خضعنا له كنا مستعدين تماماً لهذه المهمة.

ومتى عبرتم قناة السويس إلى سيناء؟

- الكتيبة 16 والكتيبة 18 كانت ضمن الموجة الأولى المكلفة بعبور قناة السويس. وواجهنا صعوبات كبيرة، وشارك عدد كبير من القادة فى تذليل هذه الصعوبات، بداية من المانع المائى الذى كان من أصعب الموانع فى الحروب، بالإضافة إلى الساتر الترابى الذى يبلغ ارتفاعه 22 متراً، لكن بفضل التخطيط الجيد والتدريب المكثف، تمكنا من التغلب على هذه التحديات.

كيف كانت الأجواء قبل العبور؟

- يوم 3 أكتوبر، عندما جاءنا الأمر بالإفطار، عرفنا أن الحرب قادمة فى ظرف أيام. وفى يوم 6 أكتوبر، بين الساعة 11 و12 ظهراً، تم الإعلان عن توقيت العبور، كانت فرحتنا لا توصف، فاللحظة التى كنا ننتظرها منذ 6 سنوات قد جاءت.

كيف كان شعوركم أثناء العبور؟

- أخذنا القوارب ونزلنا بها فى المياه، كل 10 مقاتلين فى قارب، وكنا نجدف جميعاً، وكان إحساسنا لا يوصف، وعندما تسلقنا الساتر الترابى ونزلنا الناحية الأخرى، شعرنا بأننا استعدنا أرضنا.

لماذا وأنتم لم تحاربوا بعد؟

- لأن الجنود الإسرائيليين كانوا يفرون أمامنا كالفئران، ولم يستطيعوا المواجهة.

ماذا عن دور الكتيبة 18 مشاة؟

- كنا مسئولين عن التقدم لمسافة 3.5 كيلومتر قبل عبور الدبابات والسيارات، وهى منطقة «رؤوس الكبارى»، تقدمنا وعملنا تجهيزاتنا الهندسية على هذا البعد.

كيف كانت ردود الفعل الإسرائيلية؟

- فى اليوم الأول للحرب لم يهاجمونا بسبب المفاجأة الكبيرة. وفى اليوم الثانى، بدأت بعض عناصرهم فى الهجوم، واشتد القتال حتى يوم 17 أكتوبر.

كيف كان تأثير الطيران الإسرائيلى على قواتكم خلال الأيام الأولى من الحرب؟

- الطيران الإسرائيلى حاول الاقتراب على استحياء لمحاولة استهدافنا، لكن حائط الصواريخ نجح فى إسقاطها، وصدرت تعليمات إسرائيلية لطياريهم بألا يقتربوا حتى مسافة 15 كيلومتراً من قناة السويس.

وكيف كانت المواجهات البرية مع جيش الاحتلال؟

- لم يستطع أحد اختراقنا فى الأيام الأولى من الحرب، حتى جاءت الإمدادات من أمريكا مباشرة إلى سيناء، وتمكنوا من القيام بعملية الثغرة، باستغلال الصور الملتقطة من طائرات الاستطلاع والأقمار الصناعية.

وبحكم وجودك فى قلب الأحداث.. كيف تصف «عملية الثغرة»؟

- كانت بمثابة نصر سياسى وليس نصراً عسكرياً، لأنهم لم يستطيعوا التعامل مع قواتنا، وخير دليل على ذلك أن العقيدة الإسرائيلية تقول إن الأرض التى يوجدون فيها لا ينسحبون منها أبداً، ورغم ذلك انسحبوا لأنهم كانوا فى «موقع ضعف».

وكيف كنتم تستعدون لـ«تصفية الثغرة»؟

- كانت هناك خطة من هيئة عمليات القوات المسلحة لاقتحام الثغرة بمشاركة الجيش الثانى والثالث والأنساق الموجودة من الغرب، وصدرت لنا التعليمات بالفعل، كنا مستعدين للقضاء على «شارون» ورجاله وجاهزين للتنفيذ، لكن اتفاق فض الاشتباك حال دون ذلك.

كنتم فى الكتيبة المجاورة للكتيبة 16 مشاة التى قادها المشير طنطاوى فى الحرب.. كيف تصف أداءهم فى الحرب؟

- الحقيقة أن المشير طنطاوى ورجاله كانوا «أبطال فوق العادة»، وقاتلوا بشراسة، وأحبطوا تقدم قوات العدو أكثر من مرة، وأذاقوهم الويل، ولى موقف مع المشير طنطاوى خلال الحرب؛ فحينما أُصبت خلال المواجهات مع العدو، كان يجب إخلائى من خلال كتيبته، تم إبلاغ المقدم طنطاوى فى هذا الوقت، وذهبت له. حضننى وقال لى: «عايز تعدى من وحدتى من غير ما أشوفك وأقولك ألف سلامة يا بطل»، تقابلت معه فى مواقف كثيرة جداً بعدها.

مثل ماذا؟

- كنا نحرص كرجال للواء 16 مشاة على الاجتماع بعد الحرب، وبعدما ترك المشير طنطاوى الوزارة شاركنا فى عدد من الاجتماعات، كما كان يجتمع بنا فى بعض الأوقات أثناء قيادته للقوات المسلحة، كما كان لى شرف الخدمة تحت قيادة المشير طنطاوى فى الكتيبة 16 مشاة بعد نقلى لها تحت قيادته بعد الحرب.

وما رأيك فى المشير طنطاوى بما أنك عرفته عن قرب؟

- هو أستاذى، ورجل يسجل التاريخ العسكرى بطولاته بأحرف من نور، ويكفى أنه حمى مصر على مدار سنوات طويلة، وصولاً لحمايته لمصر من حرق جماعة الإخوان الإرهابية لها.

مقالات مشابهة

  • قائد سرية مشاة: الجندي المصري أظهر معدنه.. ورأيت أسودا تركض نحو النصر
  • قائد أول دبابة تعبر «خط بارليف»: دمرنا 4 دبابات ونقلنا أخرى حديثة لدراستها في أول ساعات الحرب
  • مجموعة فاغنر تعلن وفاة أسير روسي في مالي ومتمردو الطوارق ينفون ذلك
  • ما الذي قاله قائد أنصار الله عبد الملك الحوثي عن الضربة الصاروخية الإيرانية التي أرعبت “إسرائيل”؟
  • قائد الثورة يكشف تفاصيل حساسة بشأن الهجوم الإيراني على كيان العدو والمواقع التي تم استهدافها وما الذي حدث بعد الضربة مباشرة
  • موسكو والدوحة تبحثان موعد زيارة بوتين إلى قطر
  • و أنت عائد إلى بيتك فكر في تلك المدينة الصامدة التي غيرت مجرى الحرب
  • قائد سرية الحد اليمين للجيش الثاني: «الثغرة» عملية «سياسية».. (حوار)
  • الأمم المتحدة: شهر يوليو كان الأكثر دموية للمدنيين في أوكرانيا منذ عام 2022
  • الحرب و السياسة و المتغيرات التي أحدثتها