في وقت يتلقى نجوم كرة القدم العالميين عروضاً مجزية للغاية من المملكة العربية السعودية، هناك ميل إلى نسيان أنّ هذه الظاهرة تعود إلى عقود خلت. لكن الآن تبدو الرهانات كبيرة جداً.

حين تقرأ عن لاعب برازيلي يستقبله آلاف المشجعين في مطار في السعودية قبل أن ينطلق في سيارة رولز رويس لتناول الطعام مع أعضاء العائلة الملكية، سيتبادر إلى الذهن فورا نيمار، لاعب الهلال السعودي الجديد.

لكن يتبيّن أن البرازيلي ريفيلينو الذي انضمّ إلى الهلال ذاته بموجب عقد مجزٍ في 1978، في نفس اليوم تقريباً لكن 45 عاماً قبل نيمار، وهو مثيله على رأس السيليساو هذه الأيام.

اعلان

وكتبت صحيفة "واشنطن بوست" في ذلك الوقت: "بالإضافة إلى الحصول على سيارة مرسيدس بنز جديدة وبدل معيشة قدره 10 آلاف دولار شهرياً، سيقيم ريفيلينو في أحد القصور الخالية للأمير خالد آل سعود".

تم إغداق رفاهيات مماثلة، بمبالغ أكبر وفقاً للأسعار الحالية، على نيمار والبرتغالي كريستيانو رونالدو والفرنسي كريم بنزيمة وغيرهم من النجوم البارزين الذين انضموا إلى الدوري السعودي للمحترفين هذا العام. بلغت رسوم الانتقالات هذا الصيف وحدها 830 مليون دولار، بدون احتساب أجور اللاعبين الباهظة، أو توقيع رونالدو في كانون الثاني/يناير في عقد يقال إنه سيدّر عليه 400 مليون يورو على مدار عامين ونصف.

ويعد الإنفاق فجأة بهذا الحجم والسرعة أمرا غير مألوف في كرة القدم، ويتضاءل أمام الاستحواذات السعودية المتفرقة الأخرى مثل ريفيلينو والمدرب البرازيلي الأسطوري ماريو زاغالو والإيطالي روبرتو دونادوني والبلغاري خريستو ستويتشكوف على مر السنين.

وتعد هذه الفورة السعودية أكثر من مجرد بحث عن مكانة أو "تبييض رياضي" لسجل حقوق الإنسان في البلاد الذي يتعرض لانتقادات شديدة، وهي مرتبطة أكثر بدفع وجودي: إعادة تشكيل الاقتصاد قبل انخفاض عائدات النفط.

منضمًا لرونالدو ونيمار وبنزيما... أوتافيو، أفضل لاعبي الدوري البرتغالي، يغادر إلى السعوديةالنصر السعودي يتعاقد مع المدافع الإسباني لابورت من مانشستر سيتي

وقال رئيس عمليات الدوري المعين حديثا كارلو نهرا لوكالة فرانس برس: "هذا المشروع جزء من مشروع تحوّل ينقل هذا البلد إلى حيث يريد أن يمضي".

"هذا مختلف تماما"

وإذا كانت السعودية، أكبر مصدّر للنفط في العالم، ليست جديدة على الإنفاق الكبير على لاعبي كرة القدم، فإن الأمور مختلفة تمامًا هذه المرة.

يعد مشروع كرة القدم الحالي جزءًا من رؤية 2030، وهي الحملة الطموحة التي يقودها الحاكم الفعلي للبلاد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتنويع الاقتصاد السعودي المرتهن بالنفط.

وقال نائب رئيس تحرير صحيفة "الرياضية" البارزة صالح الخليف لوكالة فرانس برس: "كان هناك توجه لجلب أسماء كبيرة" في السبعينات.

وتابع من مكتبه في الرياض "جاء ريفو (ريفيلينو) ولاعبون آخرون من تونس لعبوا بشكل جيد في كأس العالم 1978. لكن التجربة كانت فاشلة في النهاية".

وأضاف "الأمر اعتمد على أعضاء شرف في الأندية، وليس على خطة أو إنفاق حكومي" ، في إشارة إلى أفراد العائلة المالكة الذين يمولون الفرق بشكل مستقل.

وأوضح أنّ المرحلة الأولى "لم تكن مستدامة لذا لم تتمكن من النجاح. وهذا مختلف تماما عن التجربة الحالية".

اعلان

فراهنا، تستثمر السعودية مئات المليارات في كل شيء بدءًا من نيوم، المدينة الجديدة المستقبلية على ساحل البحر الأحمر، إلى المنتجعات السياحية والترفيهية للجماهير، بما في ذلك كرة القدم.

وتهدف الخطة إلى تنويع مصادر الدخل في الدولة الصحراوية التي يبلغ عدد سكانها 32 مليون نسمة، وحيث تقل أعمار ثلثي السكان السعوديين عن 30 عاما، لكن الوقت هو جوهر الأمر.

ولي العهد السعودي يقول إن مشروع نيوم سيجمع رأسمال بنحو 500 مليار ريالهل ستسمح مدينة نيوم السعودية بالمشروبات الكحولية؟

وتوقعت أوبك، منظمة البلدان المصدرة للنفط التي تعد السعودية عضوا بارزا فيها، أن يصل الاستهلاك العالمي إلى ذروته في عام 2040 تقريبا، مما يعني ضمنا أن الإيرادات سوف تنخفض بعد ذلك.

ورأى الأستاذ المحاضر في الرياضة والاقتصاد الجيوسياسي في كلية سكيما للأعمال في باريس سايمون تشادويك أنّ "المملكة العربية السعودية تسابق الزمن".

وأفاد فرانس برس "أمام المملكة العربية السعودية 20 عامًا للتنويع. وفي هذه الأثناء، هم عُرضة لتقلبات أسعار النفط".

اعلان

وتابع "عليهم أن يتحركوا بسرعة، عليهم أن يتحركوا بشكل استراتيجي، عليهم أن يتحركوا بفعالية".

"الخبز والسيرك"

وتعد الحشود المكتظة التي تحضر لمشاهدة رونالدو بمثابة تحول كبير بالنسبة لبلد محافظ للغاية حيث كانت النساء ممنوعات من دخول الملاعب حتى عام 2019.

وقال المحرر الرياضي في صحيفة "عرب نيوز" التي تصدر بالإنكليزية من الرياض، علي خالد، إن "المتهكمين سيقولون ما هي الأسباب وراء ذلك"، في إشارة إلى الحديث عن "الغسل الرياضي".

وتابع "لكن كل ما في الأمر أنهم (المسؤولين السعوديين) يجلبون ذلك إلى شعبهم الذي لم يكن لديه لفترة طويلة إمكانية الوصول إلى أي ترفيه من هذا المستوى".

ووفقا لنهرا، فإن "الهدف الرئيسي هو كيف يمكننا تحويل الرياضة إلى رياضة تلهم الشعب السعودي وتشركه وتسليه". وأكّد "هذا هو المحرك".

اعلان

لكن تشادويك أشار إلى أنّ الاستثمارات في كرة القدم والفورمولا واحد والغولف والمهرجانات الموسيقية وغيرها قد تكون أكثر من مجرد تشجيع الناس على الإنفاق. وقال "أعتقد أن أمن الأسرة الحاكمة هو في قلب هذا الأمر".

وتابع أنّ "الاستثمار في كرة القدم هو الخبز والسيرك للقرن الحادي والعشرين"، في إشارة إلى سياسة توفير الطعام والترفيه في آنٍ معاً، موضحاً أن الأمر بمثابة أن "تعطي الناس ما يريدون، وتأمل أن يتركوك وشأنك".

وختم بالقول "لن يسائلوك، بل سيدعمونك".

شارك في هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية روسيا تسقط 42 مسيرة أوكرانية في شبه جزيرة القرم وصواريخ على كالوغا جنوب موسكو شاهد: لقطة واحدة ووجه واحد ولحظة أمريكية.. صورة جنائية لترامب في السجن تدخل التاريخ دخول ذئب واحد إلى منظومة بيئية أدى إلى تجديدها برمّتها محمد بن سلمان السعودية نيمار استثمار كرة القدم رياضة اعلاناعلاناعلاناعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليوم إسبانيا الصين فاغنر - مرتزقة روسية كوارث طبيعية تركيا يفغيني بريغوجين بريطانيا كرة القدم تغير المناخ عبد الفتاح البرهان Themes My Europeالعالممال وأعمالرياضةGreenNextسفرثقافةفيديوبرامج Servicesمباشرنشرة الأخبارالطقسجدول زمنيتابعوناAppsMessaging appsWidgets & ServicesAfricanews Games Job offers from Jobbio عرض المزيد About EuronewsCommercial Servicesتقارير أوروبيةTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactPress OfficeWork at Euronewsتابعونا النشرة الإخبارية Copyright © euronews 2023 - العربية EnglishFrançaisDeutschItalianoEspañolPortuguêsРусскийTürkçeΕλληνικάMagyarفارسیالعربيةShqipRomânăქართულიбългарскиSrpskiLoaderSearch أهم الأخبار إسبانيا فاغنر - مرتزقة روسية كوارث طبيعية تركيا الصين يفغيني بريغوجين My Europe العالم مال وأعمال رياضة Green Next سفر ثقافة فيديو كل البرامج Here we grow: Spain Discover Türkiye Algeria Tomorrow From Qatar أزمة المناخ Destination Dubai Angola 360 Explore Azerbaijan مباشرالنشرة الإخباريةAll viewsنشرة الأخبارجدول زمني الطقسGames English Français Deutsch Italiano Español Português Русский Türkçe Ελληνικά Magyar فارسی العربية Shqip Română ქართული български Srpski

المصدر: euronews

كلمات دلالية: محمد بن سلمان السعودية نيمار استثمار كرة القدم رياضة إسبانيا الصين فاغنر مرتزقة روسية كوارث طبيعية تركيا يفغيني بريغوجين بريطانيا كرة القدم تغير المناخ عبد الفتاح البرهان إسبانيا فاغنر مرتزقة روسية كوارث طبيعية تركيا الصين يفغيني بريغوجين کرة القدم

إقرأ أيضاً:

ترامب ومائة يوم في الحكم

مائة يوم مرّت على تسلّم دونالد ترامب مقاليد رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، وقد كشفت هذه الأيام، ولو جزئيا، ولو أوليّا، ما يمكن أن يُنجزه ترامب خلال أربع السنوات لإدارته الراهنة. فقد تكشفت بأن تهديداته، وما يلوّح به من تغيير، لم يقم على دراسة استراتيجية، أو خطط مدروسة معدّة للتنفيذ.

فهو يعتمد على نمط من الحرب النفسية، أو إخافة من يتوجّه إليهم، في تحقيق ما يطلبه منهم، فإذا قوبل برفض ومعارضة، أو واجه مقاومة مبطنة بالمساومة، فلا حرج عنده من التراجع، أو التقدّم بطلبات أخرى. فهذا ما حدث له، مثلا، مع عدد من الدول الحليفة لأمريكا، أو غير الحليفة، وهو يعالج رفع الرسوم الجمركية. وقد تراجع متخذا قرارا لتنفيذ وعده بعد تسعين يوما، طبعا قابلة للتمديد، بل هي قابلة أيضا للتراجع بعد مفاوضات.

الأمر يكشف، مع مرور مائة اليوم على عهد ترامب، ما وصله من انسلاخ عن الواقع وقوانينه، وموازين قواه. وذلك ابتداء من مطالبته بضم كندا إلى الاتحاد الأمريكي، فتصبح الولاية الواحدة والخمسين، مرورا برفع الجمارك الأمريكية على كل دول العالم تقريبا، وانتهاء بالحرب الإبادية الإجرامية، التي تُشنّ ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة
وهذا ما حدث له بالنسبة إلى مطالباته من كندا والمكسيك وبنما، أو ما سيحدث له في مطالبته بإعفاء السفن الأمريكية من الرسوم لعبور قناة السويس. بل يمكن اعتبار تخليه عما فرضه على نتنياهو من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، مثلا آخر على تردّده، أو في الأصح على عدم ثباته على الموقف، وتحويل ما حققه من نجاح إلى فشل، وذلك عندما عاد ليعطي الضوء الأخضر لنتنياهو الذي أطلق العنان لحرب إبادة ثانية، كانت نتيجتها عزلة عالمية، إذ لم تؤيدّهما دولة واحدة في العالم.

وبهذا عاد ترامب إلى سياسة متردّدة مرتبكة، بين المضيّ في تغطية سياسة نتنياهو الخرقاء الفاشلة من جهة، وبين الضغط مرّة أخرى لوقف إطلاق النار، لكن بازدواجية راحت تراوح بين المفاوضات واستمرار الحرب.

ترامب وطاقمه التنفيذي منحازون تماما للكيان الصهيوني، وقد وصل التطرّف بهم إلى المطالبة بترحيل فلسطينيي غزة، ودعك من المزحة السخيفة المتعلقة بتحويلها إلى "ريفييرا". ثم أضف التناقض الصارخ في نهج ترامب وإدارته للسياسة أو الحرب، عندما يصرّ على ضرورة إطلاق الأسرى جميعا، وهو الأمر الذي لا يتحقق إلّا بوقف إطلاق النار، ضمن الشروط التي تقبل بها المقاومة.

وهذا الأمر يكشف، مع مرور مائة اليوم على عهد ترامب، ما وصله من انسلاخ عن الواقع وقوانينه، وموازين قواه. وذلك ابتداء من مطالبته بضم كندا إلى الاتحاد الأمريكي، فتصبح الولاية الواحدة والخمسين، مرورا برفع الجمارك الأمريكية على كل دول العالم تقريبا، وانتهاء بالحرب الإبادية الإجرامية، التي تُشنّ ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

من هنا يحق توقع التقلّب والتذبذب والفشل لترامب على مستوى عام، كما على المستوى الفلسطيني، ولا سيما إذا لم يحسم في وضع حدّ لنتنياهو المأزوم، والآخذ بأمريكا والغرب إلى العار، وتغطية جرائم الإبادة.

مقالات مشابهة

  • السعودية تجدد رفضها القاطع للاعتداءات الإسرائيلية التي تستهدف سيادة سوريا وأمنها
  • سهر الصايغ: بحب طب الأسنان والفن وصعب أسيب الـ 2
  • النصب على راغبى العمل بالخارج.. تفاصيل التحقيق مع متهمين بتزوير مستندات رسمية
  • خاص.. مصدر يكشف حقيقة قرار حكومي بسحب مبالغ الأمانات الضريبية
  • الحكومة الإسبانية تسابق الزمن لكشف أسباب انهيار التيار الكهربائي
  • ترامب ومائة يوم في الحكم
  • أمة على هامش الزمن
  • حلبة كورنيش جدة تستضيف بطولة السعودية تويوتا كسر الزمن في موسمها الجديد
  • موسوعة غينتس
  • “منصوري” العالمية تبرم شراكة مع “آمال” للانطلاق في عالم العقارات