معسكر زمزم للحركات أم النازحين ؟ معضلة الحركات المسلحة الإخلاقية في الفاشر !
تاريخ النشر: 12th, April 2025 GMT
معسكر زمزم للحركات أم النازحين ؟ معضلة الحركات المسلحة الإخلاقية في الفاشر !
التحليل في الفيديو المرفق يشرح بوضوح كيف تتسبب الحركات المسلحة في تعريض المدنيين في الفاشر للخطر.
مدخل :
الواقع الآن أن سلاح الجو – وهو الشريان الوحيد المتاح لإيصال الإغاثة والسلاح إلى الفاشر – لم يعد قادرًا على التحليق فوق سماء المدينة.
ولا ننسى أن الجنجويد منتشرون في المالحة، وجبل راهب، والصياح، ومليط، ما يجعل إمكانية إيصال أي إمداد بري إلى المدينة مغامرة خاسرة محفوفة بخسائر كبيرة، وهو أمر لا تريده الحركات المسلحة، أو بالأصح لا تجرؤ عليه.
الجنجويد مجرمون، هذا أمر مفروغ منه. لكن السؤال الحقيقي هو: كيف نحمي المدنيين المحاصرين في الفاشر من الجنجويد؟
الخيارات المطروحة أمامنا لا تتجاوز خمسة:
1. إرسال قوات لفك الحصار وتعزيز دفاعات المدينة مع الحفاظ على خط إمداد دائم. وهذا الخيار رغم مثاليته، إلا أنه صعب جدًا عسكريًا ولوجستيًا.
2. إرسال قوات في مهمة محدودة إنتحارية لإيصال مواد إغاثية وذخائر للجيش و البقاء داخل الفاشر ، وهذا حل قصير المدى، لكنه أفضل من لا شيء.
3. عقد اتفاق مع المليشيا لتسليم المدينة دون قتال، مع إخلاء الجيش والمدنيين بضمانات إقليمية ودولية، وتحت غطاء جوي من دولة مؤثرة – كالسعودية مثلاً.
4. الاستجابة لمبادرة الجنجويد بإجلاء المدنيين عبر قوات حجر وإدريس إلى مكان آمن بضمانات، مع بقاء المقاتلين في الفاشر. مع الأخذ في الاعتبار أن المدينة لا يمكن إمدادها جوًا، ولا يمكن للجيش الصمود للأبد.
5. الإبقاء على الوضع كما هو: مزيد من الموت، والجوع، والانهيار الكامل للمدينة، والنتيجة معروفة سلفًا.
تحليل :
لكن السؤال الأهم: لماذا لا تريد الحركات المسلحة – وتحديدًا حركتي جبريل ومناوي – إرسال قوة برية للفاشر رغم ضغطها على الجيش للبقاء؟
الجواب بسيط. جبريل ومناوي ينتمون للزغاوة، بينما الفاشر ليست مدينة زغاوية، بل هي مدينة متعددة القوميات، وغالبية سكانها اليوم من الزُرقة من غير الزغاوة . ولذلك، فليست لهم روابط اجتماعية عميقة تدفعهم للمخاطرة.
سقوط الفاشر ليس في صالح الحركات المسلحة، لأن ذلك يعني انهيار آخر مدن دارفور الكبرى، وهو ما يضعف أوراقهم التفاوضية ومواقعهم السياسية.
لكنه أيضًا إذا كانت ساقطة لا محالة فليس من مصلحتهم أن تسقط الفاشر بسهولة، بل يريدونها أن تسقط بعد معركة دامية تستنزف الجنجويد وتفقدهم جزءًا كبيرًا من قوتهم الضاربة. فالمعركة الأهم بالنسبة لجبريل ومناوي ليست في الفاشر، بل في حاكورتهم بوادي هور – هناك، حيث ستدور المعركة الحاسمة. ولهذا، فهم يستخدمون الفاشر الآن كمصيدة ذباب.
أما الجنجويد، فهم يفضلون مدينة خالية من السكان. ليس رحمةً بالمدنيين، ولكن خوفًا من تكرار مجازر كتلك التي ارتكبوها ضد المساليت، والتي أصبحت عبئًا على سجل انتهاكات حمدان وشقيقه عبدالرحيم.
لكن إذا لم يجدها الجنجويد خالية، وإذا استمر ضغط الحواضن الاجتماعية علي حمدان و شقيقه، وإذا ظلّت الشكوك حول كفاءته في القيادة قائمة – فإنه سيدخل المدينة أيا كانت العواقب. هو الآن في لحظة قمار سياسي وعسكري.
والحركات تعلم ذلك تمامًا، وتدير هذه اللعبة بدم بارد، غير آبهة بالمواطنين الذين لا ينتمون إلى قبائلهم أصلاً.
أما الجيش، فالمعادلة واضحة بالنسبة له. البرهان يعلم جيدًا أن أي جيش بلا خط إمداد محكوم عليه بالهزيمة. لكن لأسباب سياسية، لا يستطيع سحب القوات من الفاشر، حتى لا يغضب حلفاءه من الزغاوة، الذين يرون في المعركة فرصة ذهبية لاستنزاف الجنجويد.
الحركات الزغاوية تريد معركة كبرى تُفني فيها قوة الجنجويد قبل أن تندلع المعركة الحقيقية في وادي هور. حتى لو خسر الجيش الفاشر، فهذا ثمن مقبول بالنسبة لهم.
وفي المقابل، لا الجيش ولا الحركات على استعداد لإرسال قوات إضافية لفك الحصار أو لإيصال مساعدات. الحركات تحتفظ بقواتها في نهر النيل والشمالية والجزيرة لحماية مكاسبها السياسية، لأنها ببساطة لا تثق في البرهان، ولا في الشماليين.
هذه هي المعادلة كما شرحتها لكم في البث المباشر على يوتيوب.
مشاهدة طيبة.
عبدالرحمن عمسيب
12 أبريل 2025
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الحرکات المسلحة فی الفاشر
إقرأ أيضاً:
قوات الدعم السريع قتلت طاقم آخر مستشفى بمخيم زمزم بالفاشر
نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن منظمات إغاثة والأمم المتحدة أن قوات الدعم السريع قتلت جميع طاقم آخر مستشفى متبق في مخيم زمزم للنازحين في مدينة الفاشر عاصمة ولاية دارفور غربي السودان.
كما نقلت الصحيفة عن منظمة الإغاثة الدولية، التي تدير مخيم زمزم، أن قوات الدعم السريع هاجمت مساء أول أمس الجمعة محيط المخيم بعد أن قصفته لساعات.
وقالت المنظمة إن القوات المهاجمة دمرت مئات المنازل والسوق الرئيسية قبل أن تهاجم المستشفى الميداني التابع لها وتقتل 9 من أفراد طاقمه بينهم طبيب.
ووصفت منظمة الإغاثة الدولية ما تعرض له طاقمها بالمأساة الكبيرة. ويقع مخيم زمزم على بعد 12 كيلومترا تقريبا جنوب الفاشر ويؤوي نحو 500 ألف نازح.
لم تمضِ سوى ساعات على انعقاد جلسة محكمة العدل الدولية، حتى صعّدت ميليشيا الدعم السريع المتمردة، والمدعومة إماراتيا بالمال والسلاح، من هجماتها على المدنيين في مخيم زمزم للنازحين ومدينة الفاشر بولاية شمال دارفور.
تعرب الحكومة السودانية عن إدانتها الشديدة للهجمات الإجرامية التي… pic.twitter.com/atQzzTi2vV
— القوات المسلحة السودانية (@SudaneseAF) April 12, 2025
من جهتها، قالت شبكة أطباء السودان إن قوات الدعم السريع قتلت 10 من الفرق الطبية بشمال دارفور خلال يومين.
إعلانوأضافت الشبكة أن 6 منهم قتلوا على يد الدعم السريع بمعسكر زمزم، فضلا عن مقتل مدير مستشفى أم كدادة شرقي ولاية شمال دارفور.
ووصفت الشبكة استهداف الفرق الطبية بطريقة ممنهجة داخل المرافق الصحية بأنه تمادٍ واضح في القتل.
ونفت قوات الدعم السريع -في بيان عبر تطبيق تليغرام- ما ورد في مقاطع مصورة حول انتهاكات اتُهمت بارتكباها في مخيم زمزم، ووصفت المقاطع بالمضللة، وقالت إنها ملتزمة بالقانون الدولي الإنساني وترفض بشدة كل المحاولات الرامية إلى تشويه سمعتها.
وكانت الخارجية السودانية ومنظمات دولية تحدثت أمس السبت عن هجمات واسعة شنتها قوات الدعم السريع على مخيم زمزم، مما أسفر عن مقتل وجرح المئات.
من جهته، قال الإعلام العسكري في الفاشر -في بيان- إن نحو 70 مدنيا قتلوا في المدينة جراء قصف من قوات الدعم السريع بالمدافع والمسيرات، مؤكدا أن الجيش السوداني والقوات المساندة له تمكنا من صد هجوم عنيف لقوات الدعم السريع على المخيم زمزم، وأن المعركة أسفرت عن سقوط 50 قتيلا في صفوف المهاجين.
أما المنسقيّة العامة للنازحين واللاجئين فأفادت في بيان بأن الموجة الأولى من الهجمات المتعددة بدأت يوم الخميس واستمرت حتى أول أمس الجمعة وأمس السبت، مما أدى إلى تدمير منازل وأسواق ومرافق للرعاية الصحية.
تنديد بالانتهاكات
في غضون ذلك، نددت المجموعة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات بما قالت إنها انتهاكات ارتكبتها قوات الدعم السريع في مدينة أُم كَدادَة.
وقالت المجموعة في بيان لها أمس السبت إن قوات الدعم السريع طوّقت المدينة خلال الأيام الخمسة الماضية وقتلت عشرات من سكانها وأصابت آخرين.
كما نددت بما قالت إنها انتهاكات مستمرة لقوات الدعم السريع بمدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور والمناطق المجاورة لها.
واتهمت المجموعة السودانية أطراف الحرب وتجار الحروب والأزمات بالتنازع على السلطة.
إعلانفي السياق ذاته، عبرت المنسقية العامة لمخيمات النازحين واللاجئين بالسودان عن قلقها البالغ إزاء ما يجري في مدينة الفاشِر من تصعيد دموي خطير.
وحذرت من أن الوضع الإنساني بالفاشر بات ينحدر بسرعة نحو كارثة غير مسبوقة.