صحيفة الاتحاد:
2025-04-12@21:39:46 GMT

د. عبدالله الغذامي يكتب: هل العقل وطن

تاريخ النشر: 12th, April 2025 GMT

في الفلسفة يجري طرح فكرة الفيلسوف بوصفه المواطن العالمي، والفيلسوف من حيث هو الحاكم، أي أن العقل وطنٌ كوني شعبه مواطنون عالميون فلاسفة، وحاكمهم منهم، وهذه سردية ثقافية لها تبعاتها المفاهيمية والسلوكية.
والذي قال بحكم العقل هو أفلاطون وتغليب قدرات العقل على كل أنظمة السلوك، وهو ابتدأ أولاً من موقفه السلبي ضد الديمقراطية التي يرى أنها قتلت سقراط، وأنها تجعل الغوغاء يحكمون، وفي الوقت ذاته فهو ضد الدكتاتورية، ولهذا لجأ لفكرة حكم الفيلسوف، على أن هذه الأحقية المطلقة للفيلسوف لدى أفلاطون تأتي من نظرية أن العقل هو الأقدر على الحكم، وبما أن الفيلسوف يأتي على قمة الهرم العقلي، فهو إذن من يحكم، ومنه تأتي العدالة.


وكما العقل يحكم فراسل يقول بالمواطن العالمي، وقوام فكرته أن مفهوم المواطن العالمي يركز على الفرد، وهو هنا الفيلسوف الذي يجعل ذاتيته تتصل مع الذوات والكينونات الأُخر، وكلها عنده كائنات واقعية دنيوية تتعامل مع واقع دنيوي وحدُّها هو حدود هذا العالم، ولكن صفة هذا المواطن العالمية صفة مثالية رغم واقعيته، فهو يمثل صفات العقلانية والنظر الحر والمستقل. 
ولكن الواقع لا يعزز نظرية أفلاطون ولا نظرية برتراند راسل سيحضر، ولعل سقراط أولى منهما في رؤية الواقع الإنساني، فهو ينظر بنظرة أكثر إنسانية، فيصف الفلاسفة بأنهم أنصاف أموات لأنهم يعون أن للحياة صورةً أخرى غير الصورة الجسدية، وهي صورة الروح حين تتحرر من سجن الجسد، والموت هو لحظة التحرير، وهذا ما يعيه الفلاسفة الحقيقيون، ولذا فحياتهم مرتبطةٌ بهذا المعنى، وسيكونون مثل البجع حين تغرد بهجة بميعادها مع الموت، والفيلسوف لا يخاف إذن من الموت. وهذه حال عاشق الحكمة الصادق في حبها والذي ترسخت فيه هذه القناعة القائلة بأنه لن يبلغ أبداً الحكمة الجديرة بأن تسمى حكمةً في أي مكان آخر ماعدا العالم الآخر. والفلسفة لهذا في خدمة الله كما يحدد سقراط، ويزيد بالقول إن واجبه الديني هو تحقيق معنى العدالة.
وهنا يسبق سقراط كل النظريات المغرورة حول الفليسوف حاكماً أو مواطنا عالمياً، ولن تكون أي من الفكرتين إلا حالة غرور وتعصب للتخصص والذات المتفلسفة، وهذا ضربٌ من المواطنة السردية التي تنقض نفسها كما نقضها سقراط قبل أن تتولد عبر تلميذه المباشر أفلاطون وتلميذه اللاحق متأخراً برتراند راسل. ولا بد هنا من الإشارة إلى معارضة ديفيد هيوم لأفلاطون، حيث يقول إن العاطفة هي التي تحكم وليس العقل. 
وفي الثقافة العربية تسود فكرة (الحكيم) بوصفه عمدة المعاني وركيزة التدبير. وهذه الفكرة هي الأقرب للواقعية بما أن الحكيم هو الميزان الواقعي بسلوكه الذاتي أولاً وبسلوكه مع الظروف والبشر، والحكمة تعني قراءة الواقع بشروط الواقع دون تعالٍ على حقيقة ومجريات الحوادث، ولذا ففكرة الحكيم هي الأوثق ظرفياً وبشرياً.
كاتب ومفكر سعودي
أستاذ النقد والنظرية/ جامعة الملك سعود - الرياض

أخبار ذات صلة د. عبدالله الغذامي يكتب: أن تسافر عنك إليك د. عبدالله الغذامي يكتب: الماضي حين نتغنى به

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الغذامي عبدالله الغذامي

إقرأ أيضاً:

الأوقاف: إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا موضوع خطبة الجمعة القادمة

حددت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة القادمة ١٨ أبريل ٢٠٢٥م الموافق ١٩ شوال ١٤٤٦ هـ بعنوان: " إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا"، وقالت وزارة الأوقاف: إن الهدف من هذه الخطبة هو: التوعية بأهمية العلم ودوره في بناء الإنسان.

أصدرت وزارة الأوقاف العدد السادس من مجلة «وقاية»، وذلك ضمن جهودها المستمرة لتعزيز الوعي المجتمعي وترسيخ قيم بناء الإنسان، برعاية الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف.

تأتي هذه الخطوة في سياق رؤية الوزارة المنسجمة مع توجهات الدولة المصرية نحو تنمية الإنسان فكريًّا وسلوكيًّا، ليكون أكثر وعيًا وإنتاجية، واسع الأفق، منتميًا لوطنه، ومسهمًا في تحقيق الخير للإنسانية.

وفي افتتاحية العدد، أكد الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، أن النصب والاحتيال عبر الإنترنت يعد أحد أخطر أشكال الجرائم الإلكترونية؛ إذ يستخدم المحتالون التطبيقات والمنصات الرقمية للإيقاع بالضحايا، وسلب أموالهم بطرق وحيل متجددة، وتكمن خطورته في أنه يستهدف مختلف شرائح المجتمع، ويخلّف خسائر فادحة؛ ما يجعله من أشد صور أكل أموال الناس بالباطل.

كما شمل العدد مجموعة من المقالات المتخصصة التي تحذر المواطنين من مخاطر النصب الإلكتروني، كان منها: مقال اللواء طارق عمار، الخبير الإستراتيجي والأمن القومي، بجانب مقال للشيخ خالد فيالجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، بالإضافة إلى مقال آخر للدكتور عثمان أحمد عثمان، عميد المعهد العالي للدراسات الإسلامية.

كما أجرت «وقاية» حوارًا خاصًّا مع اللواء علي أباظة، مدير مباحث الإنترنت السابق، والذي وجه العديد من النصائح للمواطنين عن كيفية التعامل مع المنصات الإلكترونية لتجنب عمليات النصب، بجانب عرض تقرير خاص عن جهود وزارة الداخلية في مكافحة جرائم النصب الإلكتروني، وتقديم دليل خاص للمواطنين لكيفية التبليغ عن جرائم النصب الإلكتروني.

كما خصصت «وقاية» ملفًا خاصًا حول مخاطر وأضرار النصب الإلكتروني؛ ناقشت خلاله الأضرار الخاصة ببعض التطبيقات والمنصات التي تخدع المواطنين بأوهام الثراء السريع، وينتهى بهم الأمر إلى الوقوع ضحايا لعمليات النصب والخداع.

ومن واقع الحياة رصدت «وقاية» إحدى القصص الحقيقية لتعرض المواطنين لعمليات النصب الإلكتروني، وكيف تنجح تلك المنصات في بيع وهم الثراء السريع للمواطنين.

واختتمت المجلة عددها بطرح سؤال تفاعلي بجوائز قيمة، مع خمس توصيات أساسية؛ لزيادة وعي الأسر المصرية والمواطنين بمخاطر النصب الإلكتروني، والتحذير من منصات بيع الوهم.

مقالات مشابهة

  • الذكاء الاصطناعي ينجح في اجتياز اختبار العقل البشري
  • نظرية إعلامية علمية نشأت في الأربعينيات الميلادية
  • الأوقاف: إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا موضوع خطبة الجمعة القادمة
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: (قبل أن تنشق بالبكاء)
  • الإعيسر .. العنف الرمزي وإختلال الوظيفة
  • د.حماد عبدالله يكتب: الثقافة المصرية (الُمَّنقبْة) الآن!!
  • شيخ العقل: للإلتفاف حول القوى الأمنية والعسكرية تحقيقا للاستقرار
  • تأملات قرآنية
  • غارودي وفضيحة النخب السودانية