هذه تأثيرات حرب النيجر على الجزائر
تاريخ النشر: 25th, August 2023 GMT
أخطر ما قد يترتب عن حرب النيجر المتوقعة لا يتعلق بالحرب وتداعياتها الأمنية، بل التداعيات الإنسانية والاقتصادية للنزاع، والتي تتجاوز الجزائر إلى دول أوروبا.
أدى اندلاع الحرب الأهلية في مالي، في الفترة بين عامي 2012 و2013، إلى نزوح 55 ألف مواطن مالي نحو الجزائر بين عامي 2012 و2015، بمعدل هجرة أكثر من 18 ألف شخص سنويا، وساهم عدم الاستقرار في مالي في هجرة وفرار ما لا يقل عن 30 ألف مواطن نيجري إلى الجزائر، نسبة كبيرة منهم من الأطفال والنساء.
أما الحرب المتوقعة في النيجر فإنها ستشمل مناطق ذات كثافة سكانية كبيرة في النيجر، في جنوب البلاد، وهو ما يعني أن الجزائر قد تواجه مشكلة وأزمة هجرة ولجوء أكبر من تلك التي عرفتها قبل حوالي 10 سنوات، ومن المتوقع أن لا يقل عدد المهاجرين الفارين من النيجر عن 100 ألف، وطبقا للتوقعات فإن نسبة كبيرة من المهاجرين واللاجئين ستتجه إلى أوروبا عبر الجزائر، وقد تواجه الجزائر ودول المنطقة كارثة إنسانية في الصحراء في حالة تمدد النزاع وانتقاله إلى دول أخرى.
ما يثير القلق بالنسبة لجمهورية النيجر، التأثير الاقتصادي للحرب المتوقعة، فالجزائر تراهن بشكل كبير على مشاريع مشتركة بين الجزائر والنيجر للتنمية في المنطقة ككل، ضمن المقاربة الاقتصادية والتجارية للجزائر مع دول الجوار الإفريقي، ومن المؤكد الآن أن حرب النيجر الجديدة ستؤدي على الأقل لتأجيل مشروع خط أنابيب الغاز نيجيريا-الجزائر-أوروبا، ومشاريع أخرى تجارية واقتصادية مهمة، ومصدر القلق الأشد بالنسبة للجزائر أن يسفر التدخل العسكري المتوقع في النيجر عن اندلاع حرب أهلية طويلة تلحق ضررا كبيرا بالاقتصاد المحلي، ومن ثَمَّ الانهيار الاقتصادي في هذا البلد، مع نتائج كارثية على الوضع الإنساني، واحتمال نزوح موجات من اللاجئين نحو الجزائر، وهذا سيضع على الجزائر عبئا إنسانيا واقتصاديا وأمنيا، ليس فقط في مجال تحضير مخيمات لإيواء الفارين من الحرب المحتملة، بل لمواجهة موجات الهجرة غير الشرعية نحو أوروبا مرورا بالجزائر.
على عكس ما يشاع ويتداول من تحاليل أمنية وسياسية حول تأثير الحرب المتوقعة في النيجر على الجزائر، فإن النزاع الجديد جنوب الجزائر لن تكون له تأثيرات على الأمن الوطني الجزائري، لكن تأثير النزاع الاقتصادي والإنساني في المنطقة هو مصدر القلق الحقيقي في الجزائر كما في عدة دول بالمنطقة.
وساهمت الجاهزية القصوى للقوات العسكرية الجزائرية المرابطة على الحدود الجنوبية مع مالي والنيجر في منع أي تسلل عبر الحدود طيلة الفترة منذ عام 2012، تاريخ بداية الحرب الأهلية في دولة مالي، ثم التدخل العسكري الفرنسي في هذا البلد في 2013، ومن غير المتوقع، بل شبه مستحيل أن تسفر أي حرب جديدة عن اضطراب أمني أو تسلل إرهابيين أو تهريب أسلحة إلى الجزائر، وهذا ليس فقط بسبب الجاهزية القصوى للقوات العسكرية الجزائرية الموجودة على طول حوالي 2300 كلم من الحدود البرية الجزائرية مع مالي والنيجر، وقد أثبتت تجارب حرب ليبيا وحرب مالي فاعلية الإجراءات والتدابير الأمنية في الحدود الجزائرية، فبالرغم من ملايين القطع من السلاح التي تم تهريبها من ليبيا إلى دول المنطقة بعد اندلاع الحرب في هذا البلد، نجحت الجزائر في حجز كميات ضخمة من السلاح المهرب، وهو جزء بسيط من الأسلحة المهربة من ليبيا، كما أن خبرة الجيش الوطني الشعبي في مكافحة الإرهاب المتراكمة في الصحراء ستلعب دورا كبيرا في حالة وقوع أي طارئ أمني على الحدود، وبينما تتحدث تقارير إعلامية وتحاليل عن التأثيرات الأمنية للحرب على الجزائر، فمن شبه المؤكد أن الوضع على الحدود الجزائرية في كل مكان تحت السيطرة الكاملة.
المصدر: الخبر
كلمات دلالية: على الجزائر فی النیجر
إقرأ أيضاً:
نائب رئيس حزب المؤتمر: فوز ترامب سيكون له تأثيرات عميقة على الشرق الأوسط
قال اللواء الدكتور رضا فرحات، نائب رئيس حزب المؤتمر، وأستاذ العلوم السياسية، إن فوز دونالد ترامب في الانتخابات الأمريكية يشكل حدثا له أبعاد وتأثيرات عميقة على الشرق الأوسط، حيث ترتبط المنطقة بعلاقات معقدة مع الولايات المتحدة التي تعد لاعبا رئيسيا في قضايا الأمن والاستقرار والتنمية، مشيرا إلى أن سياسات ترامب تميل إلى اتخاذ مواقف حادة وواضحة، وأحيانا غير تقليدية تجاه قضايا المنطقة، مما يثير تساؤلات حول كيفية استجابته للتطورات الراهنة.
تداعيات فوز ترامبوأشار «فرحات» إلى أن أحد أبرز القضايا التي قد تتأثر بسياسات ترامب هي القضية الفلسطينية، حيث عُرفت إدارته بمواقف داعمة لإسرائيل، خصوصا قراراته السابقة بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، ووقف الدعم المالي للأونروا وعودة ترامب قد تعني إعادة فتح ملفات كانت محل جدل، ما قد يعقد مساعي حل الدولتين ويزيد من حدة التوترات في الأراضي المحتلة.
وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى أن السياسة الأمريكية تجاه إيران ستكون من الملفات الساخنة أيضا، خاصة أن ترامب من أشد المعارضين للاتفاق النووي، وانسحب منه خلال ولايته الأولى، ومن ثم فإن عودته للرئاسة قد تضع المنطقة على شفا توتر متزايد إذا ما قرر إعادة فرض المزيد من العقوبات أو اتخاذ خطوات تصعيدية تجاه طهران، وهو ما قد يؤثر سلبا على استقرار المنطقة ويزيد من تعقيد الوضع الأمني مشيرا إلى أن الأمر الوحيد المطمئن فى فوز ترامب هو الوفاء بتعهداته بإيقاف الحرب فى المنطقة وكذا الحرب الروسية الاوكرانية وهذا قد يعيد الهدوء للمنطقة ويعيد الأمور إلى طاولة المفاوضات للتوصل لحلول سلمية تحسن من التداعيات الاقتصادية للأزمة.
السياسة الأمريكية تجاه دول الخليج العربيوأكد «فرحات»، أن دول الخليج العربي تتابع عن كثب هذا التحول، نظرا لاعتمادها الاستراتيجي على دعم الولايات المتحدة في مواجهة التهديدات الإقليمية، مشيرا إلى أن إدارة ترامب، بعلاقتها الوثيقة مع بعض دول الخليج، قد تعزز من التحالفات الأمنية في مواجهة النفوذ الإيراني وهذا التقارب قد يشكل نوعا من التوازن في المنطقة لكنه يحمل في طياته مخاطر على مستوى التصعيد الإقليمي.
وعن تأثير هذا الفوز على مصر، قال الدكتور فرحات إن مصر تنظر إلى أي إدارة أمريكية من منظور التعاون في قضايا مكافحة الإرهاب ودعم الاستقرار في الشرق الأوسط، مشيرا إلى أن مصر شريك استراتيجي للولايات المتحدة، وأي تغيير في السياسات الأمريكية تجاه الشرق الأوسط ينعكس بطبيعة الحال على مصر، سواء في مجالات الأمن أو الدعم التنموي أو المواقف السياسية.