عريضة الطيارين تشعل الاحتجاجات وتوسع الشرخ الإسرائيلي
تاريخ النشر: 11th, April 2025 GMT
في واحدة من أعمق تجليات الشرخ الحادث في المجتمع الإسرائيلي، دحرج نحو ألف من الطيارين والعاملين في سلاح الجو إسرائيلي أكبر كرة نارية ضد استمرار الحرب وعدم إبرام اتفاق لاستعادة الأسرى الإسرائيليين. إذ نشر هؤلاء، وبينهم اثنان من قادة سلاح الجو سابقا -وهما الجنرالان دان حلوتس ونمرود شيفر- عريضة تطالب بإبرام اتفاق سريع لاستعادة الأسرى حتى لو كان ثمن ذلك إنهاء الحرب.
وسرعان ما امتد الحريق الواسع إلى أسلحة أخرى بينها المدرعات والطب والاستخبارات، وانتقل كذلك إلى المستوى الأكاديمي. ومن المتوقع أن يتراكم زخم هذه المبادرة التي تعني انتقال الضغط الشعبي ضد أداء حكومة نتنياهو إلى مستوى جديد بعد فشل التظاهرات المستمرة منذ أكثر من عام ونصف العام للمطالبة باستعادة الأسرى، ولو مقابل وقف الحرب.
أوقفوا القتالوجاء في العريضة -التي نشرت على نطاق واسع- بعد فشل كل الجهود لإحباط نشرها: "نحن، أفرادَ طواقم الطيران الاحتياطيين والمتقاعدين، نطالب بعودة المختطفين إلى ديارهم من دون تأخير، حتى لو كان ذلك على حساب وقف القتال فورا". وأضافت: "في الوقت الحالي، تخدم الحرب -في الأساس- مصالح سياسية وشخصية، وليس مصالح أمنية. إن استمرار الحرب لا يُسهم في تحقيق أيٍّ من أهدافها المعلنة، وسيؤدي إلى مقتل رهائن وجنود من الجيش الإسرائيلي ومدنيين أبرياء، واستنزاف جنود الاحتياط".
إعلانوأضافت "كما ثبت في الماضي، فإن الاتفاق وحده هو الذي يمكن أن يعيد الرهائن سالمين، في حين أن الضغط العسكري يؤدي في الغالب إلى قتل الرهائن وتعريض جنودنا للخطر". ودعت العريضة "جميع مواطني إسرائيل إلى التعبئة من أجل التحرك والمطالبة في كل مكان وبكل الطرق. أوقفوا القتال… أعيدوا جميع الرهائن- الآن! كل يوم يمر يجعل حياتهم في خطر. كل لحظة إضافية من التردد هي عار".
وتوضح وسائل الإعلام الإسرائيلية أن رئيس الأركان الجنرال إيال زامير وقائد سلاح الجو تومر بار بذلا جهودا كبيرة خلال الأسبوع الفائت لمنع نشر هذه العريضة وعرائض أخرى يجري إعدادها في عديد من أفرع الجيش. وكانت قد تصاعدت في الآونة الأخيرة وتيرة التهرب من الخدمة الاحتياطية لاعتبارات اقتصادية، لكن تزايدت أيضا مطالبات برفع الصوت ضد استمرار الخدمة الاحتياطية لأسباب سياسية. ومعروف أنه بسبب الحرب وصلت مدة التجنيد الاحتياطي عند البعض أكثر من 200 يوم في السنة، مما قاد إلى تدمير كثير من البيوت والشركات. وكذلك معارضة الائتلاف اليميني تمرير قانون التجنيد حتى لا يسري على الحريديم قادت إلى زيادة عبء الخدمة العسكرية على شرائح الملتزمين بهذه الخدمة.
وبعد نشر العريضة في الصحف أمس الخميس، أكد الجيش الإسرائيلي أنها سياسية المحتوى وأن كل من وقع عليها لا يمكنه مواصلة الخدمة الفاعلة في الجيش و"الجلوس في قمرة القيادة أو غرفة التحكم والتشكيك في شرعية الأهداف". وقال ناطقون بلسان الجيش إن العريضة "تقوض شرعية استمرار القتال في غزة،" وإن نشر العريضة يشكل تحديا لشرعية قيادة قائد القوات الجوية والقادة الآخرين في الجيش وسلاح الجو. وحاول الجيش التقليل من أهمية العريضة والقائمين عليها، فأعلن أن عددا قليلا من الموقعين على العريضة هم من الفاعلين في القوة الاحتياطية وأن معظمهم لم يعودوا فاعلين بسبب تقدمهم في السن. وتحدثت وسائل الإعلام عن أن نحو 90 من الموقعين من الفاعلين في الخدمة الاحتياطية في سلاح الجو.
إعلانمن المهم الإشارة إلى أن سلاح الجو الإسرائيلي يضم في صفوفه ليس فقط الطيارين، وإنما أيضا أفراد طواقم الخدمة الأرضية والملاحين الجويين والأرضيين، وكذلك طواقم الدفاع الجوي، ومن بينهم مشغلي بطاريات الصواريخ المضادة للطائرات والصواريخ. وقالت القناة الـ12 إن من يعرف قوام سلاح الجو يعلم أن هذا القرار ضربة كبيرة لقوات ووحدات هذا السلاح، حتى وإن كان الحديث يدور عن أقل من 100 جندي وضابط فعليا؛ هذه الأعداد ليست يسيرة، فضلا عن أن تدريب مثل هؤلاء يستغرق سنوات ويكلف استثمارا هائلا.
إعلان موقفوفي مقابلة إذاعية مع أحد الموقعين على العريضة، وهو العقيد طيار (احتياط) نيري ياركوني، قال إنه لم تكن هناك نية لنشر العريضة والاكتفاء بتداولها في الأوساط الداخلية، لكن جرى تسريب العريضة واعتبارها رفضا أو تهديدا برفض الخدمة العسكرية. وهذا ما "لم يترك مكانا لأي خيار آخر سوى نشر الرسالة وإظهار أنه لم يكن ثمة تهديد بالرفض هنا". وأوضح أن "كثيرا من الطيارين، وأنا واحد منهم، خدمت طيارا مقاتلا لمدة 35 عاما، معظمها في ظل حكومات كنت أعارض سياساتها وآراءها وتوجهاتها بشكل عام، وفي ظل هذه المعارضة، أعتقد أنه لم يخطر ببالي أو ببال أصدقائي عدم تنفيذ المهام". وشدد على أن العريضة إعلان موقف بعد أن توصل الطيارون إلى نتيجة "مفادها أن الحرب في هذه اللحظة تخدم بشكل رئيسي مصالح سياسية وشخصية، وليس مصالح أمنية".
واعتبر المراسل العسكري لصحيفة معاريف، آفي شكنازي، أن قائد سلاح الجو الجنرال تومر بار "ارتكب خطأ عندما وقع في الفخ من دون أن يتمكن من تفكيك الكمين الذي نصب له بذكاء. ويمكن القول إن الجنرال بار لم يعد إلى قاعدته سالما". وفي نظره، فإن العريضة المثيرة الجدل ليست رسالة رفض خدمة. العريضة تحمل في طياتها نكهة سياسية قوية، وكان من الحكمة عدم إطلاق توصيفات عليها وعلى أفراد القوات الجوية أو الطيارين. فالعريضة "تعبر عن رأي مشروع وعادل. الرسالة تذهب إلى اللون الرمادي القوي". ولاحظ أن "الجنرال بار أخطأ في طريقة تعامله مع القضية. واستسلم للروح التي تسيطر على الجيش الإسرائيلي. إنها الروح نفسها التي حولت الشرطة إلى هيئة سياسية للدولة". ورأى أن موقف الجيش وسلاح الجو من العريضة يقدم أفضل هدية لنتنياهو بعد فشله في واشنطن.
وبعد الحملة الرسمية عليهم، قال متحدث باسم الموقعين على العريضة جاي فورن -في مؤتمر صحفي- إن العريضة "تعرضت لكثير من التحريفات والتشويه، ورأينا أنه من الصواب تصحيح الأمور. فالمسألة ليست سلاح الجو، بل إن القضية التي كُتبت الرسالة من أجلها -والتي ينبغي التركيز عليها- هي وجود 59 رهينة حاليا كان من المفترض إطلاق سراحهم منذ زمن، ونحن، مثل الغالبية العظمى من الناس، نعتقد أنه تجب إعادتهم الآن. كل هذه الفوضى التي ستُسببها هذه الرسالة لسلاح الجو، الذي نعتز به ونحبه كثيرا، ثمن باهظ؛ ولكنه يستحق العناء إذا تسبب في إثارة هذه القضية".
وأضاف العقيد احتياط أوري أراد، وهو أسير حرب من حرب يوم الغفران: "في ليلة عيد الفصح، وبينما نحاول الاحتفال، فإن ألون أوهيل، وتامير نمرودي، وماتان أنجريست، وماتان تسينغاوكر، و20 آخرين من إخوتنا سيستمرون في التعفن في الأنفاق، من دون هواء"، مضيفا أن "هذا شيء لا يطاق بالنسبة إلينا"، وتابع أنه كان في الأسر، لكن ظروف أسر هؤلاء في غزة أصعب بكثير وأن التخلي عنهم حاليا "أسوأ بكثير، لأنه يُمارس الآن عمدا لأسباب سياسية. كانت نقطة التحول قبل شهرين، عندما انتهك نتنياهو بشكل صارخ خطة كان بإمكانه بموجبها إعادة جميع المختطفين. عند هذه النقطة الحاسمة، فضل نتنياهو نجاته الشخصية على المختطفين الذين اختار التخلي عنهم حتى الموت، لا أقل من ذلك. لقد انتظرنا عاما ونصف العام، ونعتقد أن هذا أكثر من كافٍ. إذا لم يكن هناك ضغط شعبي هائل، فلن يحدث شيء".
إعلان مقولة أخلاقيةواستغرب الجنرال احتياط نمرود شيفر من رد فعل قيادة الجيش على العريضة والموقعين عليها وتهديدهم وقال: "هؤلاء أناس أمضوا عشرات ومئات الأيام في خدمة الاحتياط خلال العام ونصف العام الماضيين. الرسالة دعوة للحكومة الإسرائيلية لإعادة المختطفين إلى ديارهم. هذه مسؤوليتكم النهائية، فافعلوا ذلك!" وأضاف: "هذا هو الشعور الذي نحمله جميعا. هناك 59 شخصا، أتمنى لو كان 24 منهم على قيد الحياة. يجب بذل كل جهد ممكن لإعادتهم إلى ديارهم. كتبنا هناك (أي في العريضة) حتى لو كان ذلك على حساب إنهاء الحرب. كان ينبغي أن يحدث ذلك منذ زمن طويل. هذه مقولة أخلاقية يشترك فيها أكثر من 70% من المواطنين الإسرائيليين".
وطبيعي أن تستنفر هذه العريضة كثيرا من القوى وتستقطب تأييدا واعتراضا من جهات متضاربة. فقد اعتبرت جهات مؤيدة للحكومة ولمنهجها في الحرب الدائمة أن العريضة تعبر عن "ضباط فاشلين يسعون لإرهاب الجيش الإسرائيلي". وقالت حركة "جيل النصر الاحتياطي" اليمينية إن العريضة تشجع على التحدي: "يجب على كبار الضباط الذين فشلوا وخدموا في جيش الدفاع الإسرائيلي منذ سنوات، ويسعون الآن إلى إرهاب الجيش والمجتمع الإسرائيلي والمسؤولين المنتخبين، وكل ذلك باسم رتبهم العسكرية، أن يتوقفوا عن تلقي الفوائد من مواطني إسرائيل والجسم الذي يحاولون إيذاءه". وطالبت هذه الحركة "وزير الدفاع بوقف المعاشات التقاعدية الممنوحة لهؤلاء الجنود السابقين. هذا سيوضح لمن يسعون لإعادتنا إلى أيام الرفض والسياسة في الجيش الإسرائيلي أنه من المستحيل محاولة تدمير الجيش وسلسلة القيادة والعيش على حسابه في الوقت نفسه. لقد حان الوقت لإنزال أشد العقوبات بمن يسعون باستمرار إلى تفكيك المجتمع الإسرائيلي وجيش الدفاع الإسرائيلي. ولن يسمح جنود الاحتياط لهم بإعادتنا إلى خطاب السادس من أكتوبر/تشرين الأول".
إعلانكما أعرب عضو الكنيست سيمحا روثمان عن معارضته العريضة، طالبا من الموقعين عليها مغادرة الجيش. كما وصف العريضة ألموغ كوهين نائب الوزير بأنها "دعوة مفتوحة أخرى للمجزرة التالية" واتهم الموقعين، "ومن بينهم رئيس أركان سابق، المتاجرة بدماء أبنائنا بإهمال إجرامي". وكذلك تحدث وزراء مثل سموتريتش وبن غفير ووزيرة المواصلات ميري ريغف ورئاسة الحكومة التي أيدت طرد الموقعين من الخدمة.
وفي المقابل نشر 150 من الضباط السابقين في سلاح البحرية عريضة يؤيدون فيها عريضة سلاح الجو معتبرين إياها "دعوة أخلاقية لإعادة المخطوفين"، في ضوء الاتفاق الواسع بين الجمهور على أولوية عودة الأسرى. ونشرت مساء الخميس عريضة أخرى وقعها العشرات من أطباء الاحتياط في سلاح الطب تأييدا لعريضة سلاح الجو. وكذا الحال في سلاحي المدرعات والاستخبارات حيث نشرت تقارير عن عريضة يجري التوقيع عليها. وذكرت القناة الـ13 أن المئات من جنود الاحتياط في وحدة الاستخبارات 8200 التابعة لجيش الاحتلال ينضمون إلى العريضة الاحتجاجية بشأن عودة الحرب بغزة. كما ذكرت القناة الـ12 الإسرائيلية أن نحو ألفين من أعضاء الهيئة الأكاديمية في مؤسسات التعليم العالي وقعوا على عريضة تطالب بإنهاء الحرب بغزة وإعادة الأسرى.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الجیش الإسرائیلی من الخدمة سلاح الجو فی سلاح أکثر من لو کان
إقرأ أيضاً:
950 طيار احتياط يرفضون الخدمة احتجاجا على حكومة نتنياهو
القدس المحتلة- في تطور لافت داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، وقع نحو 950 طيارا من جنود الاحتياط في سلاح الجو على عريضة تدعو إلى رفض أداء الخدمة العسكرية، في حال استمرت حكومة بنيامين نتنياهو، في انتهاك اتفاق وقف إطلاق النار مع قطاع غزة، وواصلت المماطلة في إتمام صفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس، والتي تشمل 59 أسيرا إسرائيليا، من بينهم 24 ما زالوا على قيد الحياة.
ورغم التهديدات بالفصل من الخدمة العسكرية بقوات الاحتياط، وجه نحو ألف من عناصر القوات الجوية، الخميس، رسالة إلى الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو، دعوا فيها إلى إتمام صفقة التبادل مع حركة حماس والإفراج عن جميع المختطفين، حتى لو تطلب ذلك إنهاء الحرب بشكل كامل.
وتشكل هذه العريضة نقطة تحول في الاحتجاجات العسكرية ضد الحكومة الإسرائيلية، وتحمل في طياتها دلالات خطيرة على مستوى الانقسام داخل إسرائيل، خصوصا مع إصرار الحكومة على عدم الامتثال لقرار المحكمة العليا والإصرار على إقالة كل من رئيس جهاز الشاباك، رونين بار، والمضي في عزل المستشارة القضائية للحكومة غالي بهاراف ميارا.
الطيارون المحتجون أكدوا في العريضة أن الحرب الحالية على غزة لم تعد تخدم أهدافا أمنية، بل تصب في مصلحة أجندات سياسية وشخصية.
ووجه جنود الاحتياط والمتقاعدون الموقعون على العريضة رسالة واضحة وصريحة إلى الحكومة الإسرائيلية، جاء فيها: "نحن، جنود الاحتياط والمتقاعدين في سلاح الجو، نطالب بإعادة جميع المختطفين إلى ديارهم دون أي تأخير، حتى وإن استلزم ذلك وقفا فوريا للقتال. في هذه المرحلة، باتت الحرب تخدم مصالح سياسية وشخصية، وليس أهدافا أمنية كما يروج لها".
إعلانوأضافوا في العريضة كما أوردتها صحيفة "هآرتس" أن "استمرار العمليات العسكرية لا يحقق أيا من الأهداف المعلنة للحرب، بل يفاقم المخاطر، ويهدد حياة المختطفين وجنود الجيش والمدنيين الأبرياء. كما يُعرض جنود الاحتياط للاستنزاف المستمر دون جدوى إستراتيجية واضحة".
طيارون إسرائيليون يرفضون استئناف الحرب في غزة.. ما أهم التفاصيل؟#حرب_غزة pic.twitter.com/0tbsOGrwIF
— قناة الجزيرة (@AJArabic) April 10, 2025
وأشار الموقعون على العريضة إلى أن التجارب السابقة أثبتت بشكل قاطع أن استعادة الرهائن أحياء لا يمكن أن تتم إلا عبر الاتفاقات السياسية، وليس من خلال التصعيد العسكري.
وأكدوا أن "الضغط العسكري يؤدي غالبًا إلى مقتل الرهائن وتعريض حياة الجنود للخطر، دون أن يُحدث اختراقا حقيقيا في مسار إعادتهم".
وفي ختام العريضة، التي نشرت الخميس، وجه جنود الاحتياط دعوة إلى جميع الإسرائيليين للتعبئة العامة، من أجل المطالبة بوقف القتال الفوري وإعادة الرهائن فورا، مشددين على أن "كل يوم يمر يعرض حياة المختطفين للخطر، وكل لحظة تردد إضافية تمثل وصمة عار أخلاقية ووطنية".
في محاولة لمنع اتساع رقعة رفض الخدمة داخل سلاح الجو، سعى رئيس هيئة الأركان، إيال زامير، إلى احتواء الموقف، حيث عقد هذا الأسبوع اجتماعا خاصا مع عدد من ضباط الاحتياط البارزين في سلاح الجو، بحضور قائد سلاح الجو الحالي، تومر بار، وعدد من القادة السابقين.
وخلال الاجتماع، شدد رئيس الأركان على أهمية الوحدة العسكرية في ظل الحرب متعددة الجبهات، مطالبا بتجميد العريضة وعدم تكرار أخطاء الماضي، مؤكدا دعمه الكامل لقائد سلاح الجو في هذه المرحلة الحرجة.
إعلانوفي تعليق على خلفيات الاجتماع، أشار المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، يوسي يهوشع، إلى أن دخول رئيس الأركان، إلى الاجتماع لم يكن خطوة اعتيادية، بل كان يحمل رسالة واضحة لدعم قائد سلاح الجو، بار، في مواجهة ما وصفه بـ"العناصر التي تحاول جر القوات الجوية إلى ساحة الاحتجاجات السياسية".
وأكد يهوشع أن زامير كان حاسما في موقفه، إذ أوضح أن أي نية رفض الخدمة أو التغيب عنها لن تقبل تحت أي ظرف، معتبراً أن مثل هذه التحركات قد تمس بصلابة الجيش ووحدته في وقت الحرب وحالة الطوارئ.
وفي السياق ذاته، قال مسؤول رفيع في هيئة الأركان العامة، انضم إلى موقف رئيس الأركان، لصحيفة "معاريف" إن "المتوقع من قادة القوات الجوية السابقين هو تقديم الدعم لقائد السلاح الحالي، وليس تشجيع ظاهرة الرفض أو إقحام الجيش في خلافات سياسية".
وأضاف: "لا ينبغي أن تكون القوات الجوية جزءا من الاحتجاجات. دورها عسكري صرف، ويجب أن تبقى بمنأى عن التجاذبات السياسية الجارية".
وخلال اجتماع عقده قائد سلاح الجو، بار، مع عدد من جنود الاحتياط، وجه الموقعون على العريضة انتقادات حادة لقراره بتهديدهم بالفصل، معتبرين أن تهديده يمثل تجاوزا لخط أحمر قانوني وأخلاقي، وانتهاكا لحقهم في التعبير عن آرائهم السياسية.
من جانبه، دافع بار عن قراره قائلا إن ما قام به لا يعد عقابا، مضيفا: "من يوقع على بيان يزعم أن استئناف الحرب دوافعه سياسية ويرتبط بملف المختطفين، لا يمكنه أداء واجبه كجندي احتياط".
وأشار إلى أن توقيع مثل هذه العريضة في وقت الحرب يعد، من وجهة نظره، غير مشروع، مؤكدا أن سلاح الجو، في جميع عملياته، مقتنع بأنه لا يلحق ضررا بالمختطفين، بل يرى أن الضغط العسكري على حركة حماس يسهم في تسريع إطلاق سراحهم.
إعلانوخلال الاجتماع، أوضح أحد المبادرين إلى العريضة أنها جاءت على خلفية التصعيد في ملف "الإصلاحات القضائية"، وإقالة رئيس جهاز الشاباك، إضافة إلى بدء إجراءات عزل المستشارة القانونية للحكومة، مشيرا إلى أن هذه التطورات قوضت الثقة داخل المؤسسة العسكرية ودفعت الطيارين إلى التعبير عن قلقهم.
وأكد أحد الطيارين السابقين المبادرين إلى العريضة في حديثه للموقع الإلكتروني "واي نت" أن العريضة ليست موجهة إلى الجيش، بل تعد رسالة واضحة موجهة إلى الحكومة الإسرائيلية، تدعوها إلى العمل الجاد لإعادة جميع المختطفين من قطاع غزة، حتى وإن استلزم ذلك وقفا فوريا للقتال.
تصاعد التوتر
تعود خلفية الاحتجاجات في صفوف سلاح الجو الإسرائيلي إلى عام 2023، خلال فترة الترويج لما سمي بـ"الثورة القانونية" التي قادتها حكومة نتنياهو. وقبل الهجوم المفاجئ الذي شنته حركة حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه، أعلن عدد كبير من جنود الاحتياط في سلاح الجو رفضهم الاستمرار في أداء الخدمة، في حال مضت الحكومة قدما في التشريعات المثيرة للجدل.
وفي يوليو/تموز 2023، أعلن أكثر من ألف عنصر من مختلف تشكيلات القوات الجوية، بينهم أفراد من طاقم الطيران، وأنظمة التحكم، مشغلو الطائرات المسيرة، وأفراد من الوحدات الخاصة، أنهم سيوقفون خدمتهم في الاحتياط إذا لم يتم تجميد التشريعات.
وبعد شهر واحد فقط، تصاعدت حدة التوتر داخل المؤسسة العسكرية، في أعقاب سلسلة الهجمات اللفظية التي شنها سياسيون من الائتلاف الحاكم ومقربون من نتنياهو ضد كبار قادة الجيش وسلاح الجو.
ردا على ذلك، بعث عدد من طياري الاحتياط برسالة مباشرة إلى وزير الدفاع حينها، يوآف غالانت، أكدوا فيها أنهم يرفضون تنفيذ مهام هجومية لصالح دولة "لم تعد ديمقراطية"، على حد تعبيرهم.