مسقط تجمع طهران وواشنطن.. ما سيناريوهات مفاوضات السبت؟
تاريخ النشر: 11th, April 2025 GMT
طهران- بين تصعيد محسوب ومبادرات حذرة، تمضي المحادثات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة في مسار شائك تعكسه تفاصيل الأسابيع الأخيرة، حيث تتقاطع الحسابات النووية مع التحولات الإقليمية، ويتداخل الضغط بالعقوبات مع رسائل الانفتاح على التفاوض.
وتحتضن سلطنة عُمان، المعروفة بدورها الوسيط، جولة جديدة من هذه الاتصالات غدا السبت، وسط تساؤلات متزايدة حول فرص التفاهم وحدود التصعيد.
جاءت البداية مع رسالة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لطهران التي قالت أنباء إنه خاطب بها المرشد الأعلى علي خامنئي، ثم صرح وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بأنه يغلب عليها التهديد، ولكن هناك فرصة في قلبها، وهو ما يتضمن إشارات من الجانب الإيراني إلى "فرصة ممكنة" في أفق المفاوضات، في ظل مقترح لاتفاق مؤقت يخضع للدراسة.
تفاؤل حذرفتحت هذه النغمة الباب لتفاؤل حذر، لكنّها لم تلبث أن ترافقت مع رسائل تحذيرية شديدة اللهجة من طهران، أكدت فيها أنها جادة في التفاوض، ولكنها في الوقت ذاته "جاهزة للحرب" إن استمرت الضغوط، مما يعكس إستراتيجية مزدوجة تجمع بين الانفتاح والردع.
في المقابل، لم تكن واشنطن بعيدة عن هذا الخطاب المزدوج، فقد عاد ترامب إلى نبرة التهديد، ملمحا إلى استخدام القوة العسكرية، في وقت استمرت فيه وزارة الخزانة الأميركية بفرض عقوبات اقتصادية جديدة، مما دفع طهران إلى الإعلان عن خطة لتعزيز بنيتها الدفاعية، وتوسيع قواعدها الخاصة بالطائرات المسيّرة، وهو ما اعتبره مراقبون رسالة إستراتيجية تتجاوز مجرد الاستعراض العسكري.
إعلانومع اتساع الهوة، جاء تصريح إيراني لافت يؤكد أن الجمهورية الإسلامية "تدعم السلام، لكنها لن تستسلم"، في وقت عبرت فيه عن استيائها من الضغوط الأميركية، دون أن تغلق الباب أمام مواصلة الحوار، بل ألمحت إلى إمكانية الانتقال من المحادثات غير المباشرة إلى مسار مباشر إن توفرت الشروط المناسبة.
يعكس تسلسل هذه التطورات مشهدا دبلوماسيا معقدا، إذ لا يزال الطرفان يتبادلان الرسائل عبر التصريحات والإجراءات في ظل غياب مؤشرات واضحة على اختراق سياسي قريب. وتبقى الأسئلة مفتوحة: هل يشهد الملف النووي انفراجة دبلوماسية تقود إلى تفاهم مرحلي؟ أم أن التصعيد المتبادل سيدفع الأمور نحو مواجهة أكثر اتساعا؟
#إيران: نؤمن بمبدأ المفاوضات وكما أكدنا سابقا سنخوضها إذا تمت مخاطبتنا بلغة الاحترام pic.twitter.com/HgrgzYt2NL
— قناة الجزيرة (@AJArabic) April 8, 2025
سيناريوهاتبخصوص سيناريوهات غد السبت في مسقط، قال الباحث في الأمن الدولي عارف دهقاندار، للجزيرة نت، إن المفاوضات المرتقبة بين إيران والولايات المتحدة تواجه تحديات أساسية وعقبات جدية تقلل من احتمالات نجاحها، مشيرا إلى أن طهران تعتبر مطالب الجانب الأميركي غير منطقية وغير واقعية، رغم أن تفاصيل العروض الأميركية لم تتضح بعد.
وأوضح أنه إذا اشترطت واشنطن تخلي إيران الكامل عن قدرات تخصيب اليورانيوم، فإن ذلك سيؤدي حتما إلى فشل المفاوضات، لأن طهران لن تقبل بذلك. واعتبر أن العودة إلى الاتفاق النووي تشكل السيناريو الأول الممكن، لكنه مستبعد، خاصة بعد أن اعتبرت إدارة ترامب السابقة الاتفاق غير مقبول وانسحبت منه، في حين أن التقدم النووي الإيراني تجاوز كثيرا ما كان عليه وقت توقيع الاتفاق.
أما السيناريو الثاني الأكثر ترجيحا، برأي دهقاندار، فإنه يتمثل في تركيز الطرفين على التحقق من سلمية البرنامج النووي الإيراني والتوصل إلى تفاهم بشأن آليات التفتيش. وبيّن أن طهران قد تسعى، من خلال تقديم بعض التنازلات إلى إثبات الطابع السلمي لبرنامجها مقابل مكاسب اقتصادية، لكنه أشار إلى أن نجاح هذا السيناريو سيعتمد على مدى توافقه مع الخطوط الحمر للطرفين.
إعلانوأضاف أن الفريق الأميركي الجديد يتبنى نهجا عمليا يركز على النتائج، ويسعى إلى تحقيق مكاسب سريعة وملموسة من المفاوضات، في حين تميل إيران إلى إدارة التوتر وتحقيق مكاسب اقتصادية من دون تقديم تنازلات كبيرة في ملفها النووي، مما يجعل فرص التوصل إلى اتفاق ملموس محدودة، بل وقد يؤدي ذلك إلى مزيد من التصعيد.
مسارات طهرانمن زاوية أخرى، قال أستاذ الدراسات الأميركية في جامعة طهران فؤاد إيزدي، للجزيرة نت، إن إيران تبدو مستعدة للسير في مسارين متوازيين: إما التوصل إلى اتفاق نووي جديد، أو خوض مواجهة عسكرية إن اقتضت الضرورة.
وأوضح أن هذا الاستعداد يشبه ما حدث عام 2015 حين أبدت طهران مرونة أفضت إلى توقيع الاتفاق النووي، مشيرا في الوقت نفسه إلى أنها طورت قدراتها الدفاعية خلال العام ونصف العام الماضيين، بما يعزز موقفها إذا اندلع أي صراع.
وحسب إيزدي، فإن إيران لا ترى نفسها مضطرة للتخلي عن برنامجها النووي وتضع له خطوطا حمرا واضحة، مؤكدا أن تجربة ليبيا غير قابلة للتكرار في الحالة الإيرانية، وأن طهران ترفض سيناريو إسقاط النظام أو تفكيك الدولة تحت غطاء التفاوض.
ووفقا له، إن زيارة الوفد الأميركي إلى سلطنة عُمان تهدف إلى تقييم مدى فاعلية الضغوط الاقتصادية والإعلامية على إيران، وقياس إمكانية تحقيق مكاسب تتجاوز ما تحقق في اتفاق 2015. لكنه لفت إلى أن الجانب الأميركي يواجه تحديات داخلية، أبرزها المزاج الشعبي الرافض للحروب والانقسام داخل إدارة ترامب بين تيار يعطي الأولوية للمصالح الأميركية، وآخر يتأثر بنفوذ اللوبي الإسرائيلي.
وختم إيزدي بالإشارة إلى أن هناك في الداخل الإيراني، وخصوصا ضمن الحرس الثوري والجيش، قيادات لا تخفي مرارتها مما يجري في غزة، وقد ترى في أي مواجهة مقبلة فرصة للرد على ما تصفه بالإبادة الجارية هناك، مؤكدا أن هذه الشريحة لا تمانع في توجيه "درس" للقوات الأميركية الداعمة لإسرائيل في المنطقة.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات أن طهران إلى أن
إقرأ أيضاً:
عشية محادثات مسقط.. طهران تؤكد جديتها وواشنطن تأمل باتفاق سلام
قال مستشار المرشد الإيراني للشؤون السياسية علي شمخاني إن لوزير الخارجية عباس عراقجي الصلاحيات الكاملة في المفاوضات غير المباشرة مع واشنطن في سلطنة عمان.
وأضاف شمخاني أن طهران تسعى لاتفاق حقيقي وعادل، مشيرا إلى وجود مقترحات مهمة وقابلة للتنفيذ، وإلى أن طريق المفاوضات سيكون واضحا وميسرا إذا دخلت واشنطن المفاوضات بصدق وإرادة.
بدوره قال مجيد تخت روانجي نائب وزير الخارجية الإيراني إن طهران تؤمن بالحوار في ظل الاحترام المتبادل، وترفض التسلط ومحاولات فرض الإرادة.
وأضاف روانجي أن سياسة بلاده مبدئية في إقامة أفضل العلاقات مع دول الجوار، وأن الحوار والتعاون هما النهج الأفضل لحل قضايا المنطقة.
وأوضح المسؤول الإيراني أن هناك فرصة للتوصل لاتفاق إذا تخلت واشنطن عن التهديدات.
أما رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي، فقال إنّ الضغوط القصوى والعقوبات لم تمنع إيران من التطور والتقدم في مجال الصناعة النووية، معتبرا أن الغرب يضغط على الوكالة الدولية للطاقة الذرية لتعطيل تعاونها مع بلاده.
تقييم نية الطرف الأميركي
وكان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي قال في وقت سابق إن إيران تعتزم تقييم نية الطرف الأميركي وجدّيته غدا السبت، وإنها سترسم -بناء على ذلك- خطواتها التالية.
إعلانوأكد أن بلاده تمنح الدبلوماسية فرصة حقيقية بحسن نية ويقظة تامة، وأنها لا تصدر أحكاما مسبقة، وعلى واشنطن أن تقدر قرار طهران رغم الصخب العدائي الذي صدر عنها.
وأكد مصدر رسمي إيراني للجزيرة أن طهران تتعامل مع المفاوضات مع الولايات المتحدة بشكل جدي وبناء، وأن فريق التفاوض الإيراني سيذهب إلى مسقط بصلاحيات كاملة وواسعة.
وذكر أيضا أن تفكيك وإيقاف برنامج تخصيب اليورانيوم "خط أحمر غير قابل للكسر"، وإذا كانت واشنطن تريد الاطمئنان بشأن سلمية برنامج إيران النووي فإن الاتفاق سيكون في متناول اليد.
وأضاف المصدر الإيراني أن مفاوضات مسقط تجري في ظل استنفار واستعداد غير مسبوقين في القوات المسلحة الإيرانية.
وأكد أن بلاده ترغب بشدة في المحادثات والوصول لاتفاق لكنها لا تقبل التهديد، وفي حال إصرار أميركا على اختبار مسار التهديد والحرب فإن إيران جاهزة أيضا.
مواقف أميركية وأوروبيةعلى الجانب الأميركي، قال وزير الخارجية ماركو روبيو إن محادثات مباشرة بين المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، ومسؤول إيراني كبير ستجري يوم السبت في مسقط، معبرا عن أمله في أن تفضي المفاوضات مع إيران إلى السلام.
من جهتها، قالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية إن اجتماع سلطنة عمان يوم السبت بشأن برنامج إيران النووي يأتي لتحديد مدى جدية الإيرانيين.
أوروبيا، قال المتحدث باسم المفوضية الأوروبية أنور العنوني إن الدبلوماسية هي الحل الوحيد في مواجهة التوترات بين إيران والولايات المتحدة، مؤكدا أن الاتحاد الأوروبي يبقي على قنوات اتصال مباشرة مع إيران.
كما حضت ألمانيا -إحدى الدول الأطراف في اتفاق العام 2015 بشأن برنامج إيران النووي- طهران وواشنطن على التوصل إلى "حل دبلوماسي" خلال مباحثاتهما التي تعقد غدا في سلطنة عمان.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية كريستيان فاغنر "نحتاج إلى حل دبلوماسي"، معتبرا أن "وجود قناة للحوار بين إيران والولايات المتحدة هو تطور إيجابي"، لكنه عبر عن قلق بلاده بشأن البرنامج النووي الإيراني.
إعلانومن جانب آخر، نقل موقع أكسيوس عن مسؤولين بالكونغرس الأميركي أنه تم تعيين ويليام روجر المشكك في العمل العسكري ضد إيران بمنصب رئيسي في الاستخبارات الوطنية.
كما ذكر الموقع أن طهران تدرس مقترحا لاتفاق نووي مؤقت قبل مواصلة المفاوضات بشأن اتفاق شامل.