من الرفض إلى الموافقة.. إيران تفتح باب المفاوضات المباشرة لكن بشرط!
تاريخ النشر: 11th, April 2025 GMT
نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرًا مفاده “أن المرشد الأعلى في إيران، علي خامنئي، قد يوافق على إجراء مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة في حال نجاح المحادثات غير المباشرة التي من المقرر أن تنطلق يوم السبت المقبل في سلطنة عمان’.
وبحسب الصحيفة الأمريكية، “فإن إيران كانت تدرس ردًا على رسالة من الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، التي دعت إلى بدء مفاوضات نووية”.
وأضافت، “هذا الأمر دفع إلى عقد اجتماع مهم الشهر الماضي حضره خامنئي، رئيس الجمهورية، ورؤساء السلطتين القضائية والتشريعية، ووفقًا لمسؤولين إيرانيين رفيعي المستوى، فإن هذا اللقاء شهد مناقشات عميقة حول مستقبل العلاقة مع واشنطن”.
وبحسب الصحيفة، “رغم رفض خامنئي السابق التعامل مع الولايات المتحدة، إلا أن المسؤولين الإيرانيين دفعوه لإعادة النظر في هذا الموقف، محذرين من أن عدم التفاوض قد يؤدي إلى “انهيار نظام الجمهورية الإسلامية”، بالإضافة إلى تهديدات من تزايد خطر الحرب مع الولايات المتحدة وإسرائيل”.
وبحسب الصحيفة، “بعد ساعات من النقاش المكثف، وافق خامنئي على السماح بإجراء مفاوضات غير مباشرة عبر وسطاء، على أن تتحول لاحقًا إلى مفاوضات مباشرة إذا تم التوصل إلى تقدم”.
وفي 28 مارس، “بعثت إيران ردًا رسميًا على رسالة ترامب، معلنة استعدادها للدخول في مفاوضات”.
واعتبرت الصحيفة أن “إيران، التي كانت ترفض سابقًا أي مفاوضات مباشرة مع واشنطن، وافقت على إجراء هذه المفاوضات بشرط أن يكون اللقاء غير مباشر في البداية”.
وأكدت مصادر إيرانية “أن طهران مستعدة لمناقشة برنامجها النووي، بما في ذلك آليات مراقبة صارمة وتقليص تخصيب اليورانيوم، بينما شددت على أن الصواريخ الإيرانية جزء أساسي من دفاعها الوطني وغير قابلة للتفاوض”.
من جانبه، أصر الرئيس الأمريكي السابق ترامب على “أن الاتفاق النووي السابق غير كافٍ، مؤكدًا أنه يسعى إلى اتفاق أوسع وأشمل”، في المقابل، أبدت إيران استعدادها “لمناقشة سياستها الإقليمية ودعمها للجماعات المسلحة في المنطقة، مع إشارة إلى إمكانية استخدام نفوذها لتخفيف التوترات، بما في ذلك في اليمن مع الحوثيين”.
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: أمريكا وإيران إيران وأمريكا دونالد ترامب سلاح إيراني
إقرأ أيضاً:
المفاوضات الإيرانية الأمريكية.. اختبارٌ لنضج الدبلوماسية ومصالح الأطراف
يمانيون/ تقارير في لحظةٍ تتأرجَّحُ فيها المنطقةُ فوق خطوط النار، وتحت ضغط التوترات المتراكمة، عادت “طهران وواشنطن” إلى طاولة المفاوضات –ولو بطريقةٍ غير مباشرة– عبر مسقط، حاملةً معها رمزيةَ الموقع وحيادَ الوسيط.
في تفاصيل المشهد، أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية مساء اليوم السبت، رسميًّا انتهاء الجولة الأولى من المحادثات غير المباشرة مع الولايات المتحدة، والتي جرت في العاصمة العُمانية مسقط.
خلف أبواب مغلقة: مفاوضات غير مباشرة وأجواءٌ إيجابية
اللقاء الذي استمرَّ ساعتَينِ ونصفَ ساعة بين الوفدَينِ –عبرَ وساطة وزير الخارجية العُماني بدر البوسعيدي– وُصِفَ بأنه تَــمَّ في “أجواء إيجابية” وعلى أَسَاس “الاحترام المتبادل”.
وفي السياق، أكّـد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، “إسماعيل بقائي”، أن الهدفَ الإيراني واضح، وهو “تأمينُ المصالح الوطنية، وتوفير فُرصة واقعية للدبلوماسية في سبيل رفع العقوبات وتسوية الملف النووي” مُضيفًا أنهُ “لا نتوقَّعُ مفاوضاتٍ طويلةً. اليوم بداية، وفيه يعلن الطرفان مواقفهما المبدئية”.
وفيما تصريحاتُ الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” التي نُقلت عن طريق وسائل إعلام أمريكية: “أريد لإيران أن تكون دولة عظيمة. لكن دون سلاح نووي”، ألمح مصدرٌ أمريكي لموقع “أكسيوس” إلى أن “ترامب” “مستعدٌّ لتقديمِ تنازُلاتٍ للوصول إلى اتّفاق”.
هذا التباين يعكس إشكاليةً مزمنة في الخطاب الأمريكي، ويثير الشكوكَ حول ما يُقال في العلن وما يُطبَخ في الخفاء؛ كون تناقض التصريحات الرسمية مع واقع الميدان، هو ديدنُ “ترامب”.
الدور العُماني: أكثرُ من وساطة
سلطنة عُمان، التي تستضيفُ هذه الجولة، لا تلعبُ دورَ ناقل الرسائل فقط، بل باتت تقدِّمُ أفكارًا ومقترحاتٍ، كما تفيد مصادر دبلوماسية، في كلا الوفدين.
اللقاء -الذي جمع وزيرَ خارجيتها بـ”البوسعيدي” مع وزير الخارجية الإيراني “عباس عراقجي”- شهد تسليمَ رسالة مفصلة من طهران إلى واشنطن، وقد نوّه “عراقجي” خلال اللقاء بـ”دور مسقط المسؤول”، معتبرًا أن “الاتّفاقَ العادل والمشرِّف”، ممكنٌ فقط إذَا توفَّرت النوايا الصادقة من الطرف المقابل.
في موازاة الإعلان عن المحادثات، برز في الآونة الأخيرة تصعيدٌ متبادلٌ في الخطاب بين إيران من جهة، والولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي من جهة أُخرى.
غير أن لهجةَ “ترامب” انخفضت، ما فتح باب التكهنات حول احتمال وجود اتّفاق غير مُعلَن أَو صفقة تُطبَخُ بعيدًا عن الأضواء، خُصُوصًا مع التغطية الاستثنائية للقاءات المبعوثِ الأمريكي “ستيف ويتكوف” مع الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” في موسكو قبل التوجُّـه إلى مسقط.
المراقبون يربطون بين هذه التطورات وبين تراجُع تأثير اللوبي الصهيوني داخل دوائر القرار الأمريكي، أَو ربما توافُق خفي يجري ترتيبُه دون علم الحلفاء التقليديين لأمريكا في المنطقة.
اللافت أن هذه التحَرّكات خلقت حالةً من الريبة لدى الكيان الإسرائيلي وبعضِ دول الخليج، التي بدأت بالفعل تضخيمَ خطر التقارُبِ “الإيراني الأمريكي” عبر وسائل الإعلام المختلفة ومِنصات الاتصال والتواصل، في محاولةٍ للضغط على واشنطن وإفشال ما يبدو أنه مسارٌ تفاوضي حقيقي.
بين السطور: ملامحُ صفقة مصغَّــرَة
وَفْقَ مصدر عُماني نقلته وكالة “رويترز”، فَــإنَّ المباحثاتِ تهدفُ إلى “تهدئة التوترات الإقليمية وتبادل السجناء، والتوصُّل إلى اتّفاقاتٍ محدودة لرفعٍ جُزئيٍّ للعقوبات مقابل كبح البرنامج النووي العسكري”، إذَن نحن أمام تفاهُمٍ جزئي أَو صفقة مصغّرة، وليس اتّفاقًا شاملًا على غرار “اتّفاق 2015م”.
وكما قالت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، “فاطمة مهاجراني”: “نريد حوارًا دقيقًا بلا ضجيج. لا مفاوضات بلا وضوح أَو روايات مختلقة”، وهو تصريحٌ يكشف حرصَ إيران على إغلاق الثغرات التي تسمحُ للخصوم الداخليين والخارجيين بتشويه مجريات التفاوُض.
في السياق، يرى مراقبون أن نجاحَ المحادثات وتحوُّلَها إلى مفاوضاتٍ مباشرةٍ ممكنةٌ جِـدًّا، وربما نشهَدُ في الأسبوع المقبل انتقالًا إلى مفاوضات مباشرة بين “عراقجي وويتكوف”، وهذا يعني دخولَ الطرفَينِ في نقاشٍ تفصيلي حولَ العقوبات والبنود النووية.
وفي حال فشلت الجولةُ المقبلة أَو طرأت مستجداتٌ إقليمية، بحسب مراقبين؛ فقد تعودُ لُغةُ التصعيد، خُصُوصًا في ظل تقاطع أجندات أطراف متضرِّرة من التهدئة، أبرزُها حكومة مجرم الحرب “نتنياهو”.
غير أن نجاحَ المفاوضات القادمة هو السيناريو الذي يلقى ترجيحًا كَبيرًا من كثير من الخبراء؛ إذ يمكن لواشنطن أن تُخفِّفَ بعضَ العقوبات مقابلَ التزام تقني من إيران بعدم رفع مستوى تخصيب “اليورانيوم”، بينما تُقدِّمُ إيران هذا الإنجاز على أنه “انتصارٌ للسيادة والتفاوض الندّي”.
واعتبر المراقبون أن هذه المفاوضاتِ مُجَـرّدُ جولة أولية ومرحلة تقنية حول المِلف النووي، إلا أن القادم هو الاختبار الحقيقي لــ ما إذَا كانت “طهران وواشنطن” مستعدتَينِ لفَكِّ عُقدة الشكوك المتبادلة، وفتح نافذة اتّفاق قابل للبقاء.
بالمحصِّلة؛ ما جرى اليوم في مسقط، هو رسمٌ أولي لمعادلةٍ جديدة في المنطقة، تكونُ فيها سلطنةُ عُمان حجرَ الزاوية، تراقَبُ من الأطراف كافة “روسيا، (إسرائيل)، تركيا، ودول خليجية”، ولكُلٍّ منهم حسابات متناقضة، ويبقى السؤال مطروحًا، هل تتجاوزُ هذه المفاوضاتُ “المرحلةَ التجريبية” لتصلَ إلى اتّفاق فعلي، أم أنها مُجَـرّدُ هُدنة مؤقَّتة في حرب الدفاع المتقدِّم عن الكيان؟
نقلا عن المسيرة نت