إيران.. والخيارات السعودية!
تاريخ النشر: 25th, August 2023 GMT
كانت زيارة وزير الخارجية الإيراني للرياض الأسبوع الماضي، مفاجئة للكثير من المراقبين السياسيين للشأن السعودي والمنطقة، فقد ذهبت دوائر غربية وإقليمية، خلال أسابيع سبقت الزيارة، إلى أن الاتفاق السعودي الإيراني انهار، والسعوديون توقفوا عن إكمال خارطة الطريق السياسية التي أطلقوها مع الصينيين مارس الماضي.
بعض الأعداء والأعدقاء فرحوا وشمتوا، فقد راقبوا الأفعال الإيرانية على الأرض وردود الفعل السعودية عليها، وتصوروا أن قراراً بهذا الحجم يمكن أن ينهار، بسبب بعض التصرفات اليومية على الأرض.
الكثير يدعي فهم السياسة السعودية، والكثير يتسرَّع في الحكم على الأفعال السعودية، لكنهم أبداً لا يتعلمون من صبر ودهاء (قادة المصمك)، الذين يتحركون عندما لا يتوقع أحد، وإذا رفعوا رايات السلام أو أشهروا سيوفهم لا يتراجعون أبداً.
لماذا يفرح الأعداء ولماذا يشمت الأعدقاء؛ لأن خياراتهم وأمنياتهم أن تبقى الرياض منغمسة في قضايا لا تتحلحل منها، وتبقى منشغلة عن مشروعها التنموي والحضاري والاقتصادي الذي أطلقته رؤية 2030.
اقرأ أيضاً السعودية ترد على اتهامها بقتل مهاجرين أفارقة على الحدود مع اليمن اول اجراء حوثي سريع في مسح الأدلة التي وثقت اعتدائها على ”الصمدي ” ”الطبل” محمد علي الحوثي يعلق على انضمام السعودية لمجموعة ”بريكس”: نهاية الحلم الذي أقلق أمريكا السعودية تصدر بيانا جديدا بشأن ادعاءات منظمة دولية بالاعتداء على إثيوبيين في حدودها مع اليمن موقع أمريكي يكشف عن شروط أفشلت المفاوضات السعودية مع مليشيا الحوثي وأعادت الوفد العماني بخفي حنين نادي الاتحاد السعودي يغري ‘‘ليفربول’’ بأغلى صفقة في التاريخ لشراء محمد صلاح أمريكا توجه دعوة مهمة لإيران بشأن اليمن.. وتطالب بتنفيذ التزام سابق مع السعودية مقيم يمني بالسعودية مصدوم من سرعة حضور طائرة الإسعاف الجوي لإسعاف زميله الباكستاني بجدة ”فيديو” غرق طفل يمني بعد سقوطه في أحد المسابح بالعاصمة السعودية الرياض (صورة) اعلاميون سعوديون يشنون هجوما على صحيفة جنوبية تدار من الضاحية بعد مهاجمتها للمملكة رسميا..السعودية تنضم إلى اتفاقية أممية هامة تعزز التجارة الدولية ضربة قوية للانتقالي.. شيخ مشايخ يافع يصل السعودية وينضم لـ”مجلس حضرموت الوطني”إن محاولة دفع السعوديين إلى ورطات إقليمية وحروب (عن الغير) هو سعي دؤوب عمل عليه الكثير من الدول الصغيرة والدول الكبرى.. لا الرياض انزلقت ولا الرياض تورطت.
لم تتورط؛ لأن قراراتها تخرج من خزائنها وليس من خزائن الغير، ولأن الرياض -أولاً وأخيراً- دولة مستقلة، وليست دولة وظيفية كما البعض. لقد كانت ومازالت السعودية واعية جداً لكل المخاطر السياسية والأمنية المحيطة بها، وعندما تتحرك، أو تضرب، فهي تتخذ قراراها بناءً على مصالحها فقط.
الذين كانوا يقولون إن على السعوديين التفاهم مع إيران، بل لاموا الرياض لأن موقفها من الإيرانيين كان صارماً لا يتزحزح بسبب الالتزام السعودي بمصالحها ومصالح فضائها العربي وأمن واستقرار الإقليم، وهي مصالح لم تتزحزح عنها بل بقيت، والطرف الآخر هو من قبِل بها، هم أنفسهم من يلومون السعودية اليوم لأنها فتحت الباب أمام سلام مع الإيرانيين -حتى لو كان سلاماً بارداً- كما وصفه أوباما.
هل نتذكر ما قاله الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما قبيل أسابيع من رحيله عن منصبه في مقابلة مع مجلة (ذي أتلانتيك) نشرت الخميس (10 مارس 2016): «إن الحروب والفوضى بالشرق الأوسط لن تنتهي إلى أن تتمكن السعودية وإيران من التعايش معاً، والتوصل إلى سبيل لتحقيق نوع من السلام».
وأكمل أوباما في تصريحاته للمجلة: «العلاقة بين السعوديين والإيرانيين تتطلب منَّا أن نقول لأصدقائنا (في الرياض) وكذلك للإيرانيين، أنهم بحاجة للتوصل إلى طريقة فعّالة للتعايش معاً وتحقيق نوع من السلام البارد».
هذه كانت وجهة نظر الإدارة الأمريكية، وهي أيضاً كانت (يافطة) تحدث تحتها كثير من دكاكين الإعلام الغربي وقنواته، فهل كانت دعوات صادقة أم مجرد ذرائع يتبناها الغرب، وكلما سقطت واحدة بحث عن ذريعة أخرى.
اليوم وبعد القرار الإستراتيجي السعودي بفتح الباب أمام علاقات مبنية على الاحترام وعدم التدخل في الشأن الداخلي وعدم تهديد المصالح، انقلب الكثير من الإعلام وبعض المؤسسات الغربية للتحذير من العلاقات بين طهران والرياض، بل إن بعض المتورطين في علاقات حميمة وتجارية مع إيران، طوال العقود الماضية، متململون من خيارات الرياض، فهل تغيرت أولويات المملكة؟
بالطبع الأولويات السعودية لم تتغير.. لكن انفراج الأزمات والعمل على حلحلتها أصبح ملحاً لاستقرار محيط قدرنا وقدر أجيالنا أن نعيش به جميعاً، إقليم أدمن الحروب الطاحنة والأزمات المستمرة للأسف، وكأن قدر هذه المنطقة أن تبقى ملجأ للآلام والحروب والدول الفاشلة.
*صحيفة “عكاظ”
المصدر: المشهد اليمني
إقرأ أيضاً:
ما اتفقت قناتا الجزيرة والحدث على أمر .. إلّا والطائفية كانت معهما !!
بقلم: فالح حسون الدراجي ..
لا أعرف لماذا أضع يدي على قلبي خوفاً على أهلي وأبناء وطني، وتحسباً لأمر جلل سيحدث، كلما رأيت قناتَي الجزيرة والحدث تتفقان على تغطية حدث ما، بلغة واحدة، ونفس إعلامي وسياسي واحد.. وسيزيد خوفي كلما كان في الجو دخان (طائفي)، أو رائحة لعفوية طائفية قريبة منا.. وقد أثبتت لي التجارب التي تنبهت لها مبكراً صواب شكي، ذلك الشك الذي أصبح يقيناً عندي منذ أن تأكد لي أن خلف أي اتفاق بين هاتين القناتين مصيبة تكمن… واليوم حين يرى المشاهد ( العادي ) هذا التشابه الغريب بين القناتين في تغطيتيهما وخطابيهما تجاه ما يحدث في الساحل السوري، فإنه ومن غير شك سيصاب بالدهشة، خاصة وأن أيّ متابع يعرف جيداً التاريخ المضطرب بين هاتين القناتين، ويعرف العلاقة المتوترة بينهما منذ تأسيسهما، حتى يقال إن تأسيس قناة الحدث جاء أصلاً لمنع تمدد قناة الجزيرة وانفرادها بالمشهد السياسي العربي.. وهكذا سارت قناة الحدث التابعة للملكة العربية السعودية، -تمويلاً وانتساباً وسياسة- في خط إعلامي وسياسي يتقاطع ويختلف ويتخالف مع خط قناة الجزيرة المملوكة لحكومة قطر .
وطبعاً فإن هناك أمثلة ووقائع عديدة تؤكد هذا التقاطع والإختلاف.. فهما مختلفتان في سياستيهما وتغطيتيهما للأحداث السياسية في ليبيا ومصر، وتونس، وفي ما حدث ويحدث في تركيا وايران ولبنان واليمن وغير ذلك.. وكي لا نذهب بعيداً، فإني أدعو القارئ الكريم للعودة الى ما حدث في 7 أكتوبر، وما تلى هذا الحدث التاريخي. فقناة الجزيرة تبنت موقفاً إعلامياً مؤيداً تماماً لحماس ومحور المقاومة ووحدة الساحات، فهي مثلاً تسمي هجوم حماس بطوفان الأقصى، وكانت تطبل وتزمر لهذا الهجوم، وتصفه بأوصاف عظيمة.. بينما قناة الحدث تبنت موقفاً مشابهاً لموقف أمريكا والدول الأوربية، وبعض البلدان العربية كمصر والإمارات والأردن والبحرين وحكومة لبنان، وكثيراً ما تبنت قناة الحدث وجهة نظر تل أبيب في الكثير من القضايا المتعلقة بالحرب
وقد ظهر ذلك من خلال الشخصيات السياسية والعسكرية والأكاديمية التي استضافتها لتغطية معارك غزة ولبنان، فكان هناك أكثر من سبعة محللين صهاينة يتحدثون يومياً لشاشة قناة الحدث ومعهم عشرات المحللين العرب الذين يتحدثون بشكل مباشر أو غير مباشر عن معارضتهم لحماس ودول الممانعة، ولا يجدون حرجاً في إعلان تأييدهم للكيان الصهيوني بحجج مختلفة.
وقد كانت الحدث على سبيل المثال تسمي طوفان الاقصى (هجوم 7 أكتوبر)، وتسمي شهداء الحرب الفلسطينيين واللبنانيين بـ (القتلى)..!
بينما تسميهم قناة الجزيرة ب (الشهداء،) !وهذا الحال ينطبق على عشرات المسميات والتسميات التي تختلف بها القناتان فيما بينهما.
وقطعاً فإن هذا الاختلاف بين القناتين ليس اختلافاً فنياً ولا مزاجياً ولا تنافسياً على تقديم الأفضل، او من أجل كسب المشاهدين وزيادة عدد المشاهدات، إنما هو اختلاف جوهري وبنيوي، مرتبط بالاختلاف بين نظام الحكم في قطر وسياسته التابعة لسياسة الإخوان المسلمين، ونظام الحكم في السعودية الذي يتبع منظومة من التوجهات والاحكام والقوانين والاشتراطات الوهابية المتشددة، تلك المنظومة التي تتعرض اليوم إلى هزة عنيفة، والى قضم متواصل لقوانينها وقيمها على يد ولي العهد السعودي الشاب محمد بن سلمان، متمنياً أن ينجح الرجل في خططه الرامية للتخلص من هذه المنظومة الرثة والقمعية، رغم شكوكي بنجاحه، وسبب شكوكي يعود إلى أن اليد الواحدة لا تصفق في السعودية، وإن ثمة عقولاً متحجرة، وأشخاصاً لهم تأثير وسطوة وعقيدة دينية ومرجعية ومصالح نافذة يقفون بقوة ضد أية محاولة جادة للتغيير وتحديث الحياة السعودية، بدليل ما نراه اليوم من تقارب بين ربيب القاعدة وداعش، الإرهابي احمد الجولاني – الشرع – وبين نظام الحكم في السعودية، رغم العداوة التاريخية المعمدة بالدم بين تنظيم الأخوان المسلمين – الذي ينتمي له الشرع وحكم آل سعود تلك العداوة التي لم تنطفئ نارها منذ ساعة عبد العزيز آل سعود إلى هذه الساعة.
إن محاولات بن سلمان التحديثية لتهشيم المنظومة الوهابية هي حتماً محاولات حميدة، وهي لعمري تستحق الدعم والتأييد منا قبل غيرنا، فالعراقيون أكثر شعوب الأرض عانوا من ويلات وكوارث وجرائم الوهابية، عندما كان انتحاريو القاعدة السعوديون قبل سنوات، ومن ثم انتحاريو داعش يأتون من مختلف المدن السعودية محملين بكل قاذورات الاحقاد الوهابية ومدججين بالأحزمة الناسفة، فينفجرون مع أحزمتهم وأحقادهم في أسواق العراق ومدارسه وملاعبه مخلفين آلاف القتلى المدنيين الأبرياء . لذا فإن ما يحدث اليوم في الساحل السوري من جرائم طائفية بشعة ترتكب ضد مواطنين مدنيين أبرياء من الطائفة العلوية، وكذلك الدرزية، وبعض الفئات المسيحية أيضاً، لهو أمر يثير الغضب والأسى لما يرتكبه أتباع الجولاني الذين يشبهون إلى حد ما أتباع القاعدة وداعش .. حتى أن وزارة الداخلية السورية نفسها أعلنت حسب ما نقلته عنها وكالة الأنباء الرسمية “سانا” قائلة، أن ” حشوداً شعبية وعسكرية توجهت بأعداد كبيرة غير منظمة إلى الساحل، مما أدى لبعض الانتهاكات الفردية، ونحن نعمل على إيقاف هذه التجاوزات التي لا تمثل عموم الشعب السوري”..!
وإذا كانت وزارة الداخلية التابعة لحكومة الشرع ذاتها تعترف بتوجه (حشود) عسكرية ومدنية مسلحة(يعني مقاتلين من النصرة أو تحرير الشام) بأعداد كبيرة إلى الساحل السوري لتقتل المدنيين العلويين وتذبحهم، وهم الذين يسمون العلويين (أعداء الله)، فماذا نتوقع ونتخيل عن أعداد الجثث المرمية في الشوارع والأزقة من المدنيين؟!..
في الوقت الذي يقال فيه إن أكثر من 340 مدنياً (علوياً) قتلوا منذ يوم الخميس حتى مساء يوم الجمعة، وقد ازدادات اعداد القتلى بكثرة خلال يوم أمس السبت حتماً..
هذا وقد أفاد سكان من الساحل، ومنظمات مدنية بحصول انتهاكات إنسانية خطيرة خلال عمليات نفذتها قوات الأمن، ومعها عصابات مسلحة، تشمل تنفيذ إعدامات ميدانية، وقتل على الهوية، وحوادث خطف، كانت تضعها السلطات قبل أيام في إطار “حوادث فردية” وكانت تتعهد بملاحقة المسؤولين عنها، رغم أنها لم تحقق في هذه الحوادث الفردية ولم تعلن يوماً عن محاسبة ولو شكلية لمرتكبي هذه (الحوادث الفردية)، أما اليوم فقد بات القتل في الساحل السوري جماعياً كارثياً وليس فردياً، خاصة سواء في أعداد الضحايا !
وعودة لثيمة المقال، فإني أدعو إلى متابعة قناتي الجزيرة والحدث المختلفتين سابقاً في كل شيء، ومشاهدة شاشتيهما اليوم، لمعرفة تغطيتيهما الموحدتين، و (السبتايتلات) المتشابهة، وكي تروا كيف تقف هاتان القناتان هذه الأيام وقفة واحدة خلف طائفية ودموية أحمد الشرع و أتباعه، وكيف تحول وتصور هاتان القناتان -بلا حياء- ضحايا الساحل السوري، كمجرمين وقتلة، بينما تصور المجرمين والقتلة الحقيقيين أبرياء وضحايا ومظلومين، يدافعون عن الوطن والدين والناس..!!
إنها الطائفية اللعينة ليس إلا، وما مسؤولو هاتين القناتين والعاملون على سياستيهما، إلا بعض من المصابين بهذا المرض الخبيث، مرض الطائفية الذي لن يتخلصوا منه كما يبدو ، مهما كانت الظروف والإدعاءات، والمعالجات فـ( الجَرَب الطائفي) أبدي، ولن يشفى منه صاحبه أبداً..!
ختاماً أقول بضرس قاطع: إننا لاندافع عن العلويين الذين طغوا وتجبروا في عهد الأسد، ولا ندافع عن أزلام البعث القتلة، سواء أكانوا علويين او درزيين أو غيرهم، إنما ندافع عن المدنيين الأبرياء الذين يذبحون اليوم على الهوية على يد عصابات ارهابية سورية، وأخرى قدمت من بلدان ودول أجنبية.. كما نريد أيضاً من هاتين القناتين الواسعتين، تغطية إعلامية عادلة ونزيهة تفضح فيها جرائم القتلة والمجرمين مهما كانت هويتهم وطائفتهم، وتدافع بنفس القوة عن الضحايا الأبرياء مهما كانت طوائفهم أيضا، لا أن تنظر بعين عوراء إلى ( الساحات )، وتكيل بمكيالين!!
فالح حسون الدراجي