زنقة 20 ا عبد الرحيم المسكاوي

في خطوة أثارت الكثير من علامات الاستفهام، اكتفت السلطات الجزائرية ببيان مقتضب عقب إعلان الولايات المتحدة تجديد دعمها لمغربية الصحراء، في وقت كانت فيه التوقعات تتجه نحو رد فعل قوي من الجزائر، لا سيما في ظل الخطاب الحماسي الذي دأبت على تبنيه في هذا الملف.

ورغم إعلان وزير الخارجية الأمريكي بشكل واضح استمرار اعتراف واشنطن بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، لم تلجأ الجزائر إلى سحب سفيرها من واشنطن، ولم تستدع السفيرة الأمريكية في الجزائر، ولا عقدت اجتماعات طارئة لمجلس الأمن الأعلى، ولا حتى لجأت إلى أدواتها الإعلامية المعتادة لشن هجومات أو تصعيد المواقف.

الصمت الرسمي الجزائري، الذي لم يتجاوز عبارة “أخذنا علماً”، شكل مفاجأة كبيرة للمراقبين، خاصة وأنه يأتي بعد تهديدات سابقة كانت الجزائر قد أطلقتها تجاه دول أوروبية مثل فرنسا وإسبانيا، قبل أن تعود لاحقاً لإعادة السفراء دون إجراءات تصعيدية تُذكر.

ويرى متابعون أن هذا التباين في المواقف يكرّس ازدواجية الخطاب السياسي الجزائري، ويؤكد أن “المواقف السيادية” التي تروج لها بعض الأوساط في الجزائر لا تصمد أمام الاختبارات الدبلوماسية الكبرى، ولا سيما حين يتعلق الأمر بقوة عظمى كالولايات المتحدة.

كما يُطرح السؤال حول قدرة الجزائر على التصعيد في ظل علاقات اقتصادية محدودة مع واشنطن، خاصة في قطاع الطاقة، إذ لا تملك أوراق ضغط حقيقية مثلما هو الحال مع شركاء أوروبيين تعتمد بشكل كبير على الغاز الجزائري.

رشيد لزرق، رئيس مركز شمال إفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية،في تصريح لموقع Rue20، أكد أن نظام العسكر الجزائري يواجه تحديات كبيرة بعد التأكيد الأمريكي على مغربية الصحراء، ما يعيد فتح ملف النزاع الإقليمي المفتعل في ظل الضغوط الدولية المتزايدة على الجزائر.

وأشار لزرق إلى أن هناك أربع سيناريوهات محتملة قد يتبعها نظام العسكر في تعاطيه مع الوضع الجديد، الأول هو الطرح التصعيدي، حيث قد يستمر النظام في تصعيد عدائه تجاه المغرب في المحافل الدولية، عبر دبلوماسيته، لدعم الطرح الانفصالي، والعمل على كبح التوجه الدولي للاعتراف بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، وقد يستمر النظام في دعم البوليساريو مادياً وسياسياً وعسكرياً في هذا السياق، في محاولة لعرقلة أي حل سياسي لهذا النزاع.

أما السيناريو الثاني، فقد يكون القبول بالأمر الواقع مع المناورة، حيث قد تسعى الجزائر لمجاراة التوجه الدولي بالتصريح عن استعدادها للتفاوض حول النزاع، ولكن بشروط مسبقة، بما يضمن استدامة النزاع بشكل غير مباشر.

السيناريو الثالث الذي يطرحه لزرق هو البراغماتي، حيث قد يتبنى نظام العسكر الجزائري الواقعية السياسية، ويقبل بفتح قنوات تفاوض مباشرة مع المغرب، مدفوعاً بالضغوط الدولية وبالمصالح الاقتصادية المشتركة بين المغرب والجزائر في المنطقة المغاربية، هذا الاتجاه قد يكون نتيجة للضغوط الدولية المتزايدة من القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة وأوروبا.

وأخيراً، السيناريو الرابع قال لزرق هو إشراك وسطاء دوليين، خاصة دول خارج حلفاء المغرب مثل روسيا، لضمان تحقيق التوازن في الموقف الجزائري أمام ضغوط الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك سيتيح للجزائر فرصة حفظ ماء الوجه، فيما يخص تبعات الملف الداخلي، الذي قد يؤدي إغلاقه إلى تأثيرات سلبية على هيمنة العسكر داخل النظام الجزائري، مما يعزز الحاجة إلى انتقال ديمقراطي داخلي.

المصدر: زنقة 20

إقرأ أيضاً:

خبير أممي يقر بتضارب أرقام المفقودين في حرب السودان ويدعو لحماية المدنيين

خبير الأمم المتحدة المعني بالسودان أعرب عن أسفه إزاء عدم إيلاء الأطراف المعنية أهمية كبيرة للمسائل المتعلقة بحقوق الإنسان.

التغيير: وكالات

قال خبير الأمم المتحدة المعني بالسودان رضوان نويصر، إن الإحصائيات الدقيقة حول أعداد المفقودين لا تزال غير متوفرة، مشيرا إلى تباين الأرقام بين المصادر المختلفة.

وأشار إلى أنه بينما تقدر المجموعة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات العدد بنحو خمسين ألف مفقود، وثقت منظمات حقوقية سودانية محلية ما لا يقل عن 3177 حالة، من بينهم أكثر من خمسمائة امرأة وثلاثمائة طفل.

وفي الذكرى السنوية الثانية للحرب المدمرة في السودان، تتصاعد المخاوف بشأن مصير آلاف الأشخاص الذين اختفوا في خضم النزاع المستمر.

وأكد الخبير الأممي في حوار نشره موقع أخبار الأمم المتحدة، أن الاختفاء القسري وفقدان الأشخاص مشكلة موجودة في السودان، مضيفا أن هذه ليست الانتهاكات الوحيدة التي خلفتها الحرب “غير المفهومة وغير الضرورية” منذ أبريل 2023.

فقد شملت الانتهاكات الأخرى تدمير مناطق سكنية، وانتهاك الحقوق، وطرد المدنيين من منازلهم، والاغتصاب الجنسي، والتجنيد القسري للشباب من طرفي النزاع.

حقوق الإنسان ليست أولوية لدى الأطراف

ورغم دعوات الأمم المتحدة المتكررة لتحرك دولي عاجل لمواجهة أزمة المفقودين وتحقيق العدالة وإنصاف الضحايا، أعرب نويصر عن أسفه إزاء عدم إيلاء الأطراف المعنية “أهمية كبيرة للمسائل المتعلقة بحقوق الإنسان”.

ومضى قائلا: “مع الأسف، حسب التجربة، الأطراف المعنية لا تعطي أهمية كبيرة للمسائل المتعلقة بحقوق الإنسان. كانت هناك دعوات متكررة من طرف الأمم المتحدة بكل منظماتها، من طرف اللجنة الدولية للصليب الأحمر، من طرف الأمين العام للأمم المتحدة نفسه لحماية المدنيين وعدم الزج بهم في هذا الصراع، لكن مع الأسف لم تفرز هذه الدعوات وهذه التحركات أي نتيجة تذكر”.

وفيما يتعلق بالتحديات التي تواجه توثيق حالات الاختفاء القسري، لفت السيد نويصر الانتباه إلى مشاكل في إمكانيات الاتصال، والوضع الأمني في مناطق النزاع، وتردد العائلات في الإبلاغ، وضعف مصالح القضاء والأمن. وأوضح أن معظم الحالات المسجلة تتركز في مناطق النزاع مثل الخرطوم وسنار والفاشر والنيل الأبيض وولايات دارفور.

المدنيون يدفعون الثمن باهظا

وحول دور المنظمات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان في دعم جهود البحث عن المفقودين وتقديم الدعم لأسرهم، أشار الخبير الأممي إلى وجود دعم نفسي اجتماعي، ودعوات متكررة للعائلات لتقديم المعلومات المتاحة لديها.

وأضاف أن الأمم المتحدة تحاول تقديم المساعدة القانونية للعائلات لتقديم الشكاوى والمطالبة بالتحقيق، لكنه أكد مجددا أن قضايا حقوق الإنسان لا تبدو أولوية لأطراف النزاع.

وفي ختام حديثه، وجه نويصر رسالة قوية لأطراف النزاع، مطالبا بـ “حماية المدنيين”، مؤكدا أن “المدنيين السودانيين هم من دفعوا ثمن هذه الحرب التي لا معنى ولا مبرر لها”. وشدد على أن آلاف العائلات أُجبرت على التشرد والنزوح بحثا عن الأمان.

الوسومالحرب السودان حقوق الإنسان حماية المدنيين خبير الأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في السودان رضوان نويصر

مقالات مشابهة

  •  الجزائر تحتج على وضع القائم بأعمال القنصل الجزائري رهن الحبس
  • تقرير يؤكد: تحديات رقمية خطيرة تهدد المراهقين فى مصر
  • فولكر تورك: حرب السودان هجوم شامل على حقوق الإنسان وسط صمت دولي مقلق
  • عاجل.. مشروع قرار جمهوري في مجلس الشيوخ الأمريكي لتصنيف البوليساريو جماعة إرهابية
  • سابقة تاريخيّة…الولايات المتحدة تؤكد لديمستورا دعمها سيادة المغرب وتدعو الجزائر لقبول مقترح الحكم الذاتي كحل وحيد
  • الجيش الأمريكي يعلن مشاركة الجزائر في مناورات الأسد الإفريقي إلى جانب سرائيل
  • المبعوث البريطاني يدعو القادة السودانيين لإعادة بناء المجتمع والنظام السياسي مع اقتراب الحرب من إكمال عامها الثاني
  • خبير أممي يقر بتضارب أرقام المفقودين في حرب السودان ويدعو لحماية المدنيين
  • غوتيريش يؤكد على حضوره لمؤتمر القمة العربية الذي سيعقد في بغداد