كابل- تقول الحكومة الأفغانية إن دول الجوار بدأت عمليا بترحيل اللاجئين الأفغان قسرا ومن دون التنسيق معها، واتهمت السلطات الباكستانية بـ"اعتقال الأفغان ونهب ممتلكاتهم"، كما اعتبرت وزارة اللاجئين في أفغانستان أن إسلام آباد اختارت نهجا "عنيفا وقاسيا" في طرد آلاف اللاجئين الأفغان وألغت تصاريح الإقامة، وطالبتها بعدم استخدامهم "أدوات ضغط لتحقيق غايات سياسية".

وكانت الداخلية الباكستانية قد أعلنت، مطلع مارس/آذار الماضي، أنها ستلغي تصاريح إقامة اللاجئين الأفغان في إطار المرحلة الثانية من خطة طردت في مرحلتها الأولى نحو 800 ألف من الأفغانيين غير النظاميين بالبلاد.

تعليقا على ذلك، صرح وزير اللاجئين الأفغاني المولوي عبد الكبير -للجزيرة نت- بأنهم يطالبون كلا من باكستان وإيران بالتحلي بالصبر في تعاملهما مع ملف اللاجئين الأفغان، مع "مراعاة قيم حسن الجوار والمبادئ الإسلامية والإنسانية والالتزام بالاتفاقيات الدولية".

موجات لجوء

وأضاف عبد الكبير "نحن بدأنا باستقبال العائدين إلى الوطن، ونعتبر سوء التعامل من إسلام آباد وطهران أمرا غير مقبول ولا يطاق، ويجب السماح لجميع اللاجئين بنقل ممتلكاتهم وأثاث منازلهم، وتؤكد الحكومة الأفغانية ضرورة توفير الظروف المناسبة ومنح الوقت لعودتهم طوعا وبالتنسيق مع الحكومة".

إعلان

ووفق المتحدث باسم وزارة اللاجئين في أفغانستان عبد المطلب حقاني، تشمل المرحلة الجديدة لترحيل اللاجئين في العام الجاري نحو 1.6 مليون لاجئ سواء من يعيش في باكستان بصورة نظامية أو من يحمل تصاريح إقامة.

وأضاف حقاني للجزيرة نت أنه تم إلغاء تصاريح إقامة 800 ألف منهم في أبريل/نيسان الحالي، وأن هناك 1.3 مليون يحملون تصاريح إقامة صالحة لغاية 30 يونيو/حزيران المقبل، لأنهم مسجلون لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.

طفل أفغاني وُلد في مخيمات اللجوء في باكستان ورجع الآن إلى أفغانستان (الجزيرة)

ويمتد لجوء الأفغان إلى باكستان لأكثر من 4 عقود، وترتبط خلفيته التاريخية ارتباطا وثيقا بالصراعات التي عصفت بأفغانستان منذ أواخر سبعينيات القرن الماضي، وشهدت كابل 5 موجات لجوء في تاريخها المعاصر:

الاجتياح السوفياتي 1979-1989. الحروب الأهلية 1989-1996. حكم حركة طالبان الأول 1996-2001. الغزو الأميركي 2001 -2021. عودة طالبان إلى الحكم للمرة الثانية عام 2021.

وقد أصبحت أزمة الهجرة الأفغانية واحدة من أكثر القضايا الإقليمية والدولية تعقيدا وتحديا في السنوات الأخيرة، وألقت بظلالها على العلاقات السياسية والدبلوماسية بين كابل ودول الجوار.

انعكاسات سياسية

وفي هذا الصدد، يقول الكاتب والباحث السياسي حكمت جليل -للجزيرة نت- إن أزمة اللاجئين انعكست بشكل مباشر على العلاقات الثنائية بين أفغانستان وباكستان، إذ تصاعدت التوترات السياسية بينهما.

وفي حين تؤكد إسلام آباد أن قرار الترحيل يأتي في إطار حماية مصالحها الداخلية، فإن كابل ترى أن العملية ستؤدي إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية داخل أفغانستان، وأن جارتها تستخدم اللاجئين ورقة ضغط لفرض شروطها على حركة طالبان، وفق جليل.

من جانبهم، يقول طالبو اللجوء الأفغان إن الحكومة الباكستانية خفضت فترة تمديد التأشيرة من 6 أشهر إلى شهر واحد، مما يجعل عملية تجديدها صعبة للغاية، وتقوم الشرطة الباكستانية "باعتقال حتى من يحمل نموذج طلب تمديدها".

ينتظر الشاب الأفغاني أحمد فرحان اللجوء إلى ألمانيا ويقول للجزيرة نت "اعتُقلت أكثر من مرة.. تمديد التأشيرة عملية صعبة تحتاج إلى وقت ومال؛ يؤجل مسؤولون في الداخلية الباكستانية العملية عمدا، وعندما نواجه الشرطة نُحتجز ونُبتز بالمال، ومن لا يدفع يتم ترحيله قسرا إلى أفغانستان".

مخيم مؤقت داخل الأراضي الأفغانية لاستقبال اللاجئين الأفغان العائدين من باكستان (الجزيرة)

تشير أرقام المفوضية السامية لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة إلى أن أكثر من 83 ألف لاجئ أفغاني عادوا إلى أفغانستان عبر معبري طورخم وسبين بولداك، منذ الأول من يناير/كانون الثاني 2023، و88% منهم من اللاجئين غير المسجلين، وحثت المفوضية باكستان على تعليق قرار إعادتهم قسرا، "بغض النظر عن وضعهم القانوني".

إعلان

يقول قيصر خان المتحدث باسم المفوضية في مدينة بيشاور للجزيرة نت إن أفغانستان تواجه أزمة إنسانية خطيرة، خاصة بالنسبة للنساء والفتيات، ولذلك فإن اللاجئين الأفغان الذين يرحّلون من باكستان قد يواجهون تهديدات عند عودتهم إلى مناطقهم، وينبغي أن تكون العودة طوعية ودون إكراه لضمان سلامة طالبي اللجوء.

لم يكن الأفغان بحاجة إلى وثائق قانونية حتى عام 2006، ووُزعوا منذ الجولة الأولى من اللجوء في 54 مخيما مسجلا للاجئين الأفغان في باكستان، منها 43 مخيما في إقليم خيبر بختونخوا، و10 مخيمات في إقليم بلوشستان، ومخيم في إقليم البنجاب.

خطة باكستانية

وحسب مفوضية اللاجئين يبلغ عدد اللاجئين الأفغان المسجلين في باكستان 1.33 مليون لاجئ، إضافة إلى نحو 600 ألف آخرين لجؤوا إلى إسلام آباد بعد سيطرة حركة طالبان على الحكم في آب/أغسطس 2021، ولم تسمح باكستان للأمم المتحدة بتسجيلهم، وبالتالي فإن إقامتهم فيها تُعد غير قانونية وقد يواجهون الاعتقال والسجن والترحيل.

ينقسم اللاجئون الأفغان المعترف بهم قانونيا في باكستان رسميا إلى 3 فئات:

اللاجئون المؤقتون: هذه الفئة تلجأ إلى المناطق الحدودية مع أفغانستان ولديها أقارب وتعيش معها أو في مخيمات اللجوء. اللاجئون العابرون: هذه الفئة ترغب في مغادرة أفغانستان إلى الولايات المتحدة أو دول أوروبية، ويتعين عليها الذهاب إلى بلدان أخرى كشرط لقبول طلب اللجوء، واختارت باكستان مؤقتا لقربها من أفغانستان. الفئة الثالثة: هي من تحمل تأشيرات إقامة.

يقول مصدر في الخارجية الأفغانية -فضل عدم ذكر اسمه- للجزيرة نت إن الخطة الباكستانية لترحيل اللاجئين تتكون من 3 مراحل:

المرحلة الأولى: ترحيل اللاجئين غير النظامين أو الذين لم تسجلهم الحكومة الباكستانية أو منظمة الأمم المتحدة، والذين تجاوزوا مدة إقامتهم في باكستان. المرحلة الثانية: ترحيل حاملي بطاقة الجنسية الأفغانية. المرحلة الثالثة: إعادة الأفغان الذين يحملون بطاقات اللجوء إلى أفغانستان. أطفال أفغان في مخيم للاجئين قرب معبر طورخم (الجزيرة)

في الأثناء، شكلت الحكومة الأفغانية -بإيعاز من زعيم حركة طالبان الشيخ هبة الله آخوند زاده– لجنة وزارية للإشراف على عودة اللاجئين والتواصل مع رجال الأعمال وأصحاب الشركات في باكستان.

إعلان

وكشف مصدر حكومي -فضل عدم ذكر اسمه- للجزيرة نت عن أنه بعد رفض إسلام آباد تأجيل قرار الترحيل، طلبت الحكومة الأفغانية ترحيل اللاجئين كافة، وشكلت لجنة خاصة للتواصل مع رجال الأعمال لنقل أعمالها وثرواتها من باكستان، وقدمت ضمانات ووعودا لتسهيل أمورهم في أفغانستان.

وأعلنت حكومة حركة طالبان عن استعدادها لاستقبال اللاجئين الأفغان وأقامت مخيما كبيرا على الحدود مع باكستان.

وزار نائب رئيس الوزراء للشؤون الإدارية الملا عبد السلام حنفي معبر طورخم وقال للجزيرة نت إن الحكومة الأفغانية "مستعدة تماما لاستقبال اللاجئين العائدين من باكستان، وستوفر لهم حياة كريمة، وقد شكلنا لجانا متعددة لتوزيع الأراضي وتوفير المساكن لمن لا يملكها في أفغانستان".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الحکومة الأفغانیة اللاجئین الأفغان ترحیل اللاجئین إلى أفغانستان تصاریح إقامة فی أفغانستان حرکة طالبان فی باکستان من باکستان للجزیرة نت إسلام آباد

إقرأ أيضاً:

مؤسسة الشعابنة للتأصيل والتنمية تندد بسلوكيات وحملات حكام مالي

أصدرت مؤسسة الشعابنة للتأصيل والتنمية اليوم السبت بيانا بخصوص ممارسات النظام الحاكم في المالي وتهجمه على الجزائر.

وسجلت المؤسسة في بيانها امتعاضها من سلوكيات بعض حكام دول الجوار خاصة دولة مالي.

كما أكدت المؤسسة أن دول كبرى تقوم بتسخير دول أخرى مستضعفة تعيش غفلة التبعية لزرع الفتن.

وإعتبرت مؤسسة الشعابنة للتأصيل والتنمية حادثة إسقاط الطائرة المالية التي اخترقت أجواءنا إحدى فصول هذه المؤامرات.

وأضاف البيان أنه وبفضل من الله وبفضل جاهزية قوات جيشنا تم التصدي لهذه المؤامرة الخسيسة.

وتقدمت المؤسسة عبر ولايات الجنوب خاصة الحدودية منها للجيش بأسمى عبارات العرفان والتقدير على سهره لحماية هذا الوطن.

ودعت المؤسسة الجزائريين للتحلي باليقظة ووحدة الصف لتعزيز الجبهة الداخلية وتحقيق تلاحم متين بين أفراد هذا الشعب الأبي.

مقالات مشابهة

  • مؤسسة الشعانبة للتأصيل والتنمية تندد بسلوكيات وحملات حكام مالي
  • مؤسسة الشعابنة للتأصيل والتنمية تندد بسلوكيات وحملات حكام مالي
  • الأمم المتحدة تخشى مجاعة تهدد ملايين الأفغان
  • زلزال بقوة 5.5 درجات يضرب شمال باكستان
  • آلاف الأفغان والكاميرونيين يواجهون الترحيل إثر قرار ترامب إنهاء الحماية المؤقتة
  • آلاف الأفغان والكاميرونيين يواجهون الترحيل إثر قرار ترامب بإنهاء الحماية المؤقتة
  • الولايات المتحدة ترفع الحماية عن الأفغان والكاميرونيين
  • موظف فصلته مايكروسوفت يكشف للجزيرة نت كيف تلطخت الشركة بدماء غزة
  • مصير آلاف الموظفين| تفاصيل خطة الحكومة بعد تأجير المستشفيات