السودان … ماذا عن دوامة الفوضى!؟”
تاريخ النشر: 25th, August 2023 GMT
#السودان … ماذا عن #دوامة_الفوضى!؟ #هشام_الهبيشان
يلقي المشهد السوداني اليوم بكل ظلاله المؤلمة بواقع جديد على الواقع العربي المضطرب، فيظهر الى هذا المشهد العربي المضطرب واقع المشهد السوداني بكل تجلياته المؤلمه والمأساوية، والتي ما زالت حاضرة منذ عقود مضت من الزمن، وفي آخر تطورات هذا المشهد لهذا العام هو استمرار فصول الصراع العسكري على الارض تاركاً خلفه المئات من القتلى ودماراً واضحاً وبطريقة ممنهجة لكافة البنى التحتية بالدولة السودانية .
اليوم نسمع عن نداءات عاجلة لأنعقاد مؤتمرات عربية أو دولية «لا تغني ولا تسمن من جوع السودانيين التواقين للاستقرار»، وهذه المؤتمرات ستعقد في مناطق جغرافية خارج الوطن السوداني، تسعى كما يقال الى وضع حد لحالة الفوضى والصراعات السياسية – العسكرية ، التي تعيشها الدولة السودانية ، هذه المؤتمرات تتسابق بعض القوى المسلحة السودانية والمدعومة باجندة خارجية اليوم لإفشالها، وهذه القوى هي التي تراهن اليوم على الحسم الميداني على الأرض.
ومن هنا يمكن القول إنه بات من الواضح أن مسار الحلول السياسية وتحديداً منذ مطلع عام 2023، قد نعتها مسار الحلول العسكرية على الارض للقوى المتصارعة على الساحة السودانية، فقد عشنا منذ مطلع العام الحالي تحديداً على تطورات دراماتيكية ، عاشتها الدولة السودانية من شمالها الى جنوبها، ومن غربها الى شرقها، والواضح أنها ستمتد على امتداد أيام هذا العام، فقد اشتعلت جبهات عدة على امتداد الجغرافيا السودانية، وفي شكل سريع ومفاجئ جداً، في ظل دخول متغيرات وعوامل جديدة وفرض واقع وايقاع جديد للخريطة العسكرية السودانية ، وخصوصاً بعد عودة تمدد قوى عسكرية مسلحة “غير نظامية ” في شكل واسع بمناطق مختلفة في شمال السودان .
وبالأنتقال الى مايجري في السودان عسكرياً اليوم ،فقد فرض الواقع العسكري نفسه وبقوة ،على كل التجليات المأساوية التي عاشتها الدولة السودانية مؤخراً ، فقد شهدت البلاد خلال الاشهر الأربعة الماضية ،صراعاً سياسياً محلياً مدعوم بأجندات خارجية وهذا ما أفرز هذه الصدامات العسكرية ” الدموية ” بين قوى عسكرية سودانية عدة ، فـ بعض هذه القوى المسلحة يعرف عنها أنها متعددة الولاءات ،وتملك كتائب عسكرية متعددة .
تعدد هذه القوى المسلحة على الاراضي السودانية سيفرز حالة صراع دائم فيما بينها ،فقد أرتبط هذا الصراع المحلي بصراع أقليمي -دولي ،مما ينذر بالمزيد من الفوضى داخل الدولة السودانية مستقبلاً ،وفي ظل غياب أي سلطة فعلية للدولة السودانية في الأيام القليلة الماضية ، على الارض،ومع عودة ظهور جماعات مسلحة متواجدة بشرق وجنوب شرق السودان،أعلنت ولائها ومبايعتها لبعض القوى العسكرية المنخرطة في صراع عسكري داخل السودان اليوم ،وهذا ما سيزيد التعقيد المستقبلي للحالة السودانية المضطربة أصلاً ،وهذا الوضع قد يستمر لأعوام قادمة قبل الحديث عن جراحه دولية ، خاصه بالواقع السوداني، وهذا ما بدأت علامات ظهوره تتضح مؤخراً ، والهدف هو اقتسام ماتبقى من الكعكة السودانية بين القوى الكبرى .
ختاماً ،يمكن القول ان المشهد السوداني يزداد تعقيداً مع مرور الأيام ،وهذا ما يستلزم وضع خطوط عمل فاعلة على الارض السودانية من قبل بعض القوى المحلية ” التي تدين بولائها وانتمائها ” للسودان فقط ” لتنسيق حلول مقبولة ،لأيقاف حالة النزيف التي يتعرض لها الوطن السوداني ،والا سيبقى السودان يدور بفلك فوضوي طويل عنوانه العريض هو الفوضى والصراع الدائم على ماتبقى من الارض ومن الشعب السوداني المنهك … *كاتب وناشط سياسي – الأردن . hesham.habeshan@yahoo.com
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: الدولة السودانیة على الارض
إقرأ أيضاً:
حديث للاجيال الجديدة في ذكري مبادرة السلام السودانية ١٦ نوفمبر ١٩٨٨م.
تمر علينا الآن الذكري السنوية لتلك المبادرة الموقعة بين الحزب الاتحادي الديمقراطي بزعامة مولانا السيد محمد عثمان الميرغني والراحل الدكتور جون قرنق ديمابيور رئيس الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان بالعاصمة الاثيوبية اديس ابابا في 16/11/1988 والتي لولا اجهاض حزب الأمة والجبهة الاسلامية لها في البرلمان في نهاية العام ١٩٨٨م فاسقطوها بالتصويت بالاغلبية ما ادي الي خروج الاتحادي الديمقراطي من الحكم الائتلاقي وتركه السلطة لحزب الامة وحليفه الجبهة الاسلامية التي كانت تعارض بشدة وعمدا ومع سبق الاصرار والترصد لتلك المبادرة ( الفاخرة). فلو اجازوا تلك المبادرة بالبرلمان وقتذاك لما حدث انقلاب الاسلاميين علي الحكم المدني فى ٣٠ يونيو ١٩٨٩م ولكانت بلادنا اﻵن تعيش سلاما قويا ويسودها الاستقرار وتظللها وحدة التراب وتعززها التنمية .. وتبتعد عن ارضها الحروب الطاحنة التي ظلت تهددها بالاطراف بسبب قيام حركات مسلحة ارهقت شعبها وشعبنا وجيشنا بخسائر يصعب تعويضها . فضلا علي ابادة شعب دارفور كما يعلم الجميع خلال الاعوام ٢٠٠٣ / ٢٠٠٤م.
وقد ظهر فيما بعد ما يسمي بالدعم السريع والذي بانت نتائجه علي البلاد الان وعلي اهل الحكم أنفسهم وقد اتاحوا الفرص للتدخلات الاجنبية في دعم المليشيات العديدة.
وما يؤسف له حقا ان عباقرة اهل الاسلام السياسي الذين كانوا يعيشون الوهم المتواصل قد افتقدوا كل مقومات النجاح في تطوير انظمة الحكم والحفاظ علي وحدة الوطن في ذلك الزمان .. وقد كان الراحل جون قرنق يعرف تماما ان اي دعوة لانفصال الجنوب عن الشمال معناها الموت والدمار لشعب الجنوب في المقام الاول لانه كان يعرف الروح العدائية التي تجتاح عقول قبائل الجنوبيين في حالة الانفصال .. كما ان الزعيم الميرغني ظل يردد ابان الفترة الانتقالية التي اعقبت اتفاقية نايفاشا في ٢٠٠٥ م بان اي جنوح نحو انفصال الجنوب سيسبب عدم استقرار في جوبا والخرطوم علي السواء .. وهو ما حدث بالفعل حيث ظلت تعيش دولة الجنوب في حالة حرب اهلية مسلحة بين الدينكا والنوير بعد الانفصال مباشرة.. فانهارت الدولة هناك وتوقف تدفق نفط الجنوب عبر مساراته بالشمال وتاثر اقتصاد السودان بسبب توقف النفط ... ما ادي بالحكومة الي تطبيق الزيادات في الوقود ومشتقاته وما تسبب من اثار بائنة في زيادات اخري استمرت في متوالية هندسية حتي اللحظة.. ما ادي الي المصاعب الاقتصادية التي تعيشها الدولتان الآن بسبب الوهم المقرون بضيق الافق لدي قيادات الحركة الاسلامية ورفيقتها الحركة الشعبية لتحرير السودان بعد انفصال الجنوب.
ولعلنا نذكر غباء الادارة الامريكية في عهد الرئيس بيل كلينتون حين كانت مندوبة امريكا بالامم المتحدة سوزان رايس ومنظمتها (هيومان رايتس ووتش) حين القت خطابها في جوبا عند الاحتفال بانفصال دولة الجنوب .. مهنئة اهل الجنوب باستقلالهم .. ثم لم تمر فترة طويلة حين انهارت دولة الجنوب بسبب انقسام الجيش الي جزئين ( دينكا ونوير ) وسالت الدماء واضطربت البلاد .. الا ونجد سوزان رايس تعبر عن خيبة املها في الجنوبيين وفي دعم ادارتها لخيار الانفصال... فتأمل !!!!.
والآن نلاحظ تراجعات اهل الاسلام السياسي الذين كانوا يملأون دنيا السودان زعيقا وضجيجا بقيام الدولة الرسالية ذات المقاصد الخيرة .. فاصبحوا يوجهون النقد علنا عن فشل تجربتهم في الحكم وخيبتهم في ذلك .. ولعل كتابات الراحل البروفيسور الطيب زين العابدين وبروفيسور حسن مكي وبروفيسور عبدالوهاب الافندي ود. التجاني عبدالقادر المتواصلة وغيرهم من القيادات تدلل علي فشل تجربة الاسلاميين في الحكم ما ادي الي تدمير الوطن ومشروعاته الاقتصادية بالكامل .
كما تابع الشعب السوداني اعترافات البروفيسور حسن مكي الذي يعتبر من كبار مفكري حركة الاسلام السياسي من خلال حوارات زميلنا الصحفي عادل سيد احمد خليفة في برنامجه الاسبوعي ( نادي الاعترافات ) بقناة ام درمان في ذلك الزمان حيث تحدث حسن مكي حول فشل تجربة الاسلاميين في الحكم بانهم كانوا يعتقدون اعتقادا جازما بانهم كعناصر سيكونون امناء علي البلاد .. وهو ماقادهم الي تطبيق سياسة التمكين في كل المرافق . كما قال بانهم كانوا يعتقدون بانهم سيكونون حريصين علي اموال الدولة .. بل اضاف بانهم كان لديهم اعتقاد جازم بانهم رسل العناية الالهية واضاف ايضا بان الوهم كان يسيطر عليهم .... فتأمل تارة اخري !!!!
وميزة حسن مكي انه ظل يجاهر بهذا النقد .. ولكن لو كانت مثل هذه الانتقادات الحادة قد اتت من عناصر من خارج اطار الحركة الاسلامية لما كانت ستري النور عبر الاجهزة والصحف إلا لماما .
لذلك ... تظل اتفاقية الميرغتي قرنق من اهم علامات الفرص الضائعة لشعبنا .. فهل يا تري ان النحس سيظل ملازما لمسيرة شعبنا المستقبلية .. ام ستحدث معجزة تنقل بلادنا من حالة الفقر التي تضرب بعنف علي خاصرة هذا الشعب المسكين المستكين .. الي مشارف الرفاه والرخاء والاستقرار والسلام في كل ربوعه .
وأن دمار الوطن الذي يجري حاليا هو نتاج طبيعي لاجهاض مبادرة السلام السودانية حيث يتحمل انقلاب ٣٠ يونيو ١٩٨٩م كل الاوزار وبلا تردد. وستظل لعنة شعبنا ولعنة التاريخ السوداني تطاردهم مهما تسلحوا وانقضوا علي ثورة الشباب والقضاء علي الحكم المدني الديمقراطي الخلاق.
كما يسجل التاريخ أيضا للسيد محمد عثمان الميرغني وحزبه الاصل تلك الروح الوطنية العالية التي صنعت تلك المبادرة التي طواها النسيان .. وسنظل نذكر الموقف الوطني للراحل دكتور جون قرنق وتمسكه بوحدة الوطن في ذلك الزمان .. وقد قال قولته المشهور بانه يطمع في وحدة وادي النيل من نمولي في اقصي جنوب السودان وحتي الاسكندرية في أقصي شمال مصر.
وياخسارة شعبنا في تلك الفرص الذهبية التي اضاعها الإسلام السياسي وحركته الموهومة حتي اللحظة. ذلك انها تختفي حول وهم كبير لم تستطع الفكاك عنه وربما لا تستطيع إلا من رحم ربي.
لذلك نقول ان الحركة الاتحادية اذا اتحدت رؤاها وتوحدت فصائلها وعاد الاتحادي الديمقراطي موحدا كسابق عهده.. ستعبر بلادنا الي بر الأمان برغم الكوارث الحالية.
وللعلم الجميع الفروقات الضخمة بين الحكم المدني الديمقراطي والأحكام الشمولية العسكرية حيث ظل بعض العسكر المأدلجين يتركون مهام الجيش الأساسية ويتحولون الي السباق نحو كراسي الحكم فيصيبهم الفشل الذريع منذ اللحظات الاولي. ولكنهم لايعترفون بذلك اطلاقا.
فالتاريخ يسجل كل شيء لتتعظ منه الأجيال الحالية والقادمة.
إن سجل التاريخ لا تفوته شاردة ولا واردة.
ونأسف للاطالة.
ولنا عودة ؛؛؛؛؛
abulbasha009@gmail.com