رجل أعمال جنوب أفريقي يتحدث عن امتيازات الفصل العنصري
تاريخ النشر: 11th, April 2025 GMT
في تصريحات مثيرة للجدل، قال رجل الأعمال والمستثمر الجنوب أفريقي روب هيرسوف إن البيض في جنوب أفريقيا سيبقون في وضع أفضل مقارنة بنظرائهم السود حتى عام 2025 على الأقل، بفضل امتيازات تاريخية استفادوا منها خلال فترة الفصل العنصري.
وأضاف هيرسوف، الذي يُعد من أبرز المنتقدين للحكومة الحالية، أن التحدي الأكبر يكمن في صعوبة المنافسة على أساس الجدارة، وأن عديدا من السود يواجهون تحديات كبيرة في التكيف مع هذه المنافسة.
وفي مقابلة مع قناة بيزنيوز، قال هيرسوف إن "الجنوب أفريقيين البيض يتفوقون في التعليم والمنافسة، وهذه الحقيقة تجعل من التنافس على أساس الكفاءة أمرا مقلقا بالنسبة لكثير من السود. من الصعب قول ذلك، لكنه واقع لا يمكن إنكاره".
وأوضح هيرسوف أن سياسات التمكين الاقتصادي للسود، التي تم تبنيها لتصحيح أوجه التفاوت التاريخي، لم تؤثر بشكل كبير في تحسين مكانة السود في سوق العمل أو في الاقتصاد بشكل عام.
ورغم نقده الشديد لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم، فإنه أشار إلى بعض النجاحات التي حققها الحزب في السنوات الأولى من حكمه، خاصة في ما يتعلق بتحسين ظروف الفقراء حتى عام 2012.
ومع ذلك، أكد هيرسوف أن البلاد غرقت منذ تلك الفترة في مستنقع الفساد وسوء الإدارة، مما جعل الحكومة تفقد دعم عديد من مواطنيها، خاصة الناخبين السود.
إعلانوأضاف "لقد فشلوا في الوفاء بتعهداتهم، وأصبح الفساد جزءا من النظام".
وفي ما يخص سياسة جنوب أفريقيا على الصعيد الدولي، أعرب هيرسوف مؤخرا عن تأييده خفض المساعدات الأميركية إلى جنوب أفريقيا.
وقد علل ذلك بعد تقارير عن قائمة أميركية تضم أكثر من 40 شخصية سياسية جنوب أفريقية متهمة بالتطرف، مشيرا إلى أن هذه الشخصيات قد تواجه عقوبات محتملة.
وأكد أن هذه الإجراءات جزء من الحاجة إلى تصحيح الأوضاع السياسية في البلاد.
وتصريحات هيرسوف هذه تفتح الباب أمام جدل متزايد حول مستقبل الحكم في جنوب أفريقيا، والتحديات المستمرة المتعلقة بالتمييز العرقي، والأداء السياسي للقيادات الحالية.
كما تعكس، حسب رأي محللين، قلقا متزايدا من تآكل الثقة بالنظام السياسي، في وقت تتجه فيه البلاد نحو استحقاقات انتخابية مصيرية، حيث يتعين على الحكومة أن تواجه اختبارا حقيقيا لبنيتها الديمقراطية وقدرتها على تلبية تطلعات جميع فئات الشعب.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات جنوب أفریقیا
إقرأ أيضاً:
مانديلا وسمفونية التآخي: أنا قبطان روحي
عبد الله علي إبراهيم
February 28 2017
قلت في كلمتي "سائحين زي ديل" (وكانت جماعة من شباب "سائحون" قد شرفوني بزيارة في داري بحلة كوكو، النمر) إن الصلح الوطني التاريخي في الوطن لن يقع لنا ما لم تورق فينا روحانية لقبول الآخر وإن شط طالما تبين لنا جميعاً أن "من فش غبينته ودر مدينته"، في كلمة عذبة للإمام الصادق المهدي. وسأنشر تباعاً كلمات هنا عما أعنيه بهذه الروحانية المدنية.
نبهني جاري الفلبيني على طائرة الإماراتية المغادرة الخرطوم لدبي إلى فيلم يعرض على تلفزيوناتها عن نلسون ماندلا. لم أكترث. ما الجديد عن الرجل؟ أيريدون حلب مأثرته في صناعة الفيلم؟ كنت دَرَّست تلك المأثرة باحترام كبير ضمن مقرر تاريخ جنوب أفريقيا على طلابي منذ 1993. وفضلت أن استرخي على مقعدي من وعثاء "مقاضي" السودان قبيل السفر.
ثم حملني السأم بعد نومة طويلة للعودة إلى التلفزيون فالفيلم. وظللت مسمراً في مكاني أشاهد شئياً عجبا. الفيلم مأخوذ من كتاب لجون كارلن عنوانه "ملاعبة العدو: نلسون ماندلا والمباراة التي صنعت أمة". وهي عن المباراة النهائية بين جنوب أفريقيا ونيوزيلندا في كأس العالم للرقبي لعام 1995 بعد عام واحد من تولي ماندلا رئاسة الجمهورية. فازت فيها جنوب أفريقيا بالكأس لعباً كما لم يتوقع الناس. ولكن سياسة النصر الذي لم شعث أمة البيض والسود المتباغضين هي التي تكلب شعرة الجلد. فالفيلم قطعة نادرة مما سماه مارتن لوثر كنج ب"سمفونية التآخي".
بدأ الفيلم بمشهد لصبية سود يلعبون كرة القدم وآخرين بيض يلعبون الرقبي مع فارق الميادين و"الحادات". ووضعنا الفيلم بهذا الكادر أمام الهوة التاريخية التي فرقت بين سود البلد وبيضها حتى في الرياضة المفضلة. ثم تحول الفيلم بنا إلى اجتماع أمه سود متنفذين في المدينة قرروا بعده تجريد فريق سبرنقبوك الوطني للرقبي، معبود البيض، من ألوانه، الأخضر والذهبي، إذلالاً له لهزائمه المتكررة. وبالحق أرادوا إشباع غرائز الانتقام من بيض ساموهم الخسف مذ حلوا في افريقيا في 1621. وتنازع من الجهة الأخرى حراس ماندلا السود مع حرس بيض جاؤوا بأمر من ماندلا نفسه ليكونوا بين طاقم حراسه.
وتحرك ماندلا (لعب دوره الأمريكي الأسود مورقان فريمان). قال للحرس السود أن "يشدوا حيلهم" لأن رئيس البلد سيكون محمياً بالبيض والسود معاً من تلك اللحظة فصاعداً. وغادر مكتبه بعد سماعه بقرار الهزء بسبرنقبوك واقتحم الاجتماع واستهدى أنصاره الطائفيين بعيداً عن قرارهم البغيض. وقال لهم إن البيض يحبون فريقهم فلماذا لا نبدأ معهم بما يحبون لا بما لم يعقلوه من قبل عن الإخاء. وساد الذهن الرجيح.
وكانت خطوته التالية أن طلب باينار، كابتن سبرنقبوك، (أداه الأمريكي مات دِمن) في مكتبه وتبادلا حديثاً شفيفاً عن القيادة ومقوماتها. وفي هذا اللقاء أطلع ماندلا الكابتن على بعض ذكرياته في سجنه الطويل. وزار باينار السجن لاحقاً مع زملائه. ومن ثنايا لقاء الرئيس والكابتن خرجت قصيدة قال ماندلا إنه كان يعزي نفسه بها في سكرات السجن. وهي لشاعر إيرلندي هو وليام إ بنتلي (1849-1903) اسمها "إنفيكتس" وهي "الذي لا يٌهزم" في اللاتينية. وصارت اسماً للفيلم:
خارج الليل الذي يلفني
أسود كسجم "الدواك" من قطب لقطب
أنا حامد للأربَاب أياً كانوا
لروحي التي لا تقهر
##
في براثن الحادثات
لم يطرف لي رمش، لم أتجرس
وتحت ضربات القدر
تضرج رأسي بالدم ولكنه لم ينحن
##
ووراء هذا المكان الخضل بالغضب والدموع
لا يٌطَوف إلا رعب الظلال
ولكن السنين
تجدني، وستجدني، خلواً من الخوف
# #
لا يهم كم عسيرة بوابات المخرج
لا يهم كيف أِسوَد كتابي بالعقوبات
أنا سيد قدري
أنا قبطان روحي
ولم أتمالك دمعة طفرت من عيني والفيلم يٌطَوف بمشاهد لتآخى السود والبيض على بينة النصر. وترقرقت عيون ماندلا نفسه عند معجزة الإخاء التي تفجرت في الشارع. وحين طلب منه الحرس أن يتخذ طريقاً أهدأ قال: "لا داعي للعجلة". وجاء الصوت:
أنا سيد قدري
أنا قبطان روحي
ibrahima@missouri.edu