تعرف على الشخص المسؤول عن ابتكار مايكروسوفت الكمومي الجديد
تاريخ النشر: 11th, April 2025 GMT
تسارعت وتيرة الأحداث في عالم الحواسيب الكمومية خلال السنوات الماضية، وذلك بعد أن دخلت العديد من الشركات إلى أرض السباق لمنافسة عمالة التقنية الساعين إلى تطوير حاسوب كمي ذي استخدام تجاري ويمكن إنتاجه بشكل واسع.
ورغم تعدد المشاركين بهذا السباق الكمومي، تقف "مايكروسوفت" في مكانة مختلفة عن بقية المنافسين تنبع من عراقة الشركة واستثمارها في التقنية الكمومية، منذ أكثر من 19 عامًا، فضلًا عن فلسفة مختلفة في بناء رقائق الحواسيب الكمومية، التي آتت ثمارها بعد إعلان الشركة الأخير عن رقاقة "ماجورانا 1" (Majorna 1) التي تمثل باكورة إنتاجها بهذا القطاع والخطوة الأولى على طريق المليون رقاقة كمومية.
وخلف هذا النجاح، يقف إيمان "مايكروسوفت" بأحد الأشخاص الذي ضمته الشركة لفريقها عام 2005 مع بداية رحلتها في هذا القطاع، وهو الدكتور تشيتان ناياك ذو الـ53 ربيعًا حيث يرأس قسم "ستيشن كيو" (Station Q) والمسؤول عن الأبحاث الكمومية.
من هو تشيتان ناياك؟ولد عام 1971 في نيويورك حيث ترعرع حتى تخرج من مدرسة ستايفسانت الثانوية، وهناك بدأ شغفه بالفيزياء الكمومية بعد أن أهداه أحدهم نسخة من محاضرات عملاق الفيزياء ريتشارد فاينمان، لتبدأ بعد ذلك رحلته الحقيقية في عالم الفيزياء الكمومية ورحلة الوصول إلى الحاسوب الكمومي التجاري.
إعلانوتخرج ناياك عام 1992 من هارفارد، ثم حصل على الدكتوراه من جامعة برنستون عام 1996، وبعد ذلك أكمل دراسته في جامعة سانتا باربرا ضمن قسم الفيزياء النظرية من عام 1996 حتى 1997 لينضم بعد ذلك إلى جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس أستاذا للفيزياء حتى عام 2006، وبعد ذلك أستاذا شرفيا للفيزياء من عام 2007 في جامعة سانتا باربرا تزامنًا مع عمله في "مايكروسوفت".
وحاز في رحلته الدراسية على العديد من الجوائز والمناصب الشرفية، بدءًا من جائزة الفيزيائي الشاب المتميز من الفرع الأميركي للجمعية الهندية للفيزياء، وحتى منصب زمالة الجمعية الفيزيائية الأميركية فضلًا عن زمالة مؤسسة الفريد ب. سلون، وجائزة المؤسسة الوطنية للعلوم "إن إس إف" (NSF) للوظائف المبكرة، وهو الآن يشغل منصب مدير الأبحاث الرئيسي في "مايكروسوفت ستيشن كيو" المسؤول عن شريحة "ماجورانا 1" منذ عام 2014.
ويتخصص ناياك في دراسة المواد الطوبولوجية ذات الطبيعة الفائقة فضلًا عن حالات التوصيل الفائقة في درجات الحرارة المرتفعة، إلى جانب دراسة المعادن الغريبة والتأثيرات المختلفة التي تملكها على السلوك الإلكتروني فضلًا عن العديد من المواضيع الدقيقة المتعلقة بالفيزياء الكمومية، وهو التخصص الذي مكنه من بناء تسخير جزيئات "ماجورانا" واكتشاف الحالة الجديدة للمواد.
ويتكون الفريق الذي يرأسه ناياك من مئات العلماء والمهندسين وخبراء الرياضيات، وهم جميعًا يعملون لبناء الحاسوب الكمومي منذ أكثر من 20 عامًا. وعلى غرار أسلوب "غوغل" في تطوير الرقائق الكمومية بشكل مألوف، فإن فريق ناياك اختار أسلوبًا أكثر خطورة وأقل قبولًا في المجتمع العلمي، مما جعل إنجازه في هذا القطاع أكثر تميزًا.
تشير التقارير إلى أن ساتيا ناديلا المدير التنفيذي لشركة "مايكروسوفت" كاد أن يغلق قسم "سيكشن كيو" تمامًا منذ 7 سنوات، وذلك وسط الأزمة المالية التي كانت تمر بها الشركة ونتيجةً لغياب الابتكارات التجارية القادمة من القسم، إذ كان يرى أن جهود تطوير الحواسيب الكمومية لن تكون ذات نتيجة تجارية مثل جهود الذكاء الاصطناعي. والآن، خرج ناديلا ذاته عبر حساب "إكس" الرسمي متغنيًا بنجاح الفريق في اكتشاف حالة جديدة للمادة واقترابهم من تطوير الحواسيب الكمومية.
إعلانوظلت "مايكروسوفت" تستثمر في "سيكشن كيو" وقطاع الحواسيب الكمومية دون ملل أو كلل، لمدة تناهز 20 عامًا، إذ كانت الشركة تنفق ما يوازي 300 مليون دولار سنويًا على هذا القطاع، أي أكثر من 6 مليارات دولار في المجمل خلال السنوات الماضية. وبحسب وصف ناياك نفسه، فإن عمله في "سيكشن كيو" يعتمد على تراكم الاكتشافات الصغيرة حتى تصل إلى لحظة الكشف الكبير، ثم يعاود الفريق العمل على الاكتشافات الصغيرة ليصل إلى لحظة اكتشاف كبيرة أخرى.
وما اكتشفته "مايكروسوفت" لن يجعل الحواسيب الكمومية تظهر بشكل تجاري بدءًا من الغد، إذ مازال الطريق طويلًا أمام الوصول إلى الحالة التجارية الناجحة لهذه الحواسيب، ولكنه بكل تأكيد بداية الطريق. وإن صحت ادعاءات "مايكروسوفت" فستتمكن رقائق "ماجورانا 1" من التغلب على كافة مشاكل الثبات واستقرار الأداء التي تعاني منها الرقائق الكمومية المعتادة.
شكوك وسط المجتمع العلميكشفت "مايكروسوفت" عن رقاقة "ماجورانا 1" بالتزامن مع طرحها بحثًا يوضح النظرية والإثبات العلمي وراء هذه الرقاقة، وقد نشر البحث في المجلة العلمية "نيتشر" (Nature) وهو الأمر الذي جعل العديد من علماء الفيزياء حول العالم ينتقدون البحث ويتربصون به.
يقول سيرجي فرولوف الباحث في مجال الكم بجامعة بيتسبرغ "يدير ناياك مشروعًا احتياليًا داخل مايكروسوفت" وذلك بعد أن أشار إلى مجموعة من التناقضات داخل البحث المنشور التي من شأنها تغيير النتيجة النهائية للبحث بشكل كامل.
ولكن موقف "مايكروسوفت" لم يهتز على الإطلاق، إذ أكد جيسون زاندر المشرف على "سيكشن كيو" وأعماله أن الشركة تلتزم بأعلى المعايير العلمية والأخلاقية، لذا يؤمن بنتيجة أبحاث ناياك وأنها صحيحة للغاية. ولهذا، فإن الشركة تنوي نشر بحثين متتابعين في مجلة "نيتشر" لمراجعة بحث ناياك وتأكيد النظريات المذكورة به.
إعلانوتجدر الإشارة إلى أن "مايكروسوفت" قامت بتمويل بحثين منفصلين عام 2021 حول جزيئات "ماجورانا" قبل إزالتهم من مجلة "نيتشر" عندما برزت بعض التساؤلات حول جودة البحث ودقته، ولكن هذه الأبحاث تمت في معمل هولندي منفصل عن "مايكروسوفت" و"سيكشن كيو".
الخطوة التاليةقال ناياك في إحدى المقابلات إنه لا ينوي العمل على الحواسيب الكمومية لدى "مايكروسوفت" حتى يبلغ سن الـ70، في إشارة لنيته التقاعد مستقبلًا والتوقف عن العمل، ولكن هذا لن يمنعه عن إتمام عمله الوقت الحالي.
وتتمثل الخطوة التالية أمام ناياك و"سيكشن كيو" في جعل الشرائح أكثر استقرارًا مع تخزين المزيد من الـ"كيوبت" داخل الشريحة حتى تصبح أكثر اعتمادية وأقرب للاستخدام التجاري، ويظل السؤال: هل ينجح ناياك في مسعاه قبل التقاعد؟
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الحواسیب الکمومیة هذا القطاع العدید من فضل ا عن بعد ذلک
إقرأ أيضاً:
معركة تحديد عمر المستخدمين تستعر.. من المسؤول عنها؟
تعد حماية المراهقين والأطفال على الإنترنت من أكبر المساعي التي تحاول الحكومات تحقيقها منذ ظهور الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي. ولتحقيق هذا المسعى، تعاونت الحكومات مع الشركات من أجل وضع قوانين ونظم رادعة.
ورغم هذا التعاون الممتد، فلم تكلل هذه الجهود دوما بالنجاح، إذ كان المجرمون يجدون طرقا ملتوية للوصول إلى الأطفال، كما أن الأطفال في بعض الحالات كانوا يخدعون النظام وينشؤون حسابات ذات أعمار وهمية لتخطي القيود الموضوعة على حساباتهم.
والآن، بدأ صناع القرار في الولايات المتحدة في اتخاذ خطوات أكثر صرامة تجاه هذه الأزمة، في محاولة منهم لإجبار الشركات على إيجاد طرق جديدة لا يمكن خداعها للتأكد من أعمار المستخدمين، أملا في حماية الأطفال من الضرر الممتد عبر الإنترنت.
مسؤولية التحقق من عمر الأطفالتواجه عملية التأكد من أعمار المستخدمين عددا من التحديات والعقبات في طريقها، بدءا من حماية خصوصية المستخدمين سواء كانوا أطفالا أو كبارا، وانتهاء بآليات حجب المحتوى واستخدام الذكاء الاصطناعي للتحقق من هذه الأعمار.
وفي الماضي، كانت مهمة التحقق من عمر المستخدم تقع على عاتق منصات التواصل الاجتماعي والتطبيقات والمواقع المختلفة، أي أن المنصة التي تستضيف الحساب موكلة بالتحقق من عمر صاحب الحساب بأي طريقة دون خرق خصوصيته.
إعلانلذا قدمت إنستغرام مؤخرا آلية تعتمد على الذكاء الاصطناعي للتحقق من أعمار المستخدمين، وهذه الآلية تعتمد بشكل مباشر على تحليل منشورات المستخدم، فضلا عن منشورات التهنئة بأعياد الميلاد من أجل توقع عمر المستخدم، وهي ما أطلقت عليه "أدلت كلاسيفير" (Adult Classifier).
وبعض المنصات الأخرى تعتمد على الأسئلة والثغرات القانونية، كأن تضع بندا في شروط الاستخدام يعاقب على الكذب في اختبار العمر، فضلا عن وضع المسؤولية القانونية على الآباء والأطفال الذين يكذبون بشأن عمرهم.
رغم نجاح هذه الطرق في بعض الحالات، فإن السواد الأعظم كان يفشل، إذ كان يصعب على المطورين التحقق من عمر المستخدمين، وأصبح من المعتاد أن يوجد مجرمون متنكرون في هيئة أطفال والعكس صحيح، لذا قررت الجهات التشريعية في ولاية يوتا الأميركية اتخاذ خطوة جديدة وإلقاء المهمة على عاتق طرف جديد، وهي متاجر التطبيقات.
في قانون مبتكر أقرته الجهات التشريعية في ولاية يوتا الأميركية بعد دعم واضح من منصات التواصل الاجتماعي وفي مقدمتها "ميتا"، فإن عملية التحقق من عمر المستخدم أصبحت تقع الآن على عاتق الشركة المالكة لمتجر التطبيقات، أي "غوغل" و"آبل".
إذ يجب على هذه الشركات التحقق من عمر المستخدم قبل إتاحة تحميل تطبيقات منصات التواصل الاجتماعي، ويأتي هذا القانون مدعوما من النائب الجمهوري سبنسر كوكس الذي ينوي تمرير القانون في مجلس النواب.
يرى كوكس أن الأطفال يجب ألا يدخلوا في عقود مع الشركات التقنية أو حتى يوافقوا على شروط وسياسة الاستخدام كونهم فاقدين للأهلية بشكل افتراضي، ويجب على الآباء أن يكونوا جزءا من هذه الاتفاقية.
ورغم أن القانون ظهر في ولاية يوتا، فإن بقية الولايات تتبعها تدريجيا، بدءا من ساوث كارولينا وداكوتا ومن المتوقع أن يمر القانون ويصبح دستوريا، وذلك وفقا للخبراء القانونيين لدى "ميتا" الذين يرون أن مثل هذه القوانين لن تواجه صعوبات دستورية وقانونية.
إعلان لماذا متاجر التطبيقات؟يتوفر لمصنعي الهواتف ومالكي متاجر التطبيقات مجموعة من البيانات التي يصعب على شركات ومنصات التواصل الاجتماعي الوصول إليها، كما أنها تمثل تحديات قانونية شرسة أمام هذه الشركات، ولكن بالنسبة إلى غوغل أو آبل فمن المنطقي أن تحصل هذه الشركات على تأكيد عمري للمستخدم في أكثر من مناسبة وبأكثر من طريقة.
كما أن هذه الشركات توفر خاصية لمراقبة الهواتف وتفعيل الرقابة الأبوية، لذا لن تواجه صعوبة في منع الأطفال من تحميل تطبيقات التواصل الاجتماعي أو حتى الوصول إليها بشكل مباشر.
اقتراح آخر من غوغلمن ناحيتها، انتقدت غوغل القانون الجديد ودعم منصات التواصل الاجتماعي له قائلة إن "ميتا" والشركات الأخرى تزيح المهمة من على عاتقها وتتركها على عاتق شركة أخرى، وهو الأمر الذي يقدم مخاطر أكبر على خصوصية الأطفال والمستخدمين.
ثم قدمت الشركة اقتراحا آخر، فبدلا من مشاركة عمر المستخدم مع منصات التواصل الاجتماعي، فإنها تحتفظ بمعلومات العمر لنفسها، وتقدم بدلا من ذلك ضمانة لشركات التواصل الاجتماعي بأن المستخدم ليس طفلا.
وهو الأمر الذي أيده جيمس بي ستير المدير التنفيذي لشركة "كومون سينس ميديا" (Common Sense Media)، وأضاف أنه ليس حلا سحريا للمشكلة، فهو يضع الآباء في مواجهة أطفالهم، مما يجعلهم يوافقون في بعض الأحيان، لذا يجب أيضا على المنصات أن تتكيف مع هذا الأمر وتنقح المحتوى بشكل ملائم للأطفال.
اعتراضات من الجانب الآخرعلى صعيد آخر، تواجه عملية التحقق من العمر بشكل عام اعتراضات عامة من مؤسسة "إلكترونيك فرونتير" (Electronic Frontier) التي ترى أن عملية التحقق من العمر تجمع عددا كبيرا من البيانات المتعلقة بالمستخدمين، ورغم أن مهمتها الأساسية حماية الأطفال، فإنها في النهاية تخدم شركات الإعلانات.
وتؤكد المؤسسة أن تضييق الخناق على الأطفال والمراهقين يدفعهم لابتكار طرق جديدة لتخطي هذه الاشتراطات ومحاولة الوصول إلى المواقع المختلفة أو حتى استخدام مواقع لا تلتزم بهذه التعليمات والقوانين الصارمة.
إعلان