مشكلة الجنوب انه ما زال يعيش في الماضي، وتتربع سدة ادارته قوى منشغلة باستدعاء الماضي، وإعادة ترتيب ادواته، وكأنها تسير على برنامج الإبقاء على أدوات الصراع والتناقضات، هذا الاستدعاء لمنعطفات تاريخية كانت قد حسمت هو العجز الواضح في انتاج حلول ومخارج حقيقية للازمة.
ومرد ذلك الى عاملين عدميين، الأول يتعلق بصعوبة قراءة المشهد السياسي المعقد ومالاته الأخيرة التي بنيت على خرافات وغيبيات غريبة عن الواقع، والثاني محاولات لي عنق الحقائق الجيوسياسية، وجرها عنوة باتجاهات انتهازية، يسعى أصحابها الى الاصطياد في الماء العكر، واستغلال التحولات في سبيل الترويج لأحلام وردية بحامل فئوي ضيق عفى عليه الزمن، على حساب مصالح الكتلة السكانية الأكبر وأحلامها في بناء مجتمعات ديمقراطية، تؤمن لمكوناتها الحرية والعدالة والكرامة والعيش الكريم .
ما نشهده في الواقع هو مخاض سمته البينة معاندة مسار التاريخ والتغيير والمنطق الاجتماعي، تديره قوى من الصعب تسميتها بنخبة، لأنها برزت من القاع ولا تملك أي تجربة، وغير قادرة على استقطاب العقول والكفاءات وذوي المهنية، فهي تبحث عن مناصرين تابعين، وتستهوي البطانة التي يجب ان تكون من نفس الصنف وفي مستوى نفس العقلية، ولن تجدهم الا في ذوي القربى والمنطقة والقرية، ولهذا لن نرى سوى خطاب ومقولات لن تنتج غير الويلات وتعزيز الفرقة والتشرذم ، وترسيخ الصراع المعزز للحروب العبثية، فلا تغيير مشهود، غير عودة النظام الاستبدادي بصور مختلفة، يدفع لخسارة القضايا الوطنية والقومية تباعا، ويسحق تطلعات الناس في الحرية والديمقراطية، فلا غرابة ان نشهد تربع العقليات الانتهازية والانانية، وسلوكيات مرفوضة وفساد مستشري وانتهاكات وظلم وقهر.
ومن السخرية ان نشهد قرارات، وترويج اعلامي كبير لها، وفي فترة قصيرة يتلاشى كل شيء ويصاب الناس بالخذلان، ومع وجود تابعين تم توظيفهم للمناصرة، وغير قادرين على التحرر، وليس باستطاعتهم التضحية بنعيم العيش والمال، ولهذا تضيع علينا الفرص الذهبية للتغيير والتحول لتحقيق أحلام العامة من المطحونين، الذين كانوا منهم .
كثرت المجالس والتشكيلات، وكلها تستهدف فكرة الدولة الوطنية, وبغباء يعتقد أصحابها انهم يمكن ان يفرضوا على الناس انفسهم، بالقوة والاحتيال.
يبحث البعض في قاموس المصطلحات التي روج لها هؤلاء، فيجدها متناقضة، بدأت بالدولة المدنية، وجنوب يستوعب كل أبنائه، وانتهت باستدعاء أدوات ما قبل الدولة الوطنية، عادوا يبحثون عن اصطفاف قبلي وترتيب مشايخي، كما يروج إعادة الاعتبار للسلاطين والامراء، ويضربون الاصطفاف الوطني بالصميم، بمعنى عودت الاسياد والعبيد، وإعادة الاعتبار لقوى الثورة المضادة وضرب القوى الوطنية.
ومن الوهلة الأولى عرف العقل الفطن ان التدخل الخارجي لن ينتج دولة وطنية، بل سيسعى لتنفيذ سلطة شبيه له ومسلوبة الإرادة، ادواتها دمى تحركها لتنفيذ المخطط، فلا غرابه ان نشهد عودة مشاريع استعمارية، وترتيبات توحي بمعالم الدولة الغير وطنية، ومبررات سخيفة كإعادة الاعتبار للقوى الاقطاعية، وضرب القوى الوطنية.
معالجة الماضي لا يعني ان تضرب ثورة أكتوبر، وتضحيات المناضلين والكفاح المسلح، ومخارج هذه التضحيات الجسام وهي الدولة الوليدة، مهما شابها من مساوئ واخطاء، يجب إصلاحها في الاطار نفسه، لا تنحر تلك الدولة وتدفن مع كل الشهداء والمناضلين الذين قدموا حياتهم قربانا لتحرر، وبعضهم دفن حيا من اجل ان تعيش الامه، في مؤامرة قذرة نشهد اليوم خيوطها الأخيرة وهي تلف حول الوطن والشعب، بدعم القوى الرجعية والصهيونية للقضاء على أحلام الناس وتطلعاتهم.
ولله في خلقه شئون
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: أحمد حميدان كتابات
إقرأ أيضاً:
القوّات في مواجهة حزب الله أم القوى المسيحية؟
تتصدر "القوات اللبنانية" المشهد السياسي في لبنان في مرحلة تبدو فيها البلاد على أبواب معركة انتخابية حامية، تحاول خلالها الأحزاب إعادة تموضعها وبناء توازنات جديدة. تلعب "القوات" دور رأس الحربة في الخطاب المعارض ل" حزب الله"، مستندة إلى قاعدة شعبية مسيحية متينة، وإلى إرث طويل من الخصومة السياسية والعقائدية مع المشروع الذي يمثله "الحزب". إلا أن خلف هذا التصعيد الظاهر ضد الحزب، يبدو أن أهداف القوات الحقيقية موجهة نحو خصوم آخرين داخل الساحة المسيحية تحديدًا.أولى هذه الجبهات هي جبهة رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون، الذي ترى فيه "القوات" تهديدًا محتملًا على زعامتها المسيحية، خاصة وأنه يملك رصيدًا من الثقة لدى المجتمع الدولي والأوساط المحلية والمسيحية تحديدا. من هنا، تسعى "القوات" إلى تصويره كشخص ضعيف أمام "حزب الله" ، بما يعرقل أي مسار قد يؤدي إلى بروزه زعيما عابرا للتكتلات السياسية المسيحية، وهذا ما يضعف رئيس "القوات" تلقائياً وهو الساعي دائما لكي يكون المرشح الطبيعي لرئاسة الجمهورية.
أما الجبهة الثانية، فهي "التيار الوطني الحر"، الحليف السابق ل"حزب الله"، والذي يعيش مرحلة من التراجع السياسي والشعبي. تسعى "القوات" إلى ضرب هذا" التيار" في صميم خطابه السياسي، عبر التقدم بخطاب أكثر حدة لا يستطيع "التيار" مجاراته، في ظل محاولاته الحفاظ على توازن هش بين تحالفه القديم مع الحزب وطموحه باستعادة شرعيته المسيحية. هذا التصعيد من قبل "القوات" قد يسهم في مزيد من تفكيك التيار وإضعافه أمام جمهوره.
في المقابل، يظهر أن "القوات" تسعى أيضًا إلى تجاوز "حزب الكتائب اللبنانية"، الذي تبنى في الأشهر الماضية خطابًا توحيديًا، من دون التخلي عن الثوابت السياسية. تدرك "القوات" أن هذا النوع من الخطاب قد يجذب شريحة من المسيحيين الساعين إلى خطاب عقلاني ومتزن، وهو ما يجعلها تميل إلى خطاب أكثر تصعيدًا في محاولة لحشد الشارع حولها وإظهار نفسها كصاحبة القرار والمواجهة.
أما بالنسبة لحزب الله نفسه، فلا يبدو أن خطاب "القوات" يحقق أي تأثير عملي عليه. فالقوات لا تملك أي تماس مباشر معه، لا على المستوى الشعبي ولا على المستوى الجغرافي، كما أن قدراتها داخل بنية السلطة محدودة، ما يجعل "الحزب" يتعامل مع تصعيدها كجزء من الضجيج السياسي الاعتيادي، لا أكثر.
المصدر: خاص لبنان24 مواضيع ذات صلة شيخ العقل التقى وزيري الأشغال والزراعة ووفدين من "القوات اللبنانية" و"حزب الله" Lebanon 24 شيخ العقل التقى وزيري الأشغال والزراعة ووفدين من "القوات اللبنانية" و"حزب الله" 11/04/2025 12:01:45 11/04/2025 12:01:45 Lebanon 24 Lebanon 24 "حزب الله" إلى الداخل: نهاية القوّة الإقليمية Lebanon 24 "حزب الله" إلى الداخل: نهاية القوّة الإقليمية 11/04/2025 12:01:45 11/04/2025 12:01:45 Lebanon 24 Lebanon 24 بيان لـ"حزب الله": إما المواجهة أو الاستسلام Lebanon 24 بيان لـ"حزب الله": إما المواجهة أو الاستسلام 11/04/2025 12:01:45 11/04/2025 12:01:45 Lebanon 24 Lebanon 24 العربية: قوات الدعم السريع شنت هجوما على مدينة "أم كدادة" شرقي الفاشر Lebanon 24 العربية: قوات الدعم السريع شنت هجوما على مدينة "أم كدادة" شرقي الفاشر 11/04/2025 12:01:45 11/04/2025 12:01:45 Lebanon 24 Lebanon 24 لبنان خاص مقالات لبنان24 تابع قد يعجبك أيضاً ماكينة الخياطة غيّرت حياتها... هكذا أصبحت عاملة منزلية أجنبية رائدة أعمال في لبنان Lebanon 24 ماكينة الخياطة غيّرت حياتها... هكذا أصبحت عاملة منزلية أجنبية رائدة أعمال في لبنان 04:30 | 2025-04-11 11/04/2025 04:30:00 Lebanon 24 Lebanon 24 بعد التحقيق معه اليوم.. أول تصريح للواء عباس إبراهيم Lebanon 24 بعد التحقيق معه اليوم.. أول تصريح للواء عباس إبراهيم 04:56 | 2025-04-11 11/04/2025 04:56:54 Lebanon 24 Lebanon 24 الصدي جال في شركة كهرباء لبنان Lebanon 24 الصدي جال في شركة كهرباء لبنان 04:47 | 2025-04-11 11/04/2025 04:47:29 Lebanon 24 Lebanon 24 استبيان يتعلق بالإصلاح في القطاع التربوي.. هذا ما طلبته كرامي Lebanon 24 استبيان يتعلق بالإصلاح في القطاع التربوي.. هذا ما طلبته كرامي 04:43 | 2025-04-11 11/04/2025 04:43:45 Lebanon 24 Lebanon 24 نهرا طلب ازالة المخالفات على الاوتوستراد الدولي Lebanon 24 نهرا طلب ازالة المخالفات على الاوتوستراد الدولي 04:36 | 2025-04-11 11/04/2025 04:36:41 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة صورة تنتشر لأحد الأشخاص... هذا ما يقوم به Lebanon 24 صورة تنتشر لأحد الأشخاص... هذا ما يقوم به 08:02 | 2025-04-10 10/04/2025 08:02:03 Lebanon 24 Lebanon 24 بالفيديو إصابة زوجة فنان شهير بإطلاق نار... إليكم تفاصيل ما جرى Lebanon 24 بالفيديو إصابة زوجة فنان شهير بإطلاق نار... إليكم تفاصيل ما جرى 05:16 | 2025-04-10 10/04/2025 05:16:30 Lebanon 24 Lebanon 24 بعدما أعلنت عن حملها بطفلها الثاني.. مُذيعة أخبار الـ"أم تي في" لزوجها: أعشقك (صورة) Lebanon 24 بعدما أعلنت عن حملها بطفلها الثاني.. مُذيعة أخبار الـ"أم تي في" لزوجها: أعشقك (صورة) 08:11 | 2025-04-10 10/04/2025 08:11:04 Lebanon 24 Lebanon 24 فنانة لبنانيّة تكشف عن أجر كبير بالدولار تلقته لإحياء حفلة... كم بلغ؟ (فيديو) Lebanon 24 فنانة لبنانيّة تكشف عن أجر كبير بالدولار تلقته لإحياء حفلة... كم بلغ؟ (فيديو) 05:40 | 2025-04-10 10/04/2025 05:40:52 Lebanon 24 Lebanon 24 سماع إطلاق نار في بيروت Lebanon 24 سماع إطلاق نار في بيروت 09:10 | 2025-04-10 10/04/2025 09:10:04 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك عن الكاتب علي منتش Ali Mantash @alimantash أيضاً في لبنان 04:30 | 2025-04-11 ماكينة الخياطة غيّرت حياتها... هكذا أصبحت عاملة منزلية أجنبية رائدة أعمال في لبنان 04:56 | 2025-04-11 بعد التحقيق معه اليوم.. أول تصريح للواء عباس إبراهيم 04:47 | 2025-04-11 الصدي جال في شركة كهرباء لبنان 04:43 | 2025-04-11 استبيان يتعلق بالإصلاح في القطاع التربوي.. هذا ما طلبته كرامي 04:36 | 2025-04-11 نهرا طلب ازالة المخالفات على الاوتوستراد الدولي 04:27 | 2025-04-11 رجّي تلقى دعوة من لافروف لزيارة روسيا فيديو توقعات جديدة لليلى عبد اللطيف.. هذا ما قالته عن سلاح "الحزب" ومصير الشرع ومُفاجأة عن الدولار (فيديو) Lebanon 24 توقعات جديدة لليلى عبد اللطيف.. هذا ما قالته عن سلاح "الحزب" ومصير الشرع ومُفاجأة عن الدولار (فيديو) 00:04 | 2025-04-10 11/04/2025 12:01:45 Lebanon 24 Lebanon 24 حذفت صورها وارتدت الحجاب.. ابنة فنانة عربية تطلق قناة دينية (فيديو) Lebanon 24 حذفت صورها وارتدت الحجاب.. ابنة فنانة عربية تطلق قناة دينية (فيديو) 23:00 | 2025-04-09 11/04/2025 12:01:45 Lebanon 24 Lebanon 24 اللجنة الدولية للصليب الأحمر تُطلق صيحة استغاثة بشأن الاعتداءات على المستشفيات في مناطق النزاع Lebanon 24 اللجنة الدولية للصليب الأحمر تُطلق صيحة استغاثة بشأن الاعتداءات على المستشفيات في مناطق النزاع 04:11 | 2025-04-09 11/04/2025 12:01:45 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان خاص إقتصاد عربي-دولي بلديات 2025 متفرقات أخبار عاجلة Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24