أخطار العمالة المستوردة غير العربية
تاريخ النشر: 25th, August 2023 GMT
أخطار العمالة المستوردة غير العربية
ما فائدة مجلس التعاون إذا كان لا يواجه مجتمعاً مشكلة خطرة ومعقدة مثل هذه المشكلة؟
هل يدرك قادة أنظمة الحكم في دول المجلس الأخطار الوجودية المنبثة في أرجاء هذا الموضوع؟
متى ستنتقل البرلمانات والمجالس الاستشارية الخليجية إلى بحث قضايا مجتمعية كبرى بدلاً من الثرثرة حول قضايا جانبية!
وهل أن مصير الخليج السكاني ومستقبل انتماءاته لا تهم الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، بل وكل قوى المجتمعات المدنية العربية والإسلامية؟
أدى الدمار الهائل بأقطار عربية لهجرة الملايين إلى شتى بلدان الغرب، فلماذا لا تكون بلدان مجلس التعاون أحد الملاذات التي تلجأ تلك الملايين إليها؟
هل إن البرلمانات والمجالس الاستشارية في دول الخليج العربية تعتبر هذا الموضوع جزءاً من مسؤولياتها تجاه شعوب منطقة تدعي تمثيلها والدفاع عن حقوقها؟
أليس استقدام العمالة العربية يحافظ على هوية دول مجلس التعاون العروبية والإسلامية التي يهددها فيض هائل من العمالة غير العربية، وفيض هائل من مشاكل ستجلب معها؟
* * *
منذ بضع سنوات كتبت مقالاً مطولاً تحت عنوان «تحديات الهوية في دول مجلس التعاون».
أما في سنة 2008 فقد أصبح عدد سكان دول المجلس حوالي ثلاثة وعشرين مليوناً، بينما وصل عدد الوافدين إلى حوالي ستة عشر مليوناً، أي ما يقارب السبعين في المئة. كان سبب الزيادة الهائلة ارتفاع عدد الأيدي الأجنبية العاملة المستوردة من مليون عام 1975 إلى 11 مليونا عام 2008.
وأشرت إلى ظاهرة مقلقة تمثلت في أن غالبية الزيادة لم تكن في عدد الوافدين العرب، وإنما في الوافدين الآسيويين غير العرب، الذين قدر الدكتور حسين غباش في مقال حديث له عددهم بستة عشر مليونا، ونبه إلى أن عددهم سيصل إلى ثلاثين مليونا في عام 2025.
وبالطبع فإن نسبة العمالة الأجنبية في دول مجلس التعاون تختلف من قطر إلى قطر آخر، إذ هي في أدناها في المملكة العربية السعودية ونسبتها 40% وتصل إلى أعلاها في قطر والإمارات العربية المتحدة، حيث تقترب النسبة من 90%.
فإذا أضفنا أن النسبة المئوية للعرب، في الأيدي العاملة الوافدة قد تناقصت من 72% عام 1975 إلى 32% عام 2004 أدركنا أننا نحن إذن أمام كارثة سكانية، ستقود في المستقبل القريب إلى كوارث سياسية واجتماعية وثقافية، وإلى تهديد وجودي للهويات الوطنية والقومية العروبية.
السؤال المفصلي هو: هل يدرك قادة أنظمة الحكم في دول المجلس الأخطار الوجودية المنبثة في أرجاء هذا الموضوع؟
هل يدركون أن عامل الجغرافيا لا يكفي للحفاظ على هوية مجتمعات المجلس إذا غابت أو ضعفت مستلزمات الهوية الأخرى، مثل اللغة والثقافة والعادات والعلاقات الاجتماعية، وهي بالطبع عوامل ستضعف وتتهمش كلما زادت نسبة الوافدين المستقرين من غير العرب؟
بل أكثر من ذلك: هل يضمنون بقاءهم في الحكم عندما ينجح المجتمع الدولي في تثبيت حق القوى العاملة في التوطين والمواطنة لهم ولعائلاتهم، بعد أن أقرت الأمم المتحدة منذ سنين اتفاقية حماية حقوق العمالة المهاجرة وأفراد عائلاتها؟ خاصة بعد أن تبنت تلك المطالب منظمات من مثل منظمة التجارة الدولية والكثير من منظمات حقوق الإنسان؟
ثم إذا كانت أموال البترول تستدعي الاستمرار في التنمية الاقتصادية الخليجية، وفيها الكثير من نقاط الضعف والتشوهات، وبالتالي تستدعي الاستمرار في استيراد العمالة من الخارج، فلماذا لا تكون غالبية القوى العاملة المستوردة من أقطار الوطن العربي بدلاً من بلدان آسيا غير العربية؟
بل هناك سؤال آخر ملح يرتبط بهذه النقطة: لقد قاد الدمار الهائل الذي حل بالكثير من الأقطار العربية خلال العشر سنوات الماضية إلى هجرة الملايين من أفضل القوى العاملة في تلك الأقطار… هجرتهم إلى شتى بلدان الغرب.
فلماذا لا تكون بلدان مجلس التعاون أحد تلك الملاذات التي تلجأ تلك الملايين إليها، بدلاً من ترك تلك الملايين يتيهون في أصقاع الدنيا ويعيشون حالات الفقر والدمار الاجتماعي والأخلاقي؟ أين أخوة العروبة والإسلام ومروءة التاريخ والعيش المشترك؟
أليس استقدام العمالة العربية سيحافظ على هوية دول مجلس التعاون العروبية والإسلامية التي يهدد وجودها هذا الفيض الهائل من العمالة غير العربية، وبالتالي الفيض الهائل من المشاكل التي ستجلب معها؟
ما يحز في النفس ويثير التساؤلات أن مجلس التعاون قد بحث منذ عدة سنوات هذه الظاهرة المقلقة وقرر أن تتبنى دول المجلس سياسة واحدة لمواجهة تزايدها وأخطارها، لكن قرارات المجلس بقيت مع الأسف في الأدراج، بل إن السياسات المتعلقة بالموضوع أصبحت أكثر محلية وأكثر انغلاقاً وأكثر استهتاراً بالمصلحة الخليجية المشتركة وأمن أقطارها المستقبلي.
بصراحة، ما فائدة مجلس التعاون إذا كان لا يواجه مجتمعاً مشكلة خطرة ومعقدة مثل هذه المشكلة؟ وهل أن مصير الخليج السكاني ومستقبل انتماءاته لا تهم الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، بل وكل قوى المجتمعات المدنية العربية والإسلامية؟
وأخيراً، هل إن البرلمانات والمجالس الاستشارية الموجودة في بعض دول الخليج العربية تعتبر هذا الموضوع جزءاً من مسؤولياتها تجاه شعوب المنطقة التي تدعي أنها تمثلها وتدافع عن حقوقها؟ متى ستنتقل إلى بحث قضايا مجتمعية كبرى بدلاً من الثرثرة حول قضايا جانبية؟
حتى لا ينبري المتحذلقون إلى قراءة النوايا وراء إثارة هذا الموضوع: نحن لسنا ضد استيراد عمالة غير عربية إذا كان ذلك يتم ضمن ضوابط أولوية حقوق المواطنين وهويتهم وثقافتهم، وضمن توازن إنساني معقول لا يؤدي إلى كوارث سياسية واجتماعية وثقافية. نحن مع الأخوة الإنسانية، ولكن أيضاً مع السلامة الوطنية والقومية وعروبة الخليج العربي.
*د. علي محمد فخرو سياسي بحريني، كاتب قومي.
المصدر | الشروقالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: عروبة الخليج هوية مجلس التعاون دول مجلس التعاون غیر العربیة هذا الموضوع دول المجلس إذا کان فی دول
إقرأ أيضاً:
الرئيس السيسي وأمير الكويت يؤكدان دعمهما الكامل للخطة العربية للتعافي وإعادة إعمار غزة
أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي وأمير دولة الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح الدعم الكامل للخطة العربية للتعافي وإعادة إعمار قطاع غزة وضرورة تنفيذها فور وقف إطلاق النار.. مشددين على الرفض التام لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، وعلى ضرورة إيجاد تسوية عادلة وشاملة للقضية الفلسطينية من خلال إقامة الدولة الفلسطينية على خطوط الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
وتبادل الزعيمان الرؤى حول المستجدات الإقليمية والوضع المتردي في قطاع غزة، حيث شددا على ضرورة وقف إطلاق النار بشكل فوري، ومواصلة تبادل الرهائن والمحتجزين، والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية بكميات كافية بشكل عاجل، كما أكدا على دعمهما لوحدة واستقرار سوريا والسودان، بالإضافة إلى دعم الحكومة اليمنية الشرعية.. مشددين على أهمية أمن واستقرار الملاحة في البحر الأحمر والممرات المائية بالمنطقة.
جاء ذلك خلال لقاء الرئيس السيسي وأمير دولة الكويت اليوم الثلاثاء بمقر الديوان الأميري قصر بيا"، بحضور الوفد المرافق بالبلدين، وذلك في ختام زيارة الدولة التي يقوم بها الرئيس السيسي إلى دولة الكويت.
وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية السفير محمد الشناوي، بأن اللقاء شمل جلسة مباحثات موسعة بحضور وفدي البلدين، أعقبها مباحثات ثنائية بين الزعيمين، ثم المشاركة في مأدبة غداء أقامها أمير الكويت على شرف السيد الرئيس السيسي.
وقال "إن الأمير مشعل رحب بالرئيس السيسي في زيارة الدولة التي يقوم بها إلى الكويت، والتي تعكس عمق العلاقات المتميزة بين البلدين، وتعتبر فرصة لمواصلة تعزيز التعاون في مختلف المجالات، ولا سيما الاقتصادية والاستثمارية، كما أعرب عن تقديره لدور مصر التاريخي والمحوري في تطوير وتنمية دول الخليج، وفي تحقيق الاستقرار الإقليمي".
وذكر المتحدث الرسمي أن الرئيس السيسي ثمن حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، معربا عن بالغ تقديره لأمير الكويت، وأكد اعتزاز مصر بعلاقاتها التاريخية الوثيقة مع الكويت الشقيقة.. مشيدا بالتقدم والازدهار الذي تشهده الكويت في عهد الأمير مشعل، وحرص مصر على تعزيز التعاون مع الكويت في كافة المجالات، وبالأخص المجال الاقتصادي وزيادة حجم التبادل التجاري والاستثماري بين البلدين، بما يحقق المصالح المشتركة للشعبين الشقيقين.
اقرأ أيضاًالصحف الكويتية تبدي اهتماما كبيرا بتوقيت زيارة الرئيس السيسي للكويت
الرئيس السيسي يستقبل بمقر إقامته ولى عهد الكويت
الرئيس السيسي يؤكد حرص مصر المستمر على تعزيز التعاون مع الكويت في كافة المجالات