توقيت حساس وملفات معقدة.. ماذا تحمل زيارة الشرع الثانية لتركيا؟
تاريخ النشر: 10th, April 2025 GMT
أنقرةـ بعد أشهر قليلة من سقوط نظام بشار الأسد وصعود قيادة سورية جديدة، تتسارع خطوات التقارب بين أنقرة ودمشق، بالتوازي مع تطورات إقليمية متسارعة، أبرزها التصعيد الإسرائيلي ضد الأراضي السورية.
ويزور الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، غدا الجمعة، تركيا للمشاركة في منتدى أنطاليا الدبلوماسي، في زيارة هي الثانية له منذ توليه السلطة، وتندرج ضمن جولة إقليمية تهدف إلى تعزيز الدعم السياسي والاقتصادي لحكومته وسط ضغوط دولية متزايدة.
وتكتسب هذه الزيارة أهمية خاصة نظرًا لتوقيتها الحساس وارتباطها بملفات أمنية وسياسية معقدة، في مقدمتها مستقبل شمال سوريا والتنسيق مع أنقرة في مواجهة التهديدات الإسرائيلية.
ووفقًا لوسائل إعلام تركية، تتركز الزيارة على تعزيز التنسيق العسكري والأمني بين الجانبين، إلى جانب دفع عجلة التعاون الاقتصادي. كذلك ستتطرق المباحثات إلى ترتيبات أمنية جديدة، من بينها احتمال إنشاء نقاط انتشار تركية داخل الأراضي السورية ضمن تفاهمات مشتركة قيد الدراسة.
ومن المتوقع مناقشة مصير قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، في ظل تقارير تفيد بنيّتها حلّ نفسها والاندماج ضمن الجيش السوري، في خطوة تمثل تحولا إستراتيجيا في خريطة النفوذ بشمالي وشمال شرقي سوريا.
وتأتي زيارة الرئيس السوري إلى أنقرة في وقت تشهد فيه الجبهة السورية تصعيدا ملحوظا، بعد سلسلة غارات جوية إسرائيلية استهدفت مواقع في دمشق وحمص وحماة مطلع أبريل/نيسان الجاري.
إعلانومن المرجح أن تتصدر هذه التطورات جدول مباحثات الشرع في أنقرة، وسط مساع سورية تركية لتنسيق المواقف في مواجهة التصعيد الإسرائيلي المتجدد.
ويحضر ملف اللاجئين السوريين بقوة على طاولة النقاش، فمع انتهاء حقبة الأسد وبدء عهد الشرع شهدت الأشهر الماضية عودة طوعية لنحو 145,639 لاجئا سوريا من تركيا إلى بلادهم، بحسب ما أعلن جودت يلماز نائب الرئيس التركي في مارس/آذار الماضي.
وتقدر الأمم المتحدة أن أكثر من مليون لاجئ سوري عادوا منذ مطلع عام 2025، في أكبر موجة عودة منذ اندلاع الحرب، مع توقعات بارتفاع العدد إلى 3.5 ملايين خلال العام الحالي.
وهو ما يفرض تحديات مشتركة على أنقرة ودمشق، أبرزها تأمين الخدمات، وإعادة الإعمار في مناطق العودة، وضمان استقرارها الأمني لمنع حدوث فراغ.
وتشمل الملفات الأخرى مكافحة الإرهاب، وتأمين الحدود، وقضية تقاسم مياه نهري دجلة والفرات، التي لطالما شكلت محورًا في العلاقات بين الجارتين.
واقع جديديرى الباحث المتخصص في الشؤون التركية محمود علوش أن زيارة الرئيس السوري إلى تركيا لا تُعد مجرد لقاء سياسي روتيني، بل تحمل أبعادًا إستراتيجية تعكس تحولا عميقا في العلاقات السورية التركية في ظل المتغيرات الإقليمية المتسارعة.
ويُفسر علوش في حديثه للجزيرة نت أهمية الزيارة على 3 مستويات مترابطة:
تجسّد هذه الزيارة واقعًا جديدًا في العلاقة بين أنقرة ودمشق، بعد قطيعة دامت أكثر من عقد بسبب الأزمة السورية. ترتبط الزيارة بأهمية بناء علاقة متينة بين الشرع وأنقرة، إذ يدرك الرئيس السوري الانتقالي حاجة بلاده لتحالفات إقليمية قوية تضمن لها الاستقرار والدعم. تعكس الزيارة إدراك تركيا المتزايد لأهمية الانخراط المباشر في صياغة مستقبل سوريا، إذ باتت تعتبر نجاح المرحلة الانتقالية فيها مسألة أمن قومي.وعلى الصعيد الدولي، يرى علوش أن تركيا لعبت دورا مؤثرا في تعزيز القبول الدولي بالإدارة السورية الجديدة، لكنه يشير إلى أن هذا الدور لا يزال محدود التأثير في ما يتعلق بملف العقوبات الغربية، مضيفا أن "أنقرة تحاول إقناع القوى الغربية برفع أو تخفيف العقوبات، لكن الأمر أكثر تعقيدًا مما يبدو".
إعلانأما إقليميا، فيؤكد علوش أن أهمية التقارب السوري التركي تتعدى العلاقة الثنائية، لتصل إلى التأثير في موازين القوى الإقليمية، في ظل تراجع نسبي للدورين الإيراني والروسي، وتحضيرات أميركية للانسحاب من الساحة السورية.
ويخلص إلى أن العامل الإقليمي بات أحد أبرز المؤثرات في مسار التحول السوري، وأن مستقبل هذا التحول سيتوقف بدرجة كبيرة على قدرة الفاعلين الإقليميين على تحويل التنافس إلى شراكة، بدلًا من الانزلاق إلى صدامات تعمّق أزمات المنطقة.
تفاهمات محتملةمن جهته، يرى المحلل السياسي طه عودة أوغلو أن زيارة الشرع تأتي في توقيت بالغ الحساسية، في ظل التصعيد الإقليمي المتسارع، لا سيما بعد التوغلات الإسرائيلية داخل الأراضي السورية، والتصعيد اللافت في الخطاب التركي تجاه تل أبيب.
وفي حديثه للجزيرة نت، يشير عودة أوغلو إلى أن اللقاء المرتقب بين الرئيسين رجب طيب أردوغان وأحمد الشرع قد يُفضي إلى تفاهمات جديدة بشأن خطوات مشتركة، سواء على صعيد الأمن الإقليمي، أو في إعادة صياغة الدور التركي في سوريا، مشددًا على أن نتائج اللقاء ستكون لها تداعيات مهمة على التحركات الإقليمية خلال المرحلة المقبلة.
كذلك يلفت إلى ما وصفه "بوضوح الموقف التركي" تجاه السياسات الإسرائيلية، مشيرًا إلى تصريحات وزير الخارجية التركي هاكان فيدان الذي أكد أن العلاقات مع إسرائيل ستبقى مجمدة، ولا مجال للتطبيع في ظل استمرار تل أبيب في زعزعة استقرار المنطقة.
ويشدد عودة أوغلو على أن أنقرة ترى في استقرار سوريا جزءًا من أمنها القومي، مضيفًا أن "نجاح الإدارة السورية الجديدة لا يُعد انتصارا لدمشق فقط، بل لأنقرة أيضًا. وسقوط الأسد أتاح فرصة حقيقية لإعادة سوريا إلى محيطها العربي والدولي، في وقت تسعى فيه إسرائيل للإبقاء على الفوضى".
ويختم بالقول إن احتمالات التصادم التركي الإسرائيلي في سوريا ستظل قائمة، خاصة مع استمرار الطموح الإسرائيلي بالتوسع الإقليمي، في مقابل رغبة تركية واضحة في ضبط الأوضاع وفرض التهدئة وتحقيق استقرار سياسي دائم في سوريا.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الرئیس السوری إلى أن
إقرأ أيضاً:
الشرع يجري سلسلة من اللقاءات في تركيا.. ثاني زيارة من نوعها خلال أشهر
وصل الرئيس السوري أحمد الشرع، الجمعة، إلى تركيا للمشاركة في منتدى أنطاليا الدبلوماسي المنعقد تحت شعار "التمسك بالدبلوماسية في عالم منقسم"، وذلك في ثاني زيارة من نوعها منذ شباط /فبراير الماضي.
وأفادت وكالة الأنباء السورية "سانا"، في خبر مقتضب عبر منصة "إكس"، "بمشاركة السيد الرئيس أحمد الشرع وعقيلته في منتدى أنطاليا الدبلوماسي 2025".
في السياق، أشارت رئاسة الجمهورية السوري إلى اجتماع الشرع ووزير خارجيته أسعد الشيباني بشكل منفصل مع كل من الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، ورئيسة جمهورية كوسوفو السيدة فيوسا عثماني، على هامش أعمال منتدى أنطاليا بنسخته الرابعة.
رئيس الجمهورية العربية السورية السيد أحمد الشرع ومعالي وزير الخارجية السيد أسعد الشيباني يلتقيان مع رئيس جمهورية أذربيجان السيد إلهام علييف على هامش منتدى أنطاليا الدبلوماسي بنسخته الرابعة.#رئاسة_الجمهورية_العربية_السورية pic.twitter.com/5qKlRqN3Le — رئاسة الجمهورية العربية السورية (@G_CSyria) April 11, 2025 رئيس الجمهورية العربية السورية السيد أحمد الشرع ومعالي وزير الخارجية السيد أسعد الشيباني يلتقيان رئيسة جمهورية كوسوفو السيدة فيوسا عثماني، على هامش منتدى أنطاليا الدبلوماسي#رئاسة_الجمهورية_العربية_السورية pic.twitter.com/RtfAFxULB6 — رئاسة الجمهورية العربية السورية (@G_CSyria) April 11, 2025
وهذه ثاني زيارة يجريها الرئيس السوري أحمد الشرع إلى تركيا ، حيث توجه في مطلع شباط /فبراير الماضي إلى العاصمة التركية أنقرة، حيث اجتمع حينها مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان.
وكانت وزارة الخارجية السورية أعلنت الأسبوع الماضي عن اعتزام الشرع زيارة كل من تركيا والإمارات خلال الأيام المقبلة، دون التطرق إلى مزيد من التفاصيل.
وتأتي زيارة الشرع على وقع تصاعد التوترات بين الاحتلال الإسرائيلي وتركيا بسبب نفوذ الأخيرة في سوريا، وهو ما انعكس بسلسلة من الغارات الإسرائيلية على مواقع عسكرية سورية يعتقد أن فرق استطلاع تركية تفقدتها مؤخرا، ما أدى إلى محادثات تركية إسرائيلية في أذربيجان لتفادي الصدام.
وصباح الجمعة، انطلقت أعمال منتدى أنطاليا الدبلوماسي الذي يعقد في مركز "نيست" للمؤتمرات بولاية أنطاليا جنوبي تركيا، بنسخته الرابعة، تحت رعاية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
ويستضيف المنتدى أكثر من 4 آلاف مشارك، بينهم أكثر من 20 رئيس دولة وحكومة، وما يزيد على 70 وزيرا بينهم أكثر من 50 وزير خارجية، إلى جانب نحو 60 ممثلا رفيع المستوى عن مؤسسات دولية، حسب وكالة الأناضول.
ومن المقرر أن تتناول فعاليات المنتدى، التي تستمر 3 أيام، العديد من الموضوعات بما في ذلك تغير المناخ ومكافحة الإرهاب والمساعدات الإنسانية، بالإضافة إلى الرقمنة والأمن الغذائي والذكاء الاصطناعي.