حسين خوجلي يكتب :وهل بعد سد مروي من خط أحمر؟!
تاريخ النشر: 10th, April 2025 GMT
اهل الاستراتيجية يقولون بأن الطريق الأمثل لحل الأزمات والنكسات التي تمر على الشعوب تبدأ بدقة التعريف ثم التوصيف ثم الحل تأسيسا على ذلك.
ان استهداف المحولات الرئيسية لسد مروي واقتراب هؤلاء الأوغاد من جسم السد يؤكد بأنهم قد تحولوا من مجرد حركة مظلومية إلى عصابة جريمة منظمة ليس لها ما يكبحها فهي بلا عقيدة ولا خلق ولا وطنية، وعلى الشعب والقيادة أن تعتمد هذا التعريف لتبدأ المعركة القادمة بعد تحرير الخرطوم التي يبدو أنها (حرقت حشا) العصابة وممولها الأجنبي العربي والأفريقي والسكسوني.
يقول الشاهد أن الفاروق الشهيد رضي الله عنه كان معجبا بشاعر العرب الكبير زهير بن ابي سلمى وكان يقول: إن أشعر العرب صاحب (من لم). وهي نصائح انسانية تصلح أن تكتب بماء الذهب والعيون وأصدق ما فيها تعبيرا عن الراهن الداخلي:
وَمَن لا يَذُد عَن حَوضِهِ بِسِلاحِهِ
(يُهَدَّم) (وَمَن لا يَظلِمِ الناسَ يُظلَمِ)!!
وَمَن هابَ أَسبابَ المَنِيَّةِ يَلقَها
وَلَو رامَ أَسبابَ السَماءِ بِسُلَّمِ
أما للراهن الخارجي لدولة العداء العربي الشريرة التي كنا نحسبها زمانا صديقا في الملمات وعونا في الشدائد، تحاول هذه الأيام جاهدةً ضرب هذا الشعب الجسور بالمسيرات النوعية والتمويل الحرام والاعلام الفاجر الكذوب. نقول لها أن هذه الثلاثية الشيطانية لن تنال من شرفنا الوطني التليد ولن تفيد وهي مفضوحة ببيت الشاعر الحكيم:
وَمَهما تَكُن عِندَ اِمرِئٍ مِن خَليقَةٍ
وَإِن خالَها (تَخفى) عَلى الناسِ (تُعلَمِ)!!
ورسالتنا الأخيرة للشعب والجيش والقيادة العسكرية والأمنية والمقاومة الشعبية والمستنفرين هي: يا رماة الحدق وعشاق المجد والشهادة تأهبوا فإن كل الذي قد فات كان معركة، ولكن الآن الآن بدأت المعركة.
حسين خوجلي
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
د. عبدالله الغذامي يكتب: هل العقل وطن
في الفلسفة يجري طرح فكرة الفيلسوف بوصفه المواطن العالمي، والفيلسوف من حيث هو الحاكم، أي أن العقل وطنٌ كوني شعبه مواطنون عالميون فلاسفة، وحاكمهم منهم، وهذه سردية ثقافية لها تبعاتها المفاهيمية والسلوكية.
والذي قال بحكم العقل هو أفلاطون وتغليب قدرات العقل على كل أنظمة السلوك، وهو ابتدأ أولاً من موقفه السلبي ضد الديمقراطية التي يرى أنها قتلت سقراط، وأنها تجعل الغوغاء يحكمون، وفي الوقت ذاته فهو ضد الدكتاتورية، ولهذا لجأ لفكرة حكم الفيلسوف، على أن هذه الأحقية المطلقة للفيلسوف لدى أفلاطون تأتي من نظرية أن العقل هو الأقدر على الحكم، وبما أن الفيلسوف يأتي على قمة الهرم العقلي، فهو إذن من يحكم، ومنه تأتي العدالة.
وكما العقل يحكم فراسل يقول بالمواطن العالمي، وقوام فكرته أن مفهوم المواطن العالمي يركز على الفرد، وهو هنا الفيلسوف الذي يجعل ذاتيته تتصل مع الذوات والكينونات الأُخر، وكلها عنده كائنات واقعية دنيوية تتعامل مع واقع دنيوي وحدُّها هو حدود هذا العالم، ولكن صفة هذا المواطن العالمية صفة مثالية رغم واقعيته، فهو يمثل صفات العقلانية والنظر الحر والمستقل.
ولكن الواقع لا يعزز نظرية أفلاطون ولا نظرية برتراند راسل سيحضر، ولعل سقراط أولى منهما في رؤية الواقع الإنساني، فهو ينظر بنظرة أكثر إنسانية، فيصف الفلاسفة بأنهم أنصاف أموات لأنهم يعون أن للحياة صورةً أخرى غير الصورة الجسدية، وهي صورة الروح حين تتحرر من سجن الجسد، والموت هو لحظة التحرير، وهذا ما يعيه الفلاسفة الحقيقيون، ولذا فحياتهم مرتبطةٌ بهذا المعنى، وسيكونون مثل البجع حين تغرد بهجة بميعادها مع الموت، والفيلسوف لا يخاف إذن من الموت. وهذه حال عاشق الحكمة الصادق في حبها والذي ترسخت فيه هذه القناعة القائلة بأنه لن يبلغ أبداً الحكمة الجديرة بأن تسمى حكمةً في أي مكان آخر ماعدا العالم الآخر. والفلسفة لهذا في خدمة الله كما يحدد سقراط، ويزيد بالقول إن واجبه الديني هو تحقيق معنى العدالة.
وهنا يسبق سقراط كل النظريات المغرورة حول الفليسوف حاكماً أو مواطنا عالمياً، ولن تكون أي من الفكرتين إلا حالة غرور وتعصب للتخصص والذات المتفلسفة، وهذا ضربٌ من المواطنة السردية التي تنقض نفسها كما نقضها سقراط قبل أن تتولد عبر تلميذه المباشر أفلاطون وتلميذه اللاحق متأخراً برتراند راسل. ولا بد هنا من الإشارة إلى معارضة ديفيد هيوم لأفلاطون، حيث يقول إن العاطفة هي التي تحكم وليس العقل.
وفي الثقافة العربية تسود فكرة (الحكيم) بوصفه عمدة المعاني وركيزة التدبير. وهذه الفكرة هي الأقرب للواقعية بما أن الحكيم هو الميزان الواقعي بسلوكه الذاتي أولاً وبسلوكه مع الظروف والبشر، والحكمة تعني قراءة الواقع بشروط الواقع دون تعالٍ على حقيقة ومجريات الحوادث، ولذا ففكرة الحكيم هي الأوثق ظرفياً وبشرياً.
كاتب ومفكر سعودي
أستاذ النقد والنظرية/ جامعة الملك سعود - الرياض