مخاطر اتفاقيات التطبيع مع العدو الصهيوني على القضية الفلسطينية
تاريخ النشر: 25th, August 2023 GMT
د.محمد أبوسمرة
ليس غريباً على دويلات الرمال ومحميات الخليج وكيان الاحتلال الصهيوني أن تقوم بهذا الدور القذر في خيانة وغدر وطعن الشعب الفلسطيني المظلوم الصابر المرابط في ظهره، والمشاركة في مؤامرات تصفية قضيته العادلة، ومحاصرة قيادته التاريخية الحكيمة الشجاعة المدافعة عن الحق والثابتة على الثوابت، فهذه المحميات الخليجية بعيدة جداً عن التماس المباشر مع فلسطين المحتلة وقضيتها العادلة على المستوى الجيوــــ سياسي والتاريخي والواقعي والسياسي، ولم يسبق لها خوض أي صراع أو حرب أو معارك أو صدام بأي شكلٍ من الأشكال مع الكيان والمشروع الصهيوني، ومنذ الاستقلال الوهمي لتلك المحميات والكيانات المصطنعة التي مازالت قيد التشكل، انتقلت من كنف الحماية البريطانية لتصبح تحت الحماية الأمريكية، وتأتمر بأمر إداراتها وتنفذ سياساتها ومخططاتها الشيطانية التخريبية والتدميرية في المنطقة والعالم، وخاصة ما يتعلق بقضية فلسطين والصراع العربي الصهيوني، بما يعزز من بقاء وتفوُّق الكيان الصهيوني ، ولعبت دوراً قذراً في تمزيق وتدمير سوريا والعراق واليمن وغيرها من الدول العربية ، وشاركت بتعليمات الإدارة الأمريكية في دعم وتمويل العصابات الإرهابية والتكفيرية الإجرامية في المنطقة .
وهم وخداع التطبيع :
تعني (عملية التطبيع) إقامة علاقات طبيعية بين الكيان الصهيوني وبين دولتي الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين، وكذلك مع العرب والمسلمين، و(التطبيع) مصطلح طرأ حديثاً على اللغة العربية، وعلى مصطلحات القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، ويتم استعمال المصطلح في غير محله، لأنَّه يعني في الأصل : (إعادة العلاقات الطبيعية إلى مجراها بين طرفين كانت العلاقات بينهما طبيعية، ثم طرأ عليها ما يشوبها).
والمستفيد الأوحد من عملية التطبيع العربي الصهيوني، هو الكيان الصهيوني الذي يطمح ويسعى إلى إقامة علاقات طبيعية مع جميع الدول العربية والإسلامية، وفتح أسواقها الاستهلاكية أمام بضائعه ومنتجاته وإنشاء سوق شرق أوسطية يكون هو المتحكم الأوحد فيها، وتوظيف الثروات والأموال والاستثمارات العربية لتنمية وتطوير اقتصاده المتهالك والمتهاوي.
بعض أهداف ومخاطر التطبيع :
هناك الكثير من المخاطر التي يمكن أن يتسبب بها التطبيع مع العدو، ضد الأمة العربية والإسلامية، وفي مقدمتها التهديد الكبير الذي سيتسبب به التطبيع للوجود والكيانية الفلسطينية والعربية والإسلامية وللأمن القومي الفلسطيني والعربي والإسلامي، ولا يمكن حصر عدد المخاطر والتهديدات الكثيرة والكبيرة الضارة بالشعب الفلسطيني والأمتين العربية والإسلامية، والتي تمس قيمنا وتقاليدنا وأعرافنا وأخلاقنا ومجتمعاتنا الفلسطينية والعربية والإسلامية، التي ستنتج عن عمليات واتفاقيات التطبيع مع العدو والكيان الصهيوني، ومن بينها على سبيل المثال لا الحصر:
1ـــ الاختراق الصهيوني الاجتماعي والفكري والثقافي والفني والإعلامي والرياضي للمجتمعات العربية والإسلامية.
2ـــ سعي العدو لتغيير مناهج التعليم، وحذف من المناهج التعليمية والتربوية في العالمين العربي والإسلام، كل ما يتعلق بكشف مخاطر وجرائم الكيان الصهيوني ومؤامرات وإفساد وفساد وخبث وكفر ولعنة اليهود.
3 ـــ حذف تاريخ وجغرافية وخارطة فلسطين من كافة المناهج التعليمية، واستبدالها بجغرافية الكيان الصهيوني وتاريخه الكاذب والمزعوم .
4ـــ حذف الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة من المناهج التعليمية التي تحض على الجهاد والإعداد .
5 ـــ حذف المواضيع والمباحث المتعلقة بغدر وخيانة وكفر وحقد وتآمر اليهود من مناهج السيرة النبوية والتاريخ الإسلام.
6ـــ ضرب الروح المعنوية وإضعاف روح الترابط والتكافل الاجتماعي في المجتمعات العربية والإسلامية .
7ـــ إثارة الفتن والنعرات الدينية والعقائدية والمذهبية والطائفية والإثنية والمناطقية في صفوف العرب والمسلمين .
8ـ ـــ الترويج للرذيلة والفاحشة والفسق والفجور والفساد والإفساد، والسعي لتدمير الضوابط والقيم الأخلاقية، وطمس التقاليد العريقة والأعراف والقيم الجميلة لدى العرب والمسلمين، ودفعهم للتحلل من القيم والتقاليد والأعراف والأخلاق الحميدة، عبر إشاعة ونشر الفساد والخمور والمخدرات والفجور والانحلال الأخلاقي، وبث الأفكار المسمومة والمنحرفة والسلوكيات المدمرة لدى الأجيال الناشئة والمجتمعات العربية والإسلامية، حتى لا تشكِّل أي خطر في المستقبل ضد الكيان الصهيوني.
9ـــ تعزيز ونشر وتكريس المفاهيم الخاطئة حول الدين الإسلامي والمسلمين، والعمل بكافة الوسائل على تشويه الإسلام والمسلمين، واظهار التراث والفكر الإسلامي بمظهر الداعم للإرهاب والتكفير والاجرام .
10 ـــ إثارة الفتن واشغال العرب والمسلمين في حروب أهلية داخلية لا نهاية لها، مثلما يحدث الآن في العديد من الدول العربية والإسلامية.
11 ــ السعي لمنع أو تقييد عمليات التجنيد وخدمة الدفاع الوطني الدول العربية والإسلامية وخفض تعداد الجيوش.
12ــــ تحديد القدرات العسكرية والدفاعية لجميع الدول العربية والإسلامية، ومحاصرتها في مصادر شراء السلاح والمعدات العسكرية والأمنية المتطورة، ومنع الدول المُصنِّعة للأسلحة والمعدات العسكرية من بيعها الأسلحة الاستراتيجية والكاسرة للتوازن والتفوق النوعي .
13 – استمرار تفرُّد الكيان الصهيوني بامتلاك الأسلحة النووية والاستراتيجية والنوعية والمتطورة والهامة .
14 – فتح الممرات المائية وأعالي البحار والمياه الإقليمية العربية والإسلامية أمام سفن وبحرية الكيان الصهيوني.
15 – إقامة قواعد عسكرية وأمنية صهيونية في بعض الدول العربية والإسلامية، مما سيتيح المجال للعدو للتفوق الاستراتيجي وفرض المزيد من الهيمنة في المنطقة، والتجسس والتغلغل في المجتمعات والكيانات العربية والإسلامية.
16 – العمل من أجل سلب المياه والثروات والخيرات العربية والإسلامية، ولاستغلالها في تطوير وإنشاء المزيد من المشاريع الصناعية والتكنولوجية والعسكرية والزراعية والتنموية والاستثمارية.
17 – إلغاء المقاطعة العربية والإسلامية، وإفشال جهود وأعمال وبرامج ونجاحات كافة هيئات ومنظمات المقاطعة الناشطة في مختلف أنحاء العالم للعدو الصهيوني، وفتح الأسواق العربية أمام المنتجات الصهيونية الصناعية والزراعية والتجارية.
18 ــ استغلال الأيدي العاملة العربية الرخيصة في المشاريع الاستثمارية الصهيونية في العالم العربي، والتي -كما قال- نتنياهو ستعتمد على: (المزج بين العقل اليهودي والمال العربي)، مما سيؤدي إلى ازدهار ونمو الاقتصاد الصهيوني.
19ــــ انتزاع اعتراف الدول العربية والإسلامية التي توقع اتفاقيات للتطبيع مع العدو بيهودية الدولة العبرية، والاعتراف بحقها في الوجود والعيش بأمن وسلام، وإنَّ مجرد موافقة تلك الدول على صفقة القرن، يعني اعترافها علناً بيهودية الدولة العبرية، وما يتبع ذلك من مخططات شريرة وخطيرة لتصفية القضية الفلسطينية .
20 – منع وإدانة كافة أعمال وأشكال المقاومة الفلسطينية والعربية ضد الكيان الصهيوني، بما فيها المقاومة الشعبية والسلمية.
21 – تمزيق الجبهة الداخلية للشعوب العربية والإسلامية، وكذلك للشعب الفلسطيني داخل وخارج فلسطين المحتلة.
22 – منع أية جهود أو مطالب فلسطينية أو عربية أو إسلامية لتحرير أرض فلسطين التاريخية، أو تحرير القدس الشرقية وجميع الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967م، واتهام كل من يطالب أو يسعى إلى ذلك بالإرهاب، أو دعم الإرهاب.
23 ـــ السعي الجاد والحثيث لتحقيق الحلم الصهيوني بإقامة دولة (إسرائيل الكبرى)، الممتدة من نهل النيل غرباً حتى نهر الفرات شرقاً، ومن لواء الإسكندرونة شمالاً، حتى منتصف الجزيرة العربية جنوباً.
اتفاقيات “إبراهام “خطوة جديدة على طريق إقامة (دولة إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات):
هذا الحلم والمخطط، هو الهدف الرئيس والمركزي للحركة الصهيونية العالمية، بعدما نجحت بدعم من الغرب والولايات المتحدة في تفكيك وتجزئة وتمزيق العالمين العربي والإسلامي، ثم احتلال فلسطين وإنشاء وتكريس الكيان الصهيوني، كياناً سرطانياً شريراً في فلسطين – قلب الأمة العربية والإسلامية، وطرد الشعب الفلسطيني من أرضه ووطنه، وتهجيره في شتى أنحاء العالم، والتغلغل في المنطقة العربية والإسلامية وأفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية ومعظم دول العالم والمؤسسات والمنظمات الأممية والعالمية، ونشر الخراب والفتن والحروب والمذابح والدماء في كل مكان، ثم بدء الإعلان عن التطبيع العلني مع العديد من الدول العربية والإسلامية، بعدما كان التطبيع والتعاون مع العديد منها سراً ومن تحت الطاولة لسنوات عديدة مضت، وبالتالي التغلغل إلى كل مكان يمكن للعدو الصهيوني الوصول إليه في العالمين العربي والإسلامي، تمهيداً لإحكام السيطرة على المنطقة بكاملها، بدعم من الولايات المتحدة والغرب، ومن ثم محاولة السيطرة الفعلية على الأراضي العربية من النيل إلى الفرات لإقامة ( دولة إسرائيل الكبرى )…
مخطط تصفية القضية وصناعة نكبة فلسطينية جديدة :
وعلينا أن نعي وندرك جميعاً كفلسطينيين وعرب ومسلمين، أنَّ الخطر الأكبر من وراء مخطط واتفاقيات ومشروع التطبيع سعي العدو الصهيوني بدعم من الإدارة الأمريكية إلى تصفية القضية الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية ، وطمس كافة الحقوق والثوابت الوطنية والتاريخية الفلسطينية، وتدمير كافة الإنجازات والمكاسب التي حققها وراكمها الشعب الفلسطيني وقيادته وشهداؤه وأسراه وجرحاه ومبعدوه ولاجئوه ومطاردوه وثواره وثورته المباركة، بهدف إخضاع الشعب الفلسطيني وقيادته التاريخية، وفرض السيطرة اليهودية الصهيونية الكاملة على أرض فلسطين التاريخية من البحر إلى النهر ، وعلى جميع المقدسات الإسلامية والمسيحية ، وعدم السماح لأي لاجئ أو مبعد أو مطارد فلسطيني بالعودة إلى فلسطين المحتلة، والعمل بكل قوة ومكر وخبث من أجل فرض توطين اللاجئين الفلسطينيين في جميع الدول التي يتواجدون فيها، بل والأخطر من ذلك بكثير التحضير لصناعة نكبة فلسطينية كبرى جديدة لتهجير الفلسطينيين المرابطين الصامدين في وطنهم وأرضهم، والمدافعين عن مقدساتهم ومقدسات العرب المسلمين الإسلامية والمسيحية ، وخاصة ثالث الحرمين الشريفين وأولى القبلتين، وفي بيت المقدس وأكناف بيت المقدس، وطردهم ونفيهم خارج فلسطين المحتلة، ثم هدم المسجد الأقصى المبارك، وإقامة مكانه الهيكل المزعوم، الذي لم يكن له أي وجود في فلسطين أو أي مكانٍ في العالم، فلا يوجد في التاريخ بالمطلق شيء اسمه (هيكل سليمان)، كما أنَه لم تكن هناك في التاريخ أية مملكة لليهود على أرض فلسطين التاريخية، ولا في أي مكانٍ في العالم، ولم تقم لليهود في أية حقبة تاريخية (مملكة يهودية)، مثلما أنَّه لم تكن هناك في التاريخ أو في أي مكانٍ في العالم أية قومية لليهود، فلم تكن توجد بالمطلق قومية يهودية أو شعب يهودي .
ومملكة اليهود وهيكل سليمان والشعب اليهودي والقومية اليهودية، ليست أكثر من اختراعات وأكاذيب وأساطير يهودية صهيونية حديثة من أجل إقامة دولة الكيان الصهيوني، وزرعها كياناً سرطانياً شريراً وعدوانياً فاسداً مفسداً مجرماً ومتوحشاً في قلب الأمة الإسلامية والعربية فلسطين، ومنذ بدء الاستيطان والوجود البشري في فلسطين التارخية وبلاد الشام قبل عدة ملايين من السنوات، وحتى أواخر القرن قبل الماضي لم يكن هناك أي تواجد أو عبور لأي يهودي على أرض فلسطين وبلاد الشام .
الخلاصة :
علينا أن نكون على ثقة ويقين بالله سبحانه وتعالى، بأنَّ ما يخطط له اليوم من وراء الصفقات الخيانية مع العدو الصهيوني، ليس قضاءً محكماً لا فكاك منه، وعلينا أن نثق أنَّ قدرة الله سبحانه وتعالى، ستغلب قدرة وإرادة وقوة وجبروت الجميع، وبإذن الله تعالى ستتمكن أمتنا من النهوض والوحدة والتماسك، ولا بد لشعبنا الصامد البطل من أن يحقق النصر الذي وعده الله ووعد الأمة الإسلامية، وعاجلاً أو آجلاً فلابد لــ ( وعد الآخرة ) من أن يتحقق بمشيئة الله تعالى : ( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا) (سورة الإسراء ــــ الآية 7).
وإننَّا على يقين مطلق بالله تعالى، وبوعده الصادق / وعد الآخرة بالنصر والتمكين، ونحن على ثقةٍ، بشعبنا الفلسطيني الصابر المرابط الشجاع الصلب الباسل، وبأمتنا وشعوبنا العربية والإسلامية وبأغلب قادتها وزعمائها الثابتين على الحق والداعمين لفلسطين ورئيسها وقيادتها وشعبها وقضيتها العادلة، وأنَّهم جميعاً لن يسمحوا أبداً بتحقيق هذا الحلم الصهيوني، ولن يسمحوا للمشروع الصهيوني بالانتصار والانتشار والتمدد، وسيكون النصر بإذن الله حليف شعبنا وأمتنا وقضيتنا العادلة.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
فلسطين تحذر من مخططات الاحتلال لاستهداف القدس ومقدساته المسيحية والإسلامية
أدانت وزارة الخارجية الفلسطينية، اقتحام وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف، “إيتمار بن غفير” للمسجد الأقصى، محذرة من مخططات الاحتلال التي تستهدف القدس ومقدساته.
وقالت الخارجية الفلسطينية، إن تصريحات بن غفير بشأن أدائه طقوسا تلمودية داخل المسجد استفزاز غير مسبوق لملايين الفلسطينيين والمسلمين.
وحذرت الوزارة الفلسطينية، من مخاطر مخططات الاحتلال التي تستهدف القدس ومقدساتها المسيحية والإسلامية، مطالبا المجتمع الدولي بتحمل مسئولياته في حماية الأماكن المقدسة.
وأفادت وسائل إعلام فلسطينية، بأن وزير الأمن القومي في دولة الاحتلال المتطرف إيتمار بن غفير اقتحم المسجد الأقصى في أول أيام ما يسمى "عيد الأنوار اليهودي".
وذكرت المصادر ذاتها أن الاحتلال عكف علي نشر وحدة خاصة في باحات المسجد الأقصى لتأمين اقتحام بن غفير.