القدس المحتلة- في تطور لافت داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، وقع نحو 950 طيارا من جنود الاحتياط في سلاح الجو على عريضة تدعو إلى رفض أداء الخدمة العسكرية، في حال استمرت حكومة بنيامين نتنياهو، في انتهاك اتفاق وقف إطلاق النار مع قطاع غزة، وواصلت المماطلة في إتمام صفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس، والتي تشمل 59 أسيرا إسرائيليا، من بينهم 24 ما زالوا على قيد الحياة.

ورغم التهديدات بالفصل من الخدمة العسكرية بقوات الاحتياط، وجه نحو ألف من عناصر القوات الجوية، الخميس، رسالة إلى الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو، دعوا فيها إلى إتمام صفقة التبادل مع حركة حماس والإفراج عن جميع المختطفين، حتى لو تطلب ذلك إنهاء الحرب بشكل كامل.

وتشكل هذه العريضة نقطة تحول في الاحتجاجات العسكرية ضد الحكومة الإسرائيلية، وتحمل في طياتها دلالات خطيرة على مستوى الانقسام داخل إسرائيل، خصوصا مع إصرار الحكومة على عدم الامتثال لقرار المحكمة العليا والإصرار على إقالة كل من رئيس جهاز الشاباك، رونين بار، والمضي في عزل المستشارة القضائية للحكومة غالي بهاراف ميارا.

الطيارون المحتجون أكدوا في العريضة أن الحرب الحالية على غزة لم تعد تخدم أهدافا أمنية، بل تصب في مصلحة أجندات سياسية وشخصية.

رئيس الأركان إيال زامير (يمين) برفقة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس (وسط)، في سياق توجيه العريضة ضد الحكومة (مكتب الصحافة الحكومي) رسالة للحكومة

ووجه جنود الاحتياط والمتقاعدون الموقعون على العريضة رسالة واضحة وصريحة إلى الحكومة الإسرائيلية، جاء فيها: "نحن، جنود الاحتياط والمتقاعدين في سلاح الجو، نطالب بإعادة جميع المختطفين إلى ديارهم دون أي تأخير، حتى وإن استلزم ذلك وقفا فوريا للقتال. في هذه المرحلة، باتت الحرب تخدم مصالح سياسية وشخصية، وليس أهدافا أمنية كما يروج لها".

إعلان

وأضافوا في العريضة كما أوردتها صحيفة "هآرتس" أن "استمرار العمليات العسكرية لا يحقق أيا من الأهداف المعلنة للحرب، بل يفاقم المخاطر، ويهدد حياة المختطفين وجنود الجيش والمدنيين الأبرياء. كما يُعرض جنود الاحتياط للاستنزاف المستمر دون جدوى إستراتيجية واضحة".

طيارون إسرائيليون يرفضون استئناف الحرب في غزة.. ما أهم التفاصيل؟#حرب_غزة pic.twitter.com/0tbsOGrwIF

— قناة الجزيرة (@AJArabic) April 10, 2025

وأشار الموقعون على العريضة إلى أن التجارب السابقة أثبتت بشكل قاطع أن استعادة الرهائن أحياء لا يمكن أن تتم إلا عبر الاتفاقات السياسية، وليس من خلال التصعيد العسكري.

وأكدوا أن "الضغط العسكري يؤدي غالبًا إلى مقتل الرهائن وتعريض حياة الجنود للخطر، دون أن يُحدث اختراقا حقيقيا في مسار إعادتهم".

وفي ختام العريضة، التي نشرت الخميس، وجه جنود الاحتياط دعوة إلى جميع الإسرائيليين للتعبئة العامة، من أجل المطالبة بوقف القتال الفوري وإعادة الرهائن فورا، مشددين على أن "كل يوم يمر يعرض حياة المختطفين للخطر، وكل لحظة تردد إضافية تمثل وصمة عار أخلاقية ووطنية".

رئيس الأركان إيال زامير (يمين) برفقة قائد سلاح الجو خلال زيارة لإحدى قواعد سلاح الجو في جنوب البلاد (مكتب الصحافة الحكومي) تدخل القيادة العسكرية

في محاولة لمنع اتساع رقعة رفض الخدمة داخل سلاح الجو، سعى رئيس هيئة الأركان، إيال زامير، إلى احتواء الموقف، حيث عقد هذا الأسبوع اجتماعا خاصا مع عدد من ضباط الاحتياط البارزين في سلاح الجو، بحضور قائد سلاح الجو الحالي، تومر بار، وعدد من القادة السابقين.

وخلال الاجتماع، شدد رئيس الأركان على أهمية الوحدة العسكرية في ظل الحرب متعددة الجبهات، مطالبا بتجميد العريضة وعدم تكرار أخطاء الماضي، مؤكدا دعمه الكامل لقائد سلاح الجو في هذه المرحلة الحرجة.

إعلان

وفي تعليق على خلفيات الاجتماع، أشار المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، يوسي يهوشع، إلى أن دخول رئيس الأركان، إلى الاجتماع لم يكن خطوة اعتيادية، بل كان يحمل رسالة واضحة لدعم قائد سلاح الجو، بار، في مواجهة ما وصفه بـ"العناصر التي تحاول جر القوات الجوية إلى ساحة الاحتجاجات السياسية".

وأكد يهوشع أن زامير كان حاسما في موقفه، إذ أوضح أن أي نية رفض الخدمة أو التغيب عنها لن تقبل تحت أي ظرف، معتبراً أن مثل هذه التحركات قد تمس بصلابة الجيش ووحدته في وقت الحرب وحالة الطوارئ.

وفي السياق ذاته، قال مسؤول رفيع في هيئة الأركان العامة، انضم إلى موقف رئيس الأركان، لصحيفة "معاريف" إن "المتوقع من قادة القوات الجوية السابقين هو تقديم الدعم لقائد السلاح الحالي، وليس تشجيع ظاهرة الرفض أو إقحام الجيش في خلافات سياسية".

وأضاف: "لا ينبغي أن تكون القوات الجوية جزءا من الاحتجاجات. دورها عسكري صرف، ويجب أن تبقى بمنأى عن التجاذبات السياسية الجارية".

قائد سلاح الجو الإسرائيلي تومر بار في غرفة العمليات في مقر وزارة الدفاع في تل أبيب (مكتب الصحافة الحكومي) انتقادات

وخلال اجتماع عقده قائد سلاح الجو، بار، مع عدد من جنود الاحتياط، وجه الموقعون على العريضة انتقادات حادة لقراره بتهديدهم بالفصل، معتبرين أن تهديده يمثل تجاوزا لخط أحمر قانوني وأخلاقي، وانتهاكا لحقهم في التعبير عن آرائهم السياسية.

من جانبه، دافع بار عن قراره قائلا إن ما قام به لا يعد عقابا، مضيفا: "من يوقع على بيان يزعم أن استئناف الحرب دوافعه سياسية ويرتبط بملف المختطفين، لا يمكنه أداء واجبه كجندي احتياط".

وأشار إلى أن توقيع مثل هذه العريضة في وقت الحرب يعد، من وجهة نظره، غير مشروع، مؤكدا أن سلاح الجو، في جميع عملياته، مقتنع بأنه لا يلحق ضررا بالمختطفين، بل يرى أن الضغط العسكري على حركة حماس يسهم في تسريع إطلاق سراحهم.

إعلان

وخلال الاجتماع، أوضح أحد المبادرين إلى العريضة أنها جاءت على خلفية التصعيد في ملف "الإصلاحات القضائية"، وإقالة رئيس جهاز الشاباك، إضافة إلى بدء إجراءات عزل المستشارة القانونية للحكومة، مشيرا إلى أن هذه التطورات قوضت الثقة داخل المؤسسة العسكرية ودفعت الطيارين إلى التعبير عن قلقهم.

وأكد أحد الطيارين السابقين المبادرين إلى العريضة في حديثه للموقع الإلكتروني "واي نت" أن العريضة ليست موجهة إلى الجيش، بل تعد رسالة واضحة موجهة إلى الحكومة الإسرائيلية، تدعوها إلى العمل الجاد لإعادة جميع المختطفين من قطاع غزة، حتى وإن استلزم ذلك وقفا فوريا للقتال.

تصاعد التوتر

تعود خلفية الاحتجاجات في صفوف سلاح الجو الإسرائيلي إلى عام 2023، خلال فترة الترويج لما سمي بـ"الثورة القانونية" التي قادتها حكومة نتنياهو. وقبل الهجوم المفاجئ الذي شنته حركة حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه، أعلن عدد كبير من جنود الاحتياط في سلاح الجو رفضهم الاستمرار في أداء الخدمة، في حال مضت الحكومة قدما في التشريعات المثيرة للجدل.

وفي يوليو/تموز 2023، أعلن أكثر من ألف عنصر من مختلف تشكيلات القوات الجوية، بينهم أفراد من طاقم الطيران، وأنظمة التحكم، مشغلو الطائرات المسيرة، وأفراد من الوحدات الخاصة، أنهم سيوقفون خدمتهم في الاحتياط إذا لم يتم تجميد التشريعات.

وبعد شهر واحد فقط، تصاعدت حدة التوتر داخل المؤسسة العسكرية، في أعقاب سلسلة الهجمات اللفظية التي شنها سياسيون من الائتلاف الحاكم ومقربون من نتنياهو ضد كبار قادة الجيش وسلاح الجو.

ردا على ذلك، بعث عدد من طياري الاحتياط برسالة مباشرة إلى وزير الدفاع حينها، يوآف غالانت، أكدوا فيها أنهم يرفضون تنفيذ مهام هجومية لصالح دولة "لم تعد ديمقراطية"، على حد تعبيرهم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الحکومة الإسرائیلیة قائد سلاح الجو جنود الاحتیاط القوات الجویة رئیس الأرکان فی سلاح الجو حرکة حماس إلى أن عدد من

إقرأ أيضاً:

إعلام إسرائيلي: ما قام به جنود الاحتياط اختبار لقادة الجيش

تناول الإعلام الإسرائيلي العريضة التي وقعها نحو ألف من جنود وضباط الاحتياط في سلاح الجو وطالبوا فيها بوقف الحرب على قطاع غزة، وأعلنوا اعتراضهم على إقالة رئيس الشاباك رونين بار والمستشارة القضائية للحكومة.

فقد أكدت القناة 12 تسرب الخلافات الدستورية للجيش عبر العريضة التي أعرب فيها نحو ألف من احتياطي سلاح الجو عن مواقف مناهضة لمواقف الحكومة.

وقال مراسل الشؤون السياسية في القناة يارون أبراهام، إن الجيش "يعمل بأقصى جهد لإحباط تنظيم يضم مئات الجنود الاحتياطيين في سلاح الجو الذين يعلنون رفضهم التطوع للحرب التي يرون أنها استؤنفت لدوافع حزبية".

وتعليقا على هذا الخلاف قال إيلان سيغف -عضو فريق التفاوض في صفقة جلعاد شاليط– في مقابلة مع القناة 13، إنهم يكررون مقولة باستمرار بأنهم يمارسوم الضغط من أجل استعادة الأسرى، لكنّ العمليات العسكرية الجارية في القطاع منذ 7 أسابيع لم تفلح في استعادة أي أسير.

ليست مجرد عريضة

وفي انحياز واضح للحكومة، وصفت يعرا زيرد -مقدمة البرامج السياسية في القناة 14- الموقعين على الرسالة بأنهم "حفنة من الطيارين وجنود سلاح الجو الذين يحاولون تهديد إسرائيل خلال الحرب بدلا من تهديد العدو".

إعلان

وقالت زيرد "إن الأمر ليس مجرد عريضة وإنما هو اختبار لوزير الدفاع يسرائيل كاتس ورئيس الأركان إيال زامير، وقائد سلاح الجو تومر بار"، مطالبة إياهم بـ"توجيه رد حاسم على الموقعين على الرسالة".

وخاطبت المسؤولين العسكريين الثلاثة قائلة "لا يمكنكم القول إنكم لم تكونوا تعلمون بذلك"، مضيفة أنه "حيثما أخفق يوآف غالانت وهيرتسي هاليفي، يجب عليكم أن تنجحوا".

وفي وقت سابق اليوم الخميس، صدَّق زامير على قرار فصل جنود الاحتياط النشطين من الخدمة بعد توقيعهم على العريضة، مؤكدا أن توقيعهم "يُعتبر أمرا خطيرا".

وقال زامير إنه "لا يمكن للمجندين في القواعد العسكرية التوقيع على رسائل ضد الحرب ثم العودة إلى الخدمة".

قائد الشرطة وبن غفير

وفي شأن آخر، تحدث محلل الشؤن السياسية في القناة 12 غاي بيليغ عن تأكيد قائد الشرطة الإسرائيلية داني ليفي انصياعه الكامل لأى قرار تصدره المحكمة العيا.

وقال بيليغ إن ليفي أبدى موقفا مغايرا لموقف الحكومة بينما كان وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير يقف إلى جانبه، واصفا هذا المشهد بأنه "لحظة خارجة عن المألوف".

وكان بن غفير قد انسحب من اللقاء بعد حديث ليفي واصفا وسيلة الإعلام التي وجهت السؤال بأنها "مستفزة" وتحاول استفزاز ليفي، في حين أكد قائد الشرطة أنه ورجاله "سيدافعون عن ديمقراطية إسرائيل حتى آخر قطرة دم".

مقالات مشابهة

  • مئات الجنود الإسرائيليين يطالبون بإنهاء الحرب على غزة.. نتنياهو: من يتمرّد سيتم فصله فوراً
  • عريضة الطيارين تشعل الاحتجاجات وتوسع الشرخ الإسرائيلي
  • القناة 13: مئات من جنود الاحتياط ينضمون إلى العريضة الاحتجاجية
  • اتساع رقعة الاعتراض على حرب غزة داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية
  • اعلام العدو: جنود الاحتياط بسلاح الجو “الإسرائيلي” يردون على قرار فصلهم
  • تمرد في الجيش.. رسالة صادمة تهز إسرائيل وتثير غضب نتنياهو
  • عاجل:- قائد سلاح الجو الإسرائيلي يهدد جنود الاحتياط الموقعين على رسالة رفض استمرار الحرب في غزة
  • إعلام إسرائيلي: ما قام به جنود الاحتياط اختبار لقادة الجيش
  • 1000 جندي احتياط في سلاح الجو الإسرائيلي يطالبون بوقف الحرب على غزة