الأونروا بغزة: أزمة جوع حادة تهدد أكثر من مليوني شخص
تاريخ النشر: 10th, April 2025 GMT
غزة- حذرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) من أن كل يوم يمر على قطاع غزة من دون طعام يدفع نحو أزمة جوع حادة ستكون انعكاساتها خطيرة على أكثر من مليوني شخص يعانون من الحصار والجوع، في ظل استمرار القصف والأعمال العسكرية.
وقالت إيناس حمدان، مديرة مكتب الإعلام والتواصل في الوكالة بغزة، في حديث خاص للجزيرة نت، إن حظر المساعدات عن غزة يمثل عقابا جماعيا للسكان الذين عانوا الأمرين خلال أكثر من 16 شهرا من الحرب الطاحنة.
وتمنع السلطات الإسرائيلية إدخال المساعدات الإنسانية والإمدادات التجارية إلى القطاع منذ أكثر من شهر، مما أدى إلى تناقص كبير في الإمدادات الأساسية التي لا يكفي بعضها إلا لبضعة أيام ما لم يُستأنف دخول الشاحنات إلى غزة بشكل عاجل، كما تؤكد حمدان.
تعميق الأزمةوأوضحت أن المستلزمات الطبية والإمدادات الغذائية آخذة في النفاد مما يُعمق الأزمة الإنسانية سواء على صعيد الأمن الغذائي، أو على الوضع الصحي المتدهور أصلا.
ونوهت حمدان إلى رفض معظم محاولات المنظمات الإنسانية تنسيق وصول المساعدات مع السلطات الإسرائيلية، مطالبة برفع الحصار وإدخال الإمدادات التجارية والمساعدات الإنسانية بشكل عاجل ودون انقطاع.
إعلانوكشفت أن الأونروا قدمت خلال فترة وقف إطلاق النار بين 19 يناير /كانون الثاني 2025 وحتى مطلع مارس/آذار الماضي، مساعدات غذائية لحوالي 1.7 مليون شخص في قطاع غزة.
وشددت مديرة مكتب الإعلام والتواصل بهذه الوكالة على أن الواقع الإنساني الكارثي ينسحب على الجانب البيئي، حيث إن عدم إدخال كميات كافية من الوقود يخلق تحديا وصعوبات في تشغيل آبار المياه ويعرقل خدمات إدارة النفايات الصلبة، مما يُؤدي إلى زيادة معدل انتشار الأمراض والأوبئة، بالإضافة إلى تلوث المياه وصعوبة مكافحة الحشرات التي تنتشر بسبب تراكم النفايات وتسرب مياه الصرف الصحي.
وبرأيها، يمثل استهداف طواقم العمل الإنساني ومراكز المنظمات الإنسانية انتهاكا للقانون الدولي الإنساني، حيث فقدت الأونروا حوالي 284 موظفا وموظفة "في رقم صادم وغير مسبوق بتاريخ الوكالة".
التزامولفتت حمدان إلى أن حوالي 300 منشأة تتبع للأونروا تضررت إما كليا أو جزئيا، رغم أن الوكالة تشارك إحداثيات منشآتها بشكل يومي مع أطراف الصراع، حسب قولها، حيث قُتل على الأقل 740 شخصا أثناء احتمائهم بمراكز إيواء تابعة لها.
ووفقا لها، اضطر الموظفون الدوليون مؤخرا لمغادرة قطاع غزة، ولم تتمكن الأونروا من تنسيق دخول موظفين إلى القطاع بسبب قرار الكنيست الإسرائيلي الأخير بحظر التعامل مع مسؤوليها.
وأكدت حمدان على التزام الوكالة الراسخ باستمرار خدماتها المنقذة للحياة، وأنها تدرس الآن خيارات أخرى تمكنها من تنسيق دخول موظفيها، منوهة إلى أن الموظفين المحليين يقدمون الخدمات الضرورية للسكان الأكثر حاجة.
في 30 يناير/كانون الثاني الماضي، دخلت قوانين الكنيست ضد الأونروا حيز التنفيذ، التي تنص على حظر نشاط الوكالة داخل إسرائيل ومنع التواصل معها.
ورغم ذلك قالت حمدان "تظل فرق الأونروا ملتزمة بالبقاء وتقديم الخدمات المنقذة للحياة وغيرها من الخدمات الأساسية في قطاع غزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية المحتلة، إلى أن يصبح ذلك غير ممكن".
إعلان أزمة ماليةوألقت الحرب الإسرائيلية بتبعاتها على قطاع التعليم، حيث أكدت حمدان أن استمرار خدمات التعليم من أولويات الأونروا كونها المزود الرئيسي لها في غزة، وأطلقت في مطلع يناير/ كانون الثاني 2025 برنامجا جديدا يعمل على الدمج بين التعلم عن بعد والتعلم الوجاهي.
وبحسب التقارير التي ساقتها مديرة التواصل والإعلام في الأونروا، فقد التحق 277 ألفا و716 طفلا (149 ألفا و794 صبيا و130 ألفا و922 فتاة) بالبرنامج، وتلقوا أنشطة تعليمية أساسية قدمها آلاف من المعلمين تغطي موضوعات اللغة العربية والإنجليزية والرياضيات والعلوم.
ولفتت حمدان إلى أن عودة العمليات العسكرية واستمرار النزوح القسري للعائلات يُعيق تقديم تلك الخدمات الضرورية للأطفال ويهدد مستقبل جيل بأكمله، حيث إن هناك أكثر من 660 ألف طفل وطفلة خارج أسوار المدرسة بسبب الحرب.
وشددت على أن الوكالة تواجه أزمة مالية، وتعمل على إدارة التدفق النقدي على أساس شهري، وتحتاج بشكل عاجل إلى دعم مالي إضافي لكي تتمكن من الاستمرار في تقديم خدماتها على نطاق واسع. وأوضحت أن جميع الشركاء الذين علقوا تمويلهم للأونروا، في يناير/كانون الثاني 2024، استأنفوا دعمهم في وقت لاحق ما عدا الولايات المتحدة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات کانون الثانی قطاع غزة أکثر من إلى أن
إقرأ أيضاً:
"سياسات ترامب" تهدد هيمنة الدولار الأمريكي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تواجه هيمنة الدولار الأمريكي أخطر تحدٍ منذ عقود، بعدما أطلق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب موجة اضطراب عالمي بإعلانه فرض تعريفات جمركية شاملة على أكثر من 100 دولة، والتي تجاوزت تداعياتها حدود الأسواق ممتدة إلى العملة الأمريكية التي تعد منذ عقود ملاذًا آمنًا وعملة احتياطية أولى.
وانخفض الدولار الأمريكي، الليلة الماضية، بأكثر من 1% أمام سلة من العملات الأجنبية، ليصل إلى أدنى مستوى له في 3 سنوات، ما يفاقم تراجعًا بنحو 10% منذ بداية العام، وخلال أسبوع واحد فقط، فقد الدولار نحو 3 سنتات أمام الجنيه الإسترليني و4 سنتات أمام اليورو، وفقًا لصحيفة "الجارديان" البريطانية.
ورغم تراجع جزئي من جانب ترامب – بتجميد التعريفات الجمركية عند 10% على جميع الواردات الأمريكية باستثناء القادمة من الصين لمدة 90 يومًا، فإن الأسواق انتقلت من موجة ارتياح مؤقتة إلى حالة من الهلع المتجدد، وسط شكوك غير مسبوقة لدى المستثمرين حول احتمالية فقدان الدولار الأمريكي مكانته كملاذ آمن.
وقال جورج سارافيلوس، رئيس أبحاث العملات الأجنبية في بنك دويتشه الألماني: "لقد وقع الضرر بالفعل، السوق يعيد تقييم الجاذبية الهيكلية للدولار كعملة احتياطية عالمية، وهناك عملية تسارع في الابتعاد عن الاعتماد على الدولار".
وعلى عكس ما يحدث عادة في موجات البيع بالأسواق، فإن موجة التعريفات الجمركية الأمريكية، التي تم تسميتها "انهيار ترامب"، شملت الأسهم الأمريكية والسندات الحكومية لوزارة الخزانة والدولار معًا، وهي ظاهرة غير معتادة، إذ يلجأ المستثمرون عادة إلى شراء الدولار وسندات الخزانة الأمريكية في أوقات الاضطراب وعدم اليقين المالي.
وعلى مدار الثمانين عامًا الماضية، احتفظ الدولار الأمريكي بمكانته كعملة احتياطية أولى في العالم، تُستخدم كمخزن للقيمة، وأداة لتشغيل النظام المالي العالمي، ووسيط في التبادل التجاري، وذلك لإيمان المستثمرين من أن العملة تقف خلفها حكومة تقود أكبر اقتصاد في العالم، وتتمتع بأسواق رأسمالية عميقة، وقوة عسكرية كبرى، ونظام سياسي يحترم سيادة القانون.
لكن ترامب غيّر تلك القواعد، بعدما فرض تعريفات جمركية على حلفاء الولايات المتحدة وأعدائها على حد سواء، وصلت إلى 104% رسوم جمركية على الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة.
وقال راجورام راجان، المحافظ الأسبق للبنك المركزي الهندي وكبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي سابقا، إن أزمة العملة ناتجة عن قلق المستثمرين بشأن الاقتصاد الأمريكي والتقلبات المفاجئة في سياسات ترامب، مضيفا: "هناك قلق من مدى التقلب وعدم القدرة على التنبؤ بالسياسات الأمريكية، إلى جانب مخاوف متزايدة من أن استمرار ارتفاع التعريفات سيقود إلى ركود اقتصادي في الولايات المتحدة"، مشيرًا إلى أن "سياسة التعريفات لا تزال هدفًا متحركًا".
وظهرت علامات فقدان الثقة بشكل واضح في سوق السندات الأمريكية، التي تُعد الأهم عالميًا، نظرًا لاعتماد المستثمرين عليها كمعيار "خالٍ من المخاطر" لتسعير الأصول المالية الأخرى، حيث شهدت السوق أكبر حركة أسبوعية منذ عام 1982، وارتفع سعر الفائدة على السندات الحكومية الأمريكية لأجل 30 عامًا من نحو 4.4% إلى 4.8%. كما ارتفع على السندات لأجل 10 سنوات.
ويقول المستثمرون إن هناك الكثير من العوامل المؤثرة، فرغم أزمة الثقة الواضحة، إلا أن التقلبات في الدولار والسندات تعكس أيضًا الأضرار الاقتصادية المتوقعة نتيجة سياسات ترامب، بما في ذلك احتمال يتجاوز 50% لدخول الاقتصاد الأمريكي في ركود، وزيادة احتمال لجوء مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة.
وفي ظل حالة الانهيار الواسع بالأسواق الأمريكية، حيث تم محو أكثر من 5 تريليونات دولار من قيمة الأسهم، انعكس بيع سندات الخزانة أيضًا على صناديق التحوط والتي اندفعت إلى التخلص من سندات الخزانة لتقليص المخاطر، وسعي المستثمرين لتحويل الأصول إلى نقد.
وقال مارك سوبل، المسؤول السابق بوزارة الخزانة الأمريكية والذي يشغل حاليًا رئاسة فرع الولايات المتحدة في منتدى المؤسسات المالية والنقدية الرسمية: "أرى أن وجهات نظر ترامب التجارية ضرب من الجنون، إنه يضر بالاقتصاد الأمريكي وخلق أزمة لا داعي لها"، مضيفا: "رأيي الأساسي أن الدولار سيظل العملة العالمية المهيمنة في المستقبل المنظور، لعدم وجود بدائل حقيقية، لكن ترامب من خلال إضعاف الأسس الاقتصادية والمؤسساتية لأمريكا، وعدم كونه شريكًا موثوقًا، يقوّض الأساس الذي نشأت عليه هيمنة الدولار".
وتُظهر بيانات صندوق النقد الدولي أن الدولار الأمريكي لا يزال العملة الاحتياطية المفضلة عالميًا، حيث يمثل نحو 60% من الاحتياطيات الأجنبية، ويأتي اليورو في المرتبة الثانية بنسبة نحو 20%، يليه الين الياباني بنسبة تقارب 6%، والجنيه الإسترليني بنسبة تقارب 5%.
وبحسب صحيفة "الجارديان"، يعتبر بعض مسؤولي إدارة ترامب أن مكانة الدولار كعملة احتياطية دولية أمر غير مرغوب فيه، باعتبارها علامة على استغلال العالم للولايات المتحدة، مشيرة إلى أن ترامب لطالما رغب في ضعف الدولار، معتقدًا أن ذلك سيساعد على جعل السلع الأمريكية أرخص للمشترين الأجانب، ما يعزز الصناعة المحلية ويساهم في تقليص العجز التجاري الأمريكي.
وفي ظل غموض مستقبل الدولار، تبحث دول الاتحاد الأوروبي بشكل خاص عن خطط بديلة، ورأى خوسيه لويس إسكريفا، محافظ بنك إسبانيا المركزي وعضو المجلس الحاكم للبنك المركزي الأوروبي، إن الاتحاد الأوروبي قد يصبح خيارًا أكثر جاذبية، مضيفا: "بإمكاننا أن نقدم منطقة اقتصادية كبيرة وعملة قوية، تستفيد من الاستقرار وقابلية التنبؤ الناتجة عن السياسات الاقتصادية السليمة واحترام سيادة القانون".
في السياق نفسه، أشار باسكال لامي، المفوض التجاري السابق في الاتحاد الأوروبي والرئيس الأسبق لمنظمة التجارة العالمية، إلى أن حرب ترامب التجارية قد تدفع الدول الأخرى إلى تعزيز تعاونها فيما بينها، موضحا: "الاتحاد الأوروبي هو المرشح الطبيعي لتوحيد صفوف عدد من الدول، لن ينجح الأمر إذا قامت به الصين أو حتى الهند".
وختم لامي قائلًا: "إنها أزمة أمريكية وليست أزمة عالمية، الولايات المتحدة تمثل 13% فقط من الواردات العالمية، ولا يوجد سبب يدعو لأن يتأثر الـ87% الباقي بهذه السياسات الاقتصادية العبثية".