عربي21:
2025-04-13@09:42:09 GMT

السودان: المسيّرات والحسابات الخاطئة!

تاريخ النشر: 10th, April 2025 GMT

مع هزائمها المتتالية والمتسارعة في الميدان، لجأت «قوات الدعم السريع» لاستخدام الطائرات المسيّرة بشكل متزايد مع التركيز على استهداف منشآت البنية التحتية الحيوية. آخر هذه الهجمات كانت منتصف الأسبوع الحالي عندما هاجمت المسيّرات محطة سد مروي لتوليد الكهرباء في شمال السودان، وأحدثت أضراراً نجم عنها انقطاع التيار الكهربائي في عدد من الولايات من بينها الخرطوم.

لم يكن هذا الهجوم هو الأول من نوعه على السد ومنشآته، ولا هو الوحيد الذي يستهدف محطات توليد الكهرباء في أنحاء متفرقة من السودان، فيما يبدو أنه استراتيجية متعمدة لضرب هذا القطاع الحيوي، ومحاولة إرباك حياة الناس.

مسيّرات «الدعم السريع» لم تستهدف فقط المنشآت المدنية والحيوية، بل استهدفت المواطنين أيضاً مثلما حدث في مدينة الدبة هذا الأسبوع، وقبلها في مدينة الفاشر ومعسكر زمزم للنازحين مرات عدة، وراح ضحيتها عدد كبير من المواطنين الأبرياء. ولم تسلم من هذه الهجمات حتى المستشفيات مثلما حدث عندما استهدفت طائرة مسيّرة تابعة لـ«الدعم السريع» المستشفى السعودي التعليمي بالفاشر، ما أدى إلى مقتل أكثر من 70 شخصاً بينهم نساء وأطفال وطاقم طبي، وأثار استنكاراً واسعاً.
الملاحظ أن هجمات مسيّرات «الدعم السريع» تركز على الأهداف المدنية والمنشآت الخدمية أكثر من تركيزها على الأهداف العسكرية، ما يدفع إلى التساؤل عما تأمل هذه القوات في تحقيقه من هذه الاستراتيجية. فاستهداف البنى التحتية والمنشآت المدنية هو عمل لا يمكن تبريره بأي مسوغ عسكري أو غير عسكري، وهو فعل يخالف كل القوانين الدولية وفي مقدمتها اتفاقيات جنيف لعام 1949 التي تفصل المسموح والمحظور في الحروب، وتشدد على حماية المنشآت المدنية من محطات كهرباء، إلى مستشفيات ومدارس وأسواق، وغيرها من المرافق الخدمية المدنية.

لجوء «قوات الدعم السريع» إلى هذه الاستراتيجية الطائشة يؤكد ضعف موقفها العسكري الميداني بعد الهزائم المتتالية التي تلقتها منذ بدء الجيش والقوات التي تقاتل في صفوفه الهجوم المضاد الكبير في أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي. كما أنه يعكس درجة من اليأس والإحباط تجعلها ترتكب أفعالاً تضعها تحت طائلة مخالفة القوانين الإنسانية الدولية، وتزيد في عزلتها داخلياً مع اتساع الهوة بينها وبين المواطنين الذين عانوا أشد المعاناة من ممارساتها وانتهاكاتها على مدى عامي الحرب. فالمسيّرات وحدها لن تحسم الحرب حتى ولو كانت أهدافها عسكرية، فما بالك إذا كانت الأهداف مدنية الطابع.

«قوات الدعم السريع» من خلال مقامرة التركيز على البنية التحتية ربما تأمل في كسر إرادة المواطنين بإنهاكهم والضغط عليهم بإرباك عودة الحياة الطبيعية، وضرب خدمات أساسية مثل الكهرباء، وهي ضرورة من ضرورات الحياة اليوم. هذا الضغط هدفه إشعار المواطن بأنه غير آمن، وحياته غير مستقرة في مناطق سيطرة الجيش، وذلك على أمل أن يثير ذلك سخطه ويدفعه للضغط على القيادات العسكرية من أجل العودة للتفاوض لإنهاء الحرب.

الأمر الآخر أنها ربما تريد تحقيق كسب إعلامي أمام مقاتليها الذين أحبطتهم الهزائم المتتالية فباتوا ينتقدون قياداتهم علناً في مقاطع فيديو متداولة على نطاق واسع. وفي هذا الإطار أيضاً باتت قيادات «الدعم السريع» تتبنى خطاب قواعدها التحريضي الداعي إلى نقل الحرب إلى الشمال، والعنصري في لهجته التي تستهدف مكونات قبلية بعينها.

هذه التكتيكات سيكون ضررها أكثر من نفعها لـ«الدعم السريع». فهي في كل الأحوال لن توقف زحف الجيش على ما تبقى من مناطق سيطرتها، لكنها بالتأكيد ستزيد من سخط المواطنين عليها، وتعزز رؤيتهم لها كميليشيا منفلتة تستهدفهم بشكل مباشر بعدما دمرت بيوتهم وشردتهم، ومارست النهب على نطاق واسع، واستهدفت مقومات الحياة والبنى التحتية بشكل ممنهج أعاد السودان عقوداً إلى الوراء.

أكثر من ذلك فإن الاستهداف المتكرر لمنشآت البنية التحتية والمرافق الخدمية المدنية، يضع قيادة هذه القوات تحت طائلة المحاسبة الجنائية الدولية، لأنها تقع تحت طائلة جرائم الحرب المنصوص عليها بوضوح في القوانين الإنسانية الدولية. ليس هذا فحسب، بل إن التداعيات القانونية قد تمتد إلى أي أطراف أخرى تعتبر متواطئة في التسبب في هذه الجرائم.

استهداف المدنيين والبنى التحتية لم يكن قط استراتيجية ناجحة، تضمن لأي طرف تفوقاً عسكرياً حاسماً، بل إنها كانت ترتد على الطرف المعتدي وتثير الغضب عليه، والنفور منه، بما يفقده أي شرعية في نظرهم. ومن هذا المنظور تصبح هذه الاستراتيجية انتحاراً سياسياً وأخلاقياً على المستوى الداخلي وأمام العالم، ويمكن أن تشرع الأبواب للملاحقة القانونية في المحاكم الدولية.

الدمار غير المسبوق الذي حل بالبلد سيجعل من الصعب على الناس أن ينسوا معاناتهم، ومن الصعب على مَن تسبب فيه الإفلات من المحاسبة، طال الزمن أم قصر.

(الشرق الأوسط اللندنية)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه الدعم السريع البنية التحتية السودان السودان بنية تحتية الدعم السريع سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة اقتصاد صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الدعم السریع أکثر من

إقرأ أيضاً:

الخارجية السودانية تدين استضافة كينيا مؤتمراً جديداً للدعم السريع

الخارجية السودانية، طالبت المجتمع الدولي بإدانة مسلك دولة كينيا الذي وصفته بأنه موقف غير مسؤول.

بورتسودان: التغيير

أدانت وزارة الخارجية السودانية، اعتزام كينيا استضافة مؤتمر جديد لقوات الدعم السريع ومسانديها امتداداً لاجتماعات سابقة رعتها الرئاسة الكينية في فبراير الماضي لإعلان ما سمي بالحكومة الموازية.

وبدأ التراشق بين السودان وكينيا على أعقاب استضافة نيروبي فبراير الماضي اجتماعات لقوات الدعم السريع التي تقاتل الجيش السوداني منذ منتصف ابريل 2023م رفقة مجموعات سياسية ومدنية وأهلية انتهت بتوقيع ميثاق سياسي تأسيسي تقوم على أساسه حكومة موازية لحكومة الجيش في بورتسودان، وهو ما اعتبرته الخارجية السودانية إعلان عداء وتشجيعاً لتقسيم البلاد.

وقال الناطق الرسمي باسم الخارجية في بيان السبت: (في الوقت الذي تصعد فيه “مليشيا الجنجويد” حملة الإبادة الجماعية ضد مجموعات إثنية محددة بدارفور، كما يجسدها هجومها الحالي والمستمر علي معسكر زمزم للنازحين، والذي راح ضحيته مئات من المدنيين من بينهم الأطفال والنساء، وبينما تواصل المليشيا استهداف المنشآت المدنية الحيوية في أنحاء البلاد، تتواتر تقارير عن  أن كينيا ستستضيف  خلال الأيام القادمة مؤتمراً ثانياً للمليشيا الإرهابية وتابعيها. وذلك امتداداً للاجتماعات السابقة التي رعتها الرئاسة الكينية في فبراير الماضي لإعلان ما سمي بالحكومة الموازية لمليشيا الإبادة الجماعية وتابعيها).

وأشار إلى أن المجتمع الدولي بأسره أدان تلك الخطوة، وعبر مجلس الأمن بالأمم المتحدة عن قلقه البالغ بشأنها وما ستؤدي له من تسعير نار الحرب في السودان وتهديد وحدته الوطنية وسلامة أراضيه.

ونوه إلى إدانة مجلس السلم والأمن الأفريقي للخطوة في بيان صحفي بتاريخ 11 مارس 2025م بعبارات قوية وواضحة، ودعوته الدول الأعضاء بالاتحاد الأفريقي وكل المجتمع الدولي للامتناع عن تقديم  المساعدات أو الدعم لأي مجموعة مسلحة أو سياسية تسعي لإنشاء حكومة أو دولة موازية في السودان.

وأضاف: “إن إصرار الحكومة الكينية على التمادي في دعم المليشيا الأرهابية واحتضان أنشطتها يمثل استخفافاً بالشرعية الدولية، ومجلس السلم والأمن الأفريقي. كما ينطوي على تهديد خطير للأمن الإقليمي، وسيادة الدول الأفريقية والسلم الاجتماعي فيها”.

ودعت وزارة الخارجية المجتمع الدولي لإدانة هذا المسلك الذي وصفته بغير المسؤول ويتنافى مع القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة والأمر التأسيسي للاتحاد الأفريقي.

الوسومالأمم المتحدة الاتحاد الأفريقي الجيش الحكومة الموازية الدعم السريع السودان المجتمع الدولي كينيا مجلس الأمن وزارة الخارجية

مقالات مشابهة

  • الخارجية السودانية تدين استضافة كينيا مؤتمراً جديداً للدعم السريع
  • السودان.. مقتل 100 شخص في هجمات للدعم السريع بدارفور
  •  “الدعم السريع” يستمر في هجماته على مخيمات النازحين بــ”الفاشر” 
  • معارك محتدمة غرب السودان والجيش يتهم الدعم السريع بقتل العشرات
  • صحة دارفور تكشف عن تصفية جميع الطاقم الطبي التابع لمنظمة الإغاثة الدولية بواسطة الدعم السريع 
  • وزير خارجية السودان: الفاشر تواجه خطرًا كبيرًا بسبب هجمات الدعم السريع
  • 25 قتيلا في هجوم لقوات الدعم السريع على مخيم للنازحين في الفاشر  
  • السودان.. العفو الدولية توثق حالات اغتصاب جماعي ارتكبها الدعم السريع
  • العفو الدولية: الدعم السريع مارست جرائم اغتصاب جماعي واستعباد جنسي
  • أمنستي تتهم الدعم السريع بممارسة الاغتصاب والاستعباد الجنسي ضد سودانيات